بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يدخل المسلم المدينةَ المنوَّرةَ به صلى الله عليه وسلم، فتجيش المعاني في فؤاده، وتتكاثر المشاعرُ والعبرات ...
يا تُرى لمَ ؟!
ألأنها مدينةٌ جميلة، ومسجدُها كبيرٌ مُتسع ؟!
أو لأنَّ الصلاةَ في مسجدها مضاعفٌ ثوابُها، كثيرٌ حسناتُها ...
أم لأنَّ الإنسانَ يتذكر فيها ماضيًا مجيدًا، وفجرًا تليدًا نشأ في هذه المدينة ؟!
قد يكون لأن هذه المدينةَ تُحفظ من فتنة الدجال آخرَ الزمان فلا يدخلُها !
وقد يقول قائل: إن الذي يجعلك تعيش فيها ربانيا عابدًا خاشعًا، هو وجودُ آثارِ النبي صلى الله عليه وسلم ومعالمِ هجرته وسُنَّتِه، وأطلالِ أصحابه وخلفائه ...
هل ما ذكرتُ لك من أسبابٍ تكفي، أو أنَّ معانيَ أُخرَ تربط المسلمَ بربِّه، وتُوثِّق عرى الأخوةِ بينَه وبينَ عباد ربِّه في هذه المدينة؟!
ولعل كلَّ هذا كان سببَ تلك المشاعر، ولعل غيرَها - وهي كثيرةٌ جدا - سببٌ في ذلك ...
هاجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأسَّس فيها دولتَه، وتعايش مع كافة الأطياف الذين كانوا فيها ...
احترم صلى الله عليه وسلم الاختصاصاتِ الدنيويةَ، فجعل صنعةَ السلاحِ لمن يُتقنها، وإدارةَ الجيش لمن يَفقهها، والأذانَ لأنداهم صوتًا، ومراقبةَ دخولِ الوقت لمن عُرف به،
لم تكن المناصبُ حسبَ العائلة أو العشيرة، ولم تكن الوظائفُ لألصقهم به قرابةً، أو لأفضلهم عندَ الله منزلةً !
آخى بينهم، جمع بينَ العربي والأعجمي، ساوى بينَ أفراد شعبه، نهاهم عن التمايز بمنطقٍ أو لباسٍ أو حسب
اعتنى بتنظيم حياتهم ومعاشهم، قبلَ أن يُفكر بفرض العقوبات ومحاسبتهم ...
صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، ماذا عساه من يدخل مدينتَك ويزور قبرَك أن يُفكِّر ويعتبر، كلامٌ طويل، ومعانٍ كثيرة
وفَّقنا الله لنهضة مجتمعاتنا، وغرسِ أواصر الترابط بينَ إخواننا وشعبِنا ...
وفي هذا كفاية، فالعجز عن الوصف وصفٌ، والله المستعان على ما نحن فيه !
وكتبه محمد وائل الحنبلي في المسجد النبوي الشريف، في 8 من جمادى الآخرى 1440هـ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد