بسم الله الرحمن الرحيم
ديكتاتور أوزبكستان إسلام كريموف الذي فتح النار على آلاف المحتجين المدنيين في مدينة أنديجان في وادي فرغانة شرق أوزباكستانº أغدقت عليه واشنطن في السنوات القليلة الماضية بمئات ملايين الدولارات (200 مليون دولار في العام 2002م لوحده) كل هذا باسم "الحرب على الإرهاب".
لذا فلن نرى البيت الأبيض أو وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس توبخ كريموف، ولن تسمع في واشنطن من يدعو لانتخابات حرة في أوزبكستان إلا قلة، إذ في حالة الثورات الملونة كان المطلوب إزالة "الوحوش" لإحلال "الحرية والديمقراطية"، أما كريموف فهو صدام حسين آسيا الوسطى، ورجل جورج دبليو بوش.
ماذا حدث في أنديجان؟
ثلاثة وعشرون رجل أعمال محلي لجأوا إلى الإضراب عن الطعام، اعتقلوا خلال الأشهر الماضية بتهمة "الإرهاب الإسلامي"، وكانوا جزءاً من "إكرامية" مجموعة إسلامية صغيرة قاعدتها الاقتصادية قائمة على الأصول الشرعية، ومباشرة بعدما أسسوا شركة بناء - وعلى ما يبدو أيضاً صندوقاً تعاونياً - لمساعدة السكان المحليين للحصول على بضعة وظائف، تم اعتقالهم.
أدرجت واشنطن الحركة الإسلامية لأوزبكستان (IMU) في قائمة المنظمات الإرهابية، حزب التحرير - الذي لا يتبنى الجهاد المسلح - قد يتم إدراجه قريباً، لأن واشنطن تنحاز دائماً لأدلة كريموف، وفي أوزبكستان فإن أي معارضة ضد نظام كريموف تعتبر إرهاباً!، ويتهم الرئيس الأوزبكي حزب التحرير بتدبير سلسلة التفجيرات - التي أدانها الحزب بشكل عنيف -، بالإضافة إلى صلاتها بالقاعدة!، ووسع كريموف أهدافه القمعية لتشمل أيضاً المجموعة الاقتصادية "إكرامية" وفاء لسياسته القمعية التي حاربت كل ما هو إسلامي.
وقد أسست المجموعة في 1992 من قبل معلم الرياضيات أكرم يلداييف، وهي في الحقيقة جماعة منشقة من حزب التحرير، ويحظى بقبول شعبي كبير في أوساط الشباب المتعلمين، وتتركز دعوته في إخضاع النجاحات والأعمال الاقتصادية لأصول الشريعة، ويلح على أن الجزء من أرباح العمل ينبغي أن يخصص الفقراء والمحتاجين، وقد اعتقل "يلداييف" منذ 1999م، وأنكرت زوجته بشكل قاطع بأن تعليمات وتوجيهات زوجها شجعت على إثارة فتنة سياسية، وأوضحت أن ما حصل لزوجها إنما هو في إطار محاربة الحرية الاقتصادية.
في الخميس الماضي، نظم محتجون قريبون من رجال الأعمال الـ23 مظاهرة لإطلاق سراحهم، وفي اليوم التالي تدفق حمام الدم، وتم إطلاق النار على المحتجين المدنيين، وقتل حوالي 500 ومنهم نساء وأطفال، وأكثر من 200 جريحاً، كان السكان يحتجون على فساد نظام كريموف بسخط، وحملوه مسئولية ظروف معيشتهم المروعة، فيما عاقب كريموف الجميع تحت مظلة "الجماعات الإرهابية"، وقلده البيت الأبيض حرفياً.
وترتبط واشنطن بعلاقة خاصة مع "طشقند " بدأت في منتصف التسعينات أثناء إدارة بيل كلينتون، وفي 1999م دربت القبعات الخضراء قوات خاصة أوزبكية بشكل نشيط، القاعدة العسكرية الأمريكية في خان آباد الأوزبكية ليس لها علاقة بأفغانستان، غير أنها أحد القواعد الرئيسية الحيوية التي تحيط بـ"الشرق الأوسط الكبير"، واستأجرها البنتاغون لمدة سبع سنوات، وينتظر أن ينتهي العقد في أواخر 2008م.
لذا فإن كريموف في أوزبكستان "قطعة مهمة" في رقعة شطرنج النفط والغاز، كحامد قرضاي في أفغانستان، ومن المتوقع أن تكون هناك انتفاضات أخرى في وادي فرغانة، والمرجح أن يطلق كريموف مرة أخرى عنان جيشه الممول أمريكياً، وسيلتزم البيت الأبيض الصمت، وسيكتفي الكرملين بالقول إنها "ثورة خضراء" يجب أن تقمع، وسيعامل أهالي وادي فرغانة كإرهابيين، وسيستمر رامسفيلد في تعزيز "العلاقة القوية" بالبرعم كريموف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد