الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المتغطرسين، وبعد فإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هالهم وأقض مضجعهم بروز تلك الصور المشينة للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، من الصحيفة الدانماركية ذات الانتشار الواسع والتأثير البارز في توجيه الرأي العام في الدانمارك والدول المجاورة لها، ثم تبعتها الصحيفة النرويجية اليمينية على الرغم من حملة الاحتجاج ومظاهر الامتعاض التي عبر عنها المسلمون كل من موقعه، وبما هو قادر على فعله، فرأينا استخدام أسلوب المقاطعة الاقتصادية الشعبية، واستدعاء السفراء من قبل بعض الحكومات العربية، ثم مخاطبة المسئولين الدانماركيين برسائل الاحتجاج، وما رافق ذلك من سخونة لتناول الموضوع على صفحات مواقع الشبكة الدولية الإنترنت-، بل وتخصيص صفحات خاصة أو إنشاء كيانات لتوحيد الجهود للدفاع عن خير البرية، مما أجبر الصحيفة على الاعتذار بالطرق الملتوية التي تنم عن العجرفة والتعصب مع الحقد التي يحمله القوم، تجاه أطهر وأعف، وأنبل آدمي عرفه وجه هذه المعمورة ألا وهو النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه -، وذلك لا لشيء إلا للنور والهدى الذي جآء به والذي فرض أمره على مر الدهور والعصور وها هو يفرض حضوره على المستوى العالمي، فلا يكاد بيت وبر أو مضر إلا وسمع به، على الرغم من الدسائس والشنآن ومكر الليل والنهار التي تعرض لها من خلال التشكيك في معتقداته وأحكامه أو النيل ممن حمل هم إيصاله للناس ليسعدوا بهداه، وعلى الرغم كذلك من حالة الضعف التي يمر بها المسلمون هذه الأيام، ولا غرابة في ذلك فهذا الدين هو الحق، وهو محفوظ من لدن العزيز الجبار، وهو الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات، وما حاول جبار أو متغطرس النيل منه أم ممن أتى به إلا وقصمه الله، "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون".
إن هذه الحقيقة تفرض علينا نحن المسلمين أن نقوم بالواجب، وأكبر الواجب في مثل هذه الملمات هو الفعل الإيجابي باستثمار الحدث بدل "النحيب"، والشجب والاستنكار امتثالاً لقول الحق جل في علاه: "لا تحسبوه شراً لكم"، مع مخاطبة المتعصبين باللغة التي يفهمونها، كل حسب ظرفه وطاقته، إعذاراً إلى الله، وصيانة لكرامة هذه الأمة وروموزها التي تمتهن كل يوم لأنها هانت في أعين القوم، فاتخذوها كلأ مباحاً يرتع في حرماتها ومقدساتها كل منخنقة وموقوذة ممن أعمى الحقد والحسد بصيرتهم فراحوا يقدمون على مثل هذه الاعتداءات يوماً بعد آخر تحت دعاوى شتىº منها "حرية التعبير"، التي لا يجرؤ أحدهم رغم تشدقه بها- على الاقتراب من الحديث عن وقائع تاريخية لأقوام غير المسلمين.
إن على هذه الهبة أن تستمر حتى يوقف المتعصبون عند حدهم، وحتى لا يجروء غيرهم على الاقتراب من "هوشة" أخرى، أو نقل تلك الصور من صحف بلد آخر، ولنبق مع ذلك يقظين فلا نحسب أن الأمر سيتوقف وإن خمد بعد ردة الفعل، ولتبق أفعالنا وحركاتنا منضبطة رغم الاستفزازات المتكررة هنا وهناك، وهو ما يجعلنا نعيد تسآؤل أحد الكتاب الكرام:من يكره من يا ترى؟ أهم "الغلابة" المقهورون الذين تستباح حرماتهم وأرواحهم كل يوم أم "السادة" المتجبرون الذين يمارسون النكاية بأساليب ووسائل شتى؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد