بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كتب الله لهذا الكتاب مكانةً مرموقةً بينَ كُتب المسلمين، فلا تحصى جهودُ علماء المسلمينَ به، مِن نسخٍ ودراية، وسماعٍ ورواية، وشرحٍ وضبط، وتصحيحٍ وطباعة.
ومِن أصحِّ الطبعات لهذا الكتاب العجاب إلى الآن، هي الطبعةُ الشهيرة المسمّاة بـ: النسخة السلطانية، فقد تلهَّف للحصول عليها والقراءة فيها علماءُ الأمة في العصر الحديث، ولا سيما مَن لهم اعتناءٌ بعلوم الحديث.
تلك النسخةُ التي أمر بطباعتها وعلى حسابه الخاص السلطانُ عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى، وكان قد كلَّف بهذا العملِ الجليل الصدرَ الأعظم والمجاهدَ الفلكيَّ أحمد مختار باشا (ت1919م)، فقد كان هذا الضابطُ هو الذي يقوم بنفسه بالإشراف على المقابلة والتصحيح، وتأمينِ النسخ الخطية مِن هذا الصحيح.
وكان مشرفًا أيضًا على الطباعة شيخ الإسلام محمد جمال الدين أفندي، وعلى كل نسخةٍ من (صحيح البخاري) ختمُه
وقد جعل السلطانُ الطبعةَ الأولى مِن صحيح البخاري وقفًا على علماء الدِّين، فوزِّعتْ مجانًا على أهل العلم وطلبته.
وأترككم الآنَ مع العلامة المحدِّث والمحقِّق الأثري أحمد محمد شاكر، وهو يتكلم عن النسخة السلطانية من (صحيح البخاري)، قال رحمه الله: (هي التي أمر بطبعها أميرُ المؤمنينَ السلطان عبدُ الحميد رحمه الله بالمطبعة الأميرية ببولاق سنةَ 1311، وتمَّ طبعُها أوائلَ الرَّبيعَين سنةَ 1313، في تسعةِ أجزاء، واعتمد مصحِّحو المطبعةِ في تصحيحها على نسخةٍ شديدةِ الضبط بالغةِ الصحة، مِن فروع النسخة اليونينية، وأصدر السلطان عبد الحميد أمرَه إلى مشيخة الأزهر بأنْ يتولى قراءةَ المطبوع بعدَ تصحيحه في المطبعة جمعٌ مِن أكابر علماء الأزهر الأعلام، الذين لهم في خدمة الحديث الشريف قدمٌ راسخةٌ بينَ الأنام، وكان شيخُ الأزهر إذْ ذاك الشيخَ حسونة النواوي رحمه الله، فجمع ستةَ عشرَ عالمًا مِن الأعلام، وقابلوا المطبوع على النسخة اليونينية التي أرسلفها لهم صاحبُ الدولةِ الغازي أحمد مختار باشا المندوب العالي العثماني في القطر المصري).
ومَن أراد الاستزادةَ فليطلعْ على رسالة إنارة المصابيح لقارئ الجامع الصحيح: ص25 ـ الطبعة الثالثة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد