حتى تنجح المقاطعة... !


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد تفاجأ العالمُ الإسلامي بإقدام بعض الصحف الأجنبية على رسم صورٍ, للحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بكلِّ جرأةٍ, ووقاحةٍ, وبكلَّ استهتارٍ, بمشاعر المسلمين، ولا شك أن هذا الفعل الشنيع عبارةٌ عن واقعٍ, يعيشه الغرب ألا وهو: الحقد والكراهية للمسلمين ولرسول رب العالمين عليه أتم الصلاة والتسليم...

ولقد كانت ردود أفعال المسلمين تجاه هذه الجريمة الشنعاء إيجابية للغاية فبعض الدول سحبت سفيرها من تلك الدولة وبعض الدول قاطعت منتجات تلك البلاد...

وتأثر الناس غاية التأثر بما حصل فالجميع مستنكرٌ ومتألمٌ وقد رفعوا شعار ((إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) فمحبته عظيمة في القلب بل هي أعظم من محبة النفس والأهل والمال والولد كيف لا نحبه وهو نبينا وأسوتنا وقدوتنا عليه أتم الصلاة والسلام...

أخي الكريم وأختي الكريمة....

إن من أعظم علامات محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إتباعه - عليه الصلاة والسلام - انظر إلى حال الصحابة - رضي الله عنهم - مع النصوص الشرعية امتثالٌ وتقبلٌ... مسارعةٌ ومسابقةٌ... سمعٌ وطاعةٌ...

أهواؤهم تبعٌ لدين نبيهم  * * *  وسواهمُ بالضد من ذي الحال

تأمل في هذا الموقف الجميل والخلق النبيل الذي تميز به ذلك الجيل- رضي الله عنهم - أجمعين- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ما كان لأهل المدينة شرابٌ حيث حُرمت الخمر أعجب إليهم من التمر والبسر فإني لأسقي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم عند أبي طلحة مرَّ رجلٌ فقال: إن الخمر قد حُرمت. فما قالوا متى أو حتى ننظر قالوا يا أنس: أهرقها ثم قالوا من القيلولة- عند أم سُليم حتى أبردوا واغتسلوا ثم طيبتهم أم سليم ثم راحوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا الخبر كما قال الرجل قال أنس فما طعموها بعد. أخرجه البخاري في الأدب المفرد.

فالمسلم الصادق ينقاد لكلام الله - تعالى - ولكلام رسوله - عليه الصلاة والسلام - قال الله - تعالى -: (قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

قال الحافظ ابن كثير: هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله... ا. هـ.

إن مقاطعة منتجات تلك الدول أمر قد يَسهُل على النفس ولكن الأمر الصعب الشاق تطبيق ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

من السهل أن ندعو للمقاطعة...

ولكن هل سمعتَ أخي الكريم عن مُسلم غضب لله - تعالى - فترك التعامل بالربا امتثالا ومحبةً للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن حصل ما حصل؟!

وهل سمعت عن مسلمة غضبت للحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فتركت التبرج والسفور بعد أن حصل ما حصل؟!

نعم قد يوجد هذا ولكنه قليل وللأسف الشديد...

أخي الكريم أختي الكريمة:

هل من يترك صلاة الفجر في المسجد صادقٌ في محبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه القائل: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة))؟!

هل من يحلف بغير الله صادقٌ في محبته - عليه الصلاة والسلام - مع أنه القائل: ((من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر))؟!

وهل المرأة التي تَنمص حاجبها وهي تعلم تمام العلم أنه - عليه الصلاة والسلام - لعن النامصة والمتنمصة صادقة في محبتها؟!

تأمل معي أخي الكريم وأختي الكريمة هذه القصة العظيمة:

عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنك لأحب إليّ من نفسي وإنك لأحب إليّ من أهلي وأحب إليّ من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتَك عرفتُ أنكَ إذا دخلت الجنة رُفعت مع النبيين, وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك؟ فلم يردَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا حتى نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللّهُ عَلَيهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشٌّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }.

فمن أطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معه في الجنة...

فيا له من أجرٍ, جزيل من البر الرحيم...

وينفطر القلب حزناً وأسى عندما تُحدِّثُ بعض الناس وهم يَدعون إلى المقاطعة عن اللحية مثلاً أو تقصير الثياب فتجده يجيب ببرود يقطع الأكباد: سُنة...

يا أخي الكريم إن لم ننصر السنة في هذا الوقت فمتى ننصرها؟

إن لم نطبق كلامه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت فمتى يكون التطيبق؟

ويا أختي الكريمة: إن لم تطبقي سنته في هذا الوقت فمتى يكون التطبيق؟

فلنبادر

ولنسارع

ولنسابق

ولننافس

على تطبيق سنته - صلى الله عليه وسلم - متذكرين قول الله - تعالى -: (إِنَّمَا كَانَ قَولَ المُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أَن يَقُولُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ)

ومتذكرين قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا, ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا)) [صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه].

لنبدأ من اليوم مع آبائنا وأمهاتنا وأزواجنا وأبنائنا...

إني أحافظ على صلاتي محبةً وامتثالاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -...

إني أحافظ على حجابي امتثالاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -...

إني أطلق لحيتي امتثالاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -...

إني أترك الحلف بغير الله لأن قدوتي وأسوتي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك غاية النهي...

ثق تماما أنك بهذه الكلمات خاصة مع الأطفال الصغار ستغرس في نفوسهم خيرا عظيماً لك أجره بإذن الله - تعالى -

كلماتٌ أسأل الله أن ينفع بها...

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply