فالارتباك ظهر واضحاً عندما قال: إن إسرائيل هي التي تحضر لحرب، وأنه إذا قامت إسرائيل بهذه الحرب فإن صواريخ حزب الله ستكون بالمرصاد، أي أنها حرب دفاعية، ولكنه وفي نفس الخطاب يعود ويقول: لا يمكننا أن نسكت على قتل أحبائنا، ولن نسمح للعدو بالتمادي في قتل قادتنا، وأقسم أن دماءك يا عماد لن تذهب هدراً، ونحن من سيحدد المكان والزمان للرد.
فما معنى كلام نصر الله ذلك، وهل الحرب في الشرق الأوسط قادمة؟
تقول صحيفة النهار اللبنانية - نقلاً عن مصادر غربية - أنها تلقت معلومات من بيروت ومن عواصم أخرى تفيد أن حزب الله ينوي فعلاً تنفيذ عمل عسكري كبير ضد الإسرائيليين قبل انعقاد القمة العربية في العاصمة السورية نهاية مارس المقبل انتقاماً لاغتيال مغنية، ولأن هذه الدول على اقتناع بأن الحزب لن يتخذ قرار المواجهة مع الدولة العبرية مجدداً من دون التشاور والتفاهم مسبقاً مع القيادتين السورية والإيرانية كما حدث خلال حرب صيف 2006م.
هذا ما كشفته مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع في باريس للنهار، وأوضحت أن المعلومات التي تملكها جهات غربية معنية بالأمر تفيد أن حزب الله وبالتفاهم مع السوريين والإيرانيين بدأ يخطط لتوجيه ضربة كبرى لإسرائيل قبل القمة العربية المقبلة، بما يمكنه أن يؤدي إلى تغيير الأولويات والمعطيات بالنسبة إلى القادة العرب.
وفي نفس الاتجاه يرى حازم الأمين في الحياة أنها الحرب المفتوحة، وقد بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات في لبنان، وربما الجديد فيها أنها ستشمل دولاً أخرى هذه المرة، أما في لبنان فيكابد الناس الحرب المفتوحة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقبل ذلك ربما، أي منذ صدور القرار الدولي رقم 1559 الذي نص على انسحاب الجيش السوري من لبنان، وعلى حل الجماعات المسلحة فيه، وأن يعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله حرباً مفتوحة نهار 14 فبراير 2008م فهذا الإعلان لا يبدو أكثر من تتويج لوقائع السنوات الثلاث، فلنستعد الوقائع التي ازدحمت بها هذه السنوات بدءاً بالاغتيالات المتعاقبة، مروراً بحرب يوليو، وحرب نهر البارد، ووصولاً إلى احتقانات الشارع، واحتلال وسط بيروت، وتعطيل الحكومة والمجلس النيابي، فأقل ما يمكن أن توصف به هذه الوقائع هو تعبير الحرب المفتوحة.
ولكن هدى الحسيني في صحيفة الشرق الأوسط ترى أنه لا يوجد حرب، حيث نقلت عن مصدر غربي وصفته بأنه مطلع جداً استبعاد وقوع مثل هذه الحرب، فالحديث عن احتمال وقوع الحرب للتخويف لا يعني الحث على الحرب أو الاستعداد لها، ثم ليست هناك من آلية تؤدي إلى الحرب.
وتنقل الحسيني عن المصدر الغربي المطلع جداً أسبابه في قوله عدم وقوع الحرب بأن إسرائيل غير مهتمة بحرب إقليمية لأن همها الأساس هو إيران، ولا تريد الانخراط في أي عمل يبعدها عن التركيز على الهدف الإيرانيº لأنه إذا ما انشغلت بحرب إقليمية، وواصلت إيران سعيها للحصول على سلاح نوويº فإن النتيجة تكون كارثة على إسرائيل، وسوريا أيضاً لا تريد الحرب فهي ليست مستعدة لها، لأنها بدأت للتو في تحديث جيشها، ولا تشعر بثقة تدفعها إلى ذلك، وبالتأكيد حسب محدثي فإنها لا تريد حرباً طالما أن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في البيت الأبيض، وطالما أن في فرنسا الرئيس نيكولا ساركوزي، والاثنان من ألد أعداء سوريا.
إن هدف سوريا تهدئة كل الأمور وكأن شيئاً لم يحدث، ثم إن مصر لا تريد الحرب، وكذلك الأردن.
ولكن المصدر الغربي كما نقلت عنه الحسيني لا يوضح الموقف الإيراني من هذه الحرب، وهل إيران تريدها أم لا؟
أما الكاتب البريطاني باتريك سيل الخبير في الشأن السوري فقد اعتبر أن اغتيال مغنية بديلاً عن حرب واسعة النطاق، وليس مقدمة لحرب أخرى كما يخشى العديد من العرب، ورغم أن عمليات القتل هذه قد تؤدّي إلى هجمات انتقامية إلا أنه في الحسابات الإسرائيلية تستحقّ تلك المخاطرة الخوض فيها مقارنةً مع الخسائر الحتمية التي قد تقع في حال شن عملية عسكرية كبيرة، هذا إذا وضعنا جانباً تهديد الصواريخ الذي يستهدف المدنيين شمال إسرائيل.
وهنا سيل يوضح سبباً إسرائيلياً جديداً لعدم خوض الحرب وهو أن اغتيال مغنية بديلاً عن الحرب وتكاليفها.
وأوضح - ما أظهر الموقف الإيراني - ما كتبه حسن صبرا الشيعي اللبناني، ورئيس تحرير مجلة الشراع اللبنانيةº فهو يؤيد أنه ليست هناك حرب لأن سوريا وإيران لا تريد ذلك، ويقول: إن انفعالات نصر الله قد تسري وتؤثر على جمهوره فيهتف له لبيك يا نصر الله، لكنها لا تسري أبداً ولا تؤثر على أسياد نصر الله في دمشق وطهران، ففي سوريا وإيران نظامان ماكران يفهمان مصالحهما، ولا يحركهما خطاب يحرك الغرائز عند الجمهور المضلل في الضاحية الجنوبية لبيروت، ونصر الله يعرف ذلك جيداً، لكنه ينسى نفسه أمام الناس والهتافات، فينقاد إلى ما يؤجج غرائزها ليستمتع بهتافاتها، تماماً كما كان هتلر ينفعل أمام جمهوره النازي، وينفعل موسوليني أمام جمهوره الفاشي، وينفعل ميشيل عون أمام ما تبقى من جمهوره المسكين، فنصر الله في رأي صبرا يعرف أن نظام عائلة الأسد مستعد أن يدمر لبنان وفلسطين، وحزب الله وحركة حماس، كما يدمر وحدة شعب العراق وعروبته ووحدته من أجل مصلحته في البقاء، ولن يسمح لنصر الله أن يستدرج إسرائيل ضده وهي الحريصة عليه، وعلى بقائه لأمنها الاستراتيجي، كما لن يسمح النظام الفارسي في إيران بهذه الحرب لأن إيران تريد حماية مشروعها النووي من لبنان والعراق، وفلسطين وسوريا، ولا تريد أن تدفع إصبع قدم واحد من جندي إيراني في أي مواجهة مع أمريكا أو إسرائيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد