بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد..
وداعاً رمضان وداعاً شهر الخيرات والبركات وداعاً ضيف حلّ وارتحل كغمضة عين وانتباهتها وداعاً إلى أعوام عديدة وأزمنة مديدة.
رمضان ترفق دموع المحبين تدفق.. قلوبهم من ألم الفراق تشقق.. عسى من استوجب النار أن يعتق.. عسى من انقطع عن ركب المقبولين أن يلحق.. عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق.. عزم على الرحيل وبعد أيام ستحل علينا فرحة العيد وإشراقة شمس يوم جديد.
قف بالمصلى فهذا اليوم مشهود *** واسمع حديث الهدى فالقول محمود
عيد أتيت وشهر الخير منسلخ *** من بعد أن كان للقرآن ترديد
أتيت تحمل للصوام تهنئة *** ففيك جائزة الصوام يا عيد
أتيت يا عيد والأرواح مشرقة *** فللبلابل ألحان وتغريد
عبادة من العبادات يعيش فرحته الصغير والكبير.. الذكر والأنثى.. الغني والفقير.. لكن في خضم الأجواء والمتغيرات التي طرأت على الأمة المسلمة غابت بعض مظاهر هذه الشعيرة وفقد بعض المسلمين لذتها ورونقها وفرحتها ولذا ترى على بعض الوجوه في هذه الحقبة الزمنية وجوماً وكآبة واغتيالاً لفرحة العيد التي كان يعد لها في السابق منذ شهور، وفي يومنا منذ أيام بل يمر على البعض كطيف من خيال، هم فاتر.. وحسُّ بليد.. وشعور بارد.. لا يعرف من العيد إلا الصلاة تحية بلا حرارة.. وابتسامة بلا روح.. بل ترى البعض متذمراً يتمنى ألا يكون عيداً، وفي البعض الآخر ترى انحرافاً وضعفاً وفتوراً، ومن الناس من هو على خير وبر وإحسان وفرحة وسرور وتكبير وشكر لله على ما هدى للصيام والقيام، وآخر حزين الحال كاسف البال على التقصير والتفريط والخير في الأمة مازال ولا يزال فأبشروا وأملوا والفأل الفأل والله يحب الفأل.
وإنه من منطلق الإيمان بمبدأ الإصلاح والسعي إلى الارتقاء إلى ما هو أفضل وأكمل ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها... أهدي هذه الكلـمـات.
إلى من أحسن الصيام والقيام... إلى المقصرين والمفرطين في شهر رمضان...
إلى التائبين والتائبات... إلى الذين سكبوا العبرات وأطلقوا الزفرات في شهر الرحمات...
إلى الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة والتحرر من الدليل الشرعي...
إلى الذين ينادون بالحزبيات والطبقيات.. للمتهاجرين والمتهاجرات.. للأقارب والأرحام والجيران..
إلى المفتونين والداعين إلى حضارة الغرب وثقافة الكفر وحولهم يصفق الذباب..
إلى طلبة العلم والدعاة والمصلحين ولجان الإصلاح..
إلى أصحاب الصحافة والإعلام.. وأرباب القلم والتربية والتوجيه..
إلى الذين اهتموا بالمظاهر والنقوش وأهملوا تربية النفوس..
فأقول إن العيد شعيرة إسلامية ودينية تتجلى فيه مظاهر العبودية لله وتظهر فيه معان اجتماعية وإنسانية ونفسية فالجميع يلبي نداء صلاة العيد والجميع أيد تتصافح وقلوب تتآلف، أرواح تتفادى ورؤوس تتعانق.. تتألق على شفاههم الابتسامة الصادقة وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيبة والتهنئة العطرة, ود وصفاء وأخوة ووفاء، لقاء آت تغمرها حرارة الشوق واللقاء والمحبة والنقاء.
إن هذا العيد جاء *** ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد *** مصلحاً مهدي الصفاء
إن كثيراً من الناس يظن أن العيد قضية اجتماعية وعادة من عادات الأمم لا يتعدى اهتمام الإسلام به في غير قضية الصلاة بل جهلوا أو تجاهلوا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة..)(1)
وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان له جبة يلبسها للعيدين والجمعة (2) وأهدى عمر - رضي الله عنه - للرسول - صلى الله عليه وسلم - جبة وقال له تجمل بها للعيد والوفود (3) وغير ذلك من السنن والمباحات.
أيها الناس: ليس الإسلام محصوراً في أركانه الخمس بل ليس محصوراً في صفحة دينية من صحيفة تتضمن قصائد هابطة ومقالات تدعو إلى التحرر من مبادئ الإسلام والتشكيك في ثوابت ومسلّمات شرعية وعقلية و العقل السليم لا يعارض النقل الصحيح وأما السقيم فيجلب كل سقيم.
دنَّست أرضنا الحرام قرود *** ولدتها الذئاب في زي إنسي
نُرقِّع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يَبقى ولاما نرقع
يا قوم..
متى تصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
وإنّ ترفع الوضعاء يوماً *** على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمـة المـنايا
ليس من هدي الإسلام أن يحافظ الإنسان على الأذكار ثم يلعب بالقيم والأخلاق.
ليس من هدي الإسلام أن يسمع الإنسان خطبة الجمعة ثم يغدو إلى الشواطئ والبحار حيث اللعب واللهو الحرام.
ليس من هدي الإسلام أن يحمل الإنسان المصحف ثم يكون منعدم الإحساس كاتم الأنفاس لقضايا المسلمين.
ليس من هدي الإسلام أن يصلي الإنسان الفجر ويقرأ القرآن ثم يسحب قدميه إلى دور الربا والتعامل بالحرام.
ليس من هدي الإسلام أن نسمع الموعظة ونقرأ العلم ثم يكون التفاضح لا التناصح.. والغيبة لا النصيحة.. ليس من هدي الإسلام أن يَسأل الإنسان عن حكم معجون الأسنان للصائم ثم لا يسأل ولا يبالي بالتعاملات التجارية أهي حلال أم حرام.
ليس من هدي الإسلام أن نتعب الأقدام بالقيام والأبدان بالصيام في رمضان ثم في العيد نتحرر من كل حرام.. ليس من هدي الإسلام يا أمة الله أن تصلي القيام بالمسجد الحرام وغيره ثم تذهبي إلى الأسواق متعطرة متبرجة.. ليس من هدي الإسلام أن تخرجي إلى صلاة العيد امتثالاً لأمر الله ثم تعصينه في الخروج متزينة بأتم زينة.. الإسلام روح متكاملة، روح وحياة، عقيدة واستعلاء وجهاد سلوك وسياسة وتعامل وأخلاق، ثقافة وإعلام وثوابت وقيم.. الإسلام هو كل شيء في حياتنا..
نقل المسلمون للعالم كله الإسلام بشموليته فحركوا القلوب وأثروا في النفوس فدخل الناس في دين الله أفواجا.
هكذا الإسلام يا أهل الإسلام.. هكذا الإسلام يا دعاة التحرير.. هكذا الإسلام يا شباب الإسلام..
هكذا كان المسلمون وهكذا ينبغي أن نكون مع أنه أساء بعض المسلمين إلى الإسلام بسوء أقوالهم وأفعالهم، فشوّهوا صورة الإسلام في الداخل والخارج وصدوا الكفار عن الإسلام وضيقوا الدعوة إلى الإسلام لكن المستقبل والنصر لهذا الدين والشرف لمن أتى خادماً لهذا الدين.
إني أُبَشّرُ هذا الكون أجمعه *** أنّا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهّر القرآن أنفسهم *** كالأُسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا *** في توبة لا ترى في صفهم جُنبا
و العجب كل العجب والأسف كل الأسف بل المصيبة العظمى أن يأتي من بني قومنا ومن يتكلم بلغتنا فيكون داعياً بقلمه ولسانه وفيـه بحجج واهية وأساليب ملتوية إلى مواكبة حضارة الكفر وتقليد المجتمعات الكافرة المخالفة لشرع الله، ويظهر الإسلام في صورة العاجز عن مواجهة المشكلات والتمشي مع حضارة العصر أو أنه شيء قديم تراثي، يريد أن ينتزع الإسلام من قلوب الرجال والنساء فيعيدهم إلى أرذل الحياة بلا دين ولا إيمان، إسلام بلا إسلام مع أن جمعاً من الكفار يدخلون الإسلام أفواجاً والبعض منهم يخرج لقتال المسلمين في صف الكفار ثم يسلم ويكون في صف المسلمين بل إن أنظمة الكفر تقر تارة على حياء وأخرى على الملأ بأن الإسلام به صلاح الأفراد والمجتمعات فيا ليت قومي يعلمون فيفيقون ويتنبهون ويتيقظون ويتعظون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون..!
يقيناً وقطعاً وجزماً بلا شك ولا مرية أنه لإصلاح للأفراد والمجتمعات إلا بالإسلام فمن سيكون السبب في ذهاب الإسلام وفساد الدين والقيم والمجتمعات؟
وما نتاج بني الإلحاد مفخرة *** وإنما الفخر فيما وافق الدين
أنا مسلم وأقولها ملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤدد
سلمان فيها مثل عمرو لا ترى *** جنساً على جنس يفوق بمحتد
وبلال بالإسلام يشمخ عزة *** ويدكٌّ تيجان العنيد الملحد
إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّد
لله أسعى خاضعاً ومجاهداً *** ولغير ربي جبهتي لم تسجد
سنعيد للدنيا صباحاً مشرقاً *** ونضئ أنواراً بشرع محمد
ونعيد أمجاد الجدود وعزة *** شماء تسمو فوق هام الفرقد
ونقولها الله أكبر حسبنا *** وبمنهج الله المهيمن نقتدي
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي *** أنا قدوتي ما عشت شرع محمد
حاشاي يطويني سراب خادع *** ومعي كتاب الله يسطع في يدي
روح الحياة ونورها وجمالها *** من حاد عنه ففي ظلام سرمدي
أنا لست ممسوخ الدماغ مُكبَّلا *** فأضيع في حلك الوجود الأسود
ثم تأتي ثلة أخرى تزيد الطين بلة بحكايات وأعياد وخرافات، ضعف بعض الناس عن امتثال أمر الله فكلفوهم بما لم يأمر به الله وفوق أمر الله (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه)(4).
يا أيها الناس: أيُعقل أن نحتفل بميلاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يحتفل به صحابته الكرام..
أيُعقل أن يرقص فيه الدجالون والخرافيون وينشدون وتتساقط عمائمهم كما تتساقط مبادئهم..
أحسبتَ ديني سبحة وعمامة *** وقصائداً أطري بها المختارا
كلا فديني دعوة أبدية *** قد أنبتت في العالمين منارا
رُكزت بصحراء الحنيف وأُرضعت *** بدماء من قد بايعوا المختارا
يا أيها الناس: أيُعقل أن يحتفل الواحد بميلاده وقد قصّر في طاعة ربه وموجده أيّ مولد وأيّ حياة يفتخر ويفرح بها المرء.. { أَوَمَن كَانَ مَيتاً فَأَحيَينَاهُ وَجَعَلَنا لَهُ نُورَاً يَمشِي بِهِ في النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ في الظُلُمَاتِ لَيسَ بِخَارجٍ, مِنهَا }.
أيُعقل أن نحتفل بتنظيف وتشييد المساجد وهي شبه خالية في صلاة الفجر والظهر من المصلين في أيام العيد بعد أن اكتضت بهم في رمضان.
أيُعقل أن نهتم بغرس الأشجار ونهمل في القلوب غرس الإيمان بوحي القرآن يا أهل القرآن..
أيُعقل أن نعتني بتنظيف الطرقات والمنتزهات وفي القلوب أدواء وأمراض وأوباء..
وبعد هذا كله فقد تلمست أسباباً لحال الناس في العيد وعدم التفاعل فيه واجتهدت في وضع العلاج والمقترحات تاركاً الموضوع لكل من يستطيع أن يفيد فيه بشيء من التفصيل وعلى الله قصد السبيل وبالبحث عن الأسباب نجد العلاج وبضدها تتبين الأشياء ولا شك أن الأسباب والمظاهر التي تضمنتها هذه الرسالة لا تتمثل إلا في شرائح من المجتمع معدودة وفئة قليلة من الأمة.
كلمات أخاطب بها الأمة جمعاً حيث إن مسئولية الإصلاح قاسم مشترك بين أفراد الأمة والعيد للأمة وحتى لا يتسع الداء ويموت الجسد وتغرق السفينة مع شي من الاستطراد والإطالة في مواضع منها لمسيس الحاجة وصعوبة فردها برسالة، اغتناماً وانتهازاً للفرص.. لا لحشد المعلومات وملئ الأوراق اجتهدت فيها زمناً وهي تختلف باختلاف الأشخاص و الأماكن والأزمان قلة وكثرة..
وإلا فالوعي والخير والتآزر والأخوة والمحبة والتصافح والإقبال على الله والتمسك بشرع الله وقوافل التائبين في كثرة وازدياد وكل ذلك يُلمس ويشاهد في أمتنا الغراء شبابها وشيبها، رجالها ونسائها رغم تكالب أعدائها وشدة الوطأ عليها وكثرة مصابها وجرحها الغائر وتتابع الفتن عليها فلا يظن قارئها أن النظرة نظرة سوداوية قاتمة فنهلك ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ومع الفال لابد من بذل الأعمال والاعتراف بواقعنا وحجم مشكلاته دون تهويل أو تهوين و قد عرفتم الداء فها هي الأسباب.. وفي العيد ملل.. فما الخلل..؟
• اعتباره عادة من العادات الاجتماعية عند البعض.
• التقصير في السنن والشعائر الواردة فيه.
• السهر ليلة العيد وعكوف البعض على القنوات الفضائية مما يؤدي إلى النوم في النهار والسهر في الليل أيام العيد ولذا تجد البعض ينام النهار ويستيقظ الليل والآخر العكس فلا تكاد تعرف وقتاً مناسباً يُزار فيه الناس, فكان سبباً تذرّع به البعض في عدم التزاور والبعض ذهب لآخرين فوجدهم نائمين فكلّ وملّ وربما حنّ للذيذ النوم فكان من اللاحقين وهكذا الداء يسري والعلة تفري وتضيع فرحة العيد.
• الترف و الإفراط في الترفيه طوال العام حيث كان في السابق للعيد نعل وثوب جديدان يُدخلان على المرء فرحة العيد.
• التفكك الأسري المتمثل في قطيعة الأرحام ويتبعه قطيعة الجيران.
• الحساسية الزائدة عند البعض في التعامل مع الآخرين مما أدى إلى عدم التزاور بين الناس خشية بعض الإحراجات ومعرفة أمورهم الخاصة والعامة.
• كثرة الأعياد البدعية حيث أصبح البعض كل وقت وكل شهر في عيد فزاحمت البدع السنن ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص من أوزارهم شيئاً.
• ضعف دور الأئمة و الخطباء في التذكير في هذا الجانب.
• ضعف الإيمان يبلّد الجنان وينتج عنه ما يلي:
أ _ تعود المعصية بلا شعور بألمها وقد يتلذذ بها.
ب _ لا فرق بين رمضان و غيره من الشهور في نظر البعض.
ج _ فقد الإحساس بكون العيد شعيرة ذات معان اختص بها المسلمون.
• ضعف المؤسسات الدعوية في المشاركة في هذه الشعيرة بما يناسبها كمكاتب الدعوة والمندوبيات وغيرها وغيابها في بعض الأماكن.
• الفهم الخاطئ لمعنى العيد.
• كثرة الأشغال والأعمال وتغير مجرى الحياة عما كانت عليه.
• الفخر والمباهاة والتكلف و الاهتمام بالمظهر مما أدى إلى عدم التزاور بين الناس لعدم قدرة البعض مثلاً على لبس الغالي و النفيس وتزيين البيت بكل جديد وإعداد الولائم والموائد فأصبحت الحياة عند كثير من الأفراد والمجتعات حياة مظهرية في كل جزء من حياتهم حنى سيطرت على حياتهم سيطرة تامة بل كثير من الأنظمة والقوانين اهتمت بالظاهر ولم تهتم بتحقيق المصالح، فجرّت المظهرية المصائب والويلات على الناس.. ديون متراكمة.. وضياع للأوقات.. وإهمال للأولويات تفكير وحيرة وإشغال للذهن.. انحراف وفتور وتنازلات في دين الله.. فخر ومباهاة وتحاسد وعجب وزحام وصخب وحياة متعبة ومعقدة.. إسراف وبذخ وترف وتميع.. كبر وغرور وحب تعال على الآخرين.. فرقة وقطيعة للأقارب والجيران وخاصة النساء.. مشاكل أسرية وفقد للأصحاب بل وصل الأمر بالبعض إلى الطلاق لأجل قطعة من الثياب أو اختلاف رأي بين الزوجين في أمر مظهري _ ومن العجائب والعجائب جمة أن رجلاً طلّق زوجته لاختلافهما على لون المروحة وعوداً على الآثار _ هم وغم.. تشبه بالكفار والفساق.. تشبه للرجال بالنساء والنساء بالرجال والعجب كل العجب ما نرى ونسمع من استخدام بعض الشباب الذكور لا الإناث أدوات تبييض البشرة وتلميع الجسد وصبغ الشعور تقليداً وبحثاً عن الجمال وتنافساً فيه وتغطية للنقص وستراً للعيوب ولفتاً للأنظار وتذمراً من البشرة السمراء.
لا يُزري السواد بالرجل الشهم *** ولا بالفتى الأديب الأريب
إن يكن للسواد فيك نصيب *** فبياض الأخلاق منك نصيب
ركض وراء حضارة الكفر و أمور متشابهات ومسائل يجتمع لها العلماء، تكلف في التعامل بين الأفراد وتأخر وعزوف عن الزواج، غلاء في الأسعار واحتكار في السلع، نهب للأموال ولعب بعقول الصبيان والشباب والنساء الباحثين عن كل جديد بل ارتكاب للمكروهات والمحرمات وانشغال عن الطاعات وبحث عن رخص العلماء لأجل البحث عن الجمال وحسن الوجه والهندام والمركب والمظاهر والأشكال بل وللأسف أصبحت اللحية عند البعض تشكل عائقاً من عوائق جمال الوجه وحسن المنظر فتارة تحلق وتارة تقصّر وتارة تنتف وللناس فيها فن واحتراف وخشية أن يقال ملتزم كما يقال فتزهد فيه النساء ويتركه الأصحاب فيتساهل في سنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وهي واجبة من الواجبات، هيبة وجمال وزينة الرجال وفي الحديث (سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب) (5) ولولا خشيت الإطالة لذكرت من الأمثلة الكثير والكثير واللبيب بالإشارة يفهم وكل أدرى بأوان منزله وحياته بل وللأسف انتقل داء المظهرية حتى للعقلاء والفضلاء الذين عندهم من الأهداف السامية والغايات النبيلة والأعمال الجليلة ما يشغلهم عن تتبع تلك الأمور لكن الوسطية مطلب في جميع الأمور لا إفراط ولا تفريط والله جميل يحب الجمال بدون سفه ولا طيش ولا تبذير ولا ارتكاب لمحرم ومحظور والمقصد في كثير من الوسائل أن تؤدي المقصود على أحسن وجه كل بحسب قدراته وأحواله وظروفه المحيطة به (6) وكثير من الناس غلّب جانب المظهرية والمباهاة ولفت الأنظار على حسن أداء الوسيلة وجودتها بل على كثير من الأولويات، فأين العقول يا أهل العقول.
أيعقل أن نتحرى النقوش ونهمل تربية النفوس، فتحنا الأبواب والصدور وهيئنا الولائم لأصحاب المناصب والألقاب وللأثرياء والأغنياء وأوصدناها في وجوه الضعفة والفقراء..
وفي الحديث الصحيح: (إن الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)(7) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم)(8).
إخوتي وأحبتي: ما أجمل الحياة البسيطة والسهلة اليسيرة...
ما أجمل الحياة بدون تكلف ولا مظهرية زائدة جوفاء...
ما أجمل الحياة بدون ذلك الركام الهائل الذي تجره المظهرية على الأفراد والمجتمعات...
ومن أسباب ضعف فرحة العيد ومظاهره:
• ترك بعض العادات والتقاليد الطيبة في العيد غير المخالفة للشرع.
• عدم وجود مصارف مباحة لطاقات الشباب والأطفال أيام العيد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد