بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يمر الإنسان بوميض فناءٍ يغيب فيه عن لحظاته الحاضرة، ويختلف الفناء باختلاف مصدره. فربما يكون المصدر خارجيًا، إي خارج ذاته، فيكون العالم الخارجي هو الوارد وذاته هي المورودة، فإذا كانت وهج الوارد قويًا وضعف المورود؛ حصل الفناء والغياب.
وكما يقول ابن تيمية: "يعتريهم عند قوة الوارد على قلوبهم، وضعف المحل المورود عليه".
ومن هذا الجنس ما حصل لامرأة العزيز ونسوة المدينة مع يوسف عليه السلام، حينما ظهر عليهن يوسف، فغِبْنَ فيه عن أنفسهن، ولم يعد يشعرن بذواتهن وما تفعله الآلة الحادة في أيديهن من التقطيع!
"فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ".
وهناك نوع من الفناء عكسه، وهو غياب الإنسان في ذاته عن عالمه الخارجي، ويكون ذلك في انغماسه في تأمله وعزوفه عن ملاحظة العالم حوله، وغرقه في نوازع النفس، همومها وأحزانها.
"كان غارقًا في عالمه الداخلي إلى درجة أنَّ حواسه كفت عن إخباره بما كان يحدث في الخارج". كولن ولسن
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد