أرسلت طرفي.. ثاقباً غياهب ظلمات ليل الشتاء.. فتراءى لي شيخ كبير.. كأنه (هزبرٌ) أخذه الهرم.. عليه أسمالٌ ممزقة.. ودمعته تجري على خده المتلفع بالأسى..
فقلت له: من أنت يا أيها الشيخ الهرم؟
فقال: أما تعرفني؟!.. أنا المسلم.. أنا المسلم.
تبكي..؟!لمن هذه (الدمعات)..والحزن
علام تسهر؟! أم قد عادك (الشجنُ)
مالي أراك بأثواب (مُمزقةٍ, )؟!
أهــكذا أنــت للأحزان مُرتَهنُ؟!
هل أنت تهوى (البُكا) تشفي به غُصصا
وتعشق(الألم) العاتي وتقتتنُ؟!
مالي أراك (حزيناً) ترتمي أسفًا
على (الصخور) وجلٌّ الوقت تضطغنُ؟!
أكل يوم يلاقي الحزن (متكأً)
في جفنك الكهل والآلام المحنُ؟!
فما أراك وحيداً.. بل أرى (شبحاً)
أقام في وجهك (المكلُوم) يحتضنُ
تمشي على (الشٌّوكِ) لا نعلٌ ولا فرسٌ
ويلسع (البردُ) جسماً هدّه الوهنُ
هل أنت من بلد (الأفغان) مُنتَزحٌ
أم (العراقِ) التي قد ذلّها (الوثنُ)؟
لعل دارك في (الشيشان) قد قُصفت
فما لك اليوم (أوطان) ولا (سكنُ)
شحوب وجهك يروي ألفَ (ملحمةٍ,)
وفي تجاعيده (التاريخُ) و (الإحَنُ)
أجب سؤالي لعلَّي أبتغي (سبباً)
يليهك عن حزنك (العاتي) فتستكنُ
فتنهد قليلاً ثم قال:
إيهٍ, تُسائلني عن دمعتي (الأممُ)
وكيف هدَّ قواي (الحزنُ) و (الندمُ)
قالوا–ولو أدركوا (الأسرار)ما نطقوا
كيف استحال لديك(العِزُ)و(الشمَمُ)؟!
وأين (شَدوكَ) في الأمصارِ مرتفعاً
وكيف تخرج من ألفاظك (الحِممُ)؟!
آآآه..(كفى).. إنني ما عاد يُطربُني
(لحنٌ)ولا(عَلمي) تسمو به الهممُ
إذا رأيتُ (العبادَ) اجتاحني (أسَفُ)
وهزَّ إِحساسي(الإرجافُ)و (التٌّهمُ)
وأينــما (حُــرَّكت) عيني تجاذبَهَا
مناظرُ البُؤس و(الأشلاءُ) و (النَّقمُ)
فذاك (طفل) ترى أشـــلاءه قِطعاً
ووجهة (زهرة) قد داسها (النَّعمُ)
وذاك (الشيخ)تمنى أن(يموت)ولم
يلقى الأسى (قوته) والظلم يحترمُ
وتلك (أم) أهينت – يا أناس- فلا
تُسائلوها فقد أزرى بها (العجمُ)
(مناظر) تبعث المأساة صورتها
وينقل الصورة الباغي (ويبتسم)
لا.. لا تسلني فإني حائر (فزِعٌ)
هل (ما أرى) واقع أم أنه حُلمُ
هل(أمتي)رضيت عيشاً تُساق به
كما تُساقُ إلى الجزَّارة (الغنمُ)
هذا الزمان الذي (ألفيتني) وأنا
به (غريبٌ)و(أحكامي) به الغمَمُ
هذا الزمان الذي عمَّت (رذائلُهُ)
هذا الزمانُ الذي هانت به(القيَمُ)
إذا تملَّك حُكم الناس (مرتزِقٌ)
فالحرٌّ للعبد..و(الأوغادُ) تُحتَرَمُ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد