عشق الفداء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ازرعي في البنينَ عشقَ الفداءِ *** ورُكُوبَ العَواصفِ الهَوجاءِ

أرضعيهم معَ الحليبِ رَحيقاً *** مِن شُموخٍ, وعزَّةٍ, وإباءِ

لا تكونَنَّ مِن بني الحِرباءِ *** يا صَغيري والقِردِ والببَّغاءِ

ما عبادُ العِبادِ في الأرضِ *** إلا ثمرٌ الخُنوعِ والانحِناءِ

زهِّديهم في زخرفِ الأرضِ *** كيلا تَخرِقَ اللُبَّ قشرةٌ من طِلاءِ

إنَّ عبدَ الأولى قتيلُ سَرابٍ, *** قد أضاعَ الثنتينِ في الدَّهناءِ

عَوِّذيهِم باللهِ مِن كلِّ مَرعىً *** فيهِ حَمضٌ مُقطِّعُ الأمعاءِ

لنسورِ الإسلامِ في الجوِّ مَرحى *** لا لِتلكَ السَّلاحِفِ الجَرباءِ

 

كُرَةُ الأرضِ أقلعَت مِن قديمٍ, ***  تتهادى في اللُجَّةِ الحمراءِ

تَفجأُ الناسَ نارُها باضطرامٍ, *** كُلَّما أشرَفت على الانطفاءِ

بجُذوعِ الغَضا تَؤُجٌّ وتَضرى *** وبفَحمِ المَحاجِرِ السَوداءِ

وَلدَتنا للموتِ أمٌ ثكُولٌ مُنذُ *** قابيلَ لم تَنم في هَناءِ

 

يا هَلوعاً مُستَنعِجاً ما لشاةٍ, *** من نَجاةٍ, في غابةِ الأقوياءِ

أوَ تدري مَن أنتَ أم لستَ تدري؟ *** أم أضَرَّ الفُؤادُ تَحتَ الغِطاءِ

مُذ رَفعتَ اليدينِ أصبحتَ قِنّاً *** وسَبتكَ العُلوجُ سَبيَ الإماءِ

وتَداعت عليكَ غُلبُ الضَّواري *** لعَشاءٍ, مُلطَّخٍ, بالدِّماءِ

 

المجانينُ والمساعيرُ كُثرٌ يطرُقونَ *** الدِّيارَ طَرقَ الوَباءِ

خَلفُوا كلَ جَنّةٍ, نَكبُوها *** بِرَكاً للدِّماءِ والأشلاءِ

وصُروحٌ تُناطِحُ الغَيمَ كِبراً *** شُيِّدت مِن جَماجمِ الأبرياءِ

يجعلونَ الصَّمصامةَ العَضبَ رَبّاً *** جَلَّ في عُرفِهِم عن الشٌّرَكاءِ

 

كم رَمى الغافِلينَ عُودُ ثِقابٍ, *** بِحَريقٍ, إلى عَنانِ السَّماءِ

الجراثيمُ في الشٌّعوبِ رجالٌ *** ونساءٌ اشَدٌّ مِن كُلِ داءِ

كُلٌّ مَن كانَ للجراثيمِ خِلاً *** دَحرَجَتهُ إلى مَهاوي الفَناءِ

ذي فُؤُوسٌ بها تَهُدٌّ الأعادي *** كُلَّ شَعبٍ, حُرٍ, مَنيعِ البِناءِ

 

كُلنا للمليكِ..ما يَملِكُ *** المَخلوقُ مثقالَ ذَرّةٍ, مِن هَباءِ

رَبٌّ خيرٍ, تَسِحٌّ كِلتا يَديهِ *** مُنذُ بَدءِ الوجودِ بالآلاءِ

نافخُ الرُوحِ في قَرارٍ, مَكينٍ, *** الأعزٌّ الأجَلٌّ ذو الكِبرياءِ

قدَّسَ الكونُ ساجداً لِعظيمٍ, *** عَرشُه فوقَ أرضِهِ والسَّماءِ

لَهوَ أولى بهذهِ النَّفسِ *** منها ومِنَ الأمَّهاتِ والآباءِ

مِن أخٍ, أو أختٍ, أو ابنٍ, وبنتٍ, *** والعروسِ الحسناءِ والأقرباءِ

ومِنَ العُربِ والأعاجمِ *** والأعمامِ والأوصِياءِ والكُفَلاءِ

أمرُ رَبّي يَجُبٌّ أمرَ المَوالي *** في الذي صَاغَ مِن تُرابٍ, وماءِ

ذا سِباقٌ مِن سالِفِ الدَّهرِ *** فيهِ هَلكَ الأكثرون في الصَّحراءِِ

دَرَّ دَرٌّ الفِردَوسِ مِن دارِ عِزٍ, *** ليسَ يَحظى بِها سوى الأولياءِ

طِر إليها واسبِق إليها المَنايا *** لا يَعودُ الزَّمانُ نَحوَ الوَراءِ

 

وَيكأنَّ الأقصى أشِعّةُ إكسٍ, *** كَشَفَت عن حَقائقِ الأشياءِ

فأرَتنا بَحراً من الأهلِ *** غَمراً مَعَنَا بالنٌّفوسِ والأبناءِ

غَيرَ أنَّ الطَريقَ سُدَّت *** عليهم حِقَباً بالإشارةِ الحَمراءِ

فَهُمو واقفونَ عاماً فَعاماً *** في انتظارِ الإشارةِ الخضراءِ

وأرَتنا - مِن ضِئضِىءِ ابنِ *** أُبَيٍ, عَشَراتِ الأذنابِ والعُملاءِ

جَنَََّدَ الأرذلُونَ كلَّ مريضٍ, *** قلبُهُ ذي سَرِيرةٍ, سوداءِ

شامخِ الأنفِ أن غَدا *** ذَيلَ كَلبٍ, وعدُوَّاً للهِ والأنبياءِ

أشبَعونا سَبّاً ورَجما وطَعناً *** فَوقَ طَعنِ اليهودِ والحُلفاءِ

أزَّهُم عَمٌّهم ذِئاباً جِياعاً *** مُنذُ عَشرٍ, ما ذُقنَ طَعمَ الغِذاءِ

أكلوا لَحمَنا ولو تركونا *** لكفانا ما عِندَنا مِن بَلاءِ

 

يا ابن أرضِ الرِباط تَصلى *** وحيداً غارةً بَعدَ غارةٍ, شَعواءِ

تنتهي غارةٌ وتغشاكَ أخرى *** ودوَالَيك يا أخا الهَيجاءِ

فَجّرَ البَندَةُ القِطاعَ عَلَينا *** وتَعَشّى بالضِّفَّةِ الفيحاءِ

كم بيوتٍ, في الجوِّ طارت *** جُذاذا وبيوتٍ, مَبقُورَةِ الأحشاءِ

ميركافا القِردِ قَلعَةٌ مِن حَدِيدٍ, *** أرعَدَت ثم قَعقَعت بالفَناءِ

والأباتشي وفانتومُ العمِّ *** سامٍ, عَرَبونٌ لِعِشقِهِ والولاءِ

بالصّواريخِ والرَّدى أمطَرتنا *** ثمَّ وَلّت كالرَّخِّ والعَنقاءِ

واليهودُ المستعرِبونَ بَلاءٌ *** والجواسيسُ ألفُ ألفِ بَلاءِ

لَيلُنا كالنهارِ قَصفٌ ونَسفٌ *** ودخانٌ يَعلُو إلى الجَوزاءِ

بَطّأ الأقربونَ عَنّا وصاروا *** حَولَنا كالحجارةِ الصَّمّاءِ

نحنُ بَينَ السَّدَّينِ: سَدّ *** يَهُودٍ, ثم سَدِّ العُروبةِ العَرباءِ

 

يا ابنَ أرضِ الرِّباطِ ذا الجوهرِ*** الوَضّاءِ فينا والعِزَّةِ القَعساءِ

إنّ قُطبَ الرَّحى على الأرضِِ*** قُدسٌ ومَحطُ الأنظارِ والأضواءِ

لا يَكُن قَطُ مِن شبابِ ِ*** فِلسطينَ هَلوعٌ في فَيلَقِ العُظَماءِ

الهَلُوعُ الجَزُوعُ خِزيٌ وعارٌ *** تَّبَّ لا في الموتى ولا الأحياءِ

انزِعِ الجُبنَ من فُؤادِكَ نَزعاً ِ*** ثمَّ ألقِه واسحَقهُ تحتَ الحِذاءِ

وتَرَقّب بَدراً تُغيّرُ وَجهَ الأرضِِ*** نُعمى مِن أرحمِ الرٌّحماءِ

 

كُن لنا خالداً لَعَلكَ تُمسي %F

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply