بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وقعت اليوم على منشور يتحدث عن الفطور قبل الدوام عند الرجال، وهل من واجب الزوجة تحضيره؛ سأترك عمامة الفقيه هذه المرة وأخبركم بتحليل نفسي سري.
في الكواليس الروحية قبل الدوام يحس أحدنا بروح رجل الغابة الأول، يستشعر أنه يخرج لاصطياد أي كائن يؤكل، يتخيل زوجته وأولاده عند عودته فاتحين مناقيرهم بانتظار أن يطعمهم، نعم؛ نشعر بنفس دراما رجل الغابة الذي يحمل رمحه، حتى أنكم تلاحظون أننا نضخم الصعوبات التي نواجهها؛ زوجته تقول: كيلو موز وأنت جاي الله يكرمك، يأتي به ثم يتنهد تنهيدة الناجي من معركة، تسأله ما بك؟ يرد بنفس التحنيكة المعتادة: آه لو تعلمين كم تعبت في سبيل تحصيل هذا الكيلو، لقد كان الطريق إلى محل الخضار مليئًا بزخات الرصاص، كنت أزحف وأنا أتذكر أنني سأحقق لك أمنيتك الموزية، كان قناصة القرود يحوطون المحل، تنكرت في زي أسد، تفاوضت معهم وأنا أحاول تحصيل أكبر مكتسبات ممكنة من الموز، بائع الخضار يلوح من بعيد أن لا أمل وأنا أقول: لا، سأغامر، زوجتي حبيبتي تستحق، سأحمل روحي على راحتي، فلما أخذته عدت متخفيًا، كمائن الشرطة تفتش عن بطل الموز، حاولت التقاط اسم الشرطي لأخمن لهجته، ظهر أنه ابن عم خال جار زميلي الذي غششته في امتحان الهجاء في الابتدائي؛ قال: أسرتنا -بكل فروعها- مدينة لنبلك القديم، لو كان غيرك ما تركته.
كان سيدي الوالد -رحمه الله- يحطب لأمه هو وشقيقه الأصغر -عمي علي-، فيحمل الحطب على رأسه، ينزله عمي أما أبي فلا ينزله حتى يسمع من أمه كلمة "عروالي"؛ وهي في دارجتنا مرادفة لـ: عفية عند إخوتنا العراقيين.
في داخل كل رجل ظمأ لـ"عروالي"؛ ألا تلحظون أننا -معاشر الرجال- حين ندخل أغراض البقالة للمنزل دون انتباه من زوجاتنا وأمهاتنا نحدث في الأكياس حركة زائدة، ونرفع أصواتنا وكأننا نحمل أثقالًا في مسابقة أولمبية، يأتينا وارد الذكر فنرفع الصوت بـ"لااااا إله إلا الله"؛ كل ذلك طمعًا في انتباه يختم بـ "عروالي".
لهذا نحن نتذمر حين نشعر بأن زوجاتنا لا يعشن روح المعركة ذاتها، ونتعجب من نكيرهنّ حين يقلن: لم يأتِ لي بشيء منذ كذا وكذا؛ ولا يوم الموز ! ولا يوم الموز ! .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد