بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان.. وسبب لرسوخ القلب في العرفان.. وكثيرًا ما يَقْرِن الله تعالى بين الإيمانِ به والإيمانِ باليوم الآخر، (ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)، (يؤمنون بالله واليوم الآخر)، (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).
والموت ليس نهاية الحياة.. بل هو بداية رحلة طويلة إلى الدار الآخرة.. ومن مات قامت قيامته، فإذا مات العبد، نزل أولَ منازل الآخرة، القبر، روضةٌ من رياض الجنة أو حفرةٌُ من حفر النار.. ينزل فيها العبد وحيداً فريداً لا أنيس له ولا رفيق إلا عمله الصالح.
1ـ بدايةُ رحلة الموتُ:
قَالَ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) [آلِ عِمْرَانَ: 185]، وقوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) ق/ 19
2ـ القبرُ:
والقبرُ هو أول منازل الآخرةِ، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ ، فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ). رواه الترمذي وحسنه الألباني
3ـ عذابُ القبرِ ونعيمهُ:
ويُسأُلُ العبدُ في قبره عن ربه وعن دينه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم فمن أحسن الجواب كان قبره روضةٌ من رياض الجنة، ومن أساء الجواب كان قبره حفرةٌ من حُفرِ النار.
4ـ النفخُ في الصور:
قال تعالى: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (المدثر/8-10) قال ابنُ عباس: الناقور هو الصورُ. وقد جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الصورُ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (قرنٌ ينفخُ فيه). رواه الترمذي وحسنه الألباني
5ـ نفخةُ الفزع:
نفخة الفزع قال تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) النمل/87. وهذه النفخةُ تكونُ في آخر عمرِ الدنيا، حين تقومُ الساعةُ على شرارِ الخلقِ من الأحياء.
6ـ نفخةُ الصعقِ:
قال تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) الزمر/68
7ـ نفخةُ البعثِ:
قال تعالى: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) الزمر/68 . أي أحياءٌ بعدما كانوا عظاماً ورفاتاً، وصاروا أحياءً ينظرون إلى أهلِ القيامةِ. وقال تعالى: (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا).[النبأ:18]
8ـ الحشرُ:
بعد أن ينفخُ في الصورِ نفخةُ البعثِ يقومُ الناسُ من قبورهم للحسابِ والجزاء قال الله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) المطففين)/6 .وقال تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)). مريم/85- 86 .
9ـ الحسابُ:
الحسابُ هو عرضُ أعمال العباد عليهم، وتقريرُهم بها. قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة/7-8 .
10ـ الميزانُ:
بعد عرض أعمالِ العبادِ عليهم وتقريرهم بها، يتمُ وزنُ هذه الأعمال بقدرة الله عز وجل قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ). الأنبياء /47 .
11ـ الشفاعة:
الشفاعةُ هي المقامُ المحمود الذي وردَ في قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) الإسراء/97 ، وهناك أنواعٌ من الشفاعةِ منها شفاعتهُ صلى الله عليه وسلم العامةُ لأهلِ الموقفِ حتى يُعجلَ الله حسابهم، ويُريحهم من هولِ الموقفِ وشدته.
12ـ تطايرُ الصحف:
قال تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا. اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) الإسراء/13-14
13ـ الحوضُ:
يقفُ النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض والناسُ في عطشٍ شديدٍ ويُنادي على أمته: أن هلُموا إليّ، فيأتي إليه المؤمنون الصادقون، ويشربون منه شربةً لا يظمئون بعدها أبداً، أما المنافقون فإنهم يُدفعون عنه ويُحالُ بينهم وبينه نسألُ الله السلامة.
14ـ الصراطُ:
ويضرب الصراطُ على متن جهنم، وهو جسرٌ ممدودٌ، أحدُ من السيفِ، وأدقُ من الشعرة، قال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) مريم/ 71، 72 . ويمرُ الناسُ جميعاً، مؤمنهم وكافرهم على هذا الصراط، فأما المؤمنون فيجتازونه ويصلُون إلى الجنة، وتكون سرعتُهم في اجتيازه بحسب أعمالهم، وأما الكفارُ فيتساقطون في النار والعياذُ بالله.
15ـ الجزاءُ:
وبعد هذه الرحلةِ الشاقةِ التي تنخلعُ من هولها القلوبُ، وتطيشُ العقول، وتشيبُ الرؤوسُ يتحددُ مصيرُ كلّ أحدٍ قال تعالى: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (هود: 105)
16ـ النارُ دارُ الأشقياءِ:
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا) (مسلم (2842).
17ـ الجنةُ دارُ السعداء:
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). (الزخرف:69-72)
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُن). رواه البخاري (3244) ومسلم (2824)
(اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
المصدر: مِن محَاسِن الإسلاَم – إعداد: عادل الشدي وأحمد المزيد - وفقهم الله -
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 2 )
الله اكبر
-سفاء
17:38:27 2023-02-20
ممتاز
15:55:50 2022-01-22