بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة في الله: إن الغربَ يُريدُ القضاء على هذا الدين، وذلك من خلالِ إيجادِ أذنابٍ, لهم يحملون فكرهَم، ويتبنونَ أطروحاتهِم، ومن خلالِ المرأةِ وتحريرهِا المزعوم، واليومَ نتحدثُ عن دورِ المنهزمين المتغربين من أبناءِ جلدتنا، ونبينُ أساليبَهم في إفسادِ المرأةِ المسلمةِ، يقول حُذَيفَةُ- رضي الله عنه-: ((كَانَ أَصحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسأَلُونَهُ عَنِ الخَيرِ وَكُنتُ أَسأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ قِيلَ لِمَ فَعَلتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَنِ اتَّقَى الشَّرَّ وَقَعَ فِي الخَيرِ)). رواه أحمد [1]
أيٌّها الأخوةُ في الله: لهؤلاءِ المفسدين وسائلَ لتحقيق مآربهم، وتمريرِ أفكارِهم في المجتمع، نذكرُ بعضاً منها مما يسمحُ به المقام، فمن أبرزِ وسائلهِم، والتي ركزوا عليها جهدَهم، وأنفقوا عليها أموالَهم، وسخَّروا لها أموالَ غيرِهم ووجاهتَهم:
1- وسائلُ الإعلامِ المختلفة، سواءً كانت مسموعةً أم مقروءةً أم مرئية،..يقول الله جل جلاله: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبٌّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ)) [النور: 19].
لقد دأب الإعلامُ بوسائلهِ المختلفةِ، على تصويرِ المفاهيمِ الإسلاميةِ الخاصةِ بالمرأةِ تصويراً يحطٌّ من قدرِها، وينتقصُ من صلاحيتِها، ويشككُ في قدرتهِا على الاستجابةِ لمتطلباتِ الحياةِ العصريةِ، ويُحقِّرُ من شأنهِا، ويصوِّرُ أن المرأةَ المسلمةَ مهضومةُ الحقوقِ، مهيضةُ الجناحِ!! ليتظاهرَ الإعلامُ بكلِ قنواتِه، بالدفاعِ عنها والبحثِ عن حقوقِها، وإثارةِ قضايا مفتعلةٍ, كضرورةِ تحريرِها من القيودِ، ومساواتهِا بالرجـالِ!! بالإضافة إلى إلقاءِ شُبهاتٍ, حول أحكامٍ, إسلاميةٍ, معينة، تُزرع في حسِ المرأةِ لتراها عبئاً ثقيلاً، تتمنى الخلاصَ منه! ففي تعليمِ المرأةِ وعملِها، اضطلع الإعلامُ بدورِه في بناءِ مفهومٍ, خاطئ عن قرارِ المرأةِ في بيتِهاº
فالمرأةُ المتفرغةُ لشؤون بيتِها والحدبِ على أطفالهِا، رعايةً وتعليماً بكلِّ ما يمثلهُ هذا الدورُ المنزليُ، من حضورٍ, فاعلٍ, ومؤثر، لا يُعترفُ به إعلامياً!! ولم يتحدث الإعلامُ عن الآثارِ الخطيرةِ التي جنتها الأمةُ من خروجِ المرأةِ للعملِ، ووكلِها تربيةَ الأبناءِ للخادماتِ ودورِ الحضانةِ، ولم يُعالج هذا الخطرُ المحدقُ بالأمةِ إعلامياً، ومثلما صوَّر الإعلامُ قرارَ المرأةِ في بيتِها بأنهُ أداةُ تعطيلٍ, لطاقاتِ المرأةِ، وعزلٍ, لها عن المجتمعِ، دعا أيضاً إلى ضرورةِ التعليمِ المطلقِ للمرأةِ، ومنحِها فرصِ التعليم حتى في مجالاتٍ, لا تتناسبُ مع طبيعتِها الأنثويةِ، ومن ثَمَّ إيجادُ سيلٍ, هائلٍ, من الخريجاتِ اللاتي يُطالبن بفرصِ عملٍ,، و الحجابُ الذي قال الله فيه: ((يَا أَيٌّهَا النَّبِيٌّ قُل لِأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ)) [الأحزاب: 59].
- مثلاً - صوَّرهُ على أنهُ عادةٌ شعبيةٌ يتوارثها الأجيالُ، ومعضلةٌ حقيقيةٌ تقفُ عائقاً في طريق هذه المرأةِ، نحو النهوضِ والتعلٌّمِ والارتقاءِ ونحوهِ، ولم يقف دورُ الإعلامِ عند تصويرِ الحجابِ بهذه الصورةِ الخلفيةِ الرجعيةِ، بل تراهُ يدعو مباشرةً أو غيرَ مباشرة إلى التعري، ونبذِ الحياءِ، وهذا سبيلٌ من أقوى وأقصرِ سبلِ امتهانِ المرأةِ، ثُمَّ تعدى ذلك إلى إيذاءِ المحجباتِ تصريحاً أو تلميحاً، ففي الوقت الذي يدندن الإعلامُ حولَ إعطاءِ المرأةِ حريتَها المسلوبةَ، تتلونُ هذه الدندنةُ وتصبح هجمةً شرسةً، يُمارسها الإعلامُ ضد كثيرٍ, من المحجباتº كما هو الحالُ مع فئةِ التائباتِ اللاتي أعطى الإعلامُ نفسَه حقَ التحدثِ، حتى عن نواياهُنَّ، وما تنطوي عليه قلوبهُنّ، أمَّا التعددُ: فليس بوسعنا تجاهل طرحِ الإعلامِ له، بصورة متشنجةٍ, وعدائيةٍ,، تزرعُ في حسِّ المرأةِ شعوراً بأنَّ التعددَ حكمٌ شُرع عليها لا لهاº وذلك بعرضهِ المستمر للمشاكلِ والآثارِ الاجتماعيةِ السيئةِ للتعدد، بدءاً بكمٍ,ٍّ, هائلٍ, من قصصِ النزاعِ بين الزوجاتِ وضرائرهِنّ وأزواجهِنّ، وانتهاءً بحالاتِ التيهِ والضياعِ التي يتعرضُ لها أبناءُ الأزواجِ المعدِّدين، والذين ينشئون بين عواصفَ مهيبةٍ, من الشقاءِ العائلي، بينما يمارسُ الإعلامُ تجميلَ حالةِ أولئك الذين يتبعون رغباتهِم، بطرقٍ, حيوانيةٍ, وتحسينَهاº على الرغم من أن نتيجتَها غالباً ما تكـون جملة من انحرافاتٍ, ورذائل، وجمهوراً من أطفالٍ, غيرِ شرعيين! وأمراضاً فتَّاكةً، ينقلها الزناةُ من الرجالِ إلى زوجاتهِم الطاهراتِ العفيفاتِ!!
بل تعدى الأمرُ إلى ما هو أعظمُ من ذلك بكثيرº عندما راح المخرجون ينتقون من بناتِ المسلمين، ممن تتراوح أعمارُهُن بين الثانيةِ والحاديةَ عشرةَ أو تزيد قليلاً، ومن أسرٍ, مسلمةٍ, ينتقونهنَّ، ليقدمن الرقصَ والأناشيدَ والأغاني، وهنَّ في أبهى الحللِِ وأجملِِ الجمالِ، وقد ألبسوا ذلك ثياباً تظاهروا فيها بالبراءةِ والنقاءِ، والطهرِ والصفاء، وأنَّ هذه مسارحُ أطفال، وأنتم تظنون ظنَّ السوءِ، وقد كشف اللهُ - تعالى -في غيرِ موضعٍ, دعواهم تلك، فقال جل في علاه: ((وَإِن يَقُولُوا تَسمَع لِقَولِهِم)) ويا تُرى كيف سيكون حالُ هذه الفتاةِ إذا كبرت؟! إلى أين ستتجهُ إن لم تتداركها عنايةُ اللهِ ورحمتُه؟! يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلٌّ مَولُودٍ, يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو يُنَصِّرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ )) [2]
وينشأ ناشئُ الفتيان فينا*** على ما كان عودهُ أبوه
أيها الأخوة في الله:
إنَّ البرامجَ الموجَّهةَ للمرأةِ المسلمةِ عبرَ وسائلِ الإعلامِ، لا تعكسُ قيمَ المجتمعِ المسلمِ الذي تظهرُ فيه وتروَّجº بل تكرسُ نموذجَ المرأةِ الغربيةِ، وتظهرهُ بصورةٍ, ترسخُ في الأذهانِ على أنَّهُ هو النموذجُ القدوة، تقولُ إحدى المتخصصات في دراسةٍ, لها: (إنَّ التركيزَ في هذه المجلاتِ منصبٌ على النماذجِ الغربيةِ للمرأةِ، ويروجُ القيمَ الاستهلاكيةَ الغربيةَ، من خلالِ الموادِ الإعلاميةِ، والإعلاناتِ التي تقدمها: كالأزياءِ، والمكياجِ، والعطور، إلى آخرِ ما ذكرتهُ هذه الدراسةُ المهمة) [3]وهذا التكريسُ كان سبباً طبيعياً، ومباشراً لما نراهُ من تغيرٍ, في سلوكِ بعضِ نساءِ المسلمين وفتياتهِم، جاءَ في تقريرٍ, لليونسكو - وهي منظمةٌ غربية تدعو إلى التغريب، قولهُم: (إنَّ إدخالَ وسائلَ إعلامٍ, جديدةٍ,، وبخاصةٍ, التلفزيونُ في المجتمعاتِ التقليديةِ، أدَّى إلى زعزعةِ عاداتٍ, ترجعُ إلى مئاتِ السنين، وممارساتٍ, حضاريةٍ, كرَّسها الزمن).
وصدقكَ وهو كذوب، انظر إلى تهلهلِ حاجزِ النفرةِ من الكفار، ليصبحَ مكانَهُ محاكاتهُم، واتباعُ عاداتهِم وتقاليدِهم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لَتَتبَعُنَّ سَنَنَ مَن كَانَ قَبلَكُم شِبرًا بشِبر وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ, حَتَّى لَو دَخَلُوا جُحرَ ضَبٍّ, تَبِعتُمُوهُم، قُلنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَن)) [4]
2- ومن وسائلهم: تحويلُ المعركةِ من أنَّها حربٌ على الإسلامِ، إلى أنها حربٌ ضدَ العاداتِ والتقاليدِ، لأنَّهم يُدركون أنَّ المجتمعَ لا يُريدُ إلاَّ الإسلامَ ـ ولله الحمد - فحولوا المعركةَ، بزعمهم أنَّ ما عليه الناسُ ما هو إلاَّ عاداتٌ وتقاليد، وهم لا يقصدون بذلك إلاَّ الإسلامَ، والإسلامَ فحسب، يقولُ الله جل في علاه: ((وَلا تَلبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُم تَعلَمُونَ)) [البقرة: 42].
وهذا تحذيرٌ من الله - تعالى -لهم من أن يلبسوا، أيّ يخلطوا الحقَ بالباطلِ حتى يشتبهَ على عوامِ الناس، وذلك أنَّ أكثرَ الضلالاتِ لا تروجُ على الناس، ويتفاقمُ شرُها إلاَّ بسببِ هذا الخلطِ الذي يضيعُ به وجهُ الحقِ، استمع يا رعاك الله إلى ما يقولُه أحدُهم لتدركَ حجمَ المؤامرةِ، يقول: ((علينا إذاً تحريرُ المرأةِ من كثيرٍ, من قيودِ العاداتِ والتقاليدِ، وكثيرٌ منها لا أصلَ شرعيَّ لها، بل جاءََتنا من عهودِ السلاجقةِ والعثمانيين، وعلى سبيلِ المثالِ فإنَّ كشفَ الوجهِ مسألةٌ خلافية، )) [5].
فهل الحجابُ عادة؟ !! ويتباكى أحدُ الرافضةِ على وضعِ المرأةِ في المجتمعِ الإسلامي فيقول: ((ربما يصعبُ علينا الإقرارُ بأنَّ وضعَ النساءِ في مجتمعِنا لا يُطابقُ المعاييرَ التي يتفقُ عليها العُقلاء)). وقال: ((وأظنٌّ أنَّ كثيراً مما يُكتبُ أو يقالُ في عددٍ, من المجتمعاتِ الإسلاميةِ، حول حقوقِ المرأةِ في الإسلامِ، ليس سوى تبريرٍ, لحرمانهِا من هذه الحقوق)) [6].
وقد تبين لنا أنَّ الرافضةَ أعداءٌ للإسلامِ من قديمِ الزمانِ، فكيف إذا اجتمع رفضٌ ونفاقٌ؟!!
3- ومن وسائلهم العجيبةِ: أنَّ كثيراً من مطالبهِم تُغلفُ بحرصهِم على خصوصيةِ المرأةِ، وعدمِ تعريضِها للرجال، كما قال - تعالى -: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُم لا تُفسِدُوا فِي الأَرضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحنُ مُصلِحُونَ. أَلا إِنَّهُم هُمُ المُفسِدُونَ وَلَكِن لا يَشعُرُونَ)) [البقرة: 11-12].
وصدق القائل:
أختاه كيف ظننتِ أنَّ معربداً*** يسعى بمؤمنةٍ, لأمـرٍ, سام؟
قد يدعي معنى العفافِ مخادعٌ*** ويصوغُ فلسفةَ الأمانِ حرامِ
4- ومن وسائلهم محاولةُ نشرِ الاختلاطِ في المجتمعِ، وتعويدِ رؤيةِ الناسِ له، والمطالبةُ بإلغاءِ أن يكونَ هُناك يومٌ للرجالِ وآخرُ للنساءِ، في أماكنِ النزهةِ ونحوهِا، والضربُ على هذا الوترِ من خلالِ المشاهدِ الساخرةِ في التلفازِ، والكتابةِ في الصحف، انظر إلى الاختلاطِ في المطاعمِ العائليةِ والمستشفياتِ، والطيرانِ والحدائقِ والمهرجاناتِ ونحوهِا.
قال ابنُ القيم ـ - رحمه الله - ـ: (لا ريبَ أنَّ تمكينَ النساءِ من اختلاطهِنَّ بالرجالِ، أصلُ كلِ بليةٍ, وشر، وهو من أعظمِ أسبابِ نزولِ العقوباتِ العامةِ، كما أنَّهُ من أسبابِ فسادِ أمورِ العامةِ والخاصةِ، واختلاطُ الرجالِ بالنساءِ سببٌ لكثرةِ الفواحشِ والزنا، وهو من أسبابِ الموتِ العامِ، والطواعينِ المتصلة) [7]
5- ومن وسائلهم الاستفادةُ من الأقوالِ المرجوحةِ من فتاوى العلماءِ التي توافقُ أهواءَهم، لتمريرِ أهدافِهم في المجتمع المسلمِ، الذي لا يثقُ إلاَّ في كلامِ العلماءِ، وفى ذلك يقولُ أحدُهم: ((إنَّ كثيراً من دولِ العالمِ الإسلاميِ، قد سبقنا في الوصولِ إلى حلولٍ, جذريةٍ, في مسألةِ الحجابِ، وكشفِ الوجهِ، وميادينِ عملِ المرأةِ وقيادتهِا للسيارة، ولا أرى بأساً من الاستفادةِ من تجاربِ الآخرين، والأخذِ بما هو مقنعٌ، وفى حكمِ المنطقِ والمعقول)) [8]. فهو إذاً لن يأخذَ بكلِ شيءٍ,، بل بحدودِ منطقِه هو، وعقلِه هو، يقول الله ُ- سبحانه -: ((إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ وَلَقَد جَاءَهُم مِن رَبِّهِمُ الهُدَى)) [النجم: 23].
والله - تعالى -يقول: ((أَفَتُؤمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَتَكفُرُونَ بِبَعضٍ, فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم إِلَّا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ القِيَامَةِ يُرَدٌّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ, عَمَّا تَعمَلُونَ[[البقرة: 85].
وفي هذا تهديدٌ لهم ولجميعِ أمةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - من سلوكِ هذه المسالكِ المنحرفةِ بمعاملتهم كتابَ اللهِ وفقَ أهوائهم، يؤمنون بما يناسبُهم ويوافقُ أهواءَهم ومصالحَهم الشخصيةَ، فيعملون به وينفذونه، ويطرحون ما سواه، كأنه ليس من وحي الله في شيء، [9]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية
6- ومن وسائلهم المطالبةُ بالنوادي النسائية: وفى ذلك تقولُ إحدى الكاتبات: ((ما زالت النوادي النسائيةُ في طريقِ البداية، حيثُ تعتمدُ على التمارينِ الرياضيةِ التي تمارسُها السيدات لإنقاصِ أوزانهِن، إلاَّ أنَّ البعضَ منها أدخلت خدماتٍ, جديدة، مثل الحماماتِ التركيةِ، ورياضةِ السباحةِ، ولعبةِ التنسِ الأرضي وغيرها، ولكن أعتقدُ أنَّ مثلَ هذه النوادي ستكونُ أكثرَ تطوراً في المستقبل، بحيث تتيحُ للعديدِ من الشاباتِ والسيدات مزاولةَ الأنشطةِ الرياضيةِ مثل كرةِ السلةِ أو كرةِ القدم، ولن تستغربَ أن تكونَ هُناك بعضُ المسابقاتِ والدورياتِ بين هذه النوادي))[10] أما هذه النوادي فإنَّها تنطوي تحت لواءِ المستشفياتِ الخاصةِ والفنادقِ، وصالوناتِ التجميلِ والجمعياتِ النسائية.
7- ومن أساليبهم أنَّهم استغلوا وجودَ عاداتٍ, وتقاليدَ في المجتمع: تضطهدُ المرأةَ ولا تعطيها حقَها، كظلم الزوجاتِ وعدمِ العدلِ بينهن، أو عدم إعطائِهنَّ حقهَن، من الميراثِ، أو استغلالِ بعضِ الأزواجِ لأموالِ زوجاتهِم، أو التغالي في المهور، فنفثوا من خلالهِا سمومَهم، ووجهوا سهامَهم نحوَ الإسلامِ، والإسلامُ من هذه التصرفاتِ الفرديةِ برئٌ كبراءةِ الذئبِ من دمِ يوسفَ- عليه الصلاة والسلام -.
8- ومن أساليبهم محاولةُ قتلِ الغيرةِ في قلوبِ الناس: وذلك من خلال تصويرِ الغيورِ بأنَّهُ رجلٌ رجعي، وغيرُ مواكبٍ, للقرن العشرين!! كما يُصوَرُ الرجلُ القليلُ الغيرةِ أو عديمُها من خلالِ المشاهدِ التلفازيةِ، بأنَّهُ رجلٌ متحضرٌ، فيؤتى به مثلاً على الشاطئ، وقد جلسَ هو وزوجتُه المتبرجةُ أمامَ الناسِ، وقد جلسا يتضاحكان ويتناولان الشايَ، بل تعدى الأمرُ إلى أن تكونَ الغيرةُ هي الوأدُ الجديدُ في هذا القرنِ، فيقولُ أحدُهم: يعودُ وينتشرُ بعد أكثرَ من أربعةَ عشرَ قرناً وأدُ البناتِ، الغيرةُ وعدمُ الثقةِ وتقاليدُ المجتمع، [11] ويقول أحدُهم: من عيوبِ الزوجِ العربي الغيرةُ [12]، وتقول إحدى الكاتباتِ: ماذا لو قالت امرأةٌ: هذا الرجلُ صديقي!! [13] ويقولُ آخرُ: الفضيلةُ والكرامةُ تعترضان مسيرةَ النجاح، [14] أيُ نجاحٍ, هذا الذي يقصدون؟ وأيُ مسيرةٍ, تلك التي يريدون؟ إنَّها مسيرةُ الفحشِ والخنا، والدياثةِ وقلةِ الحياء، ! يقول سَعدُ بنُ عُبَادَةَ: لَو رَأَيتُ رَجُلًا مَعَ امرَأَتِي لَضَرَبتُهُ بِالسَّيفِ غَيرَ مُصفَحٍ,، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((أَتَعجَبُونَ مِن غَيرَةِ سَعدٍ, لَأَنَا أَغيَرُ مِنهُ وَاللَّهُ أَغيَرُ مِنِّي)) رواه البخاري [15]
9- ومن أساليبهم أيضاً محاولةُ تغييرِ المناهجِ والعبثِ بها: يقول أحدُهم: ((طالبتُ يومَ أمسِ بإلغاءِ المناهجِ الدراسيةِ الحاليةِ، بالنسبةِ للبنينَ والبناتِ، حتى نتمكنَ من توفيرِ البيئةِ العلميةِ الصالحةِ لاكتشاف المواهب))[16]
ثُمَّ وصفَ المناهجَ الحاليةَ في نفس المقالِ بأنَّها عقيمةٌ، ! وقال في عنوان (أزمة هذا الجيل "1"): ((ومن أبرزِ العيوبِ التي لا يجبُ أن نُنكرَها ونحنُ نتأمل حياتنَا ثانياً: تأثيراتُ التعليمِ التقليديِ على تكوينِ الشخصية)).
ومن خلالِ المناهجِ الدراسيةِ، يستطيعون فتحَ تخصصاتٍ, لا تناسبُ المرأةَ، وبالتالي إيجادُ سيلٍ, هائلٍ, من الخريجاتِ لا يكون لهنَّ مجالٌ للعمل، فيحتاجُ إلى فتحِ مجالاتٍ, تتناسبُ مع هذه التخصصاتِ الجديدةِ، التي هي مملوءةٌ بالرجال، أو بإقرارِ مناهجَ بعيدةٍ, كلَ البعدِ عن ما ينبغي أن يكونَ عليه تدريسُ المرأةِ المسلمةِ.
10- ومن أساليبهم أيضاً: الاهتمامُ بعملِ المرأةِ ومشاركتِها في جميعِ الميادين:
وفي ذلك يقول أحدُهم: (المرأةُ نصفُ المجتمع، نصفُ الاقتصادِ، نصفٌ قادرٌ على العملِ والعطاء، نصفٌ ندفعُ ثمناً باهظاً إذا ظل معطلاً ومهمّشاً، نصفٌ تتركزُ وتتزايدُ فيه معدلاتُ البطالةِ، مما ينذرُ بوضعٍ, قد يتحولُ إلى مشكلةٍ, اجتماعيةٍ, إذا لم نتدارك الأمر)) [17].
إنَّهم يتذرعون بمشاركةِ المرأةِ في العملِ خشيةَ الفقرِ، والحالةِ الاقتصادية، ومصلحةِ الوطن، وصدق الله - تعالى -إذ يقول: ] الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[(البقرة: 268).
لقد تناسى الخبيرُ الاقتصاديُ أنَّ المشكلةَ ليست في عدمِ عملِ المرأةِ، بل إنَّ ذلك يزيدُها تعقيداً، حيثُ انتشرت البطالةُ بين الشباب، مما يُنذرُ بمشاكلَ اجتماعيةٍ, وأمنيةٍ, بسبب بطالةِ الرجال، وليس النساء، حيثُ إنهنَّ مكفولات في التشريع الإسلامي وللهِ الحمد، لكنَّ هؤلاءِ لا يهتمون لانتشار البطالةِ بين الرجال، بل هاجسُهم الوحيدُ هو إخراجُ المرأةِ من بيتها، تمهيداً لإفسادِها، حيثُ دعا أحدُهم إلى تقديمِ النساءِ في العملِ على الرجال. [18]
أيَّها الأخوةُ في الله: هذه بعضُ أساليبِهم وحيلهِم، التي يستخدمونها لنشرِ الرذيلةِ ومحقِ الفضيلة، وإنَّما سلكوا هذه المسالكَ، لأنَّهم فئةٌ قليلةٌ لا يستطيعون المواجهةَ، خوفاً من غضبةِ المجتمعِ الذي لا يريدُ إلاَّ الإسلامَ والإسلامَ فحسب، الذي صلح به حالُ سلفِ الأمةِ حتى قادوا العالمَ، وفتحوا الأمصار، ولكنَّ هؤلاءِ حتى يخادعوا الأمةَ ولا يفتضَحُ أمرُهم، لبسوا ثوبَ الإصلاحِ، ورفعوا لواءَه، وحملوا رايتَه لتمرير أفكارِهم السيئة، وأهدافِهم الخبيثة، يقولُ الله - تعالى -: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُم لا تُفسِدُوا فِي الأَرضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحنُ مُصلِحُونَ. أَلا إِنَّهُم هُمُ المُفسِدُونَ وَلَكِن لا يَشعُرُونَ)) [البقرة: 11-12].
(إنَّ كلَ مغرضٍ, يسعى لهدمِ الإسلامِ، وتفتيتِ عقيدتِه، وتحطيمِ أهلِه يتذرعُ ـ دائماً ـ بدعوى الإصلاحِ والعملِ على رفعِ الظلمِ، وإزالةِ البؤسِ، ونشرِ الحريةِ ـ يقصدُ بها الحريةَ البهيميةَ ـ ليصطادَ في الماءِ العكر، وليلبسَ للناسِ جلدَ الضأن من اللينِ، ويفتنَهم فيما يبثٌّهُ عليهم من زخرفِ القولِ غروراً، لقد أر تكسوا في أبشعِ دركاتِ النفاق غايةَ الارتكاسِ، وهم يدرؤون الشبهةَ عن أنفسِهم بدعوى الإصلاحِ، فيسمون الخلاعةَ ومفاسدَ الأخلاقِ، و إباحةَ الخمورِ، واختلاطَ الجنسين، والتبرجَ والتهتكَ، وبثَ الرقصِ والمسارحِ، رُقياً ومسايرةً لروحِ العصرِ والتقدمِ، ويجعلون إباحةَ الزنى حال الرضا ـ والذي يعفي ممارسيهِ من إقامةِ الحدِّ عليهم ـ وبثَ سائرِ أنواعِ الفحشاءِ والمنكرِ حضارةً وتطورا، فيرون أنَّهم مُصلحون بجلبِ كلِّ مفسدة، واستحسانِ كلِ منقصة، تمسكاً بما يراهُ رؤساؤهم، أو تقليداً لأساتذتِهم، فاقدي العقيدةِ الصحيحة، والأخلاقِ الفاضلةِ، وهم في الحقيقة مفسدون) [19]
واللهُ غالبٌ على أمرهِ ولكنَّ أكثرَ الناس لا يعلمون.
----------------------------------------
[1] رقم 23438. وأصله في الصحيحين دون الزيادة الأخيرة.
[2] متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، (البخاري رقم 1385) (مسلم رقم 2658)
[3] أنظر: أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة ص 40-41 للشيخ بشر البشر ـ - حفظه الله - ـ.
[4] متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، (البخاري رقم 7320) و (مسلم رقم 2669)
[5] عكاظ عدد 11921 في 1/1/1420هـ.
[6] عكاظ 11924 في 4/1/1420هـ.
[7] الطرق الحكمية ص 326
[8] الجزيرة عدد (9713) في 17/1/1420هـ.
[9] انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (2/224).
[10] مجلة الجديدة عدد (682) فى21/7/1999م.
[11] انظر: مجلة قطوف عدد (32) شهر شوال لعام 1421هـ.
[12] مجلة سيدتي عدد (510).
[13] مجلة كل الناس عدد (58).
[14] مجلة الحسناء عدد (81).
[15] متفق عليه (البخاري رقم 6846). و (مسلم رقم 1499)
[16] عكاظ عدد (11783)في 6/8/1419هـ
[17] عكاظ 11927 في 7/1/1420هـ.
[18] الرياض 11267 في 14/1/1420هـ.
[19] انظر:صفوة الآثار والمفاهيم للشيخ عبد الرحمن الد وسري - رحمه الله - (2/21) بتصرف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد