من سجل الخالدين

1k
3 دقائق
3 رجب 1441 (27-02-2020)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الشيخ العلَّامة الداعية المجاهد الأديب فضيلة الشيخ علي الحسني الندوي رحمه الله

أبا الحسنِ الذي قد عشتَ فينا = إذا ظمئتْ قوافلُنا مَعينًـا

وإن عوتِ الذئابُ بغابِ كيدٍ = رأينا فيك ياندويْ عرينا

وعشْتَ القرنَ مثلَ البدرِ تهدي = إلى الدينِ الحنيفِ مُضَلَّلِينا

قـد اعترفوا بفضلِك حيثُ قالوا = بعلمِ أبي المآثرِ قد هُـدينا

وفضلُ اللهِ يؤتيه تُقاةً = هُداةً في البريةِ مخلصينا

تحبُّ العرْبَ للإسلامِ فيهم = إذِ اختارَ المهيمنُ صادقينا

أهندِيَّ الجِبِلَّةِ غيرَ مُغْضٍ = فعشْتُم بالشريعةِ محتفينا

ومَن كان النَّبِيُّ له إمامًـا =فقد ألفى لـه النَّهجَ المبينا

كأنَّك يا أبالحسنِ ابتسامٌ = بوجهِ الأولين أتى رزينا

رأينا فيك عنوانَ التآخي = ورمزًا للدعاةِ مثابرينا

حملْتَ! رسالةَ الإسلامِ خيرًا = لِتُغْنِيَ بالحنيفِ المفلسينا

فق غرَّتْهُمُ اليومَ الدنايا = ولجُّوا بالحضارةِ ضائعينا

فَمَحصْتَ المبادئ فاسداتٍ = وعَرَّيْتَ الهوى فيهم مُشينا

سرابٌ في مذاهبِهم مهينٌ = وليس بسوقِ دنيانا ثمينا

وحَذَّرْتَ المضَلَّلَ من خداعٍ = لكيلا يُستَغَلَ ولا يهونا

وفي أسفارِك الإنذارُ دوَّى = لِمَن عن خيرِ دربٍ يسألونا

لك العشراتُ من كُتُبٍ شذاها = كأنفاسِ الهُداةِ الصَّالحينا

وقد أغنَيْتَها حِكَمًـا وعلما = فأحرى أن تكونَ لهم سفينا

بأقصى الشرقِ نجمُك قد تراءى =وأقصى الغربِ وضَّاءً جبينا

فدينُ الله قد أضحى منارًا = وينبوعا لِمَن قد يشربونا

أبو الأعلى أخوك أبو المعالي = أنرتُم أُفْقَ وِجهتِنا سنينا

وَمَنْ أسماؤُهم منحتْ ثباتًـا = علىالإسلامِ صَـدَّ المفترينا

كفاكم شاعرُ الإسلامِ فخرًا = ومَن أرسى بأرضِ الهندِ دينـا

إلى إقبال من قلبٍ مُحِبٍّ = تحيَّاتٌ تعافُ المرجفينا

وإنَّ الأرمغانَ أتى إلينا = فكانَ لزادِ صحوتِنا مُعينا

نقدِّمُه لأهلِ العصرِ مجدًا = لكي يغشى الربيعُ العالَمينا

وما جدوى الحضارةِ إنْ فقدْنا = بظلِّ الوارفاتِ لها قطينا !

جُزيْتُم يابني النَّدويِ خيرا = وفزتُم بالجِنانِ مخلدينا

فياربَّ السماءِ أَثِبْ كرامًا = إليك اليومَ قد مدُّوا اليمينا

وأنزلْهُم منازلَ عالياتٍ = ضيوفًا في جنانِك مُكرمينا

*** ***

بكينا قبلَ موتِك مَن بكتْهم = شعوبُ المسلمين ، وكم دُهينا !

بكينا الراحلين وما جزعنا = من العلماءِ إنَّـا مكتوونا

جحاجحُ أُمَّةٍ وارتْ خُطاها = رياحُ الموتِ واستبقتْ شجونا

بكينا والمصائبُ راعفاتٌ = فَمَن ذا يرقأُ الدمعَ الهتونا

فلم تــرَ بيننا إلا كئيبًا = يُزّجِّي وَقْدَ حسرتِه حزينا

تدافعَ كربُنا في كلِّ صدرٍ = وهيَّجَ من مشاعرِنا الحنينا !

تكادُ تكلُّ من ثقلِ الرزايا = مناكبُنا لطولِ الرزءِ فينــا

أفاضلُ في الشآمِ وأرضِ مصرٍ = وفي أرضِ الجزيرةِ صادقونا

مضوا فالأرضُ تبكيهم فراقًا = ويبكي المؤمنون المؤمنينا

مضتْ أعلامُهم والعلمُ يُبكَى = فَمَن مِن بعدِهم قد يسألونا

وضجَّتْ والجنائزُ شاهداتٌ = بلادٌ أقسمَتْ ألاَّ تلينا

وللإسلامِ ــ أهلوها ــ جنودٌ = وما برحوا به مستمسكينا

فابلدِّينِ الحنيفِ رأوا علاهم = وبالدينِ الحنيفِ علوا قرونا

وبالدِّينِ : الصَّلاحُ يكونُ نهجًا = لقومٍ بالهوانِ يُصَفَّدونا

فقل للمدبرين عن المثاني = ومَن ساروا بدربِ الظالمينا

لقد بلغَ الأسى حلقومَ قومٍ = وغصَّ المجدُ بالبلوى رهينا

وأذوَتْ في مغانينا الأماني = ضحىً وخبا نداءُ المصلحينا

وراحَ الموتُ بالأفذاذِ منهم = وخلَّف بعدهم هذا الأنينـا

*** ***

بكينا يومَ موتِك كلَّ ميتٍ = من الأبرارِ لـم يَكُ مستكينا

على نبأِ الوفاةِ لقد ذلنا = وأصغينا هنالك ذاهلينا

قنعتَ من الحياةِ بسرجِ فذٍّ = وخضتَ غمارَها دنيا و دينا

ولم ترضَ القعودَ في التَّواني = هوانٌ ليس نقبلُه خدينا

ومثلك للعلى أنجالُ فتحٍ = وعن زيفِ الهوى يترفعونا

وإرثُ العالِم الأتقى حياةٌ = لِمَن يرعى حقوقَ المكرمينا

وهجرٌ للملذاتِ اشترتْها = على ضنكٍ نفوسُ المُعوِزينا

وفرقٌ بين أيامِ الحيارى = وأيامِ الهداةِ الصَّالحينا

وأحقابٌ تمرُّ بغيرِ نفعٍ = وأهلُ الفضلِ فيها ظاهرونا

لقد نالوا رضــا الباري فَعَزُّوا = وقد قرُّوا برحمتِه عيونا

فقل للشَّاردين أولي المخازي = بها يرغون بئسَ ويزبدونا

مآلُ الناسِ عندَ اللهِ حـقٌّ = أكانوا زُيَّغًـا أم محسنينا

ويرضى اللهُ عن عبدٍ تقيٍّ = ولم يكُ في عدادِ العاجزينا

*** ***

ألا فَلْتَبْكِ رابطةٌ رئيسًا = بهمَّتِه يقودُ النابغينا

أرادَ لأهلِها أدبًا مصفَّى = ومعنىً في البيانِ لِمُعرقينا

ويحمل فكرها حكما وهَديًا = ومنهاجا على التقوى رصينا

ففي أدبِ العقيدةِ نورُ مجدٍ = وموئلُ رفعةٍ للعالمينا

وعاشَ يسنُّ للأدبِ اصطفاءً = ويسقي منه حقلَ المُسْنِتِيْنَا

تألَّقَ في محافلِه ارتقاءً = وأرسى من مقاصدِه فنونا

فللأدبِ ابتهاجٌ قد تَثَنَّى = يميسُ بجيدِ قائلِه فتونا

كأنَّ ( بتكيةِ ) الميعادِ ألفى = بمولدِه جوابَ السَّائلينا

ففي تسعين عامًـا قد قضاها = أجادَ السَّعيَ لم يغمضْ جفونا

ومدَّ شمالًه بالبِرِّ جودًا = وقدَّمَ من فرائده اليمينا

ولم يجفلْ إذا هاجتْ خطوبٌ = بأرضِ الهندِ ترمي المسلمينا

تَلَفَّتَ في البريَّةِ غيرَ وانٍ = يرومُ لأهلِها صيدا ثمينا

وأُسرتُه على نهجٍ قويمٍ = وأهلوه الكرامُ المنجبونا

وصبرُ المسلمين عزاءُ قومٍ = وقد باتوا الحزانى الثاكلينا

وفيمن قد تركتَ أخا المعالي = أتوا بتراثِ مجدِك محتفينا

وتنفضُّ احتفالاتٌ بريبٍ = ويُرمَى وجهُ مُنْشِئِها ظنونا

ويبقى نهجُك القدسيُّ يسمو = بدينِ اللهِ بنيانا مكينا

ويبقى للمودةِ والتآخي = يطرزَ نسجَهم حُبًّـا ولينا

رَنَتْ آماقُنا مُتَلَهِفَاتٍ = لمن ساروا كسيرِك مدلجينا

بكيناهم وقد غابوا فألفى = بدنيانا الأسى ليلا حزينا

فقد كانوا لأُمَّتِنا دواءً = لمن في ساحها أمسى طعينا

جزاكَ اللهُ ياندَويُّ عنَّـا = كما يجزي الهداةَ المؤثرينا

رحلْتَ وجُرحُنا في القدسِ دامٍ = وفي بغداد يؤلمُنا سخينا

وفي كشمير تنكؤُه العوادي = مخالبُ تقطعُ اليومَ الوتينا

فجائعُ قد تركتَ وكنتَ ردءًا = بوجهِ رباحِها جبلا حصينا

سألنا اللهَ بعدَك فجرَ فتحٍ = يعزُّ اللهُ أمَّتَنا قرونا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق