بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
المُصْطَلَحَاتُ الصَّوتيَّةُ في التُّرَاثِ اللُّغَويِّ عِنْدَ العَرَب (دِرَاسَةٌ تَارِيخِيَّةٌ تَأصِيليَّةٌ من القَرْنِ الأَوَّلِ إلى القَرْنِ السَّادِسِ الهِجْرِيّ) رسالة قدمت لنيل درجة الدكتوراه في اللُّغة العربية وآدابها تخصُّص لغويات من جامعة أم القرى،كليّة اللغة العربية،فرع اللغة. إعداد الباحث /عادل إبراهيم عبد الله أبو شعر إشراف د. محمّد العُمَريّ ،وفيما يلي عرض لمكونات البحث، ونتائجه وتوصياته :
مكونات البحث :
انتظمتْ أبوابُ البحث وفصوله كالتالي:
1 ـ التمهيد وتناولتُ فيه:
المصطلح الصوتيّ: نشأته، وتعريفاته، ودلالته، وخصائصه، ومشكلاته. ثمَّ مقدِّمةٌ موجَزةٌ عن تاريخ العلم العربيّ، وهو مدخلٌ رئيسٌ للكشفِ عن تأثير العلوم النَّقلية والعقلية في المصطلح الصوتي.
2 ـ الدراسة التاريخية للمصطلحات الصوتية: وذلك من خلال بابين:
الباب الأوَّل: التأثير في المصطلح الصوتيّ:
هذا الباب يتناوَلُ العلاقات التي تَربِطُ بين العلوم المختلفة التي أثَّرت في المصطلحِ الصوتيِّ من خلال دراسة أشهرِ العلماءِ الذين ساهموا في المعارفِ الصَّوتيَّة، مُظْهِراً بشكلٍ جليٍّ وواضحٍ أن المعارفَ والمعلومات التي توصَّلوا إليها هي التي أفرزت عدداً كبيراً من المصطلحات.
وتناول الباحث فيه رحلة العلم الصوتيّ عند مدرَسَتَين اثنتين شكَّلتا العلم الصوتيّ عند العرب، هما المدرسة النقليَّة والمدرسة العقليَّة، واستعرض في هذا الباب الجهود والمصطلحات والآراء الصوتية لعلماء هاتين المدرستين.
البابُ الثاني: المصطلحاتُ الصَّوتيَّة، ويتضمَّن ستة فصول:
الفصل الأوَّل: أعضاء الصَّوت والنُّطق والاستعمالُ الصوتيّ لها.
الفصل الثاني: الأسس الفيزيائيَّة والنُّطقية للصَّوت والحرف.
الفصل الثالث: صفات الحروف.
الفصل الرابع: تركيب الحروف.
الفصل الخامس: العيوب الصوتية والنطقية والاحترازات عنها.
الفصل السادس: الألقاب الصوتية للحروف الأصلية والفرعيَّة.
الخاتمة، وتتضمن: نتائج البحث، وتوصياته، والفهارس والملاحق.
نتائج البحث :
خرَج البحثُ بنتائجَ مهمَّة، منها:
1 ـ كشَف البحثُ عن اللُّغة الصوتيَّة التي كان يَكتُبُ بها المتقدِّمون، ومن هم أصحابُ التأثير في المصطلح الصَّوتيِّ الذي اشتهرت ألفاظهم واستعملها من جاء بعدهم.
2 ـ كَشَفَ البحثُ من خلال المصطلحاتِ عن الأصولِ النظرية والعملية التي يقوم عليها العلمُ الصوتيُّ عند العرب من خلال الفصول الرئيسة التي تناولَها، فمن ذلك:
أ ـ ملاحظة الظواهر الطبيعيَّة، وذلك من خلال الكشف عن الجوانب الفيزيائيَّة للصوت وكيفيَّة حدوثه وإدراكه والمصطلحات المستعملة لذلك، والقوانين التي تَحكُمُ ذلك.
ب ـ الجانب التشريحيّ والكشف عن أهمِّ المعارف العلميَّة التي توصَّل إليها المتقدِّمون، ومقارنة ذلك بالمعارفِ الحديثة.
ج ـ ملاحظة الحروف ومخارجها وصفاتها والتأثيرات والعلاقات التي تَربِطُ بينها.
د ـ ملاحظة العيوب النُّطقيَّة وكيفية الاحتراز عنها.
3 ـ كَشَفَ البحثُ عن العلائقِ الصَّوتيةِ بين أصحاب العلوم المختلفة من لغويِّين ونحويِّين وبلاغيِّين ومجوِّدين وقُرَّاء وأطباء وفلاسفة وموسيقيِّين.
4ـ كشَفَ البحثُ عن أصولِ الدَّرس الصوتيّ المعاصر، وبيَّن في أكثرَ من موطنٍ أنَّها أصولٌ قديمة، ربَّما تكون أقدم من العرب، وأنَّها تُشكِّلُ حلقةً من حلقات العِلم الصَّوتيِّ على امتداده، وأنَّ الذي اختصَّ بذكر هذه الأصول هم أصحابُ المدرسة العقليَّة، ولذلك أرى أن تُستبدل العناوين التي تدلُّ على: (الحداثة) بـ: (المعاصَرة)؛ لأنَّها هي التي تَصْدُق على علم الأصوات المعاصر.
5 ـ أثبت البحث أن عِلْمَ التجويد هو الحلقة الأخيرة التي يُمثِّلُها العلمُ الصوتيُّ عند أصحاب المدرسة النقليَّة، وأنَّ ظهورَه كان خاتمةً طبيعيَّة لمِا تقدَّمهُ بدءاً من التنبيه على اللَّحن في القرن الأوَّلِ الهجريِّ إلى ظهور أبحاثٍ صوتيَّة في كتب النحو والصرف والبلاغة في القرون التي تلَتْهُ ثم انفرادُه بأبحاثه كعلم صوتيٍّ مستقلّ.
6 ـ يمكن أن تعد هذه الرسالة كنواة وفاتحة لغيرها من البحوث في كل مجالات اللغة، من خلال الرِّحلة التاريخيّة التي مرَّتْ بها المصطلحات الصَّوتية.
7ـ من أهمِّ الأهداف التي حقَّقتها الدِّراسة شرح كلام المتقدِّمين ومقارنته بكلام المعاصِرين حتى يتحقق بذلك التواصل التاريخي.
8 ـ استعانة البحث بالرسومات التوضيحية ساعدت كثيراً في تقريب كلام المتقدِّمين إلى لغتنا الصوتيَّة الحديثة، وهي أحد أهداف الدِّراسة الأساسيَّة.
10 ـ قدَّم البحث خدمةً للعلمِ الصوتيِّ في جمعه المصطلحات الصوتية تحت موضوعات كلِّية وجزئية.
11 ـ كشف البحث عن سعة اللُّغة العربية في معانيها وألفاظِها وذلك من خلال المشترك اللَّفظي والألفاظ المترادفة.
12 ـ أثبت البحث من خلال عرضه للمصطلحات أنَّه يُمكن تحديث مثل هذه المصطلحات، واستعمالها من جديد بلا ضَير في ذلك.
13ـ كشَف البحث عن مصطلحاتٍ صوتيَّة جديدة، وعن استعمالاتٍ مجهولةٍ بعيدةٍ عن مذهب سيبويه، وخاصة للقرَّاء القدامى، وكيفية تعبيرهم عن قراءاتهم.
14 ـ أرجع البحث بعض المصطلحات إلى عصور قديمة يرجع بعضها إلى القرن الأوَّل الهجريّ.
15 ـ كشف البحث عن أساتذة المصطلح الصَّوتيّ في التراث العربيّ من خلال فصوله.
16 ـ أظهر البحث الدَّوائرَ الدَّلاليةَ بين ألفاظ اللُّغة وكيفيَّةَ حركتِها، وأثْبَتَ ارتباطَ المصطلح الصَّوتي في الغالب بأصوله المعجميَّة.
توصيات البحث:
1 ـ جَرَت العادةُ في البحوث العلمية الجامعية أن يَضَع الباحثُ في آخر بحثه النتائجَ التي خرج بها من بحثه وتوصياته حول الموضوع الذي كتبه، وهذه النتائجُ والتوصياتُ منها ما يُعَدُّ معالمَ طريقٍ لِمَن أراد أن يبحث في الموضوع ذاته أو ما يَقْرُبُ منه، وتُوَفِّرُ عليه كثيراً من الجهد في اختيار موضوع رسالته. وحيث إنّه يَثقل على أيّ باحثٍ أن يَطَّلِع على نتائجِ وتوصياتِ جميعِ الرَّسائلِ الجامعيَّة التي قُدِّمَتْ فإنَّ الباحث أقتَرِحُ على كلّية اللُّغة العربية الموقّرة وقسم الدراسات العليا فيها أن تُجمع توصياتُ الرسائل الجامعية التي قدَّمها الباحثون في كافة المواضيع ليَخرُج لنا كتاب يَخدم الباحثين في مسيرتهم العلميّة، وفي اختيارهم لمواضيعهم، ويكون بمثابة دليلٍ إرشاديٍّ لهم والله الموفق .
2ـ يتحتَّم على العلماءِ العالِمين بالتراثِ تَحْديثُ لغةِ العُلُوم الأصيلةِ لتُناسِب تغيُّراتِ العصر ذي الطابَعِ المعرفيِّ الهائِل، وهذا التحديثُ لا يَكونُ في نبذ القديمِ جملةً، والذَّوَبان في ثقافات الغَير، واستبدال مصطلحات المتقدِّمين جميعاً بالمصطلحات الغربيَّةِ المعاصِرة فقط لغلَبتِها.
3 ـ إنّ ما نحتاجُه اليوم هو دراسةُ تراثِنا دراسةً واعيةً فاحصةً متأنيةً على كل مستويات العلوم، وتبويبُ معلوماته وتنظيمُها بشكلٍ واضحٍ ومُيَسَّر، ثم دراسةُ ما قدَّمه علماءُ الغرب من أبحاثٍ صوتيَّة دراسةً فاحصةً متأنيةً، ثم القيام بمقارناتٍ بينها لِنَصِلَ إلى معادلةٍ تُوَفِّقُ بين الماضي والحاضر، ولنَكُونَ بذلك قد قَدَّمْنا خدمةً جليلةً لِلُغتنا المقدَّسة، ورَبَطْنَا أنفسَنا وأجيالَنا بتراثِ آبائنا وأجدادنا، ووَقَفْنَا على أرضيَّةٍ صُلْبةٍ ثابتةٍ، لا تَعصِفُ بها تغيّرات الحاضر السريعة، للوصول إلى علمٍ صوتيٍّ عربيٍّ أصيلٍ بدلاً من الافتيات على موائد الغير كالغراب المقلّد.
4. على الدارسين المعاصرين أن لا يَتعجَّلوا في إصدار الأحكام على العلم الصَّوتيِّ العربيّ، وأن يَنظروا إلى المعارف الإسلامية عامة، قبل استصدارهم لهذه الأحكام، وأن لا يَجْعَلوا قِدَم الزَّمان حجاباً لهم عن العلمِ العربيّ، فالعلمُ يَعْلُو بالقيمة التي يَحملُها لا بالقِدَم والحداثة.
5 ـ من إحدى مشكلات المصطلح في بلادنا العربية أن لا يستطيع أبناءُ اللُّغةِ فهْمَ المصطلحاتِ العربية إلا بمرادفٍ أجنبيٍّ ونتيجة تدريس العلوم التطبيقية بلغةٍ غير العربية، كعلوم الطبِّ والهندسة، وهذا الذي جعل الباحث يتبعُ بعض المصطلحات في الدِّراسة بمرادفٍ أجنبيٍّ لعدم اتفاق الصَّوتيِّين على مصطلحٍ موحّد، ممَّا يقتضي ضرورةَ تفعيل معاجمنا اللغوية، والالتفات إلى تدريس العلوم باللُّغة الأمّ.
6ـ إذا لم يرتبط الصوتيُّون المعاصرون من الدارسين العرب بأبحاث العربية والتجويد ومصطلحاتها التي عنيت بالصَّوت، واقتصَروا على دراسة علم الأصوات المعاصر ومصطلحاته وأبحاثه فسيتسبَّبُون في عزلة أنفسهم عن لغةِ تراثِهم، وإحداث فجوة عميقةٍ بين الأجيالِ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد