بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ليست هذه الومضات مما يتعلق بعلم مصطلح الحديث الشريف، ولكنها إشارات جليلة لأهل هذه الصنعة الماتعة، ومصطلحات قد تمر على بعض المطالعين للحديث النبوي وعلومه مرور الكرام لكنها في واقع الأمر لها عند المختصين شأن عظيم وإشارات جليلة
** الحمَّادَينِ
حماد بن زيد، وحماد بن سلمة
«حماد بن زيد» هو الذي روى عنه أصحاب الكتب الستة، وروى عنه البخاري كثيراً.
وأما «حماد بن سلمة»، فقد روى له البخاري في التعاليق، وروى عنه الباقون.
وبعض العلماء يفضل حماد بن سلمة على حماد بن زيد.
ونسب حماد بن زيد، هو حماد بن زيد بن درهم.
وأما حماد بن سلمة فهو حماد بن سلمة بن دينار.
بعض العلماء يقول في ترجيح، أو تقديم حماد بن سلمة على حماد بن زيد، الفرق بينهما كالفرق بين الدينار والدرهم.
وكلهم من الثقات الأثبات، إلا أن الإمام البخاري لم يروي عن حماد بن سلمة إلا في التعليقات، ولم يروي عنه في الأصول.
وأما حماد بن زيد فقد روى عنه الجميع، فقد روى عنه البخاري في الأصول، وقد أكثر عنه.
وجاء في صحيح البخاري عنه أحاديث كثيرة.
وعلى كل حال فإن كلاً منهما ثقة، فسواء علم أحدهما وعين أو لم يعلم ولم يعين، فما دام أن الأمر دائر بين الحمادين وكل منهما ثقة فلا يضر عدم معرفة أحدهما، وإنما الذي يضر لو كان أحد الراويين ثقة والثاني ضعيفاً، هذا هو الذي يضر؛ لأنه يحتمل أن يكون الضعيف، لكن حيث يكون المروي عنهما هما حماد بن زيد و حماد بن سلمة وكل منهما ثقة فإن ذلك لا يؤثر.
من وسائل معرفة ضبط الراوي
وإن شئت فقل (معرفة صدق المتكلم)
1/ مقارنة مروياته (كلامه) بمرويات غيره
2/ تكراره لرواية الحديث الواحد ومدي الاختلاف في كل مرة
3/ البحث والتدقيق عند وجود عوارض تمنع من الضبط أو الصدق (كبر سن. ذهاب عقل. حرق كتب. ابتلاء شديد. خوف ترك. فقد اتباع. تملق عند سلطان... الخ)
4/ اختباره في التلقين فمن قبل فهو دليل ضعف ومن لا فهو على عهدته
** أحفظ من رأيت
قال الإمام الذهبي: "أحفظ مَن رأيتُ أربعة: ابن دقيق العيد، والدمياطي، وابن تيمية، والمزّي.
فابن دقيق العيد أفهمهم في الحديث، والدمياطي أعرفهم بالأنساب، وابن تيمية أحفظهم للمتون، والمزي أعرفهم بالرجال"
** السمت والدل
كان أصحاب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يرحلون إليه فينظرون إلى هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ فيتشبهون به.
(هَدْيِهِ وَدَلِّهِ) .. أحدهما قريب المعنى من الآخر، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك
أما السمت يكون في معنيين:
أحدهما (حسن الهيئة والمنظر) في مذهب الدين، وليس من الجمال والزينة، ولكن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم
وأما الوجه الآخر فإن السَّمت (الطريق) يقال: الزم هذا السَّمْتَ; كلاهما له معنى جيد يكون أن يلزم طريقة أهل الإسلام ويكون أن يكون له هيئة أهل الإسلام.
عن الأعمش عن إبراهيم بن علقمة قال كان عبد الله بن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وكان علقمة يشبه بعبد الله وكان إبراهيم يشبه بعلقمة وكان منصور يشبه بإبراهيم
وكان سفيان يشبه بمنصور وكان وكيع يشبه بسفيان وكان أحمد بن حنبل يشبه بوكيع وكان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل.
وأبو داود من تلامذة البخاري أيضا، أفاد منه وسلك في العلم سبيله، وكان يشبه الإمام أحمد في هديه ودله وسمته.
قال محمد بن إسحاق الصاغاني وإبراهيم الحربي: "لين لأبي داود الحديث كما لين لداود الحديد".
وقال الحافظ موسى بن هارون: "خلق أبو داو في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة، ما رأيت أفضل منه".
وقال الحاكم أبو عبد الله: "أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة"
وذكر محمد بن الحسن الشيباني، عن أبي حنيفة، قال: الحكايات عن العلماء ومجالستهم أحب إلي من كثير من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم.
وقال الربيع بن سليمان، قال: سمعت الشافعي، يقول: من حفظ القرآن عظمت حرمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
** إجلال الحديث النبوي الشريف
كان الإمام مالك رحمه الله صارماً في منهجه، فإذا استفسر أحد عن حديث وهو قائم أو ماشٍ فإن جزاءه إما التأنيب الشديد، أو الطرد أو الحبس.
قال ابن مهدي: «مشيت مع مالك يوماً إلى العقيق من المسجد فسألته عن حديث فانتهرني، وفي رواية فالتفت إليّ وقال لي: كنتَ في عيني أجل من هذا، أتسألني عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي؟ فقلت: إنا لله ما أراني إلا وقد سقطت من عينه، فلما قعد في مجلسه بعدت منه، فقال: ادنُ ها هنا، فدنوت، فقال: قد ظننت إنا أدبناك، تسألني عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمشي؟ سل عما تريد ها هنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد