بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
توضيح مهم قبل التفريغ:
الأمور الحياتية ثلاثة:
ضروريات وحاجيات وكماليات.
فالضروريات ما أدّى فقدها إلى فقْد ضرورة من الضرورات الخمس، كفقد المأكل والمشرب ، وبدونهما يهلك المرء.
والحاجيات: ما أدى فقْدها إلى مشقة، كالتنقل بالسيارة ولو استئجارا، فبدونها سيعيش المرء ولكن بمشقة.
والكماليات: ما لا يترتب على فقْدها ضرر ولا مشقة، كاقتناء أفخم جهاز من أنواع الجوالات.
بداية التفريغ:
القيم الاستهلاكية في زماننا انحرفت انحرافًا كبيرًا ، إن لم يكن قد انقلبت انقلابًا كاملًا !
أصبح سعْي أغلب الأسر في المجتمع المسلم لتحقيق الاستهلاكيات أكثر من الحاجيات.
فممكن أن تجد أسرة يقترض فيها الزوج أو الأب من أجل سفر نزهة في الصيف ، وهي مسألةٌ كمالية؛ لو لم يسافر ما تضايق في حياته. ممكن أن تنشأ مشكلة بين الزوجة والزوج على أمْر كمالي من باب الترفيه أو الرفاهية في العيش، وقد لا تعْلم الزوجة أن هذا الأمر هو أمْر كمالي حتى تُنَبَّه لهذا ، أو حتى يُنَبَّه الزوج لهذا إذا كان هو عنده الخلل.
إذا أتينا لذِكر ما يجب على الزوج مثلًا لقُلنا:
النفقة الواجبة هي المطعم يعني المأكل والمشرب، والكسوة، والمسكن، وكل ذلك يكون بالمعروف بلا إشراف ولا تقتير. كل ما زاد عن هذا عن هذا الحد هو من باب من باب التفضُّل والكمال ، تفضُّل من الزوج ولا يجب عليه ابتداءً. يعني لو ذهبت المرأة و اشتكت على الزوج لأنه لم يوفر لها _على سبيل المثال_ جوالا حديثا.؟
لا يلزمه توفير مثل هذا ، لأن الإغراق في الكماليات الذي اكتسح المجتمع جعَل ما يُنفقه الزوج يدخل في دائرة المذلة أو الإذلال.
فدفَع ذلك المرأة مع وطأة تحريض الوسائل الإعلامية والتيارات الليبرالية والنسوية ، وبروز هذه القيم الاستهلاكية للكماليات إلى السعي للتخلص من سلطة الرجل أو قوامته المالية حتى تتخلص من الإذلال ! لأنها تريد أن تشتري ما تحب ، تشتري شنط ماركات ، تلبس ملابس ماركات إلخ تفعل ما تشاء ؛ هذا كله بسبب المال الذي يأتيها من الوظيفة.
حقيقةً هذه النظرة استقرت عند كثيرٍ من المجتمعات ، استقرار الجبال الراسخة ، حتى أن الوالد والوالدة والرجل الكبير والمرأة العجوز ، الذين أدركوا الجيل الذي تخلّص من كثير من الإشكاليات الموجودة في زماننا اليوم يدْفعون الفتاة دفْعا لتعمل تحت عنوان حتى لا يذلها الزوج !
هذه لم تتزوج إلى الآن !!
يعني هي للآن لم تتزوج ، ولا تعلم ما هو حال الزوج !.
ولكن النتيجة مُسبقا: حتى لا يذلها الزوج.
تدفع كما تشاء تُهْدي كما تشاء، فلانة ولدت: تعطيها، فلانة حصلت عندها مناسبة معينة تُهْديها.... تشتري ما تشاء، دون أن تنتظر ذلك من الزوج، مع أن كل ما ذُكِر من هذه الأشياء هي أشياء ليست من الأمور الحاجية ولَا الضرورية، بل هي من الأمور الكمالية التي لا تتوقف عليها الحياة، فهذا الشيء من الأسباب والعوامل الأساسية التي دفعت المرأة دفعًا إلى سوق العمل حتى عملت في بعض البلدان أعمالا وضيعةً ومهينةً ربّما لم تعملها في بيتها ! وترى أن ذلك من الحطِّ من قدرها لو عملتها في بيتها! ومع ذلك تعملها في الخارج لأنّها تأخذ مبالغ وإنْ كانت يسيرة إلا أنها توفر لها مساحة من الاستقلال عن وطأة الزوج في تحقيق الكماليات ؛ كل هذا سببه تحريف القيم الاستهلاكية .
أذكُر مرةً:
تمّت استشارتي في مشكلة بين امرأةٍ وزوجها؟
كانت المرأة تزْعم أن الزوج لا يُطْعِمهم! فصُدِمت حقيقةً ، فلمّا تثبّتُّ وتبيّنت علمت أن الإطعام المقصود في هذه الحالة هو الوجبات من المطاعم ، الوجبات السريعة وما شابه؛ لأني سألت: هل يوجد المواد الأساسية لإعداد الطعام؟ فتبين لي توفرها. فعلمت حينئذٍ أن المقصود بالإطعام هنا هو الوجبات وبعض الأمور التي هي من كماليات الطعام ، فقلت هذا لا يجب أساسا على الزوج ، والحمد لله انتهى الأمر ، وبيّنت لهذه المرأة بشكل آخر ما يجب على الزوج.
قد يقول قائلًا: ما الحل؟
الحل: هو تعديل مفهومنا للأمور الاستهلاكية، و تعظيم أمْر الآخرة، وتقليل أمْر الدنيا، وبيان الأمور الضرورية و الحاجية والكمالية .
في هذه الدائرة نتكلم ويُبيَّن للناس:
ما هي الضرورات؟
ما هي الحاجيات؟
ما هي الكماليات؟
حتى تستقيم كثير من الأمور الاستهلاكية عندنا ؛ فيؤدي ذلك لاحقًا إلى تعديل في المفاهيم الأسرية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد