بسم الله الرحمن الرحيم
مع رفضنا المطلق للإرهاب بكل صوره وأشكاله انطلاقاً من موقفنا المبدئي النابع من قيم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحرم الظلم، ويرفض قتل الأبرياء أياً كانت الحجج والدوافع، إلا أن ذلك وحده لا يكفي لمواجهة هذه الظاهرة العالمية التي باتت تؤرق العالم أجمع.
فقطار الإرهاب قد انطلق ولم يعد من الممكن إيقافهº إلا بالبحث الحقيقي والجدي عن الأسباب الموضوعية لظهور هذه الحالة، ومن ثم علاجها، وبديهي أن الحل الأمني وحده لا يكفي لأن الحل الأمني معناه أن يستمر الإرهاب - تحت الحصار - في ضرب المدنيين أو الأهداف الأسهل، وإذا كان كبار العالم لا يهمهم في قليل أو كثير مصير المدنيينº فإن ذلك يهمنا كمسلمين، لأننا ننتمي إلى دين يربط بين الوسائل والغايات، ويخدم الحياة البشرية، والكرامة البشرية، والإنسان* أعز على الله - تعالى- من الكعبة.
أحداث الإرهاب في لندن والتي طالت عدداً من محطات المترو، وعدداً من الحافلات في عاصمة الضباب، والتي راح ضحيتها حوالي 50 بالإضافة إلى 1000 جريح، هي حوادث من النوع الثقيل، وهي استمرار لنشاط الإرهاب بعد حادث 11 سبتمبر 2001، ثم جاءت مدريد 11 مارس 2004م.
لقد استهدفت تفجيرات لندن يوم الخميس الماضي المدنيين فقط، حيث استهدفت محطات مترو، وحافلات للنقل العام وهي أهداف سهلة ولا شك، ولا يمكن حراسة كل مكان في العالم، وبالتالي فإن الإرهاب يريد أن يقول: إنه يستطيع أن يحيل الحياة في العالم إلى شيء صعب ما لم يتم احترام مطالب وأهداف هذا الإرهاب المزعومة!!.
ويمكننا أن نرصد الأسباب التي دفعت الإرهابيين إلى اختيار لندن لتنفيذ هذه العمليات كالتالي:
- موالاة الحكومة البريطانية الكاملة للولايات المتحدة الأمريكية، سواء في الحرب ضد أفغانستان أو العراق.
- اختيار لندن كمكان لإجراء مسابقة الأولمبياد، ومن ثم فهي رسالة تخويف واضحة.
- عقد مؤتمر الثمانية الكبار في اسكتلندا، ومن ثم فهي رسالة إلى هؤلاء الكبار.
- أن الشعب البريطاني كان قد أعاد انتخاب توني بلير كرئيس للوزراء، ومن ثم فهو يوافق ضمناً على ما قام به بلير من معاونة أمريكا في غزو أفغانستان والعراق.
وفي الحقيقة فإن تلك الأسباب لا تبرر استهداف المدنيين فضلاً عن تجاوزها الشرعي وحرمتهاº فإنها تثير الغضب ضد المسلمين، رغم أن العالم يدرك أن أمريكا وبريطانيا وغيرهما في حالة عدوان واستكبار، وبديهي بالطبع أن استمرار الخلل في اقتسام الثروة في العالم، واستمرار الخلل في الأوضاع السياسية، واستمرار احتلال العراق وفلسطين، واستمرار الاعتداء على الرموز الإسلامية والإنسانية سوف يفتح الباب للمزيد من الإرهاب، وسيتطور هذا الإرهاب غير المحسوب في اتجاهات غير محسوبة، ومن ثم فإن القضاء عليه لن يكون ممكناً، وأعتقد أن منطق كل من توني بلير وجورج بوش سوف يؤدي إلى زيادة رقعة الإرهاب.
- فجورج بوش مثلاً يتحدث عن حرب عالمية ضد الإرهاب، وهذه الحرب تضع حماس والجهاد الفلسطيني والمقاومة العراقية والجمعيات الخيرية الإسلامية وأحزاب إسلامية وغير إسلامية لا علاقة لها بالقاعدة في القائمة السوداء، ومن ثم فليس أمام الإسلاميين بالتالي إلا الاستسلام لبوش، أو القفز في وجهه.
وجورج بوش مثلاً عندما علق على أحداث لندن قال: إن هؤلاء لا يحترمون الحياة الإنسانية، حسناً نحن نوافق على ذلك، ولكن لماذا لا يحترم هو الحياة الإنسانية في فلسطين أو العراق، أم أن الحق في الحياة الإنسانية الكريمة لا ينطبق على العرب والمسلمين !؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد