بسم الله الرحمن الرحيم
"...الغرب الآن يمر بمرحلة خطيرة وبمنعطف صعب المخاض، فآثار سقوطه بادية لعقلائه قبل أعدائه، وعوامل الانهيار تجلت في أكثر من صورة وبوضوح أكبر لكل ذي عينين، ولعلّ أكثرها تميزا ذلك الظلم السافر الذي حذر منه القرآن... "
لا يسعني في هذا المقام إلا الدعاء للمفكر الكبير المسلم المعتز بدينه والشامخ بإيمانه ((سيد قطب)) - رحمه الله -.
قبل البدء أرى لزاما علي أن أنبه إلى أمرٍ, عظيمٍ,- بالنسبة لكل من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا ونبيا - ألا وهو عقيدة الولاء والبراء إذ بها تتمايز الصفوف وينكشف ما في القلوب من دخن ويظهر الذين في قلوبهم مرض، وهذه العقيدة سنة فارقة بين من يحب الله ورسوله وعباده المؤمنين وبين المرجفين الذين يتربصون بالذين آمنوا الدوائر عليهم دائرة السوء، ولكي نتبين ما نحن بصدده آثرت التقديم بهذه العقيدة لأهميتها وملازمتها لإيمان العبد وصدق توجهه نحو ربه - تعالى -.
الغرب الآن يمر بمرحلة خطيرة وبمنعطف صعب المخاض، فآثار سقوطه بادية لعقلاءه قبل أعدائه، وعوامل الانهيار تجلت في أكثر من صورة وبوضوح أكبر لكل ذي عينين، ولعلّ أكثرها تميزا ذلك الظلم السافر الذي حذر منه القرآن الكريم ونفاه عن نفسه العظيمة رب العالمين، وما مارسته أمة من الأمم إلا كانت نتائجه عليها وخيمة وعواقبه من ثم جسيمة.
إضافة إلى عوامل كثيرة يصعب علينا في هذا المقام حصرها منها على سبيل المثال لا الحصر التفلت الأخلاقي والتفكك الاجتماعي والمخدرات التي تنهش في أبنائه وشبابه والإجهاض بين الفتيات الذي بلغ مبلغا عظيما ينذر بكارثة بشرية في تلك المجتمعات.
ورغم ما ذكرنا آنفاً من ضياع هذه المجتمعات وسقوطها دينياً وأخلاقيا وتفككها اجتماعيا إلا أنه يوجد من أبناء جلدتنا- وللأسف - وممن يتزيا بزينا الوطني ومن قلوبهم تتجه باتجاه الغرب من لا هم له إلا الرضاع من لبان ذلك الغرب والنهل من موارده الصدئة النتنة، برغم علمهم أن الغرب قد أفلس قيمياً وحضارياً ولم يعد يتميز به إلا تصدير التقنية والآلة الحديثة وهذه الأخيرة نافسته فيها بعض البلدان الآسيوية كاليابان والصين وكوريا، وأما تشدقه - أي الغرب - بالديموقراطية فقد فضحهم الله على رؤوس الأشهاد حينما قال فرعونهم: من ليس معنا فهو ضدنا، فأين مبدأ الديموقراطية من معتقل جوانتناموا ومن سجن بوكا وسجن أبي غريب الذي جرّ على ديموقراطيتهم الخزي والعار والشنار.
لا أدري حقيقة هل ((فخخت)) رؤوس أذيال الغرب وأتباعه بحيث تجد أنهم بدأوا يتنادون بإصلاحات الغرب المزعومة والمكذوبة وهم إنما يريدون بذلك نسخ القيم الغربية بما تحمله من ضياع وتشتت وهدمٍ, للقيم الإسلامية ومحاربة للشعائر الدينية، ومن ثم إلصاقها في واقعنا الإسلامي وإحلالها محل قيمنا وثوابتنا، والهجمات الأخيرة والشرسة تبين مدى ولاء هؤلاء القوم للغرب ومدى تبعيتهم له وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما بين ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍ, لدخلتموه..... الحديث)).
فطابور الغرب يريدون منا التخلي عن قيمنا وثوابتنا زاعمين أن ذلك هو مبعث الحضارة والتقدم، وتناسى هؤلاء القوم أن في الغرب ومن بداخله من ينادي بعكس قيمه ويصيح في قومه محذرا ومنذرا، ومن هؤلاء تيار المحافظين الذين ينادون باحترام الشعائر الدينية -التي تخصهم بالطبع وإلا فهم مجتمعون على حرب الإسلام- وينادون بالقيم الأسرية واحترام النواحي الاجتماعية ومحاربة التفسخ والهجوم على مدن الخلاعة كنوادي العراة وسينما هوليوود، هؤلاء منهم وفيهم ويفندون كذب وزعم النظم الغربية ويريدون تغييرها بما يخفف من عملية السقوط والانهيار.
وقد يتسائل متسائل ما المخرج من هذه الفتن المدلهمة وكيف التعامل مع هؤلاء المستغربين والإجابة تحتاج إلى بيان وتبيين ولكن الكفاية هي في تمسكنا بثوابتنا وعضنا على ديننا وإعلان شعائرنا أمام الناس أجمعين والدعوة إلى الله - تعالى -بكل ما أوتينا من مال ووقتٍ, وجهد لأن هذا الدين وإيصاله إلى الآخرين أمانة في أعناقنا كل على قدر إيمانه وطاقته.
ولا بد أن نثق أنه مهما طال الطريق واشتدت ظلمة الليل فلا بدّ من انبلاج للفجر ولو بعد حين فان مع العسر يسرا ومع الصبر الفرج وسيكون أمثال هؤلاء المستغربين عبرة في التاريخ كما كان المنافقين من أمثال أبي سلول عليه لعائن رب العالمين.
فالصبر الصبر والاحتساب الاحتساب والله ولي التوفيق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد