بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة في المشروع الكوكبي:
لم يغفل مسيّرو مشروع الكوكبي أنَّ المرأة هي أهمٌّ قناة يجب أن تستغل من أجل تمهيد الأجواء للاجتياح العولمي ووسيلة العولمة في ذلك عدد من المجالات لعلَّنا نهتم بمجالين استغلتهما العولمة، وهما عمل المرأة وقضية العنف ضد المرأة، ولمجابهة ذلك الاستغلال الملحوظ، من المناسب أن نتعرَّض لما يجب التأكيد عليه في هذين المجالين:
1/ عمل المرأة:
ـ لا بدَّ من التأكيد على:
أ ـ أنَّ عمل المرأة طارئ وليس حتمياً، وفي ذلك لابدَّ من الوقوف بحزم ضد محاولات الرأسماليين والمنظمات الدولية جعل عمل المرأة قاعدة وعملها في بيتها شاذاً، فهذا قلب للأصل الفطري والفطرة السويَّة وفيه خدمة لمصالحهم من جهتين:
1/ دعم القوى البشرية لديهم.
2/ صرف المرأة عن وظيفتها السامية بتقليل فترة مكوثها في البيت، ممَّا يساعد على تقليل فرص تحصين الأطفال ضد ملوِّثات التربية.
ب ـ التأكيد على سلامة الموقع الذي تمارس فيه المرأة عملها من حيث طبيعته وخلوِّه من المحرَّمات الشرعية.
ـ توسيع أوعية العمل أمام المرأة المسـلمة في إطـار تعاليم الإسلام وأخلاقه 16.
ـ دعم مشاريع اقتصادية إسلامية تقوم على بنية اقتصادية قوية من أجل توظيف الآلاف من النساء الفقيرات اللاتي تعتمد أسرهن عليهن في كثير من الدول الإسلامية، بحيث تحافظ تلك المشاريع على كيانهن كنساء مسلمات، مما لا يضطرهن للعمل وفق ظروف صحية ونفسية وجسمية صعبة في مصانع ومشاريع خاضعة لكبار الرأسماليين، حيث تُعامل النساء كالآلات البشرية بجوار الآلات الحديدية.
ـ وأخيراً اتخاذ نهج المملكة أسلوباً وأنموذجاً فيما يخص عمل المرأة.
2/ العنف ضد المرأة:
حقيقة إنَّنا لا يجب أن نكون هنا مدافعين عمَّا يحدث في المجتمعات من عنف تجاه المرأة أو الطفل، إنَّما يجب أن نشير أنَّنا لسنا مجتمعاً يخلو من هذه القضايا، لكنّنا نعدها أخطاءً، وهي قد وقعت حتى في عهد النبوة (لقد طاف بأبيات محمد نساء كثيرات يشتكين أزواجهن، ليس أولئك بخياركم) كما قد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضرب النساء وحدده في القرآن الكريم بحالة معيّنة ومشروطة، لكننا هنا ندافع وبقوة عن الرؤية الإسلامية في معالجة تلك القضية من خلال منظارنا الإسلامي، لا منظار دول العولمة، وبهذا الخصوص:
أ/ تحديد مفهوم العنف ضد المرأة، فهل يُعدّ عنفاً في مجتمعنا إجبار الزوج زوجته على ممارستهما حياتهما الزوجـية كما جاء في مؤتمر بكين البند رقم (13) وكما جاء في المؤتمر نفسه بند (125)..(التنديد بكل ممارسات العنف ضد المرأة ومطالبة الحكومات بعدم وضع الاعتبارات التقليدية أو الدينية موضع التنفيذ).
ب/ لماذا لا يُعدٌّ عنفاً ما تمارسه صناعة السينما، حيث أعادت السينما صياغة المرأة في الوجدان العام ونزعت عنها مكانها وعرَّتها من إنسانيتها وكينونتها الحضارية بعد أن عرَّتها من ملابسها وتدخَّلت في خصوصياتها الثقافية والاجتماعية، لماذا لا يُعدّ ذلك عنفاً ضد المرأة كإنسان وككيان له ذاكرة وله وعي وله خصوصية.
ج/ لماذا لا تُعدّ صناعة الأزياء (الموضة) نوعاً من العنف ضد المرأة، ذلك أنَّها صناعة لا تقل عنفاً وشراسة عن صناعة السينما، حيث تقترب عروض الأزياء من الإباحية الصريحة، إذ يتفنّن أبطال تلك الصناعة في طمس الشخصية الإنسانية والاجتماعية للمرأة، وتتحوَّل المرأة من عالم الحياة الخاصة والطمأنينة، إلى عالم الحياة العامة والسوق والهرولة والقلق.
د/ ولماذا لا تُعدّ صناعة مستحضرات التجميل نوعاً من العنف الموجَّه للمرأة حيث جعلت هذه الصناعة المرأة هدفاً أساسياً لها من خلال آلاف المساحيق والعطور وخلافه، مما جعلها سوقاً متجددة كل عام.
هـ/ ولماذا لا تُعدٌّ مسابقات ملكات الجمال عنفاً موجهاً لإنسانية المرأة حيث تعامل المرأة كجسد يثير الشهوة المحرَّمة.
و/ ولماذا لا تُعدّ صناعة الإعلانات عنفاً موجهاً ضد المرأة، حيث تُستخدم المرأة لتصعيد الرغبات الاستهلاكية عند الرجل والمرأة، كما قد تعاملت صناعة الإعلانات مع المرأة باعتبارها جسداً مادياً محضاً موضوعاً للرغبة المادية المباشرة.
إذا كانت العولمة تنادي بإيقاف العنف ضد المرأة، فنحن ننادي بذلك، لكنّنا لا نريد الجسر الذي يعبرون منه أن نهرول خلفهم عبره، فلا بدَّ أن نأخذ موقفاً واضحاً تجاه اتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة، فما في هذه الاتفاقية من خير فقد سبق الإسلام له، وما فيها من باطل فهو عنصرية وتمييز تغافلوا عنه وعنصرية يريدون نشرها من خلال نشر ثقافتهم هم وإلغاء ثقافة الآخر يعززها شعورهم الوهمي بالتفوق، بل إنَّ بعضاً من بنود هذه الاتفاقية تُعدٌّ عنفاً ضد المرأة، فكيف تُلزم المرأة بالعمل في جميع الأعمال بما فيها المحاجر والمناجم أو إلزامها بالعمل في الأعمال الليلية؟
ويمارس البنك الدولي وحكومات الدول الغربية ضغوطاً على دول العالم الثالث للتوقيع على تلك الاتفاقية18، ألا يُعدٌّ ذلك عنصرية؟
من خلال هذا المحور فإنَّ مواجهتنا لما تفرضه العولمة من تحدِّيات ضد المرأة والمجتمع لابدَّ أن ينبع من إحساس الجميع دولاً وأفراد بأنَّ المجابهة لابدَّ أن تتوازن مع التحدِّيات أو تتفوَّق عليها، وإلا فإنَّ التهميش ثمَّ الإلغاء والذوبان هو النتيجة.
وحفظ الله أمّتنا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد