بسم الله الرحمن الرحيم
ستة آلاف منزل تم تدميرها مع ثلاثة وثلاثين مسجداً إلى ساعة كتابة هذا المقال في مدينة المساجد الصامدة مدينة الفلوجة والتي تشهد عدواناً همجياً بربرياً على أيدي المبشرين بالديمقراطية البائسة في الشرق الأوسط الجديد الذي يُعد لكي يكون مسرحاً تتفرد فيه القوى الظلامية الصهيوأمريكية بمصير هذه الأمة المغلوبة على أمرها والتي وصلت إلى درجة من الذل تثنيها حتى عن مجرد الشجب والاستنكار لما يحصل في أرض العراق وفلسطين من مجزرة رهيبة يتبادل فيها الإسرائيليون والأمريكيون بمشاركة بريطانية سفك دماء إخواننا المستضعفين في هذين القطرين العزيزين من بلاد الإسلام.
إنها يا أيها السادة (هولوكوست) جديدة ومحرقة بشرية رهيبة يمارسها من قد أخبرنا الله - عز وجل - عنهم بقوله (لايرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة)، (يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم) (وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ)، وهانحن نرى صورة مع التحية يهديها العم سام لجميع الشعوب العربية عن حضارته التي يريد نقلها إليهم، وهي صورة مع التحية لجميع الشعوب المسلمة عن المعنى المراد من الديموقراطية حسب وجهة النظر الأمريكية، وهي صورة مع العزاء أيضاً والمواساة لأمتنا التي أصيبت في بعض مفكريها المبشرين بالمشروع الأمريكي الإصلاحي المزعوم في عالمنا العربي الذي سلب من الإرادة والقدرة على التفكير أو الاختيار بفعل عوامل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.
إنني أتعجب من هذه الإنسانية المفرطة لدى الأمريكيين تجاه المسلمين والذي جعلهم يصرون على أن يحملوا لهم مشروع الإصلاح والديموقراطية على أجنحة أحب الطائرات إليهم والتي يفضلون زيارة عالمنا على متنها وهي ديموقراطية تحملها قاذفات (البي اثنان وخمسون) (والإف ستة عشر) (والأباتشي والبلاك هوك) والتي تصب الديموقراطية صباً على مسلمين أبرياء ابتلتهم أمريكا في دينهم وأرضهم وعرضهم ونكلت بهم أشد التنكيل عبر قنابلها العنقودية والانشطارية والقنابل الهيدروجينية والغازات الكيماوية وغازات الهلوسة والأعصاب في قائمة يطول سردها من أنواع أسلحة الدمار الشامل الذي جاءت تبحث عنه في طول العراق وعرضه والذي يبدو أنها أرادت أن تقول لأهل العراق بلسان الحال: هل رأيتم أين وضع صدام أسلحته المدمرة؟ فلما لم يجيبوا ضربت لهم مثالاً بالمقصود من خلال ماتصبه على دورهم وديارهم فحسبنا الله ونعم الوكيل على هذه الدولة الجائرة.
الذي يحدث في الفلوجة مذبحة متعمدة لمدينة كاملة تأبى الرضوخ والتسليم لمعتد متغطرس أراد أن يسوق رجالها كما تساق العبيد ونساءها كما تُساق الإماء، وهي مجزرةٌ إرهابية دوليةٌ تحدث على عين وبصر العالم ويُصور فيها الجاني بصورة المصلح وتصور الضحية بصورة المجرم الأثيم الذي يستحق السحق والاستئصال والإبادة الجماعية، وهي جريمة خالية من جميع المبررات الأخلاقية، وأصحابها ومرتكبوها قد نزلوا إلى أسفل مستويات الأخلاق فقد أصبحوا في درجة أسفل من درجة البهائم والسباع الضارية وإلا كيف يُفسرُ قصف المستشفيات على رؤوس من فيها من الكوادر الطبية والجرحى والمرضى، وتحت أي بند من الممكن أن يوضع قطع الماء والكهرباء ومنع المؤونة والغذاء عن أهلها إلى درجة نشر القناصة حول نهر الفرات لقنص كل من تسول له نفسه الاقتراب للشرب من ماء النهر، وما هي الذريعة التي من الممكن أن تقبل لمنع الأهالي في الفلوجة من دفن موتاهم وعلاج جرحاهم الذين ينزفون حتى الموت.
إن الجواب على تلك الأسئلة يقول لا ذريعة أبداً، وكل ما يمكن أن يُقالَ في هذا السياق هو أن العالم أجمع وليست الفلوجة فقط قد ابتليَ بحضارةٍ, قد انحط أصحابها إلى درجة غير طبيعية من النازية والحقد والكراهية وقد بلغت مبلغاً عظيماً في العلو والاستكبار والغطرسة والاستهانة بالآدميين واحتقار جميع الشعوب المسلمة والاستهانة بها مما يشي بإذن الله - تعالى -بقرب زوال هذه الإمبراطورية الغاشمة التي قد حملت على كاهلها من المظالم والجرائم والآثام مالا يحصيه إلا الله تبارك وتعالى، وهذا العتو والعلو والإفساد إنما هو المقدمة لإرهاصات مستقبل مظلم ينتظر هذه الحضارة التي لن تبتعد كثيراً عن مطارق السنن الإلهية التي عصفت بأمم حوت من البأس والقوة ما قد أخبرنا به الله- تبارك وتعالى -في محكم التنزيل.
إنه ورغم الجراحات العظيمة التي أُصيب بها أهلنا في العراق عموماً وفي الفلوجة خصوصاً وقبلهم أهلنا في أكناف بيت المقدس إلا أنني على يقين بأن الشمس بإذن الله ستشرقُ من جديد، وإن نور الحرية الحقيقي يسطع في سماء بيت المقدس وأختها الفلوجة حيث يسكب الأبطال هناك الدماء القانية لتكون مشعلاً يضيء عناقيد الضياء في العالم من جديد، وايم الحق إن ما اختاره أهل الفلوجة خصوصاً وأهل العراق عموماً من المقاومة لهي السبيل الحق الذي لا يملك معها أي أحد مهما كان قدره أن يصادرها منهم وما يجرمهم في مقاومتهم إلا من أعمى الله بصيرته وطمس على قلبه.
ألا وإن الأمل بالله كبير في أن يثبت هؤلاء المدافعين عن كرامة الأمة وأن يمدهم بعونه وليس بعزيز عليه - سبحانه - أن يذل الظالم المستكبر الجائر المحتل على يدي المظلوم الضعيف الجائع.
جريدة المحايد في عددي26شوال-4ذي القعدة 1425هـ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد