بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين ولأخيرين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد: فإن المسلم في هذه الدار مبتلى بأنواع شتى من البلاء يبتلى أحينا بالسراء وأحيانا بالضراء كما قال - تعالى -{وَنَبلُوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ}[الأنبياء: 35] وقال - تعالى -{الم (1)أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لا يُفتَنُونَ (2) وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} (3) [العنكبوت] هذه هي سنة الله - عز وجل - التي لا تتغير ولا تتبل على مر العصور. فالصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيام الساعة حتى يميز الله الخبيث من الطيب قال - تعالى -{مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُم عَلَيهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] إن هذه الفتن والابتلاءات تصقل شخصيات الرجال حتى يتبين الثابت من المتحول وصاحب المبادئ والقيم من الذي كالريشة في مهب الريح. وإن من البلايا التي ابتلي به المصلحون الغيورون على دينهم. بعض المنتسبين للعلم الشرعي و ما يسمون بالمفكرين الإسلاميين الذين سهلوا الطريق أمام التيار التغريبي حتى أصبحت أقوالهم يزج بها في مقالات بعض الكتاب للاستشهاد وإضفاء الصبغة الشرعية على مغالطاتهم. لا أظن أن وهؤلاء المشايخ يجهلون الواقع ولكن ضغط وسائل الإعلام وخوف بعضهم أن يرم بالتشدد والتطرف حدا به الأمر إلى التنازل عن ثوابت الكتاب والسنة حتى أصبحت مواقفهم في كثير من القضايا تشبه إلى حد كبير مواقف المستغربين بل إنك لا تستطيع أن تميز بعضها إلا بالأشخاص - وليس هذا تنقصا لمكانتهم مع تحفظنا على بعضهم - ولكن لبيان الحق فإن الله - سبحانه وتعالى - قال {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] وعودا على ما ذكرت آنفا وللتمثيل على ما أقول أقرأ ما قاله الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فقد نادى بضرورة أن " يفسح للمرأة مكان لتشارك في قضايا الأمة السياسية والاجتماعية والثقافية ناخبة ومرشحة لكل ما تحسنه من الأعمال " وقال أيضا بضرورة اشتراك المرأة في التمثيل!!!
ومن مخالفات أصحاب هذا المنهج أنهم لا يرون بغض الكفار بل إنهم يرون أنهم إخوان لنا في الإنسانية فالإنسان أخ للإنسان على حد زعمهم وجعل شيخ العصرانية محمد عبده ثمانية أصول زعم أنها أصول الإسلام والغريب أنه ليس فيها ركن واحد من أركان الإسلام ولا أركان الإيمان المعروفة!! - فعلى أي أساس جعلها أصولا للإسلام؟!! وجعل الأصل السابع (مودة المخالفين في العقيدة) اهـ وللرد على هذا الأصل المكذوب أقر قول الله - تعالى -{لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ, مِّنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ} [المجادلة: 22]
ومن القضايا البارزة عند أصحاب هذا المنهج قضية الحجاب فيرى أصحاب هذه المدرس أن الحجاب خاص بنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يقول الترابي. ويقول الدكتور محمد عمارة " إن القضية (الحجاب) ترتبط بالتمدن والتحضر والاستنارة أكثر مما هي مرتبطة بالدين " انتهى كلامه. لك أن تقارن هذا مع ما يكتبه أصحاب التوجه العلماني!! مع أن الدكتور محمد عمارة يصنف على أنه (مفكر إسلامي!!) وهو معتزلي! ويقرر حسين أحمد بأنه " ليس في القرآن نص يحرم سفور المرأة ويعاقب عليه "!! مع إن الله - عز وجل - قال {وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرٌّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}[الأحزاب: 33] وقال {يَا أَيٌّهَا النَّبِيٌّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: 59] ولا أدري هل الكاتب قرأ هذه الآيات أم إنها ليست موجدة في القرآن كما يزعم!!!
يرى الدكتور يوسف القرضاوي أن كلمة الاختلاط دخيلة على المجتمع فيقول " المهم أن نؤكد هنا أنه ليس كل اختلاط ممنوعا كما يتصور ذلك ويصوره دعاة التشدد والتضييق " ويقول " في الثمانينات حضرت عددا من المؤتمرات في أمريكا وأوربا فوجدت فصلا تاما بين الجنسين... وقد أنكرت هذا !!!..... وقلت إن الأصل في العبادات ودروس العلم هو الاشتراك " ا هـ وأقول هل الاشتراك في الدروس والعبادات يستلزم الاختلاط؟!! ولن أطيل الكلام للرد على ما قاله سماحته!! لكني أدع القارئ الكريم مع حديث عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - يرد هذه الفتوى!! عن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: استأخرنº فإنه ليس لكن أن تحققن الطريقº عليكن بحافات الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدارº حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به" سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 865 فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر الاختلاط مع أنه وقع من غير قصد من الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين وهم أبر قلوبا وأكثر ديانة وخشية للهº وفضيلة الدكتور ينكر عدم الاختلاط!! وما ذكرته مجر أمثلة لتبيين هذا الانحراف ولا يحتمل المقال التوسع وإلا هناك قضايا كثيرة كقضية التقريب بين الأديان والتقريب بين المذاهب وقضية الجهاد وأهل الذمة والرق والمساواة وحرية الرأي والتعبير.... إلخ وقد استغل دعاة التغريب مثل هذه الأقوال الغريبة أيما استغلال فأصبحوا يظهرونها ويحيلون عليها في مقالاتهم. ومما يحز في النفوس أن توجد مثل هذه الأقوال المخالفة لشرع الله والمتعسفة ممن يرفع شعار الإسلام
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد