بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الكثيرَ مِنَ النساء لا يَعرفنَ إلا القليل عن أحكام الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ، وهو أمرٌ خاصٌ بهن، ولذلك يجبُ على كُلِّ امرأةٍ أن تعرفَ هذه الأحكام لكي تكون عبادتها صحيحة، ويجبُ على كل زوجٍ أن يتعلمَ هذه الأحكام لكي يُعَلِّمَ زوجته، حتى لا يُسبب لها الحرَج في السؤال عن هذه الأمور الشرعية. إنَّ مَسَائِلَ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ كثيرةٌ، وقد اجتهدتُ في جَمعِ مَا استطعتُ في هذه الرسالة الموجزة، وحرصتُ على ذِكْرِ الدليل مِن القرآن الكريم وسُنَّة نبينا محمد، ﷺ ، وذكرتُ أقوال سلفنا الصالح، مع ذِكْر مصادرها، لكي يطمئن طلاب العلْمِ الكرام.
فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أهمية معرفة أحكام الحيض:
(1) قَالَ الإمَامُ ابْنُ نُجَيْمٍ المصري (رَحِمَهُ اللهُ): مَعْرِفَةُ مَسَائِلِ الْحَيْضِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُهِمَّاتِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَحْكَامِ كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْبُلُوغِ وَالْوَطْءِ (الجِمَاع) وَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ (بَرَاءة الرَّحِمِ) وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمَ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ عِظَمَ مَنْزِلَةِ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ بِحَسَبِ مَنْزِلَةِ ضَرَرِ الْجَهْلِ بِهِ وَضَرَرُ الْجَهْلِ بِمَسَائِلِ الْحَيْضِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْجَهْلِ بِغَيْرِهَا فَيَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَتِهَا. ( البحر الرائق ـ لابن نجيم ـ جـ1 ـ صـ199 )
حُكْم معرفة الحيض:
قَالَ الإمَامُ محمد بن أحمد الشربيني (رَحِمَهُ اللهُ): يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَلُّمُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَالِمًا لَزِمَهُ تَعْلِيمُهَا، وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِسُؤَالِ الْعُلَمَاءِ، بَلْ يَجِبُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهَا، إلَّا أَنْ يَسْأَلَ هُوَ وَيُخْبِرَهَا فَتَسْتَغْنِيَ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى مَجْلِسِ ذِكْرٍ أَوْ تَعَلُّمِ خَيْرٍ إلَّا بِرِضَاهُ. (مغني المحتاج ـ محمد بن أحمد الشربيني ـ جـ1 ـ صـ296 )
الحيض
الدِّمَاءُ الطبيعيةُ التي تَخرجُ مِنَ المرأة ثلاثة أنواع هي :(1) دَمُ الحيض (2) دَمُ النِّفَاس (3) دَمُ الاستحاضة.
وسوف نتحدثُ عَن هذه الأنواع الثلاثة بإيجاز.
معنى الحيض :الحيض في اللغة:
الْحَيْضُ: معناه السَّيَلانُ. يُقَالُ: حَاضَ السَّيْلُ وفَاضَ إِذا سَالَ. وحاضت المرأة: سَالَ دَمُهَا. وَجَمْعُ الْحَائِضِ: حَوائِضُ وحُيَّضٌ.
(لسان العرب ـ لابن منظور ـ جـ2 ـ صـ1071 )
الحيض في الشرع:
الْحَيْضُ دَمٌ يُرْخِيهِ الرَّحِمُ إذَا بَلَغْت الْمَرْأَةُ، ثُمَّ يَعْتَادُهَا فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ386 )
دم الحيض دمٌ طبيعي، لا علاقة له بأي سبب مرضي، أو سقوط جنين، أو ولادة، ولذلك فإن الحيض يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها. ولذلك تختلف فيه النساء اختلافًا كبيراً.ويُعرفُ الحيض بالعادة أو الدورة الشهرية، وهو أمْرٌ كتبهُ اللهُ تَعَالَى على النساء.
دم الحيض أسود، وغليظ، وذو رائحة كريهة. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ391 )
أسماء الحيض:
للحيضِ عِدةُ أسماء، أَشْهَرُهَا: الْحَيْضُ. وَالثَّانِي: الطَّمْثُ. الثَّالِثُ: الْعِرَاكُ: الرَّابِعُ: الضَّحِكُ. وَالْخَامِسُ: الْإِكْبَارُ. وَالسَّادِسُ:الْإِعْصَارُ
(المجموع ـ للنووي ـ جـ2ـ صـ341 )
الحكمة من دم الحيض:
روى الشيخانِ عَنْ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ: مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟ . قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ. ( البخاري ـ حديث 294 / مسلم ـ حديث1211 )
خَلَقَ اللهُ تعالى دَمَ الحيض وكتبه على النساء لتغذية الجنين في بطن أمه، وذلك عَن طريق الحَبْلِ السُّرِّي؛ ولهذا لا تحيض الحامل في الغالب، فإذا وضعت المرأة ولَدَهَا، خرجَ مَا زَادَ عن غذاء الولد مِن ذلك الدم، ثم يتحول بإذن الله تعالى إلى لَبَنٍ يتغذَّى به الطفل عن طريق الثدي؛ ولهذا لا تحيض المرضع في الغالب، فإذا خلت المرأة مِنَ حَملٍ ورَضَاعٍ بقي ذلك الدم في مكانه ثم يخرج غالباً في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد يزيد على ذلك ويقل، ويطول ويقصر، على حسب ما رَكَّبَهُ اللهُ تَعَالَى في طبيعة النساء.
( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ154 ) (شرح الزركشي على مختصر الخرقي ـ جـ1 ـ صـ120)
الحيض من علامات بلوغ الأنثى:
روى أبو داودَ عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ .
( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 596 )
* قَوْلُهُ: (حَائِض) أي: الْبِنْت الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ التَّكْلِيفِ.
* قَوْلُهُ: (بِخِمَارٍ) هُوَ: مَا تُغَطَّي بِهِ المَرْأةُ رَأْسهَا وَعُنُقهَا.
قَالَ الإمَامُ ابن حجر العسقلاني(رَحِمَهُ اللهُ): أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ بُلُوغٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ.
(فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ5 ـ صـ277)
بداية وقت الحيض ونهايته:
أَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ، فلا حيض قبل ذلك،ونهايةُ الحيض غالباً في سِن الخمسين.
( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ 445)
قال الإمَامُ الترمذيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): قَالَ أَحْمَدُ بن حَنبل، وَإِسْحَاقُ بن رَاهَويه: إِذَا بَلَغَتِ اليَتِيمَةُ تِسْعَ سَنِينَ فَزُوِّجَتْ، فَرَضِيَتْ، فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَلَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أَدْرَكَتْ، وَاحْتَجَّا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا بَلَغَتِ الجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ .( أَيْ: لها حُكْمُ الْمَرْأَةِ ) ( سنن الترمذي ـ جـ 3ـ صـ 418 )
مدة الحيض:
لا يُوجَد حَدٌ لأقل الحيض، ولا لأكثره، وإنما يرجع ذلك إلى العادة.
قال الإمَامُ ابن قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): وَرَدَ الحيْضُ فِي الشَّرْعِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ، وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. ( المغني ـ لابن قدامةـ جـ1ـ صـ389 )
علامات انتهاء مدة الحيض:
تَعرِفُ المرأةُ نهاية عادتها الشهرية بانقطاع الدم عنها بأمرين:
(1) نزول القَصَّةُ البيضاء:
القَصَّةُ البَيْضَاءُ: مَاءٌ أَبْيَضُ يخرجُ مِن رَحِمِ المرأة عِنْدَ انْقِطَاعِ دم الحيض عنها.
(شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك ـ جـ1 ـ صـ 232)
قال الإمَامُ البخاريُّ (رَحِمَهُ اللهُ): وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ، فَتَقُولُ: (لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ) تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ. ( صحيح البخاري ـ كتاب الحيض ـ باب:إقبال الحيض وإدباره)
* ( بِالدُّرَجَةِ ) وِعَاءٌ تضعُ المرأة فيه عِطْرها، ونحوه. * ( الكُرْسُفُ ) أيْ: القُطْنُ.
(2) الجفوف:
الجُفُوفُ: هُوَ أن تُدْخِلَ المرأةُ في فَرْجِهَا قطعةً مِنَ القطن أو القماش فتخرج جافة، ليس عليها دمٌ، ولا صُّفْرَةٌ ، وَلا كُدْرَةٌ ، ولا يضر بللها بغير ذلك مِنْ رُطُوبَات الفَرْجِ، إذ لا يخلو منها غَالباً .
حكُم الصفرة والكْدرة :
* الصُّفْرَةُ: الْمَاءُ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ كَالصَّدِيدِ يَعْلُوهُ اصْفِرَارٌ. ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ1ـ صـ508 )
* الكُدْرَةُ: التوسط بين اللون الأبيض واللون الأسود، كالماء المتعكر.
إذا خرجَ مِنَ المرأة صُفْرَةٌ أو كُدْرَةٌ أثناء مدة عادتها الشهرية فإنها تعتبرهما مِنَ الحيض، ويأخذان أحكامه.وأما إذا خرجا مِنَ المرأة بعد انتهاء مدة الحيض، فإن المرأة لا تعتبرهما شيئاً، وتعتبر نفسها طاهرة تماماً. (المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ414:413)
روى البخاريُّ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا. ( أَيْ مِنَ الْحَيْضِ ) (البخاري حديث: 236)
حيض المرأة الحامل :
ذَهَبَ جمهور الفقهاء إلى أن المرأة الحامل لا تحيض غالباً. (المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ:443)
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. ( حديث صحيح) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 1889 )
قال الإمَامُ ابنُ قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ وُجُودَ الْحَيْضِ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ.
(المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ:444 )
روى مسلمٌ عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا. ( مسلم ـ حديث1471)
قال الإمَامُ ابنُ قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): فَجَعَلَ الْحَمْلَ عَلَمًا عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ، كَمَا جَعَلَ الطُّهْرَ عَلَمًا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ زَمَنٌ لَا يَعْتَادُهَا الْحَيْضُ فِيهِ غَالِبًا، فَلَمْ يَكُنْ مَا تَرَاهُ فِيهِ حَيْضًا كَالْآيِسَةِ. قَالَ الإمام أَحْمَدُ: إنَّمَا يَعْرِفُ النِّسَاءُ الْحَمْلَ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ . (المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ:444)
ادعاء المرأة أنها حائض:
إِذَا ادَّعَتِ امْرِأَةُ أنها حَائِضٌ، وَكَانَتْ مُعْتَادَة عَلَى الصِّدْقِ، وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا قَبُولَ قَوْلهَا، فَيَحْرُمُ عَلْيهِ جِمَاعَهَا، فَإِنْ كَذَّبَهَا، طَلَبَ مِنْهَا أنْ تُقْسِمَ باللهِ تَعَالَى عَلَى صِدْقِ قَوْلهَا. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةٌ عَلَى الكَذِبِ، فَلاَ يُقْبَل قَوْلُهَا. (الغاية في اختصار النهايةـ عز الدين بن عبد السلام ـ جـ5 ـ صـ 454 ) ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ7 ـ صـ 452 ) ( النجم الوهاج ـ كمال الدين الدَّمِيري ـ جـ1 ـ صـ 493 )
تطهير الملابس من دم الحيض:
دروى الشيخانِ عَنْ أَسْمَاءَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ، كَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ، وَتُصَلِّي فِيهِ. ( البخاري ـ حديث 227 / مسلم ـ حديث291 )
* قَوْلُهُ: (تَحُتُّهُ):أي:تفركه وتقشره وتزيله.
* قَوْلُهُ: (تَقْرُصُهُ) أيْ: تُدَلِّكهُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يتحللَ الدم، ويَخرجُ مَا شَرِبَهُ الثوبُ فَيَذْهَبَ أَثَرُهُ.
* قَوْلُهُ: (تَنْضَحُهُ): أي: تَصُب الماءَ عليه قليلاً قليلاً حتى يزولَ الأثر.
قَالَ الإمَامُ محمد بن علي الشوكاني(رَحِمَهُ اللهُ): دَمُ الْحَيْضِ نَجِسٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. ( نيل الأوطار ـ للشوكاني ـ جـ1 ـ صـ58 )
فائدة:بقاءُ أثر الدم بعد إزالة عينه، لا يضر، إذا تعسرت إزالة الدم تماماً.
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ: إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ . فَقَالَتْ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ؟ قَالَ: يَكْفِيكِ غَسْلُ الدَّمِ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُه. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 351 )
أحوال النساء في الحيض:
أحوال النساء في الْحَيْضِ ثلاثة، وهي:
(1) المبتدئة:
الْمُبْتَدَأَةُ: هِيَ الَّتِي لم يأتها الدم قبل ذلك. وأحوال المبتدئة بالنسبة لاستمرار الدم وانقطاعه ثلاثة أحوال: فإما أن يستمر الدم معها إلى أكثر أيام الحيض المعتادة، وإما أن يستمر معها الدم أقل من أكثر أيام الحيض، وإما ألا يستمر معها.
(2) المعتادة:
المعتادة: هِيَ المَرْأَةُ الَّتِي نزلَ منها الدم سبعة أو خمسة أيام، فاعتادت ذلك في أول كل شهر عربي، وعند ذلك تكون لها عادة مستمرة، تحفظها وتعرفها جيداً.
(3) المتحيرة:
الْمُتَحَيِّرَةُ: هِيَ المَرْأَةُ الَّتِي نَسِيَتْ قَدْرَ عَادَتِهَا وَوَقْتِهَا، وَلا تَسْتَطِعُ أنْ تُمَيزَ بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ.
(4) المميزة:
الْمُمَيِّزَةُ: هِيَ المَرْأَةُ الَّتِي تَسْتَطِعُ أنْ تُمَيزَ بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ.
( الموسوعة الفقهية الكويتية ـ جـ18 ـ صـ 300 )(الفقه الميَسَّرـ عبد الله الطيار ـ جـ1 ـ صـ 143 )( تيسير أحكام الحيض ـ محمد عبد الغفار ـ جـ2 ـ صـ3 )
عدم انتظام دورة الحيض الشهرية:
سُئِلَ الإمَامُ محمد بن صالح بن عثيمين(رَحِمَهُ اللهُ):
المرأة إذا أتتها العادة الشهرية ثم طهرت واغتسلت، وبعد أن صَلَّتْ تسعة أيام أتاها دمٌ، وجلست ثلاثة أيام لم تُصَلِّ، ثم طهرت وصَلَّتْ أحَدَ عَشَرَ يوماً، وعادت إليها العادة الشهرية المعتادة، فهل تعيد صلاتها في تلك الأيام الثلاثة، أم تعتبرها من الحيض؟
فأجاب الإمَامُ (رَحِمَهُ اللهُ):
الحيضُ متى جاء فهو حيض سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة أم قصرت، فإذا حاضت وطهرت وبعد خمسة أيام أو ستة أو عشرة جاءتها العادة مرة ثانية فإنها تجلس لا تصلي لأنه حيض وهكذا أبداً، كلما طهرت ثم جاء الحيض وَجَبَ عليها أن تجلس، أما إذا استمر عليها الدم دائماً أو كان لا ينقطع إلا يسيراً فإنها تكون مستحاضة وحينئذ لا تجلس إلا مدة عادتها فقط.
(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ـ جـ11 ـ صـ278 ـ رقم: 230)
جنابة الحائض:
إذَا كَانَ عَلَى الْحَائِضِ جَنَابَةٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ حَتَّى يَنْقَطِعَ حَيْضُهَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغُسْلَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ، فَإِنْ اغْتَسَلَتْ لِلْجَنَابَةِ فِي زَمَنِ حَيْضِهَا، صَحَّ غُسْلُهَا، وَزَالَ حُكْمُ الْجَنَابَةِ فَقَط،و لَا يَزُولُ حُكْمُ الْحَيْضِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ.
(المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ 278 )
الطلاق أثناء مدة الحيض:
يحرم على الزوج أن يُطلَّقَ زوجته وهي حائض أو نفساء.
قال اللهُ تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) (الطلاق:1)
وإذا طلَّقَ الزوجُ زوجته أثناء فترة حيضها أو نفاسها، وقع طلاقه، ويكون عاصياً .
وهذا قول جمهور العلماء، منهم الأئمة الأربعة: (أبو حنيفة ، ومالك، والشافعي،وأحمد بن حنبل) رحمهم اللهُ جميعاً.
ودليل ذلك أنَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب, رضي الله عنهما قد طَلَّقَ امرأته وهي حائض، ومع ذلك احتسبها النبيُّ ﷺ عليه طلقة، وأمَرَه بمراجعتها،والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. ( الأم ـ للإمام الشافعي ـ جـ5 ـ صـ180 ) ( مسلم بشرح النووي ـ جـ5 ـ صـ326 ) ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ10 ـ صـ327 : صـ328 )
( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ9 ـ صـ267 ) ( فتاوى دار الإفتاء المصرية ـ جـ6 ـ رقم 913 ـ صـ2061)
روى الشيخانِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، (و هو يتحدثُ عن حُكْمِ طلاقه لزوجته أثناء حيضها ) قَالَ: حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ .
(البخاري ـ حديث 5253 / مسلم ـ حديث 2 , 4 , 11)
استخدام الدواء لإنزال الحيض قبل موعده:
يجوز للمرأة استخدام دواء لكي ينزل عليها دم الحيض قبل موعده المعتاد، ولكن بالشروط التالية:
(1) أن يكون استخدام الدواء بإذن الزوج، إن كانت متزوجة، لأن استعجال نزول دم الحيض يمنع الزوج مِن الاستمتاع بزوجته، فيجب على المرأة أولاً الحصول على الإذن مِن زوجها.
(2) أن لا يكون هناك ضَرَرٌ مِن استخدام هذا الدواء، وذلك بسؤال الأطباء الثقات المتخصصين.
(3) أن لا تتحايل به المرأة على إسقاط أمْرٍ واجبٍ, مثل أن يكون الصيام في الحر،حيث يكون وقت الصوم طويلاً وتريد المرأة إنزال الحيض حتى تفطر، ثم تقضي بَعْدَ ذلكَ في أيام البرد، حيث يكون وقت الصوم قصيراً.
وكذلك مثل أن تكون المرأة مطلقة طلاقاً رجعياً، وتحاول أن تعجل بنزول دم الحيض لتسقط حق الزوج في الرجعة، فهذا أيضاً لا يجوز.
(الحيض والنفاس ـ دبيان بن محمد الدبيان ـ جـ1 ـ صـ278)
النفاس
معنى النفاس:
النفاس في اللغة: النِّفَاسُ: مَأْخُوذٌ مِنْ النَّفْسِ وَهُوَ الدَّمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً أَيْ: لَا دَمَ لَهُ يَجْرِي، وَسُمِّيَ الدَّمُ نَفْسًا لِأَنَّ النَّفْسَ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِجُمْلَةِ الْحَيَوَانِ قِوَامُهَا بِالدَّمِ ، وَالنُّفَسَاءُ مِنْ هَذَا. ( المصباح المنير ـ جـ 9 ـ صـ18 )
النفاس في الشرع:
هو الدم الخارج مِن المرأة بسبب الولادة , وإن كان المولود سَقْطَاً . ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ429 )
مدة النفاس:
لا حَد لأقل النِّفَاسِ ، فيتحقق بلحظة, فإذا ولَدت المرأة ، وانقطع دمها عقب الولادة, أو وضعت بلا دم لزمها ما يلزم الطاهرات من الصلاة والصوم وغيرهما, وأما أكثره فأربعون يوماً .
روى أبو داودَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ :كَانَتْ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 304 )
روى الدارميُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا.
( صحيح ) ( سنن الدارمي ـ جـ1 ـ صـ666ـ رقم: 994 )
قَال َالإمَامُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلَاةَ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ العِلْمِ قَالُوا: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الفُقَهَاءِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.( سنن الترمذي ـ جـ1 ـ صـ256 )
قَالَ الإمَامُ ابن قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): ( أَكْثَرُ النِّفَاسَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ427 : صـ429 )
نزول الدم من الحامل:
الدمُ الذي يخرج مِن المرأة الحامل دم فساد لا حيض، وعليها أن تتوضأ بعد دخول الوقت لكل صلاة وتصلي وتحل لزوجها وتصوم ولا قضاء عليها. ( فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ5 ـ صـ:393 )
بداية نفاس المرأة التي وضعت توأمين:
إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ تَوْأَمَيْنِ، فإنَّ بِدَايةَ النِّفَاسَ تَكُونُ مِنْ المولودِ الْأَوَّلِ وَهَذَا قَوْلُ الإمامين: أَبِي حَنِيفَةَ وَ مَالِكٍ. فَعَلَى هَذَا مَتَى انْقَضَتْ مُدَّةُ النِّفَاسِ مِنْ حِينِ وَضَعَتْ الْأَوَّلَ،لَمْ يَكُنْ مَا بَعْدَهُ نِفَاسًا؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ دَمٌ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، فَكَانَ نِفَاسًا، كَالْمُنْفَرِدِ، وَآخِرُهُ مِنْهُ. (المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ431)
انقطاع دم النفساء قبل الأربعين:
إذا انقطع الدم عن المرأة النفساء قبل الأربعين يوماً،اغتسلت وصلَّت وصامت وحَلَّ لزوجها جماعها، ثم إن عاد إليها الدم قبل الأربعين فهو دم نفاس،فيجب على المرأة ترك الصلاة والصيام. (فتاوى ابن باز ـ جـ15ـ صـ199:198)
حُكْمُ الولادة بدون دم:
إذا وضعت المرأة ولدها ولم تَر دماً، وجبَ عليها أن تغتسل،وذلك لأن الولادة لا تخلو،عادة، مِن رطوبة ودم قليل، وإن خَفِي.
( شرح فتح القديرـ لابن الهمام ـ جـ1 ـ صـ186) ( مغني المحتاج للخطيب الشربيني ـ جـ 1 ـ صـ 69 )
الفرق بين أحكام الحيض وأحكام النفاس :
أحكام النِّفَاسِ كأحكام الحيض تماماً إلا في الأمور التالية:
الأول: تُحتسبُ عِدة المرأة بالحيض دون النفاس، فإن كان الطلاق قبل وضع الحمل انقضت العِدة بوضعه ، لا بالنفاس، وإن كان الطلاق بعد الوضع انتظرت المرأة رجوع الحيض.
الثاني: مدة الإيلاء يُحسب منها مدة الحيض ولا يُحسب منها مدة النِّفَاسِ.
الإيلاء: أن يحلفَ الرَّجُلُ عَلى تَرْكِ جماع امرأته أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر، فهذه المدة إذا مر بالمرأة نفاس لم يُحسب على الزوج، وزيد على الشهور الأربعة بقدر مدته، بخلاف الحيض فإن مدته تُحسب على الزوج.
الثالث: الحيض دليلٌ على بلوغ المرأة، والنفاس لا يكون دليلاً عليه،لأن المرأة لا تحمل إلا وقد حاضت
(مجموع فتاوى ابن عثيمين ـ جـ 4 ـ صـ 291 ـ رقم 253)
ما يلزم المرأة عقب انتهاء الحيض والنفاس:
يجب على المرأة أن تغتسل عقب انتهاء الحيض والنفاس.
روى البخاريُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي قَالَ: وَقَالَ أَبِي: ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ.
(البخاري ـ حديث:228)
* ( أُسْتَحَاضُ ): أيْ: اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا.
* ( فَلاَ أَطْهُرُ ): أَيْ: مُدَّةً طَوِيلةً
* ( أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ ؟ ): أَيْ: أَفَأُتَرُكُ الصَّلَاةَ مَا دَامَتِ الِاسْتِحَاضَةُ مَعِي، وَلَوْ طَالَتِ الْمُدَّةُ ؟
* ( عِرْقٌ ): أَيْ: دَمُ عِرْقٍ انْشَقَّ وَانْفَجَرَ مِنْهُ الدَّمُ.
* ( وَلَيْسَ بِحَيْضٍ ): أَيْ: وَلَيْسَ ذَلِكَ الدَّمُ الَّذِي نَشَأَ مِنْ ذَلِكَ الْعِرْقِ بِحَيْضٍ. فَإِنَّ دَمَ الْحَيْضِ دَمٌ تُمَيِّزُهُ الْقُوَّةُ الْمُوَلِّدَةُ بِإِذْنِ خَالِقِهَا لِأَجْلِ الْجَنِينِ، وَتَدْفَعُهُ إِلَى الرَّحِمِ فِي مَجَارِيهِ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ.
* ( فَإِذَا أَقْبَلَتْ حِيضَتُكِ ) : الْمُرَادُ بِهَا الْحَالَةُ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهَا وَهِيَ تَعْرِفُهَا، فَيَكُونُ رَدًّا إِلَى الْعَادَةِ.
* ( فَدَعِي الصَّلَاةَ ) : أَيْ: اتْرُكِي الصَّلَاةَ.
* ( وَإِذَا أَدْبَرَتْ ) : أَيْ: تَوَلَّتْ حَيْضَتُكِ وَجَاوَزَ دَمُكِ أَيَّامَ عَادَتِكِ.
* ( فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ) أَيْ: أَثَرَ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَاغْتَسِلِي مَرَّةً وَاحِدَةً. ( مرقاة المفاتيح شرح المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ2 ـ صـ 498 )
* ( وَقَالَ أَبِي ):أيْ:عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.
* قَالَ الإمَامُ الترمذي (رَحِمَهُ اللهُ):قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ: أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ إِذَا جَاوَزَتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا اغْتَسَلَتْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلاَةٍ. ( سنن الترمذي ـ جـ2 ـ صـ 186)
* قَالَ الإمَامُ النووي (رَحِمَهُ اللهُ):أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَبِسَبَبِ النِّفَاسِ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ. (المجموع شرح المهذب ـ للنووي ـ جـ2 ـ صـ 148)
صفة الغسل من الحيض والنفاس:
روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ؟ فَقَالَ: تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا. فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بِهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ، تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ. وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أَوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ. ( مسلم ـ حديث: 332 )
* ( وَسِدْرَتَهَا ) الغَسُولُ المَأخُودُ مِنْ ورق شجر السدر، وهو شجر النبق .
* ( شُؤُونَ رَأْسِهَا ) أي: أصول شَعْرِ رَأْسِهَا.
* ( فِرْصَةً ) أي: قطعةً مِنَ الصوف أو القطن.
* ( مُمَسَّكَةً ) أي: مُطيبة بالمسك.
* ( كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ ) أي: قالت عائشةُ للمرأة السائلة كَلَامًا خَفِيًّا، بحيثُ تسمعه السائلةُ فقط، وَلَا يسمعهُ الْحَاضِرُونَ.
* ( تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ ) أي: تُنَظِفِنَ بها ما بقي مِنَ الدم في الْفَرْجِ،لإزالة الرائحة الكريهة.
* ( فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ) أي: تَتَوَضَّأُ وُضُوَءًا حَسَنًا.
النية شرط للاغتسال من الحيض والنفاس:
يجبُ على المرأة أن تستحضرَ النية عند اغتسالها بعد انقطاع دم الحيض أو النفاس.
روى الشيخانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.( البخاري ـ حديث:54 / مسلم ـ حديث: 1907 )
قَالَ الإمَامُ ابنُ قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): النِّيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ الطَّهَارَةِ لِلْأَحْدَاثِ كُلِّهَا، لَا يَصِحُّ وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ وَلَا تَيَمُّمٌ، إلَّا بِهَا ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ 82 )
أمور تُباح للحائض والنفساء
يجوز للحائض والنفساء, القراءة في كتب التفسير, والفقه وكذلك ذِكْر الله تعالى، والسجود عند سماع آية فيها سجدة ،وكذلك تسجد للشكر، ويجوز لزوجها أن يستمتع بها، بغير جِماع،ويجوز لها إعداد الطعام والشراب، وحضور غسل الميتة والمشاركة في غسلها.
(1) روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. ( البخاري ـ حديث: 2030 )
* ( يُبَاشِرُنِي ) أي: يَمَسُّ بَشَرتي مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. ( شرح الفسطلاني على صحيح البخاري ـ جـ3 ـ صـ 440 )
(2) روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ النَّبِيَّ ﷺ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) (البقرة: 222) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ (الجماع) فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ، فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ. ( مسلم ـ حديث:302 )
(3) روى مسلمٌ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ،أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيْضَتِي فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَنَفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ: وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْتَسِلَانِ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، مِنَ الْجَنَابَةِ. ( مسلم ـ حديث ـ 296 )
* ( الْخَمِيلَةُ ) أي: الْقَطِيفَةُ. * ( انْسَلَلْتُ ) أَيْ ذَهَبْتُ فِي خُفْيَةٍ. * ( أَنَفِسْتِ؟ ) أيْ: أَحِضْتِ ؟
* قَالَ الإمَامُ النوويُّ (رَحِمَهُ اللهُ): قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا تُكْرَهُ مُضَاجَعَةُ الْحَائِضِ وَلَا قُبْلَتُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ وَلَا يُكْرَهُ وَضْعُ يَدِهَا في شئ مِنَ الْمَائِعَاتِ وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهَا رَأْسَ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا وَتَرْجِيلُهُ وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصَّنَائِعِ وَسُؤْرُهَا وَعَرَقُهَا طَاهِرَانِ وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ( صحيح مسلم بشرح النووي ـ جـ3 ـ صـ 207 )
(4) روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا حَائِضٌ. ( البخاري ـ حديث: 295 )
* قولها: ( أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ) أي: أُمَشِّطُ شَعْرَ رأسه.
(5) روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ﷺ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ﷺ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ. ( مسلم ـ حديث:300 )
* (وَأَتَعَرَّقُ):أيْ:آخُذُ اللَّحْمَ مِنَ الْعَرْقِ بِأَسْنَانِي
* (الْعَرْقَ):أيْ: الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْمُ.
* (عَلَى َوْضِعِ فِيَّ):أيْ: عَلَى مَكَانِ فَمِي.
(6) روى ابنُ جرير الطبري عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: أَنَّ مَسْرُوقًا، رَكِبَ إِلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَبُو عَائِشَةَ مَرْحَبًا فَأْذِنُوا لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَأَنَا أَسْتَحْيِي، فَقَالَتْ: إِنَّمَا أَنَا أُمُّكُ وَأَنْتَ ابْنِي. فَقَالَ، مَا لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَتْ لَهُ: كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا فَرْجَهَا. ( إسناده صحيح ) ( تفسير الطبري ـ جـ4 ـ صـ378 )
أمور تحرم على الحائض والنفساء
(1) الصلاة:
لا يجوز الحائض أو النفساء أن تُصَلي فرضاً ولا نَفْلاً ولا نذراً ولا صلاة جنازة.
روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي . (البخاري ـ حديث 228 )
(2) الصوم:
سواء كان الصوم فرضاً أو نَفْلاً أو نذراً أو كفارة، فإنه لا يجوز بإجماع العلماء.
روى الشيخانِ عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ (أي من الخوارج) أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ .(البخاري ـ حديث 335 / مسلم ـ حديث 321)
(3) الطواف بالكعبة:
روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقَالَ: افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي . ( البخاري ـ حديث 165)
(4) الجلوس في المسجد:
روى مسلمٌ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ، الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ. ( مسلم ـ حديث: 890 )
* (الْعَوَاتِقَ) أي جمع عاتق، وهي البنت البكر البالغة، أو التي قاربت البلوغ، فيعتقها أهلها مِن الخدمة خارج المنزل.
* (الْخُدُورِ) هُوَ سِتْرٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءَهُ. ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ2 ـ صـ 469 )
هذا الحديث فيه دلالة واضحة في عدم دخول الحائض المسجد. إذا كان النَّبِيُّ ﷺ أَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى العيد، فلأن يكون مَنْع الحائض مِن دخول المسجد الذي تُصلى فيه الصلوات المفروضة مِنْ باب أولى .
* روى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ؛أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ:الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ الَّتِي تُهِلُّ بِالْحَجِّ، أَوِ الْعُمْرَةِ. إِنَّهَا تُهِلُّ بِحَجِّهَا ، أَوْ عُمْرَتِهَا إِذَا أَرَادَتْ ، وَلَكِنْ لاَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَهِيَ تَشْهَدُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا مَعَ النَّاسِ ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا،وَالْمَرْوَةِ ، وَلاَ تَقْرَبُ الْمَسْجِدَ حَتَّى تَطْهُرَ. (حديث صحيح ) ( الموطأ ـ كتاب الحج ـ باب 16 ـ حديث: 54 )
قَالَ الإمامُ ابن عثيمين (رَحِمَهُ اللهُ): يَحرمُ على الحائض أن تمكثَ في المسجد، حتى مُصَلَّى العيد يحرمُ عليها أن تمكثَ فيه لحديث أُمِّ عَطِيَّة.
(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ـ جـ11 ـ صـ 313)
(5) تلاوة القرآن ومس المصحف:
يحرمُ على الحائض أو النفساء تلاوة القرآن الكريم أو مَس المصحف إلا لضرورة، كأن تكون معلمة، أو طالبة عندها اختبار، أو تخشى نسيان القرآن الكريم .
قال الإمامُ ابنُ تيمية (رَحِمَهُ اللهُ): مَسُّ الْمُصْحَفِ يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَهُوَ ثَابِتٌ عَنْ سَلْمَانَ وَسَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَحُرْمَةُ الْمُصْحَفِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسَاجِدِ وَمَعَ هَذَا إذَا اُضْطُرَّ الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ وَالْحَائِضُ إلَى مَسِّهِ، مَسَّهُ. ( مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ26 ـ صـ200 )
قَالَ الإمامُ ابن عثيمين (رَحِمَهُ اللهُ): إذا احتاجت الحائض إلى قراءة القرآن لتعليمه أو تعلمه أو خوف نسيانه، فإنه لا حرج عليها.(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ـ جـ11 ـ صـ 273)
(6) الجماع:
قال سبحانه: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) (البقرة: 222 )
قَوْلُهُ: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنِ عَبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اعْتَزِلُوا نِكَاحَ فُرُوجَهُنَّ. (تفسير ابن أبي حاتم ـ جـ2 ـ صـ 401ـ رقم: 2115 )
قَالَ الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) نَهْيٌ عَنْ قُرْبَانِهِنَّ بِالْجِمَاعِ مَا دَامَ الْحَيْضُ مَوْجُودًا.(تفسير ابن كثير ـ جـ1 ـ صـ 587)
قَالَ الإمامُ ابن تيمية (رَحِمَهُ اللهُ):وَطْءُ(جِمَاعُ) النُّفَسَاءِ كَوَطْءِ الْحَائِضِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. (مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ21 ـ صـ624)
كفارة جِمَاعِ الحائض والنفساء:
يحرمُ على الزوج أن يجامعَ زوجته في مدة الحيض أو النفاس, وله أن يستمتع بما شاء مِن جسدها, فإن جامعها, وَجَبَ عليه التوبة والاستغفار, وَوَجَبَ عليه كذلك التصدق بمبلغ مِنَ المال قيمته جرامان مِنَ الذهب، كفارة لهذا الفعل الحرام , ويجب
هذا على الزوجة أيضاً إذا كانت راضية عن ذلك, وأما إذا كان زوجها قد أجبرها, فلا شيء عليها . ( المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ 419:418 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ19 ـ صـ274 )
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ـ فِي الَّذِي يَأْتِي( يُجَامِعَ ) امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ـ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 237 )
قَالَ الإمامُ محمد ناصر الدين الألباني (رَحِمَهُ اللهُ): على مَنْ أتاها أن يتصدق بدينار أو بنصف دينار على التخيير. (الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب ـ للألباني ـ جـ1 ـ صـ 42)
الاستحاضة
معنى الاستحاضة:
دمٌ يخرجُ من عِرق ينفجر في رَحِم المرأة في غير أوقات الحيض أو النفاس أو متصلاً بهما .
دم الاستحاضة يختلفُ عن دم الحيض في صفته وأحكامه.
المرأة المستحاضة لا يحرم علها الأمور التي تحرم عليها في مدة الحيض, فتصلي وتصوم وتحلُّ لزوجها، وتفعل كل ما تفعله الطاهرات , إلا أنها تتحفظ مِن نزول الدم، وتتوضأ بعد دخول وقت كل صلاة فريضة.
روى الشيخانِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي ـ قَالَ: وَقَالَ أَبِي: ـ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ. (البخاري ـ حديث:228/ مسلم ـ حديث:333 )
روى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: تَقْعُدُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. (صحيح) (مسند علي بن الجعد ـ صـ439 ـ رقم: 2999 )
روى الدارميُّ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ـ فِي ( الْمُسْتَحَاضَةِ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا ) ( صحيح ) ( سنن الدارمي ـ جـ1 ـ صـ617 ـ رقم: 844 )
روى الدارمي عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَتُجَامَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ ؟ فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنَ الْجِمَاعِ. ( صحيح ) ( سنن الدارمي ـ جـ1 ـ صـ617 ـ رقم: 845 )
الفرق بين الحيض والاستحاضة:
يختلفُ دَمُ الْحَيْضِ عَنِ دَمِ الاِسْتِحَاضَةِ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
(1) الْحَيْضُ دَمٌ يَعْتَادُ الْمَرْأَةَ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ كُل شَهْرٍ، أَمَّا الاِسْتِحَاضَةُ فَهِيَ دَمٌ شَاذٌّ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ.
(2) الْحَيْضُ دَمٌ طَبِيعِيٌّ لاَ عَلاَقَةَ لَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ مَرَضِيٍّ، فِي حِينِ أَنَّ دَمَ الاِسْتِحَاضَةِ دَمٌ نَاتِجٌ عَنْ مَرَضٍ أَوِ اخْتِلاَل أجْهِزَةِ الْجِسْمِ أَوْ نَزْفِ عِرْقٍ.
(3) لَوْنُ دَمِ الْحَيْضِ أَسْوَدُ ثَخِينٌ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، بَيْنَمَا لَوْنُ دَمِ الاِسْتِحَاضَةِ أَحْمَرُ رَقِيقٌ لاَ رَائِحَةَ لَهُ.
(الموسوعة الفقهية الكويتية ـ جـ3 ـ صـ 198)
أحوال الاستحاضة:
المرأة المستحاضة لها ثلاثة أحوال وهي:
(1) أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة, وفي هذه الحالة تعتبر هذه المدة المعلومة لها هي مدة الحيض , والباقي استحاضة .
(2) أن تكون للمرأة القدرة على أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة, فدم الحيض أسود , وذو رائحة كريهة , وأما دم الاستحاضة فلونه أحمر, فإذا رأت الدم الأسود فهو وقت الحيض والباقي استحاضة.
(3) أن يستمر الدم بالمرأة ولم يكن لها أيام حيض معروفة أو نسيت عادتها أو قد بلغت وهي مستحاضة أو لا تستطيع أن تميز بين دم الحيض
ودم الاستحاضة. وفي هذه الحالة تكون فترة حيضها ستة أيام أو سبعة أيام حسب عادة أغلب النساء , وتبدأ هذه المدة عند أول رؤيتها للدم . ( فتاوى دار الإفتاء المصرية ـ جـ8 ـ صـ2723)
( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ22 : صـ23 ) ( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ322 : صـ328 )
فائدة مهمة:
الْمَرْأَةُ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْحَيْضِ - بِأَنْ كَانَتْ تَرَى شَهْرًا سِتًّا وَشَهْرًا سَبْعًا - فَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ فِي حَقِّ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالرَّجْعَةِ بِالْأَقَل، وَفِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْوَطْءِ ( الْجِمَاع) بِالْأَكْثَرِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِل فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ لِتَمَامِ الْيَوْمِ السَّادِسِ وَتُصَلِّي فِيهِ، وَتَصُومُ إِنْ كَانَ دَخَل عَلَيْهَا شَهْرُ رَمَضَانَ احْتِيَاطًا. وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ تُعْتَبَرُ حَيْضَةً ثَالِثَةً يَكُونُ قَدْ سَقَطَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي مُرَاجَعَتِهَا.
(الموسوعة الفقهية الكويتية ـ جـ3 ـ صـ 205)
أمور تتعلق بالصلاة:
(1) المرأة الحائض إذا انتهت حيضتها قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ فريضة الصلاة بِقَلِيلِ، فإنها تغتسل ما دام الماء موجوداً، وإن خرج وقت الفريضة، ولا يجوز لها أن تتيمم مع وجود الماء، ومع قدرتها على استخدامه. ( مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ21 ـ صـ 470:469 )
(2) إذا طهرت المرأة الحائض أو النفساء وقت العصر لا يلزمها إلا صلاة العصر فقط، لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر، والأصل براءة الذمة، وكذلك طهرت المرأة قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلا صلاة العشاء فقط.
60 سؤال وجواب في أحكام الحيض ـ لابن عثيمين ـ صـ124:123 ـ سؤال رقم:12
قال بعضُ العلماء ( الْحَسَنُ البصري، وسفيانُ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ (الأحناف ) لا يلزمها إلا الصَّلاة التي أدركت وقتها فقط، فأمَّا مَا قبلها فلا يلزمها، لِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى خَرَجَ فِي حَالِ عُذْرِهَا، فَلَمْ تَجِبْ كَمَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ2صـ46)
* روى ابنُ أبي شيبة عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِي، قَالَ : تُصَلِّي الصَّلاَة الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا.( إسناده صحيح ) ( مصنف ابن أبي شيبة ـ جـ2 ـ صـ 337 ـ رقم: 7290 )
(3) إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت صلاة مفروضة ولم تكن صلتها، وَجَبَ عليها قضاء هذه الفريضة بعد انقضاء مدة الحيض،لأن دخول وقت هذه الصلاة قد ثبت في حقها.
قال الله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) (النساء:103)
(4) المرأةُ الحاملُ إذا خرجَ منها دمٌ كثيرٌ، ولم يَسْقُط الولد، فهو دمُ فَسَادٍ، لا تترك الصلاة لأجله، ولكن تتوضأ لكل صلاة. (موسوعة الفقه الإسلامي ـ محمد بن إبراهيم التويجري ـ جـ2 ـ صـ375)
(5) يجوز للحائض أو النفساء أن تسجد للتلاوة والشكر، لأنهما ليستا بصلاة، فلا يُشْتَرَطُ لهما الطهارة.
روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ.( البخاري ـ حديث1071)
قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ): في هذا الحديث دليلٌ على جَوَازِ السُّجُودِ بِلَا وُضُوءٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ بِالْوُضُوءِ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ2 ـ صـ645 )
قال الإمامُ البخاري (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ . (البخاري ـ كتاب سجود القرآن ـ باب 15)
(6) إذا طهرت المرأة الحائض وتعذر عليها استخدام الماء، إمَّا لعدم وجوده أو لعدم القدرة على استعماله فإنها تنتقل إلى التيمم بالتراب .
قال اللهُ تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا )( النساء:43) فالتيمم بديل مشروع بإجماع العلماء لكل ما يُفعلُ بالماء .
( صحيح مسلم بشرح النووي ـ جـ4 ـ صـ57 ) ( مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ21 ـ صـ625 )
أمور تتعلق بالصوم:
(1) إذا طهرت المرأة مِنَ الحيض أو النفاس قبل الفجر، صَحَّ صومها، ويجبُ عليها أن تغتسل للصلاة.
(المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ4 ـ صـ 393:391)
(2) يجوز للمرأة أن تستعمل الأدوية التي تمنع الحيض لتصوم مع الناس بشرط أن يقرر الأطباء الثقات أن هذه الأدوية لا تضرها, ولكن الأفضل لها أن تترك ذلك، لأن الحيض كتبه الله على النساء وجعله لهن رخصة في الفطر مع وجوب القضاء بعد ذلك .
(المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ 450) ( فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ10 ـ صـ151:150)
(3) إذا خرج مِنَ المرأة دمُ الحيض أو النفاس في أي وقت مِن نهار يوم الصوم، ولو في آخر لحظة، فَسَدَ صومها، وعليها القضاء.
(المغني ـ لابن قدامة ـ جـ 4 ـ صـ 397)
(4) إذا شعرت المرأة بأعراض الحيض, مِنَ الوجع والتألم, قبل غروب الشمس, ولكنها لم تَرَ دَمَ الحيض خارجاً إلا بعد الغروب، فإن صومها صحيح, ولا شيء عليها، لأن الذي يفسد الصوم إنما هو خروج دم الحيض قبل الغروب، وليس الإحساس به.
(فتاوى ابن باز ـ جـ 15 ـ صـ 192)
(5) إذا طهرت الحائض في نهار لشهر رمضان فلا يجب عليها الإمساك عن الطعام الشراب وسائر المُفَطِّرَاتِ بقية اليوم.
* روى ابنُ أبي شيبة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ.
( إسناده صحيح ) ( مصنف ابن أبي شيبة جـ 2 ـ صـ 286 ـ رقم: 9044)
* روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الْمَرْأَةُ تُصْبِحُ حَائِضًا، ثُمَّ تَطْهُرُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ أَتُتِمُّهُ ؟ ( أي:صيام اليوم ) قَالَ: لَا هِيَ قَاضِيَةٌ ( أي: يجب عليها قضاء يوم بلاً مِنه ). ( صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق ـ جـ1 ـصـ334 ـ رقم: 1292 )
(6) إذا جَامع الرَّجُلُ زوجته في نهار شهر رمضان، وهي طاهرة، وكان ذلك برضاها، ثم نزل عليها دم الحيض بعدَ ذَلِكَ في نفس اليوم، وجبت عليها كفارة الجماع، وهي صيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع، أطعمت ستين مسكيناً، مع صيام يوم آخر، ولا تسقط هذه الكفارة بنزول دم الحيض، لأن الجماع حَدَثَ أولاً. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ3 ـ صـ 139 )
(7) الحيض والنفاس لا يقطعان التتابع في الكفارة التي تُوجب صيام شهرين متتابعين على المرأة، ككفارة القتل شبه العمد والقتل الخطأ، وكفارة الجماع عمداً في نهار شهر رمضان. ( روضة الطالبين ـ للنووي ـ جـ8 ـ صـ302 )
الحكمة مِن قضاء الحائض للصيام دون الصلاة :
أولا: لا يخفى أن واجب المسلم فعل ما أوجب اللهُ عليه من المأمورات، والكف عن جميع ما نهى عنه من المحرمات، أدرك حكمة الأمر أو النهي أم لم يدركها مع إيمانه بأن الله لا يأمر العباد إلا بما فيه مصلحة لهم، ولا نهاهم إلا عما فيه مضرة عليهم، وأن تشريعاته سبحانه جميعها لحكمة يعلمها سبحانه يظهر منها لعباده ما شاء، وليزداد المؤمن بذلك إيمانا ويستأثر سبحانه بما شاء ليزداد المؤمن بتسليمه لأمر الله إيمانا كذلك.
ثانيا: مَعْلومٌ أن الصلاة كثيرة متكررة في اليوم والليلة خمس مرات فيشق قضاؤها على الحائض بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما كان الحيض يوماً أو يومين، وصدق اللهُ العظيم، ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) (النساء:28)
(فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ5 ـ صـ 436)
أمور تتعلق بالحج العمرة:
(1) المرأة التي تريد الحج أو العُمْرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام حتى لو كانت حائضاً، فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح. ( مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ـ جـ21 ـ صـ 350 )
روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ( وذلك في حجة الوداع) قَالَ: حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي. ( مسلم ـ حديث: 1218 )
قَوْلُهُ: ( وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ ) أيْ: ضعي قماشة على مكان الدم .
(2) يجوز للمرأة أن تستخدم دواء يمنع الحيض حتى تنتهي مِن أداء مناسك الحج والعُمْرة بشرط أن لا يضر بصحتها .
(فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ11 ـ صـ191 )
(3) إذا حاضت المرأةُ، ولم تطف طواف الإفاضة، أو لم تُكمل مناسك العُمْرة, وهي مِن خارج الأماكن المقدسة, وقد حان وقت مغادرتها، ولا تستطيع التأخر، ولا تستطيع العودة إلى مكة، فإنه يجوز لهذه المرأة في هذه الحالة الضرورية أن تفعلَ أمْرَاً مِن اثنين:
الأول : أن تستخدمَ حقنةً أو دواءً يُوقف الدم وتطوف، أو تكمل مناسك العمرة.
الثاني :أن تستخدمَ قطعةً مِنَ القماش تمنع نزول الدم على أرض المسجد الحرام وتطوف وتسعى للضرورة .
(مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ26ـ صـ245:244)
(4) يجوز للحائض والنفساء السعي بين الصفا والمروة, لأن الطهارة مِنَ الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر ليست شرطاً مِن شروط صحة السعي, ولكنها مِنَ السُّنَنِ المستحبة, ولأن الأصل أن المسعى خارج المسجد الحرام .
روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقَالَ: افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي . ( البخاري ـ حديث 165)
* قال الإمَامُ ابنُ قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ الطَّهَارَةُ لِلسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ،وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ،وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. (المغنى لابن قدامة ـ جـ 5 ـ صـ 246)
(5) يجوز للحائض والنفساء أن تتركَ طواف الوداع عند الضرورة، ولا شيء عليهما.
روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ .
(البخاري ـ حديث 1755 / مسلم ـ حديث 1328)
اعتكاف المستحاضة
روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. ( البخاري ـ حديث: 310 )
* ( تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ ): كناية عن الاستحاضة.
* قال الإمَامُ ابن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ): فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ مُكْثِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَصِحَّةُ اعْتِكَافِهَا وَصَلَاتِهَا وَجَوَازُ حَدَثِهَا فِي الْمَسْجِدِ عِنْدِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ. ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ1 ـ صـ 412 )
تنبيهات مهمة
(1) إذا جَامعَ الرَّجُلُ زوجته الحائض، ناسياً أو جاهلاً بالحكم الشرعي، فلا إثم عليه ولا كَفَّارَةٌ.
روى ابنُ ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ . ( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه ـ للألباني ـ حديث 1664 )
(2) إذا طهرت المرأة مِنَ الحيض أو النفاس،لا يجوز لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل.
قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222)
روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: قَوْلُهُ: ( إِذَا تَطَهَّرْنَ ) أَيْ: إِذَا اغْتَسَلْنَ، وَلَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ. ( صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق ـ جـ1 ـ صـ330 ـ رقم: 1272 )
* قال الإمَامُ ابن قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): وَطْءُ (جماع) الْحَائِضِ قَبْلَ الْغُسْلِ حَرَامٌ، وَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. (المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ 419)
* قال الإمَامُ ابن تيمية (رَحِمَهُ اللهُ): الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فَلَا يَطَؤُهَا ( يُجَامعها ) زَوْجُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ إذَا كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الِاغْتِسَالِ، وَإِلَّا تَيَمَّمَتْ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ. ( مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ21 ـ صـ 624 )
(3) إذا جَامعَ الرجل زوجته بعد طهرها مِن الحيض أو النفاس، وقبل أن تغتسل، كان آثماً، ولكن لا كَفَّارة عليه. (المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ 418)
(4) لا يجب على الحائض تغيير ملابسها بعد طهرها إذا لم يُصِبْ هذه الملابس دمٌ أو نـجاسةٌ.
(5) إذا رأت المرأة دم النفاس لمدة أسبوعين ثم تحول تدريجياً إلى مادة مخاطية مائلة إلى الصُّفْرَة واستمر كذلك حتى نهاية الأربعين، فإن هذه الصُّفْرَة أو السائل المخاطي ما دام لم تظهر فيه الطهارة الواضحة،فإنه تابع لحكم دم النفاس، فلا تكون المرأة طاهراً حتى تنقطع هذه المادة المخاطية تماماً،فإذا انقطعت، وجب عليها أن تغتسل وتصلي حتى ولو كان ذلك قبل الأربعين.
(مجموع فتاوى ابن عثيمين ـ جـ 4 ـ صـ 291 ـ رقم 253)
(6) يجوز للمرأة المستحاضة أن يطأها زوجها ولا حرج في ذلك.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ـ عَن المُسْتَحَاضَةِ ـ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلَوْ سَاعَةً، وَيَأْتِيهَا (يجامعها) زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ، الصَّلاَةُ أَعْظَمُ.
(البخاري ـ كتاب الحيض ـ باب 28)
روى أبو داودَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا.
( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث:303 )
(7) يجوز للمرأة الحائض أو النفساء أن تُخَالِعَ زوجها. ( الدماء الطبيعية للنساء ـ لابن عثيمين ـ صـ26 )
*الخُلْعُ: هو افتداء المرأة نفسها مِن زوجها الكارهة له بمال تدفعه له ليتخلى عنها . ( منهاج المسلم ـ أبو بكر الجزائري ـ صـ326 )
روى البخاري عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا ( البخاري ـ حديث 5276 )
(8) إذا تجاوزت المرأة الخمسين عاماً، ثم نزل عليها دم الحيض، على صفته المعروفة، وجب عليها اجتناب الصلاة والصوم ودخول المسجد ومس المصحف وتلاوة القرآن، ولزمها الغسل بعد توقف الدم، ونحو ذلك. (فتاوى المرأة المسلمة ـ إعداد أشرف عبد المقصود ـ جـ 1ـ صـ 300 رقم:211ظ)
(9) إذا تأخرت عادة المرأة عن وقتها, مثل أن تكون عادتها في أول الشهر, فترى الحيض في آخره, فإنها متى رأت الدم فهي حائض، ومتى طهرت منه فهي طاهرة . ( فتاوى ابن عثيمين ـ جـ4 ـ صـ278 )
(10) تستطيع المرأةُ إزالة دم الحيض بالماء، أو بأي مُزيلٍ طَاهِرٍ غير الماء. ( مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ20 ـ صـ522، وجـ21 ـ صـ610 )
(11) يجوزُ إجراء عَقْد الزواج على المرأة أثناء فترة حيضها،لأن الحيض ليس شرطاً، ولا ركناً مِنْ أركان عقد الزواج، ولا خِلاف بين العلماء في ذلك.
(12) يجوز للرجل أن يتكئ عَلى صّدْرِ وبَطْنِ زوجته الحائض ويقرأ القرآن الكريم.
روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي ( حُضْنِي ) وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
(البخاري ـ حديث: 297 / مسلم ـ حديث: 301)
قَالَ الإمَامُ النووي (رَحِمَهُ اللهُ): هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُضْطَجِعًا وَمُتَّكِئًا عَلَى الْحَائِضِ.( مسلم بشرح النووي ـ جـ3 ـ صـ 211 )
(13) إذا ماتت المرأة وهي حائض فإنها تُغسَّلُ غُسْلاً وَاحِدًا. ( المجموع ـ للنووي ـ جـ5 ـ صـ 152 )
(14) يجوزُ للرَّجُلِ أن يُرْجِعَ زوجته، التي طلقها إلى عِصْمَتِهِ، أثناء فَتْرة حيضها، بشرط عدم انتهاء عِدَّتها.
(15) المرأةُ المعتادةُ إذا تأكدت مِن انقطاع دم الحيض قبل انتهاء عادتها، فإنها تطهر بذلك، وذلك لأنه لا يُوجَدُ حَدٌّ لأقلِّ الحيض. (الحيض والنفاس ـ دبيان بن محمد الدبيان ـ جـ1 ـ صـ245)
(16) يُسَنُّ للمرأة أن تتوضأ عند الاغتسال مِنَ الحيض.
قال الإمَامُ أحمد بن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ): قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ غَير وَاجِبٍ.
(فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ حـ1 ـ صـ 372 )
(17) لا يجب على المرأة الحائض أو النفساء أن تَحلَّ ضفائر شَعرها عند الاغتسال للطهر، ولكن يجب عليها أن تتأكد مِن وصول الماء إلى أصول شَعرها.(المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1ـ صـ 300)
* روى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ (وفي رواية: فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ ؟ ) قَالَ: لَا. إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ ( تَصُبينَ ) عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ. (مسلم ـ حديث:330 )
(18) إذا تزوجَ المسلمُ امرأةً، يهوديةً أو نصرانيةً، فحاضت وانتهت حيضتها، وأراد زوجها أن يجامعها، وجَبَ عليه أن يجبرها على الاغتسال، ولا تُشترط نيتها .
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (البقرة:222)
في هذه الآية الكريمة أَمَرَ اللهُ تَعَالَى النساءَ بالاغتسال بعد انتهاء الحيض، وَلَمْ يَخُصَّ اللهُ سُبْحَانَهُ مُسْلِمَةً مِنْ غَيْرِهَا.
(تفسير القرطبي ـ جـ1 ـ صـ90)
* قَالَ الإمَامُ ابن قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): لِلزَّوْجِ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ مَمْلُوكَةً ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لَهُ، فَمَلَكَ إجْبَارَهَا عَلَى إزَالَةِ مَا يَمْنَعُ حَقَّهُ. ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ7 ـ صـ294)
(19) تستعملُ النساءُ الآن موانعَ الحمل، كالحبوب واللولب، ويقوم طبيب قبل وَضْعِ اللولب أو إعطاء الحبوب، بإعطاء المرأة حبتين للتأكد مِن عدم وجود الحمل، وبهذه الطريقة لا بد أن ينزل مِنَ المرأة الدم لمدة أيام معدودة، إن لم تكن حاملاً، فإذا كان الدم الذي نزل بعد أخذ الحبتين هو دم العادة المعروف بصفته للمرأة، فهو دم حيض، يجب أن تترك أثناء نزوله الصلاة والصوم، وإذا كان الدم غير ذلك، فلا يعتبر دم حيض، فيجب عليها أن تصلي وتصوم ؛ لأنه إنما نزل بسبب الحبوب. ( فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ 5 ـ صـ 443:442 )
(20) إذا أَسْقَطت المرأة عَلَقةً أو مُضغةً, لم يظهر فيها خَلْقُ الإنسان, فلا نفاس عليها, وما خرج منها من الدم قُبيلَ إسقاط الحمل وبعده , يعتبر دم فساد, ويجب عليها أن تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتتحفظ مِن هذا الدم بقطن ونحوه, وأما إن سقط منها ما تبين فيه خَلْق الإنسان فحكمها كحكم المرأة النفساء , فيجب عليها ترك الصلاة والصيام ويجتنبها زوجها حتى تطهر، أو تكمل أربعين يوماً , فإذا طهرت قبل الأربعين , اغتسلت وصلت وحل لها الصوم وحَلَّ لزوجها أن يجامعها , ولو كان ذلك قبل إكمال الأربعين يوماً . ( المغني ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ431 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة ـ جـ5 ـ صـ419 )
(21) إذا كان للمرأة أيام حيض معلومة، فنزل الدم يومين ثم توقف يوماً ثم نزل بعد ذلك ثم توقف يوماً ثم نزل وهكذا، فلا عبرة بتوقف الدم أثناء الحيض، وتعتبر هذه المدة كلها فترة حيض، فلا تصلي المرأة ولا تصوم ولا يجامعها زوجها أثناء توقف الدم حتى ترى علامة الطهر. ( فتاوى المرأة ـ لمحمد المسند ـ صـ26)
(22) إذا كانت عادة حيض امرأة ستة أيام ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أيام، فإنها تعتبر مِنَ الحيض، مادامت علامات دم الحيض موجودة، ويجب على المرأة أن تترك الصلاة والصيام خلالها حتى تطهر، وذلك لأن نبينا ﷺ لم يَذْكُر حَدَّاً مُعَيناً في مُدَّةِ الحيض.
قَالَ الإمَامُ ابن قدامة (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَبْعَثُ إلَيْهَا النِّسَاءُ بِالدُّرْجَةِ ( قطعة من القماش ) فِيهَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ.وَمَعْنَاهُ لَا تَعْجَلْنَ بِالْغُسْلِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ، وَتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ، وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلِّ، بِحَيْثُ إذَا دَخَلَتْ فِيهِ قُطْنَةٌ خَرَجَتْ بَيْضَاءَ. وَلَوْ لَمْ تَعُدَّ الزِّيَادَةَ حَيْضًا لَلَزِمَهَا الْغُسْلُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعَادَةِ،وَإِنْ كَانَ الدَّمُ جَارِيًا؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَ عَلَى الْحَيْضِ أَحْكَامًا، وَلَمْ يَحُدُّهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ النَّاسَ فِيهِ إلَى عُرْفِهِمْ، وَالْعُرْفُ بَيْنَ النِّسَاءِ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى رَأَتْ دَمًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، اعْتَقَدَتْهُ حَيْضًا، وَلَوْ كَانَ عُرْفُهُنَّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَنُقِلَ، وَلَمْ يَجُزْ التَّوَاطُؤُ عَلَى كِتْمَانِهِ، مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ ( اللحاف )، فَجَاءَهَا الدَّمُ، فَانْسَلَّتْ ( ذهبت خفية ) مِنْ الْخَمِيلَةِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. ( البخاري ـ حديث 298 / مسلم ـ حديث296 )
فَأَمَرَهَا أَنْ تَأْتَزِرَ. وَلَمْ يَسْأَلْهَا النَّبِيُّ ﷺ :هَلْ وَافَقَ الْعَادَةَ أَوْ جَاءَ قَبْلَهَا؟ وَلَا هِيَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ، وَلَا سَأَلَتْ عَنْهُ، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّتْ عَلَى الْحَيْضَةِ بِخُرُوجِ الدَّمِ، فَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَكَذَلِكَ حِينَ حَاضَتْ عَائِشَةُ فِي عُمْرَتِهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، إنَّمَا عَلِمَتْ الْحَيْضَةَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لَا غَيْرُ، وَلَمْ تَذْكُرْ عَادَةً، وَلَا ذَكَرَهَا لَهَا النَّبِيُّ ﷺ( المغنى ـ لابن قدامة ـ جـ1 ـ صـ 435:434 )
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة، كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد