بسم الله الرحمن الرحيم
كان - صلى الله عليه وسلم - يحب التفاؤل ويكره التشاؤم.
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفألº قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة".
وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر" متفق عليه، وزاد مسلم: "ولا نوء، ولا غول".
على الرغم من ذلك نجد بعض المسلمين يتشاءمون ببعض الشهور والأيام، كشهر شوال وصفر، ويوم الأربعاء، سيما الأخيرة من شهر صفر، حيث لا يتزوجون فيه، ولا يسافرون، ولا يفرعون عملاً فيه، خاصة في آخر أربعاء منه.
مستدلين بما جاء في تفسير قوله - تعالى -: "في يوم نحس مستمر" عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان آخر أربعاء في الشهر، أفنى صغيرهم وكبيرهم.
ولهذا شاع بين الناس: أربعاء وآخر شهر.
فالشؤم هنا قاصر على أولئك الكفار، حيث استمر فيه عذابهم، وتواصل بهم حتى أهلكهم، ودخلوا فيه نار جهنم، هذا فيما يتعلق بعاد، وقد أهلك الله غيرهم من الأمم الكافرة في أيام أخَر، كما أن الله نجى رسله وأتباعهم في نفس هذه الأيام، فكانت خيراً عليهم ونحساً على الكفار.
يكذب شؤم يوم الأربعاء ما روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الإثنين ويوم الثلاثاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرفت السرور في وجهه، قال جابر: ما نزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها، فأعرف الإجابة".
قال القرطبي: (وللدعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك كالسحر، ووقت الفطر، وما بين الأذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء، وأوقات الاضطرار، وحالة السفر والمرض، وعند نزول المرض، والصف في سبيل الله).
قال القرطبي - رحمه الله -: (فإن قيل فإذا كان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر فكيف يستجاب فيه الدعاء؟ وقد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استجيب له فيه فيما بين الظهر والعصر..ومعلوم أنه لم يرد بذلك أنه نحس على الصالحين، بل أراد أنه نحس على الفجار والمفسدين، كما كانت الأيام النحسات المذكورة في القرآن نحسات على الكفار من قوم عاد، لا على نبيهم والمؤمنين به منهم).
فالتطير والتشاؤم ينافي التوكل والاعتماد على الله وأنه الفاعل لما يشاء، وأن جميع الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوا عبداً ما نفعوه، ولو اجتمعوا على أن يضروه ما ضروه، فقد جفت الأقلام ورُفعت الصحف: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
اعلم أخي الكريم أن النحس والشؤم في:
· دعاء غير الله، والاستغاثة بالأموات، وإشراك أحد مع رب الأرض والسموات.
· وفي التقصير في الواجبات وانتهاك المحرمات.
· وفي دفع السنن وردها والاشتغال بالبدع المحدثات.
· في التهاون في أداء الصلوات المكتوبات، والتقصير في نوافل القربات.
· في طول الأمل، والغفلة، وعدم الإكثار من ذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وميتم البنين والبنات.
· الاشتغال بسفاسف الأمور والمحرمات، نحو الاشتغال بالملاهي والأغاني.
واعلم أن يوم غد الأربعاء 27 من صفر يوم كسائر أيام الله، فهو يوم سرور وحبور إن قطعته في طاعة الله ومرضاته، ويوم نحس عليك إن تشاءمت، وتطيرت به، وعمرته بالشرك، والمعاصي، والمنهيات، وتعطلت فيه عن أمر دينك ودنياك.
والحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وصلى الله على محمد ماحي الشرك ومحطم الوثنيات، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد