بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وتجيء الأزمة كالكير الذي يُذهب خبث الحديد، كالنار التي تحرق الأرض فتعود أخصب مِن أخصب منها، كالحمى تأخذ الجسد وتطرحه وتمتصه لتطهره من الذنوب، وتجيء الأزمة وفي طيها خير للأمة، وهكذا؛ لا تنفك الأمة في كل زمن عن أزمة تكون لها كالصدمة الكهربائية التي تنفضها وتحرك دماءها الساكنة!
فيا ابن الإسلام؛ قد أقبلت عليك أزمة ولا بد لك من موقف!
في الأزمة تقبل القلوب على خالقها، تلتفت إلى أعلى، ﴿وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه﴾ وكلما رأت القلوب أن الدنيا أدبرت عنها: أقبلت على الآخرة، فيا أيها الداعية! خذ بزمام القلوب وقدها إلى الله.
على الدعاة أن يستثمروا الأزمة، أن يجعلوها موسماً إضافياً من مواسم الدعوة، فهو موسم حافل، عليهم أن يضيفوا إلى أنشطتهم برنامجاً اسمه: برنامج الأزمة، ولجنةً اسمها: لجنة الأزمة، عليهم أن يضخوا القلوب بمعاني الإيمان والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة، أن يصيحوا بهم، أن يلقوا لهم بحبل التوبة في لجة الأزمة.
الأزمة لاتخلو من فتنة وظلمة وجفاف وتيه، وفي الإيمان نور وغيث وهداية، الأزمة تصيب القلوب فتزاحم الإيمان وتغمرها بالخوف والفوضى؛ فلابد أن تملأ قلبك، وتتصل بالله، وتشحن القلوب، ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون﴾.
وقد تمرُّ الأزمة بالأمة فلا يبالي الرجل بما كان وبما يكون، العالم يضطرم وهو في ثلاجة! كأن الأزمة مجرد شهر جديد من شهور السنة، تسير حياته فيه كما سارت في الشهر الذي قبله! لم يُغير جدوله، ولم يُعدّ نفسه، ولم يضع بصمته في صفحة الأزمة! وربما دهمته الأزمة وخنقته وقد فرَّط.
لقد كان الإمام مالك -رحمه الله- يترك التحديث في رمضان ليفرغ إلى تعبد الصلاة والذكر، ولقد عرضت للأمة نازلة تُوجب الاشتغال بما هو أعظم من نوافل التحديث!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد