بسم الله الرحمن الرحيم
منذ عدة أشهر تحرص كل من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى جانب فرنسا (أعضاء دائمون بمجلس الأمن) بالارتكاز على مجهودات كبيرة تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إعادة تنشيط معاهدة عدم الانتشار النووي التي خرجت إلى النور في العام 1968، والتي تعني باختصار شديد رغبة الدول الكبرى في أن يكون العالم منقسماً إلى معسكرين اثنين: معسكر نووي وآخر محرّم عليه أي طموح من هذا النوع.
لقد سمحت الحملات الإعلامية والسياسية الكبيرة وغير المتسامحة التي خاضتها هذه الدول منذ عقود بأن يُفرض على عدد كبير من البلدان القبول بهذا الواقع، والالتزام بهº بمعنى أنه يُحرّم على باقي الدول التفكير في الاستفادة بأي شكل من الأشكال من هذا النوع من الطاقة التي يمنحها اليورانيوم المخصبº لأن هذا الأخير يتيح فرصة تصنيع القنبلة النووية، وبالتالي فإن بلداً كالجزائر مثلاً التي رفضت التوقيع على نص المعاهدة سالفة الذكر لمدة (25) سنة كاملة بحجة حرصها على الاتفاق بأن يكون الحوض المتوسطي بكامله خالياً من أسلحة من هذا النوعº في إشارة واضحة إلى دولة الكيان الصهيوني، إلا أنها وأثناء سنوات الاقتتال الداخلي الذي عاشته في العقد الأخير وجدت نفسها وجهاً لوجه في مقابل حملة غربية تتحدث عن وجود طموحات نووية لديها، فاضطرت إلى الإمضاء تحت وطأة التصعيد، ولكن موقفاً كهذا لم يكن متوقعاً يوماً من قادة "إسرائيل "، والتي لا تمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة غير التقليدية التي في مقدورها أن تدمر كوكب الأرض بكامله فحسب، ولكنها تتمكن على الرغم من ذلك من مخادعة الرأي العام العالمي، وتدير ظهرها لتوصيات المؤسسات الدولية من غير أن يشجب أحد مثل هذا الواقع، فضلاً عن أنه يغرق العالم الإسلامي كله في حالة من الحيرة والذهول والهلع أيضاً.
تذكير لا مناص منه:
القنبلة النووية في الواقع هي المرادف اللغوي لكلمات على وزن القوة والقدرة والعصمة والرعب بالنسبة للضحايا، وحري بنا أن نعرف أنه ومنذ بداية القرن الماضي، كانت آلية الانشطار الذري الشغل الشاغل لعدد كبير من العلماء، فكمية الحرارة المنبعثة من وقوع انشطار وحيد هي في الحقيقة مذهلةº فهي تماثل عشرة آلاف ضعف أي احتراق تقليدي آخر، ويعود الفضل في كيفية التوصل إلى التحكم في سلسلة الانشطار الذري إلى العالم الفيزيائي الإيطالي (إنريكو فيرمي) في 2 من شهر تشرين الأول/أكتوبر 1942، لقد كان ذلك الاكتشاف يعني لأول مرة في التاريخ البشري قدرة الإنسان على التحكم في الطاقات الهائلة.
إلا أن البدء الفعلي في الاستعمال السلمي لهذه الطاقة لم يقع إلا في العام 1973 بمناسبة أزمة النفط الشهيرة حين بُدئ في العمل على إقامة مفاعلات نووية لغرض إنتاج الطاقة الكهربائية، والتي يفوق عددها اليوم (450) مفاعلاً تمتلك الولايات المتحدة نصيب الأسد منها (120) وحدة، تليها فرنسا (59) التي تنتج ثلاثة أرباع احتياجاتها الكهربائية بهذه الطريقة.
الاستعمال الآخر للطاقة النووية يكمن في القيام بتحرير كل الطاقة في ظرف زمني قصير جداً من رتبة جزء من الثانية للحصول على ما يُعرف بالقنبلة الذرية، لقد كان (ألبرت آينشتين) و(إدوارد تيلر) (أب القنبلة الذرية) هما مَن حرضا الرئيس الأمريكي: هاري ترومان في العام 1945 على استعمال هذا "الاكتشاف" الجديد لأجل وضع نهاية للحرب العالمية الثانية، وهو ما وقع فعلاً بعد أن أمر هذا الأخير بقنبلة ناغازاكي ثم هيروشيما اليابانيتين (6 و 9 آب/أغسطس 1945) على الرغم من أن اليابانيين أبدوا استعدادهم للاستسلام.
تمر دورة تخصيب اليورانيوم باختصار على ثلاث مراحل: بداية بحرق اليورانيوم الخام للوصول إلى نتيجة على شكل عجين يدعى (Yellow Cake)، ثم مرحلة تحويل هذا الناتج إلى الحالة الغازية للحصول على ما يسمى (UF4) ثم (UF6) لتأتي بعدها المرحلة الأخيرة المتمثلة في الحصول على اليورانيوم المخصب الذي يمكن الوصول إليه على طريقتين: الطرد المركزي أو الانتشار الغازي، الطريقة الأولى والتي هي الخيار الذي يعتمده الإيرانيون تتم من خلال وضع الغاز في معدات مركزية الطرد، ثم تسريعها لتصل إلى درجة (600) دورة في الثانية.
بالمختصر إن لليورانيوم استعمالين متناقضينº ففي الوقت الذي يمكن الحصول على الطاقة الكهربائية من خلال مراقبة سلسلة التخصيب إلى درجة 3%، يتطلب الاستعمال الثاني تخصيباً كثيفاً لا يقل عن نسبة 90%.
القدرات النووية الإسرائيلية:
انطلق المشروع النووي في دولة الكيان الغاصب في العام 1948 في وقت كانت هذه الدولة اسماً جديداً في قواميس الدبلوماسية الدولية، فضلاً عن أن الطاقة النووية لم تكن وقتها مجالاً واسعاً لأنها كانت لا تزال خاصة جداً، ولم يكن الاتحاد السوفييتي نفسه قد تمكن من كل حيثياتها بعد، ثم إن إسرائيل وبرفضها الإمضاء على معاهدة 1968 أكدت حرصها على العمل في سبيل التقدم ببرنامجها النووي من غير أية رقابة دولية، زيادة على أن شيمون بيريز - أبو المشروع النووي الإسرائيلي - أقر أخيراً أن فرنسا كانت مساهمة بقدر كبير في هذا الجهد الإسرائيلي.
كانت إسرائيل ومنذ العام 1967 تمتلك على الأقل قنبلتين اثنتين حركتهما بسرية خلال حرب الأيام الستة، وأما الطائرات المقاتلة التي كانت تستطيع نقلهما فلقد وصلتها من أمريكا، ثم إنه لمن المعروف الآن أيضاً أن إسرائيل فكرت في حرب 1973 في استعمال السلاح النووي التكتيكي لأجل وقف تقدم الدبابات السورية في الجولان المحتلة، زيادة على أنه وبناء على سياسة الاحتواء والمراقبة التي تنتهجها الولايات المتحدة وبدعم مباشر من هذه الأخيرة أقدمت المقاتلات الجوية الإسرائيلية في 07 حزيران/يونيو 1981 على تفجير المفاعل النووي العراقي "تموز"º لتفرض نفسها بالتالي في موقع المالك الوحيد لهذا السلاح على مستوى الشرق الأوسط.
حينما زار محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الواقع مقرها في العاصمة النمساوية فيينا تل أبيب في 07 تموز/يوليو 2004، أعلن هذا الأخير أنه لم يأت إلى هناك لأجل توبيخ إسرائيل على موقفها الرافض لأن تؤكد أو تنفي برامجها النووية، وعلى الرغم من هذا الموقف "الحيادي جداً، والمخزي إلى أبعد الحدود " من جانب هذا الشخص، لم يجد وزير خارجية الكيان سابقاً سيلفان شالوم من رد إلا القول: "إذا كان يتعين علينا فعل أي شيء مع البرادعي فإننا لن نطلب منه أكثر من مواصلة نشاطه لأجل دفع الإيرانيين إلى وقف جهودهم في سبيل تطوير السلاح النووي"‼، ثم إن شارون نفسه - الذي بات الكثيرون من المتنورين يعددون محاسنه - لم يبد أي اعتراض على هذا التهكم الواضح الصادر من طرف وزيره، قبل أن تقرر الهيئة المانحة لجائزة نوبل العالمية للسلام أن تقدم مباركتها لهذه الوكالة ورئيسها بسبب تواطئهم وتسامحهم المفضوحين مع تل أبيب، وإن كانت العدالة تقتضي على الأقل منح تلك المبالغ لضحايا ناغازاكي وهيروشيما مثلاً.
من الثابت - الذي يبدو مسلمة عالمية - أن كل البلدان فيما عدا الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بطبيعة الحال، والتي تتفاوض فيما بينها بصورة داخلية عن كيفية قيام كل منها بالتفتيش داخل منشآتها الخاصة - أن إسرائيل هي دولة فوق القانون، وفوق طاقة ( وكالة البرادعي )!، في حين أن دولة أخرى كالعراق التي تسكنها ملايين النفوس البشرية تُنتهك سيادتها، ويُقتل فيها عشرات الألوف من الغلابى تحت ذريعة حيازة أسلحة ذات قدرات تدميرية شاملة لم تستطع الأقمار الصناعية - التي ترصد دبيب النمل - اكتشافها، وتحديد مواقعها، زيادة على أن دولتين أخريين هما سورية وإيران تُتهمان بذات التهمة، بمعنى أنهما قد تواجهان ذات المصير، في إمكاننا أن نفهم لماذا أعلن شارون في 7 أكتوبر 2003 غداة قيام طيرانه بقصف موقع قيل هو "لإرهابيين" فلسطينيين في سورية: "إننا سوف نضرب أعداءنا في أي مكان وبأية وسيلة"، هذا يعني أن إسرائيل تملك كل الحق في أن تضرب أي جهة في العالم بأسلحتها النووية، وبدعم لا مشروط من الإدارة البيضاوية.
تمتلك إسرائيل حالياً بناء على تقديرات تجريها مؤسسات بحثية في الغرب ما بين (200 - 400) رأس نووي، وعلى حسب المجلة الإنكليزية المتخصصة في شؤون الاستخبارات والأمن (جينس آنتيليجانس ريفيو) فإن الترسانة الإسرائيلية توازي ما يمثل (3850) ضعف القنبلة التي ألقيت على هيروشيما، وأما في مجال الوسائل المستعملة في هذا الصدد فإن الكيان يمتلك (300) مقاتلة من نوع (F16) أمريكية الصنع، بالإضافة إلى (25) مقاتلة (F15) بتجهيزات توجيه خاصة ومتطورة، إلى جانب أن الصاروخ النووي (بوباي تيربو) قد تم وضعه على ثلاث غواصات من نوع "الدلفين" التي حصلت عليها بين عامي 1999 و 2000 من الألمان، من غير أن ننسى إضافة ما لا يقل عن نحو (50) صاروخ باليستي (أريحا2) يتعدى مداها (1500) كيلومتر، في مقدور كل واحد منها أن يحمل رأساً نووية زنتها (1) طن، علاوة على أن الدولة العبرية تمتلك أيضا أقماراً تجسسية تولت هي بنفسها مهمة وضعها على المدار.
تغيرت الأوضاع منذ العام 1998 حينما قرر اليمين الهندوسي الحاكم في نيودلهي أن يعزز علاقاته مع الأمريكيين والإسرائيليين في الميدان النووي من خلال استحداث محور واشنطن - تل أبيب - نيودلهي لتقوم دولة الكيان بعد هذا مباشرة بالتعاقد مع الهنود لمساعدتهم في سبيل تطوير قدراتهم النووية، قبل أن يقوم شارون في سبتمبر 2003 بزيارة نيودلهي في أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي إلى تلك العاصمة منذ استقلالها عن التاج البريطاني في 1947، وفي مقابل هذا التصعيد الثنائي قامت باكستان بإجراء تجاربها التفجيرية أيضاً في خطوة تحذيرية لها أكثر من معنى قبل أن يقفز الجنرال برويز مشرف على السلطة في إسلام آباد، ويقيل رئيس الوزراء نواز شريف، ناقلاً بهذه المغامرة الدولة النووية المسلمة الوحيدة إلى معسكر الأمريكان، ولتصير القوة النووية الباكستانية وبالاً على الأمة بعد أن كان يُفترض أنها تجربة رائدة.
الأهم من هذا أنه و بناء على "الشراكة الإستراتيجية" التي عقدوها مع الهنود قررت الولايات المتحدة أن تقدم لتل أبيب مساعدات مالية إضافية، وصادق الكونغرس في نهاية العام 2005 على صك بقيمة (133) مليون دولار لفائدة إسرائيل حتى تتمكن هذه الأخيرة من تطوير الأبحاث فيما يتعلق بصاروخ (آرو)، إلى جانب منحة أخرى بقيمة (600) مليون دولار، زيادة على المساعدات المالية السنوية التي تتحصل عليها الدولة العبرية من واشنطن تحت ذريعة واهية تسمى "الدرع الصاروخي الإسرائيلي"º لأن الحقيقة البينة مفادها أن الولايات المتحدة إنما هي بصدد تسليح إسرائيل في مقابل إيران، والأموال ستتوجه من غير شك إلى مشاريع تصنيع وتطوير طائرات التجسس التي لا يقودها الطيارون، وإنما تُوجّه عن بعد من مقرات القيادة العامة لجيش الاحتلال، ثم إن هذه الأموال تستعمل أيضاً بقصد أن تقوم إسرائيل باقتناء المدرعات التي تنقل الجنود من الدول الأوروبية.
الطموحات النووية لكوريا الشمالية:
المباحثات سداسية الأطراف (الصين، الكوريتان، اليابان، الولايات المتحدة وروسيا) هي حالياً وخلافاً لما هو معلن في طريق مسدود منذ الاتفاق المتوصل إليه في شهر أيلول/سبتمبر الأخير، والذي على أساسه قبل نظام بيونغ يانغ التنازل عن مشاريعه النووية في مقابل مساعدات اقتصادية وضمانات أمنية، فعلى الرغم من أنه كان يُعدّ وقتها خطوة على الطريق الصحيحº لا يتطرق نص الوثيقة المتفق عليها إلى أي جدول زمني، ولا أي طريقة للتنفيذ، فكل شيء لا يزال قابلاً للتفاوض والاختلاف مجدداً.
لقد أعلنت كوريا الشمالية مثلما نعلم جميعنا أنها تمتلك قنبلتين ذريتين، والاتفاق لم يتطرق بالتفصيل لكيفية التخلص من هاتين القنبلتين، علاوة على أن بكين - التي هي في الواقع حليف استراتيجي لتلك الدولة - فعلت كل ما في وسعها في سبيل أن ينشغل العالم بغير الموضوع النووي لحليفتها الضعيفة بيونغ يانغ.
الحالة الإيرانية.. العدالة الدولية في أوضح صورها:
منذ ما يزيد عن السنتين ونصف السنة، تقود ثلاث دول أوروبية - بتحريض ودفع من واشنطن - حملة ضغط شعواء على طهران لأجل أن تقلع هذه الأخيرة عن كل طموحاتها النووية، على الرغم من أن طهران ما انفكت تؤكد منذ سنوات أن برنامجها ذو أهداف سلمية، وأن جهودها لا تطمح إلاّ إلى التمكن من استخدام الطاقة النووية في مجالات مدنية، فهي ووفقاً لبياناتها الرسمية ستشهد بعد نحو عشرين عاماً من الآنº كثافة سكانية تجاوز المئة مليون شخص، مما يعني ارتفاعاً كبيراً في الطلب الداخلي عندها على الطاقة، وعلى الرغم من أنها البلد الثالث عالمياً من ناحية الاحتياطات النفطيةº إلا أن الدراسات تؤكد أنها وبعد هذه المدة سوف تكون مضطرة إلى استهلاك نصف ما تنتجه حقول النفط فيها.
لقد أعلنت إيران في العاشر من يناير الماضي عن نيتها في استئناف أبحاثها في ميدان تخصيب اليورانيوم، رافضة المقترح الروسي الخاص بإمكانية أن تتولى موسكو هذه المهمة فوق أراضيها الاتحادية، بعد أن حذّرها مجلس محافظي الوكالة الدولية في شهر نوفمبر الماضي من كل محاولة في هذا الاتجاه، بمعنى أن أي تصعيد من جانبها سوف يعني إحالة ملفها إلى مجلس الأمن، وهذا ما وقع مؤخراً بعد أن قال محافظو وكالة الطاقة ( أي وكالة البرادعي ): إن إيران أخلت بالشروط، بمعنى أنه وفي رأي الغرب تُعدّ تحدياً وتهديداً جدياً للأمن والسلام العالميين، فوصول إيران إلى تحقيق "الاكتفاء" النووي بحسب رأي الساسة الغربيين هو بداية تهديد شديد الخطورة لكامل منطقة الشرق الأوسط، ثم إنه تهديد أيضاً لمستقبل معاهدة الحد من الانتشار التي هي على المحك الآن، زيادة على أنه تهديد مباشر لأوروبا التي سوف تكون بعد هذا في متناول الصورايخ الإيرانية "شهاب".
الحقيقة أن معاهدة عدم الانتشار هي اتفاق يعكس تماماً مدى الازدواجية والانتقائية في تطبيق مبادئ قيم العدالة والحرية التي تتغنى بها الدول الكبرى الغربية على وجه الخصوصº لأنها أُعدت بعد ما تم تحديد أعضاء النادي النووي بدقة شديدة، وفي الوقت الذي تقع فيه دولتان كإسرائيل وإيران في موقعين متشابهين كثيراً، تحرم المجموعة الدولية على الثانية أي طموح يجعلها في موقع موازٍ, للأولى، بحجة قانونية مضحكة مفادها: أن إيران نفسها وقعت على نص المعاهدة، مما يجعلها تقع تحت طائل مقرراتها، على خلاف إسرائيل الرافضة للتوقيع، وهو ما يعني - ببساطة - أنها غير معنية بالقانون الدولي!!
ثم إنه وحتى لو أننا سلمنا بصدقية نص معاهدة حظر الانتشارº فإن المادة السادسة منها تتحدث صراحة على أن كل الدول ملزمة بالتعاون في سبيل التخلص النهائي من هذه الأسلحة التي تهدد كل ما حققته الحضارة الإنسانية حتى الآن، ولكن الواقع أنه لا وجود لأي دولة كبرى نستطيع القول بشأنها إنها كانت قد احترمت هذا الكلام، وهذه حكاية أخرى طويلة وشائكة.
لو قررت إيران عدم الرضوخ لهذه الضغوطات، وواصلت سياستها الحاليةº فكل الحكومات الغربية مستعدة لأن تحرك وسائلها الدعائية والسياسية - وربما العسكرية - في سبيل فرض عقوبات على طهران، وفي هذه الحالة يمكننا أن نتوقع أن اللجوء إلى الحل العسكري من قبل أمريكا سوف يقع من غير حاجة "للاستئذان" من السيد عنان وهيئته الأممية!، فكل السيناريوهات جاهزة، ولا تنتظر إلا الأمر بالتنفيذ الذي قد يصلها في أي لحظة من البنتاغون، وسوف يخرج علينا الأمين العام للمنظمة الأممية كوفي عنان بعدها ليعلن لنا عن "انشغاله العميق" بما يحدث، من غير أن يخبرنا بالضرورة أن الهيئة التي يرأسها قد تقرر وضعها على رفوف أرشيف الدبلوماسية العالمية، ثم إنه أخيراً لن يتجرأ على أن يقول لنا إن تيودور هيرتزل - مؤسس الصهيونية الحديثة - كان قد قال قبل أكثر من قرن: "سوف نبني هنالك جداراً يفصل الغرب عن البربرية"، لقد بُني الجدار فهل تشكّون أننا المعنيون بنعت "البربرية"؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد