بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يتلخص واجب المسلم تجاه الشائعات التي يتعمد خبثاء ماكرون إشاعتها لغرض خبيث- في الأمور التالية:
الأول: تقديم حسن الظن فالأصل هو حسن الظن بالمسلم مستور الحال حتى تغلبنا البينة على تحمل العكس، يقول الله -تعالى- في سياق حادثة الإفك: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث” (متفق عليه).
الثاني: عدم تصديق الشائعة: وكيف نصدق من يشيع شائعة وقد سماه الله فاسقًا وإن كان صادقًا؛ فقال -عز من قائل-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
فقبل أن يأمرنا -عز وجل- بالتبين من كلامه سماه فاسقًا، لأنه حتى وإن كان صادقًا فقد وقع في جريمة الغيبة، وإن كان كاذبًا فهي النميمة، فهو في الحالين فاسق!
الثالث: مطالبة مشيع الشائعة بالدليل: كما طالبهم به القرآن الكريم حين تكلموا في عرض العفيفة عائشة رضي الله عنها-: (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) وكل كلمة من سوء تقال بلا دليل فهي شائعة مغرضة وزعم كاذب، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بئس مطية الرجل زعموا) (أبو داود).
الرابع: ألا نصغي إلى الشائعة: وقد نعى القرآن الكريم على اليهود أنهم: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ)
فلم يقل الله: “قائلون أو مرددون للكذب” بل ذمهم لمجرد إنصاتهم له! وإن لم يكن ذلك مستهجنًا من اليهود الذين هم قتلة الأنبياء، لكنه غريب ومحزن أن يقع من بعض المسلمين!
الخامس: ألا نردد الإشاعة وألا تجري على ألسنتنا: وهو توجيه الله لمن خاض فيما أشيع عن عائشة: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) وكل مسلم موحد يوقن أنه: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
والإسلام يعتبر المتكلم بكل ما يسمع -بلا تثبت ولا تبين- كاذبًا، فها هو نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- يقول: “كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع” (مسلم)، والجريمة أشنع إن ردد الإشاعة وهو يغلب على ظنه أنها كاذبة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “من حدث حديثًا، وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين” (مسلم).
السادس: أن نزود عن عرض إخواننا: فعن أبي الدرداء، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة” (الترمذي)، فنذكرهم بما نعلم فيهم من الخير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين