جوار البحر: ليلة العيد

بسم الله الرحمن الرحيم

ــ غدا العيد أو لربما بعد غد، نتمنى أن يتفق المسلمون والفلكيون على صحة رؤيته وولادة هلال شوال، وفي اليومين كل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده وتقبل الله صيامكم وطاعتكم‚ ونحمد الله على أننا أتممنا الشهر وبفضل من الله أدركنا أيامه ونفحاته وبركاته وندعو الله أن نستقبل رمضان المقبل بإذن الله، ــ نحب رمضان، ونحب كل أيامه ولياليه بكل ما فيه من كرم الأجر وعظم الأجر والثواب وروحانية رائعة تتجلى في كل ثانية من أيامه، نرتبط به ارتباطا كبيرا، نفرح لقدومه وننتظر الإعلان عن ولادة هلاله، يتسابق الجميع من أخلص النية لنيل الأجر والثواب، نحرص على السمو بأرواحنا نؤدي المعنى الحقيقي للصيام، تمضي أيامه العظيمة سريعا،، سريعا مثلما قدم إلينا بهلاله وروحانيته، يأتي اليوم لتوديعه واستقبال هلال شوال، لنودعه ــ نودعه بالدموع لفراقه، والفراق دوما صعب على النفس الإنسانية ولكن السلوى أننا ندعو الله أن يطيل أعمارنا لأن نستقبل هذا الضيف العزيز في السنوات المقبلة ونكون ضمنه بكل نفحاته وبركاته وروحانيته العظيمةــ ليلة العيد، لها نفحات خاصة وجميلة نحفظها ونتذكرها من أيام طفولتنا البريئة الجميلة والحلوة، ليلة العيد مميزة، لا نعرف فيها طعم النوم إلا دقائق أو ساعات، بل إننا نحسب الساعات ونتساءل كم تبقى من زمن لاستقبال فجره،، نعلق الملابس الجديدة ونرتب الاكسسوارات ونضع الأحذية جانبا والشنطة معها، ومع بزوغ الفجر نستيقظ على صلاة العيد وعلى رائحة العود الزكية تملأ أركان البيت وعلى أصوات فناجين القهوة وعلى رائحة الفاكهة، وعلى رائحة عيش العيد، فللعيد رائحة مميزة جدا جدا في كل شيء حولنا، مميز برائحة الحنة بنقوشها على أيدينا فمع استيقاظنا تذهب أعيننا لترى لون النقوش، بعد الاستيقاظ يغمق اللونــ نتزين ونلبس ملابسنا ونحمل الشنطة ونرتدي الحلي من ذهب ولؤلؤ ونتعطر بأطيب العطور وننتظر بنات الجيران ليقدمن إلينا لنذهب للتعييد على الأهل والجيران، نكون كزهرات وورود تنشر أريجها في الطرق وننتقل من حي لآخر بزينتنا ورائحتنا وفرحتنا وضحكاتنا وتداخل أصواتنا بترديد «عيدكم مبارك يا أهل البيت»ــ أقبل العيد بحب وبذكرياته التي لا تمل وعاد كما وعدنا وعهدناه وكنا بحمد الله من عواده، نحتضن بكل حب أروع ما تحمله كلمة عيد ويوم عيد من معان وفيض يومه من مشاعر عظيمة ــ آخر جرة قلم إن كان للتحدي قوة ومعنى وعمق، ليظهر ويتجلى مع العيد وأفراحنا، لنتحدى أحزاننا ونتحدى همومنا ونتحدى ضيق نفوسنا ونتحدى كآبة يومنا نتحدى استرجاع ذكريات أليمة زارت نفوسنا، نتحدى كل شيء يقدم أو يحاول أن يقدم أو يطل على الذاكرة، ويقبل ويكون ضيفا ثقيلا لنتحدى ونقف كجيوش قوية في وجه الحزن ومعانيه ليكن الفرح درعا وحصنا يصد الأحزان عنا، ليكن نبض قلوبنا الحب الصادق، والتسامح الكبير الرائع، والابتسامة الصافية المحبة والوفاء لكل ذكرى جميلة، مع ليلة العيد أقول لكم، تقبل الله صيامكم وطاعتكم، وكل عام وأنتم بخير،، وعساكم من عواده....