بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تناول العشماوي الشيخوخة والضعف والجراح والهموم والآلام في ديوان مراكب ذكرياتي ، وتعد قصيدة أحزان شيخ مقعد خير تعبير عن ذلك؛ لذا استشهد المقال بمعظمها، ويعرض المقال لمظاهر الشيخوخة والضعف والجراح والهموم والآلام من خلال العناصر التالية:من مظاهر الشيخوخة، الشيخوخة وعدم التأقلم مع الآخرين، الشيخوخة والضعف المتواصل، جناح كسير، وقلب مفطور، الهم وانتحاب القلب، ارتحال القلب ووحشة النفس، التعب من حمل عبء الحياة، هموم ومواجع وحسرة وحيرة، حالة ضعف، عناء الدرب، وشكوى الجراح، آلام وأحزان وأسى، جرح وحزن، هم وخوف، السعادة في أيدينا، وفيما يلي شواهد من شعر ديوان مراكب ذكرياتي للدكتور عبد الرحمن العشماوي على ذلك:
من مظاهر الشيخوخة:
بين العشماوي بعض مظاهر الشيخوخة من ضعف المشي، وغربة الإحساس، وانحناء الظهر وضعف البصر في قصيدة أحزان شيخ مقعد (1)
تقاربت خطواتي وانتهى أمدى وصرت مغترب الإحساس في بلدي
إلى أن يقول:
ما كان يحملني العكاز، كنت على ساق العزيمة أمشي مشي متئد
ما كنت أشكو انحناء الظهر في زمن مضى ولا مقلتي تشكو من الرمد.
الشيخوخة وعدم التأقلم مع الآخرين:
عرض العشماوي في نفس قصيدة أحزان شيخ مقعد أن الشيخوخة تعزل الإنسان عما يريد، بالإضافة إلى ما تسببه من ضعف، وعدم قدرة على الركض، وعدم الانسجام الفكري مع الآخرين وفي هذا يقول العشماوي:
واليوم شيخوختي الرعناءُ تعزلني عما أريد، ورأيي ظاهر الفند
أشاهد الركض من حولي فيحزنني ضعفي، وقد كنت ذا عزم وذا جلد
كم مجلس خلت أني فيه متحدٌ عن أهله، آه من أحزان متحدِ
تحدثوا عن أمور لست أعرفها واستبشروا وأنا أشكو من الكمد (2)
الشيخوخة والضعف المتواصل:
يقول العشماوي عن الشيخوخة والضعف المتواصل:
أغفو وأصحو وضعفي لا يفارقني وليس لي غير رب الكون من سند ِ
تطول ساعات أيامي فترهقني كأنها رُمَّةٌ مفتولة العقُد
جيش من السأم القاسي تلاحقني جنوده وأنا في حالة المدد
يا أرذل العمر كم أتعبت راحلتي فاستسلمت بعد طول الركض للوتد (3)
جناح كسير، وقلب مفطور:
هناك من الناس من يعاني من الآلام فهو ذو جناح كسير، وقلب مفطور، وفي هذا يقول العشماوي في قصيدة "بعد أن أصبحت دكتورًا:
أيها الناظرون، ماذا رأيتم هل رأيتم إلا جناحًا كسيرًا
هل رأيتم إلا رجاءً بعيدًا هل رأيتم إلا طريقًا عسيرًا
هل رأيتم إلا جدرًا طويلا دون باب، ومنزل مطمورًا؟
لو فتحتم باب القصائد يومًا لرأيتم فؤادي المفطورا. (4)
الهم وانتحاب القلب:
تحدث العشماوي عن الهم وانتحاب القلب في قصيدة (ريحانة القلب ) فقال:
حسبي من الهم أن القلب ينتحب وإن بدا فرحي للناس والطرب ُ
مسافرٌ في دروب الشوق تحرقُني نارُ انتظاري ووجداني لها لهبُ(5)
ارتحال القلب ووحشة النفس:
تحدث العشماوي عن الهم وانتحاب القلب في قصيدة (عندما يرتحل القلب)فقال: (6)
ومن يسافر في قلبي يرى أملا عذبًا، ويبصر في أطرافه وجلًا
إلى أن يقول:
ومن يطمئن نفسي بعد وحشتها ؟ ومن يجفف دمعي بعدما انهملا؟
ومن يرد إلى صبري كرامته من بعد ما ضاق عن جرحي وما احتملا؟
رحلت، كلا ولكن بسمتي رحلت وكل ما يجلب الأفراح لي رحلا.
ويقول في نفس القصيدة:
لا تسأليني عن الحزن الذي قطفت يداه جذع ابتسامتي بما حملا
لا تسأليني فلي رب ألوذ به ولست أبغي به من خلقه بدلا.
التعب من حمل عبء الحياة:
وفي هذا يقول العشماوي في قصيدة " بوابة الشعر "
ثلاثون من عمري مضت يا ربوعنا حملتُ بها عبء الحياة على ظهري
وما زلت أجري في الطريق ولم تزل متاعب هذا العمر تركض في إثري
إلى أين نمضي يا رُبى الخير، إنما نسير على جسر الحياة إلى القبر
إلى حيث لا مال يفيدُ، ولا أخ ٌ يعين، ولا حر يجير على حُر (7)
هموم ومواجع وحسرة وحيرة:
عن الهموم والمواجع والحسرة والحيرة يقول العشماوي في مطلع قصيدة " هبني فمًا يشدو":
يهفو إلى ضوء الصباح مسائي وأنا أجرر في الهموم ردائي
أجتر في جنح الظلام مواجعي وأبث في سكن الوجود ندائي
وألون الليل الطويل بحسرتي فكأنه مستودع لشقائي
وكأنني والنجم يرقبُ حيرتي ساعٍ إلى نبعٍ بغير سقاءِ
ما بال هذا الليل يسبقني إلى هدفي وما بال الصباح ورائي؟(8)
حالة ضعف:
يعاني الكثير من الناس في بعض دول العالم من حالة ضعف، و عن حالة الضعف هذه يقول العشماوي في قصيدة "بين كوخين "(9)
جف فينا ماء الحياة فصرنا كالتماثيل صاغها الإغريق
لا ترى غير هيكل من عظام فوقها الجلد يابس محروق
لو رأتنا الأشباح يومًا لفرت وتعالى زفيرها والشهيق
كم تمنت شمس النهار إذا ما أبصرتنا لو غاب عنا الشروق
جثث ما تزال فيها بقايا من دماءٍ تشربتها العروق.
عناء الدرب، وشكوى الجراح:
عن عناء الدرب، وشكوى الجراح يقول العشماوي في قصيدة " منها وإليها ": (10)
حملت نفسي عناء الدرب، كم بقيتْ ظمأى وكم بقى الوجدان ظمآنا
كم كنت أشكو جراحاتي،وكم رسمتْ عيناك لي أملًا يمحو شكوانا
آلام وأحزان وأسى:
يقول العشماوي في قصيدة (شدا لك قلبي ) (11):
أتيتك والآلام ترفع رأسها وما زال طعم الملح تحت لساني
أتيتك والأحزان تغسل ثوبها بدمعي، وقد جار الأسى فرماني
وما حيلتي في النفس يطربها الأسى وفي القلب لا يسلو عن الخفقان؟!
جرح وحزن: (12):
يقول العشماوي في قصيدة (سلي فؤادي)
سلي فؤادي عن الجرح الذي اشتعلا فأحرق البلبل الصداح والأملا
سلي فؤادي عن الدمع الذي غرقت فيه الجفون، فكم أغضبتها خجلا.
هم وخوف: (13):
يقول العشماوي في قصيدة( أين غاب العازف ):
همي يحاصرني وقلب خائف وخطاي جامدة وليلي واقفُ
قلبٌ يحن وحسرة لا تنتهي ومشاعرٌ فياضةٌ وعواطف ُ
السعادة في أيدينا: (14):
يبين العشماوي أن السعادة في أيدينا في قصيدة (هذا يراع الحب):
إني لأعلن – رغم كل متاعبي ومواجعي- أنَّ السَّعادة في يدي.
المراجع:
عبد الرحمن العشماوي: ديوان مراكب ذكرياتي ، الرياض، مكتبة العبيكان، 1424هـ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
[1] ديوان مراكب ذكرياتي للعشماوي، ص 16-17
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد