بسم الله الرحمن الرحيم
سنغافورة.. هي إحدى دول جنوب شرق آسيا، ومن أهم الموانئ العالمية في هذه المنطقة، وهي جمهورية صغيرة تتكون من جزيرة سنغافورة وبعض الجزر الأخرى، وتبلغ مساحتها 61 ألفاً و718 كيلو متراً مربعاً، وقد بلغ عدد سكانها في الآونة الأخيرة نحو ثلاثة ملايين نسمة من بينهم نصف مليون نسمة من المسلمين.
وقد وقعت سنغافورة في يد المستعمر الأوروبي فاحتلتها بريطانيا منذ عام 1876 ميلادية حتى استقلت عنها في عام 1957 ميلادية، فتكونت هناك حكومة مستقلة في عام 1959 ميلادية، وقد اتّحدت مع جارتها ماليزيا في عام 1963 ميلاديةº إلاّ أن هذا الاتحاد لم يستمر طويلاً، فانفصلت سنغافورة عن الاتحاد في عام 1965 ميلادية، وانضمت إلى الأمم المتحدة في 21 سبتمبر من نفس العام، وعُرفت باسم جمهورية سنغافورة، والعملة المتداولة هناك هي "الدولار المالاوي"، وعاصمة البلاد هي مدينة سنغافورة.
مجتمع من المهاجرين:
وسكان سنغافورة خليط بشري يضم المهاجرين إليها من الصين وماليزيا، والهند والباكستان، وأندونيسيا، وكما تتعدّد العناصر البشرية تتعدّد اللغات التي يتحدثون بها، فهناك اللغات الصينية والماليزية، والإنجليزية والتاميلية، وتُعتبر الأقلية المسلمة في سنغافورة من أنشط الأقليات المسلمة في جنوب شرقي آسيا، وهم أسبق وجوداً من المجتمعات الأخرى التي يتكون منها المجتمع السنغافوري لأن أغلب السكان من المهاجرين الذين وفدوا إلى البلاد من الدول المجاورة.
كيف عرفوا الإسلام؟
وقد عرفت سنغافورة الدين الإسلامي الحنيف في العصر النبوي الشريف عن طريق التجار العرب المسلمين الذين حملوا أخبار الدعوة الإسلامية إلى سنغافورة منذ هذا الوقت المبكر، حيث تكونت بالمدن الساحلية أولى الجاليات الإسلامية في القرن الهجري الأول، وبمرور الوقت اعتنقه سكان الجزيرة طواعية لأنه الدين الذي يساوي بين البشر، ويقر جميع الحقوق الإنسانية دون أية فوارق بين معتنقيه، وقد انتشرت اللغة العربية مع مسيرة المدّ الإسلامي في البلاد، وقد انتعشت مؤسسات الدعوة والتعليم الإسلامي في سنغافورة منذ القرن التاسع الهجري، إلا أن وقوع سنغافورة في يد المستعمر الأوروبي قد أربك مسيرة العمل الإسلامي، وأجهض جهود الدعاة.
الحفاظ على الهُويّة:
وقد حافظ المسلمون على هويتهم الإسلامية، وتمسكوا بأهداب دينهم الإسلامي الحنيف، فلم تستوعبهم كافة الأيديولوجيات المعادية للإسلام والمسلمين، وقد أقام المسلمون العديد من المساجد والمدارس الإسلامية، وما زالت بعض المساجد الأثرية قائمة هناك حتى اليوم، فمن أقدم المساجد في سنغافورة مسجد " ملقا " الذي بني عام 1830 ميلادية، ومسجد " فاطمة الزهراء " المبني عام 1843 ميلادية، ومن أكبر المساجد الموجودة في سنغافورة مسجد " السلطان"، ومسجد "المهاجرين "، وقد أقيمت بهما بعض المدارس والمستشفيات والمستوصفات لتقديم الخدمات اللازمة للمسلمين.
مساجد سنغافورة:
ويبلغ عدد المساجد الموجودة في سنغافورة (155) مسجداً من بينها (85) مسجداً جامعاً، كما توجد هناك العديد من المحاكم الشرعية التي تفصل في النزاعات القائمة بين المسلمين وفقاً لأحكام الشريعة الإسلاميةº إذ يرفض المسلمون في سنغافورة أن تحكمهم أية قوانين تخالف شريعة الإسلام، وقد رصد المسلمون العديد من أملاكهم وأموالهم في هيئة أوقاف إسلامية للصرف منها على الحفاظ على تراثهم الإسلامي المتمثل في المساجد، حيث تم صيانة وترميم (12) مسجداً أثرياً في سنغافورة، وقد ساهم المجلس الإسلامي العالمي للمساجد التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في ترميم ثلاثة مساجد منها، كما يحرص المسلمون على إنشاء المساجد الجديدة في كافة أنحاء البلاد، ومنها مسجد المهاجرين، ومسجد المجاهدين، ومسجد النور، وذلك من حصيلة تحصيل أموال الزكاة.
نشر الثقافة الإسلامية:
وتشهد سنغافورة انتعاشاً في مؤسسات الدعوة والتعليم، حيث حرصت هذه المؤسسات على نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، وتبع ذلك تنشيط حركة الترجمة، فتم ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغتين الماليزية والجاوية، وترجمة الأحاديث النبوية الشريفة إلى اللغتين الإنجليزية والتاميلية، إلى جانب الجهود المبذولة لنشر اللغة العربية بين المسلمين هناك.
كما تم التوسع في إنشاء المدارس والمعاهد الإسلامية، وقد بلغ عدد هذه المدارس (90) مدرسة استوعبت 15% من أبناء المسلمين في سن الدراسة، إلى جانب الاهتمام بإنشاء المعاهد المتخصصة في تخريج دعاة الإسلام، ذلك إضافة إلى المدارس القرآنية الملحقة بجميع المساجد الموجودة في سنغافورة.
وتنشط الجمعيات والمؤسسات الإسلامية في مجال دعم الدعوة الإسلامية والتعليم، ومن أشهر هذه الجمعيات جمعية الدعوة الإسلامية التي تأسست منذ عام 1932 ميلادية، وقد قامت هذه الجمعية بإنشاء كلية إسلامية في سنغافورة، وطالبت بالإبقاء على القضاء الشرعي في البلاد، وهناك جمعية شؤون الدعوة، والجمعية المحمديّة، وجمعية الشباب المسلم، وجمعية " منداكى" أي جمعية الصعود وتضم (11) جمعية إسلامية أخرى، كما تأسس هناك المجلس الإسلامي الأعلى للتنسيق بين الجمعيات الإسلامية وتوحيد جهودها لإبلاغ دعوة الإسلام، ونشر الوعي الديني الصحيح.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد