بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الخبير العسكري الإستراتيجي (كارل فون كلوزويتر karl von (Clanscewitz: " الحرب في القرن الحادي والعشرين تعني مواصلة العمل السياسي بوسائل أخرى غير القوة العسكريّة". وهو بمقولته هذه يقرر حقيقة أن طبيعة الحرب في هذا القرن تشهد مرحلة تغيّر جذريّة كما شهدها من قبل المجتمع والسياسة على حد سواء، وجوهر هذا التغير أن الحرب أصبحت تُدار بوسائل أخرى قد تكون أكثر تأثيراً وفاعليّة من السلاح، ومنها وسائل الإعلام، وقد صدّق (روبن براونBrwon (Robin على هذا الاتجاه بقوله: "إن الحرب على الإرهاب التي يشهدها العالم هذا اليوم بقيادة الولايات المتحدة تدور رحاها من خلال وسائل الإعلام". فالطريقة التي تقدّم بها وسائل الإعلام فصول الصراع العسكري الذي تقوده أمريكا تمثل جزءاً هاماً ومحوراً رئيساً في الحرب على الإرهاب، وجوهر هذه الطريقة يتمثل في الاستخدام الذكي والبارع في "إدارة المعلومة" ومعالجتها قبل تقديمها للرأي العام حتى تحقق الأهداف الكبرى لإعلان الحرب، بل وإطالة أمدها، فقد شهد العالم تلاعباً بالمعلومة التي قدمتها وسائل الإعلام الأمريكيّة، والغربيّة تبعاً لذلك، من أجل إقناع الرأي العام الداخلي والعالمي بأن النظام السابق في العراق كان متورطاً في علاقات مع تنظيم القاعدة، وبأنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وكررت الآلة الإعلاميّة هذه المعلومات من أجل تهيئة الرأي العام العالمي للتدخل في العراق والإطاحة بنظامه السياسي، وإحلال الديموقراطية وإشاعة الحرية والأمن للشعب العراقي وشعوب المنطقة. فكان التدخل العسكري المرتبط برؤية أمريكيّة إستراتيجيّة في المنطقة لم تكن الدعاوى السابقة إلا غطاء ومبرراً لتحقيقها.
ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن الاستخدام المقنن لوسائل الإعلام من خلال الإدارة الذكيّة للمعلومة كان جزءاً هاماً من الصراع العسكريّ الذي تخوضه الولايات المتحدة في المنطقة العربيّة بدعوى الحرب على الإرهاب، وهذه الإدارة الذكيّة للمعلومة تكاملت في صياغتها المفاهيم العسكريّة، والاتجاهات الفكريّة، والدبلوماسيّة السياسيّة لتكون أبلغ في التأثير وأكثر في الإقناع وقد كان.
إطالة الحرب هدف محوريّ هام تسعى الإدارة الأمريكيّة لتحقيقه لتكمل محاولتها المنظمة في إدارة المعلومة فيما تبقى من فصول الحرب على الإرهاب.
وها نحن اليوم نسمع مصطلحات تتردد كثيراً على مسامعنا: الحريّة، حقوق الإنسان، الإصلاح، الشرق الأوسط الكبير، وهي جزء من السيناريو الإعلامي الذي أعده أباطرة "المعالجة المعلوماتيّة" وتنقله إلينا الآلة الإعلاميّة الأمريكيّة لتحقيق ما تبقى من الأهداف الإستراتيجيّة لهذه الحرب.فهل ننتظر حتى تُطبّق مثل هذه المصطلحات المزعومة في منطقتنا على الطريقة التي طُبّقت بها "الديمقراطيّة" في العراق؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد