بينما كنت أراقب سير العملية الاقتراعية، وفرز الأصوات الانتخابية إذا بي أفاجأ مثل غيري بانقطاع التيار الكهربائي في آخر دورة من دورات الاقتراع، والمفضية لمعرفة الرجل المسؤول المجهول، والذي يخبئه لنا القدر.في أثناء انقطاع التيار هرع رئيس البرلمان لوضع يديه على الصندوق لضمان سلام العملية الانتخابية (زعم).
وتشتت ذهن كلا المرشحين، وندب كلاهما حظه، وسوء طالعه، وخمن مكيدة من صاحبه، وسوء سريرة فيمن حوله. كانت بضع عشرة دقيقة، وما لبث أن عاد التيار.
ولكن ما ذا عني؟ أين كنت؟ كنت قد سبحت في دوامة الذكريات... خمس عشرة سنة مضت، ومصيرنا دامس في الصومال... عقد ونصف من الزمان تربّى فيه جيل على أصوات الرصاص والقاذفات.
خمس عشرة سنة ونحن نسير إلى الوراء... بإمكانك التخيّل... كنا متأخرين في سباق الأمم، وفجأة أسرعنا الخُطا وجزنا الميدان... ولكن عكس التيار ذهبنا وإلى الوراء انطلقنا.
هل عرفت الآن كم تأخرنا عن الأمم... ؟ وكم تخلينا عن حقنا في العيش كرماء... ورضينا بالقليل وخسرنا الكثير الكثير... ؟
ما حدث بالأمس في نيروبي من انقطاع التيار... لم يكن سوى تلخيص لواقع أزمتنا المريرة... لم يكن سوى صورة مطابقة لأصل القصة. مع فارق بسيط... بضع عشرة دقيقة وبضع عشرة سنة.
ولكن هل يعود التيار من جديد لمسيرة الحياة في الصومال... بلى ولِم لا؟!
فلننظر للأمور بتفاؤل المؤمن.
قبل بضع سنوات كان الجهل عاماً وفاشياً في الصومال... ولم يكن يدرس العقيدة الصحيحة إلا نزر قليل من العلماء، أما اليوم فقد انتهت تقريباً كل مظاهر الشرك من زيارة القبور والأضرحة، وامتلأت البلاد بالحلقات ودور التحفيظ حتى إن بعض الأخوة يخبرني أنه الآن ولله الحمد والمنة- لا يخلو بيت من حافظ لكتاب الله - عز وجل - وقد ازداد في الآونة الأخير نمو الفكر الإصلاحي المستند إلى دعائم الشريعة الغراء، والمستمد من الكتاب والسنة الشريفة.
واليوم، يوماًً بعد يوم يزداد أعداد الآيبين إلى الصومال الحبيب من كل أقطار المعمورة، وقد لا يعلم البعض أن في الصومال اليوم شركات أجنبية في مجالات الطاقة والخدمات جنباً إلى جنب مع الشركات الوطنية الرائدة.
وتُعد الصومال كدولة من أغنى بلاد الأرض مواردَ زراعية كانت أو صناعية، وقد تم اكتشاف كميات كبيرة من المعادن المهمة في الصومال مؤخراً.
وعاد التيار وأعلن عن فوز العقيد السابق عبد الله يوسف برئاسة الصومال لخمس سنين متتالية. والآن أنا في غاية السعادة ليس لفوزك أو لخسارة غيرك... أنا سعيد سعادة كثير من الرجال والنساء والأطفال المحظوظين (ليسوا محظوظين بفوزك) المحظوظين لأن الله قبل كل شيء كتب لهم عمراً مديداً في طاعته... أهلنا هناك أولئك الذين صبروا على القحط والجوع وويلات الحروب... الذين خرجوا غير مرة لمساندة إخوانهم في فلسطين والسودان والعراق.
فَرَحٌ لأجل أولئك الرجال البواسل الذين صدّوا العدوان الأمريكي على الصومال والعدوان الأثيوبي... أولئك الرجال الذين سجلوا أنفسهم للخروج للجهاد في فلسطين والسودان والعراق والذين نحسبهم كما قال - تعالى -: (لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً) [النساء: 98]
فرحٌ لأجل أولئك النساء السلفيات المحجبات... اللاتي لا وازع لهن إلا خوفهن من الله... أولئك النساء اللاتي وضعن أولادهن فرُحن وحمدن الله... في.... فدفنّهم ورضين بقضاء الله.
فرحٌ لفرح أولئك الذين هم في عمر الزهور يمضون كل يوم للكتاب ليتموا حفظ القرآن... يمرون بين حقول الألغام... ومباني الهيئات التنصيرية... تخطئهم الرصاصات والقنابل اليدوية... وعناية الرحمن تحرسهم... فدتكم نفسي يا أحبتيº فأنتم غداً حملة العقيدة وحراس المنهج وفقهاء الشريعة.
إن غدنا بحول الله مشرق فلا طِيرة ولا تشاؤم... ولا عجز ولا كسل بل عمل بلا مللº فالإسلام غايتنا، والرسول قدوتنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد