بسم الله الرحمن الرحيم
في رثاء الشيخ ابن عثيمين:
لم يكن - رحمه الله - يتأخر عن حلقة التدريس إلا بخبر يُودِعه آذان طلابه، فما باله غاب اليوم بلا خبر؟ ! !
هل أتى حِينٌ مِنَ الدَّهرِ بِهِ *** غَابَ صَوتُ الشَّيخِ عَن طُلاَّبِهِ؟
لَم يَكُن فِي بَيتِهِ أو دَرسِهِ *** أو عَلَى الهاتِفِ أو مِحرابِهِ!
صَوتُهُ الخَاشِعُ يَطوِيهِ أسىً *** صَوتُ ناعِ الرَّكبِ في رُكَّابِهِ
يَرحَلُ الشَّيخُ..وما أصعب أن *** يرحل المحبوبُ عن أحبابِهِ!
يَرحَلُ الشَّيخُ..وما كان سِوَى *** أمَّةٍ, تُلبَسُ من أثوابِهِ
يا لأطيار من العِلمِ وقَد *** هَاجَرَت، والشَّيخُ من أسرَابِهِ
لَستُ أدري أيَّ شَيءٍ, هَزَّنِي *** حِينَ خاضَ النَّاس في أوصَابِهِ!
سَائلي: عن جِسمهِ النَّاحِل مَا *** هَدَّهُ؟ أخبِركَ عن أسبَابِهِ
زَادُهُ (الزَّادُ) وقَد آثَرَهُ *** سَائِغاً للنَّاسِ في أكوَابِهِ
(بَابُهُ المفتُوحُ) لا يُغلَقُ مِن *** زَحمَةِ النَّاس على أعتَابِهِ
وَلَهُ (قَولٌ مُفِيدٌ) قَد أتَى *** سَاعِياً للفهمِ مِن أبوابه
طُف على أسفَارهِ وأسأَل بِهَا *** كُلَّ فَنٍّ, عن مزَايَا مَا بِهِ
يَعجَزُ الفَنٌّ! ! وَقَد تُسعِفُهُ *** أحرُفُ السِّفرِ إلى إيجَابِهِ
يا لأيَّامٍ, سِمانٍ, قَد خَلَت *** وَلَيَالٍ, خَرَجَت مِن بَابِهِ
عَجَباً كيف استطاعت هِمَّةٌ *** فَنِيَت دَهراً عَلَى إنجَابِهِ؟ !
أنتَ سَطرٌ في سِجِلِّ الكَونِ قَد *** عَجزَ الأحيَاءُ عن إعرَابِهِ
قَفَلَ الشِّعرُ وَقَد أتعَبَهُ *** رَكضهُ للشَّيخِ من إعجَابِهِ
جَاءَ بالإيجاز مِنهُ وَعَسَى *** يَنفَعُ الإيجَازُ عَن إطنَابِهِ