بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لماذا ينتحر الإنسان؟ - عائض الدوسري
الانتحار، كما يذكر د. غولدسميث، "عبارة عن فعل مدمر يتجه نحو الذات ويفضي إلى الموت، مع تصميم واضح وصريح على الموت".
قلتُ: والفعل المدمر لا يبدأ هكذا بالانتحار، بل يبدأ بنقد ذاتي سلبي للنفس، وتجريح لها، وبنظرة سوداوية للحياة، وتعويل كبير على نظرة الناس منك.
يقول الدكتور جمال السيد إنَّ الانتحار دلالة على اختلال الشخصية، واضطراب الصحة النفسية، وزيادة في التشاؤم وقلق المستقبل واليأس والتقييم السلبي للذات والنظرة السيئة للآخرين، والشعور بعدم جدوى الحياة، والشعور بالاكتئاب.
وكما يوضح بعض الباحثين الغربيين النفسيين فإنَّ الانتحار هو عدوان موجه نحو الذات، ولأنَّه شخصية سلبية فإنه يقوم بتحويل رغبته الانتقامية ضد بيئته أو ضد الآخرين الذين هم مصدر إحباطه وخيبته وفشله إلى الانتقام من نفسه بعد عجزه عن مواجه ضغوط الحياة!
ويرى بعض الباحثين، مثل فيكتور فرانكل، أنَّ الانتحار يرتبط بفقدان الأمل وغياب المعاني السامية من حياة الفرد، وأنه لا بد أن يكون هناك معنى للآلام والمعاناة التي تعرض لها الإنسان.
قلتُ: مهما تعددت وجهات النظر، فإنَّ المنتحر شخص متألم وحساس جدًا، يخفي ويكبت مشاعره، وينتحر شعوريًا كل لحظة، وحينما يعجز عن مواجهة الحياة أو الناس أو لفت انتباههم واهتمامهم، فإنه كما يقوم بإيلام نفسه من أجل الآخرين أو بسببهم، فإنه سيبالغ في ذلك حتى يصل إلى مرحلة ينهى فيها نفسه.
نفسية المنتحر هي نفسية من يُعول على الآخرين أكثر مما يعول على نفسه، ويهتم برأي الآخرين أكثر مما يهتم برأيه بنفسه، فضلاً عن اهتمامه وملاحظته للآخرين وتعويله عليهم أكثر من الله سبحانه وتعالى، ليصل في النهاية إلى الخذلان، وتنتهي حياته بمأساة حقيقة، والناس أصلاً غير مبالية به.
لا يمكن لنفس أن تنتحر بل أن تحزن حزنًا مرضيًا مزمنًا وهي تعول وتعتد بربها وتثق فيه وتعتمد عليه، ثم تعتد بنفسها، وتعلم أنَّ الناس إذا خالفوا الحق فإنه لا قيمة لرأيهم ولا لتقييمهم ولا لوجهة نظرهم في الإنسان.
إنسان يثق بربه ويتعمد عليه، ثم يثق بنفسه لا تجده تعيسًا ولا مكتئبًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد