بسم الله الرحمن الرحيم
كان من الأجدى بعد سقوط الشيوعية أن تعمل الدول الإسلامية على مد جسور التواصل مع أبناء هذه البلدان، وتفتح سفارات لها هناك ولا تتركهم مرة أخرى فريسة للصهيونية حيث سارعت (إسرائيل) بفتح سفارات لها في معظم الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى وشمال القوقاز وإقامة علاقات دبلوماسية معها.. أو تتركهم لجيوش المنصرين لتنصيرهم حيث أخذت الهيئات والمنظمات الكنسية تركز نشاطها على هذه البلدان خصوصًا فئات الشباب..
ولقد جاء البيان الذي أصدره بابا الكاثوليك يوم 3 مارس 1991 م والذي دعا فيه المنصرين إلى نشر النصرانية في البلاد الشيوعية ـ سابقاً ـ ليكون بمثابة إشارة البدء لهذه المنظمات بالعمل، واتخاذ موسكو قاعدة لها للانطلاق نحو الجمهوريات الإسلامية المستقلة أو التي تتمتع بالحكم الذاتي في روسيا الاتحادية.
وبدأ المنصرون عملهم بالتركيز على المناطق الناطقة باللغة التركية ولذلك جندوا أكبر حشد من المنصرين ممن يتحدثون التركية بطلاقة وبدأت الإذاعة التنصيرية في بث برامجها إلى دول آسيا الوسطى وشمال القوقاز بالتركية.
مرتكز آخر:
واعتمد المنصرون في تنصير شباب المسلمين في هذه الدول على عنصر آخر هام وهو صلة العرق في السابق، ففي قيرغيزستان مثلاً، أخذوا النصارى من أصل ألماني إلى ألمانيا بين عامي 1988 ـ 1990 م ودربوهم في مدارس البروتستانت، ثم أعادوهم إلى قيرغيزستان، وشبيه بهذا حدث بين أتراك الجيجاوس التابعين للكنيسة الأرثوذكسية، ومثل هذه النشاطات وإعداد المنظمات التنصيرية تقوم بها هيئة في كريلنجن يرأسها البروفيسور ترويجر الخبير في شؤون الشرق الأوسط، حيث تقام المؤتمرات والحلقات الدراسية والتطبيقات العملية، ومن اللافت للنظر أن قسماً من تمويل المنظمات التنصيرية للذين ترسلهم الكنائس العالمية للنشاطات التنصيرية يأتي من نصارى تركيا.
أما المنصرون الذين يتوجهون إلى مناطق التنصير عبر موسكو فهم يعملون تحت إشراف مركز لهم بمدينة طشقند ويتلقون التعليمات من ثلاثة مراكز في أوروبا ويختلف عدد الهيئات التنصيرية العاملة في آسيا الوسطى من بلد إلى بلد، فقد بلغ عدد الهيئات التنصيرية في أوزبكستان ثلاثاً وستين هيئة تابعة لسبع منظمات تنصيرية، ويبلغ عدد البروتستانت هناك حوالي عشرة آلاف وتتبع 35 هيئة من هذه الهيئات الكوريين.
15 هيئة تنصيرية:
ويعمل في قازاقستان 115 من المنصرين الأمريكيين يتبعون 15 هيئة تنصيرية، كما يعمل في هذه الجمهورية عدد كبير من المنصرين الألمان وخصوصاً المنظمة المعروفة بشهود يهوه.
وفي قيرغيزستان يعمل 40 من المنصرين الأمريكيين يتبعون 9 منظمات تنصيرية، وهناك وقف يعرف بـ (وقف الإيمان) تأسس بتعاون الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت.
وينشط هذا الوقف في أكثر الجمهوريات المستقلة حديثاً خصوصاً قازاقستان وقيرغيزستان.
واستغل المنصرون إقبال الناس على تعلم اللغة الإنجليزية لاجتذاب عدد كبير من أبناء وبنات المسؤولين في تلك البلدان للعمل على تنصيرهم. وتعتبر قازاقستان بسبب البنية العرقية والفوارق الدينية والمذهبية وإحساسها بالقرب من روسيا أكثر البلدان ضعفاً في الشعور الديني.
ولذلك فإن قازاقستان أكثر الدول اجتذابًا للمنصرين، والنشاطات التنصيرية في هذه الجمهورية تقوم بها بشكل منظم الكنائس العالمية وشهود يهوه ومتطوعو السلام، وتقوم قنوات التلفزيون الروسية التي تشاهد في قازاقستان ببث برامج في الدعوة إلى النصرانية، ومثل ذلك تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر الدول الأوربية، وخاصة ألمانيا التي تقدم دعماً قوياً للمنظمات التنصيرية العاملة في قازاقستان.
هدفان أساسيان:
والنشاطات التنصيرية لها هدفان: أحدهما كسب ثقة الألمان الذين يعيشون في هذه المناطق للحيلولة دون هجرتهم إلى الغرب، أما الثاني فهو تنصير القازاق الذين يملكون قوة اقتصادية ويعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الإسلام، وأكبر المنافسين لنشاطات التبشير في قازاقستان هم الأتراك. والواقع أن الأتراك هم العائق الأساسي أمام النشاطات التنصيرية في آسيا الوسطى كلها، فالمدارس التركية التي فتحت تلعب دوراً كبيراً في تعريف شعوب تلك المناطق بالدين الإسلامي الحنيف..
مؤسسة الخير .. والوهم:
وهناك 25 هيئة تنصيرية عاملة في قازاقستان تعمل تحت اسم (مؤسسة الخير) تدفع لمن يستطيع جلب الشباب إلى المحاضرات والدروس مبلغاً معيناً من المال على شكل عمولة، أو تحت مسمى الراتب. ويراوح هذا الراتب بين 40 ـ 60 دولاراً ويطلبون منهم مقابل ذلك جلب الشباب إلى الدروس والمحاضرات وتوزيع الكتب التنصيرية بين الناس .. ويلاحظ النشاط التنصيري بصورة أكثر كثافة في شمال قيرغيزستان وعلى الأخص في جوي وإيصيق جول ونارين وتارس، وفي جنوب قيرغيزستان يتركز النشاط في أوش وجلال آباد، ويركز المنصرون في هذه المناطق على طلاب الجامعات والعمال الذين يشكلون الجيل الفاعل والنشط في تلك المجتمعات، وهناك قناة تلفزيونية خاصة تعرف بقناة الهرم يقوم من خلالها المنصر ميرلين هيكين بالدعوة على النصرانية بشكل سافر وعلني.
أبرز المنظمات:
أما المؤسسات التنصرية في قيرغيزستان فهي:
فاسكريزينسكي سابور: وهي من أنشط المؤسسات التنصرية منذ عام 1944.
البابتيست: بلغ عدد الشباب المنضمين إلى هذه المنظمة التنصيرية في عام 1992 حوالي ألفي شاب ووصل عددهم في عام 1993 إلى ثلاثة آلاف شاب، أما اليوم فهم فوق هذا العدد بكثير.
أدفانتيست اليوم السابع.
النصارى البرسبيتر: وهي إحدى المنظمات التنصيرية وأكثرها نشاطاً ويشكل الكوريون 70 % عناصر هذه المنظمة.
طريق المون (القمر).
كنيسة أبوستون العالمية الجديدة: وأكثر عناصرها من ذوي الأصول الألمانية.
وهناك العديد من المجموعات التنصيرية مثل نصارى الملقان، ومجموعة النصارى البرمورتسي، ومجموعة الليتيرانيو، والنصارى الأنجاليسكي، وجمعية بوتي بودو التي يشكل أكثريتها الكوريون.
أما أكثر هذه المجموعات نشاطاً خارج المنظمات التنصيرية فهي: البوذوين وعبدة النار وفي العاصمة بيشكيك ينشط الهبائيون القادمون من سنغافورة والفليبين والإكوادور وطاجيكستان وروسيا والرهبان التابعون لتعاليم كريشنا القادمون من الهند. ويعمل البوذوين والرهبان التابعون لتعاليم كريشنا على جذب الناس إليهم عن طريق الأحاسيس الصوفية في المناطق الشمالية التي يشتد فيها التحلل الديني والاجتماعي في البلاد، خاصة حول الفنادق الفخمة والمتاجر الكبيرة.
الأوزبك .. والمنصرون:
أما المجموعات التنصيرية العاملة في أوزبكستان فهي: جمعية اللوثريين، والمعموديون والنصارى الإيفانجيليون، وأدفانتيست الأيام السبعة، وكنيسة الروم الكاثوليك، وكنيسة الحواريين الجدد، وشهود يهوه، وكنيسة النصارى البرسبيتر، وكنيسة النصارى البروتستانت، وكنيسة نصارى الإنجيل التام.
بدأت عمليات التنصير في أوزبكستان على شكل توزيع الكتب والمساعدات المادية واستمر بعد ذلك طبع الإنجيل وكتب التعريف بالنصرانية وتوزيعها، ونتيجة لذلك لوحظ في الأعوام الأخيرة زيادة عدد المتنصرين من الأوزبك.
منظمات في تركمانستان:
وفي تركمانستان تنشط ثلاث منظمات تنصيرية تأتي على رأسها منظمة كنيسة البابتيست. وقدمت ترجمة الإنجيل إلى اللغة التركمانية في عام 1993 وبدأ توزيع الترجمة في جميع أنحاء البلاد. وإلى جانب ذلك أسفرت جهود أربعة من الرهبان إنجليزيين وأمريكيين عن افتتاح كنيسة علقت عليها لوحة (المسجد المسيحي) في حي غاجا الذي يوجد فيه جامع الأقصى بالعاصمة عشق آباد. كما اشترت هذه المجموعة أرضاً قرب مطار عشق آباد كي يبنوا عليها كنيسة جديدة، ويقوم المنصرون بنشاط مكثف في الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية التي يرتادها النصارى في وسط مدينة عشق آباد.
شهود يهوه:
وينشط شهود يهوه في آسيا الوسطى خصوصاً في جمهوريتي قازاقستان وقيرغيزستان كما يوجد نشاط ملحوظ لهم في تركمانستان، أما أكثر المناطق التي ينشط فيها شهود يهوه في قيرغيزستان فهي بيشكيك ونارن وطوقماق وقاراقول وباليقجي وقرا بلطه صوقولوق، وتقوم هذه المجموعة بطبع كتاب (نصوص مختارة من الإنجيل والتوراة والزبور) لدى شركة (الكتاب المقدس) التي أنشئت في إسطنبول باللغات القازاقية والقيرغيزية والتركمانية وتوزيعها على الناس مجاناً، بدأ توزيع نسخ مجانية من هذا الكتاب عام 1992 حيث يطرق عناصر هذه المنظمة بيوت المدينة بيتاً بيتاً ويقدمون نسخة مجانية من هذا الكتاب.
كما تجند المنظمة كثيراً من طلاب الجامعات والمدارس المتوسطة وتوزع عليها المكافآت والجوائز.
عجز القوانين:
وتقف القوانين الحالية في جمهوريات آسيا الوسطى عاجزة أمام النشاطات التنصيرية حيث تنص الدساتير التي أعدت إعلان استقلال هذه الدول عام 1990 م على أن الدولة تنظر إلى جميع الأديان بنفس المنظار، وتحمي حرية العقيدة وحرية التبليغ الديني، وتعمل المنظمات التنصيرية في هذه الدول استناداً على هذا الحق الذي تنص عليه الدساتير على قدم المساواة مع أتباع الدين التقليديين، وقد بدأ الشعب الطاجيكي في مقاومة هذه المنظمات بقوة.
وفي قيرغيزستان أثار اعتناق أربعة من القيرغيز، من أصول أوزبكية النصرانية وبلوغ عدد المتنصرين مائة وثلاثين، ثائرة جماهير الشعب في قيرغيزستان وطلبت من المتنصرين ترك المدينة، وألقت السلطات التركمانستانية القبض على منصرين كانوا يمارسون نشاطاتهم بصورة غير رسمية واقتادتهم إلى المحكمة كما تطرقت لجنة الأمن القومي في قازاقستان في تقريرها السنوي من عام 2000 إلى المنصرين الأجانب الذين ثبتت نشاطاتهم التجسسية تحت ستار الدين وسعيهم إلى فرض أفكار تتعارض مع دستور البلاد وقرار الحكومة طردهم خارج البلاد.
وعلى غرار ما يحدث في آسيا الوسطى فإن هناك نشاطاً محموماً للمنظمات التنصيرية في هذه البقايا المهمة من العالم، ذلك أن معهد (ترجمة الإنجيل) أنجز ترجمة الكتاب المقدس إلى لغات الأديغة والقبرطاج والأوسيتين والقرة جاي مالشيان والنوغاي والأون واللزجي والقوموق واللاك والدارجين والطبرستان والصاخور والروتول الجول والأندي وعدد من اللغات الأخرى، ويواصل المعهد ترجمة الإنجيل إلى لغات الشعوب الأخرى في المنطقة، وقد اختار المنصرون بصورة خاصة المناطق الغربية والوسطى من القوقاز، كي يمارسوا نشاطهم المحموم بين فئات الشعب، فكان الوضع المادي والمعنوي السيئ للأذربيجانيين على وجه الخصوص المناخ الذي يبحثون عنه.
8 آلاف تنصروا:
ونتيجة لهذه النشاطات والدعم المادي المكثف من الخارج وصل عدد معتنقي النصرانية في أذربيجان وحدها إلى أكثر من ثمانية آلاف كما يواصل المنصرون جهودهم في منطقة ناخجيوان المستقلة ذاتياً على شكل مساعدات إنسانية يسعون من خلالها إلى إجراء تغيير في عقائدهم الدينية، وتختار منظمة (أردا للمساعدات الإنسانية) جيل الشباب كي تقوم بنشاطاتها التنصيرية عبر تنظيم دورات لتعليم اللغة الإنجليزية وتصدر المنظمة مجلة (الإدراك والتبشير).
وتشير المعلومات التي أعلن عنها مركز الأبحاث الدينية في أذربيجان إلى أن عدد المساجد في العاصمة باكو يبلغ 15 مسجداً فيما وصل عدد الكنائس في هذه المدينة إلى سبع ويبلغ عدد المنظمات العاملة بصورة رسمية في البلاد أكثر من ثلاثمائة منظمة منها مائتان وستون منظمة إسلامية، وما بقي منها منظمات نصرانية ويهودية وكريشنية وبهائية، أما عدد المنظمات غير الرسمية فيبلغ حوالي تسعمائة منظمة، ومن الغريب حقاً أن يواصل (معهد الإنجيل في باكو) التابع لجامعة باكو الرسمية نشاطه التنصيري على الرغم من قرار إغلاقه من قبل الدولة بصورة رسمية.
ويلاحظ أن المنظمات التنصيرية في أذربيجان توجه نشاطها المكثف إلى فئات الشباب والعوائل الموسرة ذات التأثير اللغوي واللاجئين الأذربيجانيين والأطفال الذين يتعلمون في دور الحضانة وبيوت الأطفال وطلاب الجامعات الذين يحصلون على منح دراسية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد