أيها الإنسان

587
2 دقائق
20 شعبان 1442 (03-04-2021)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

أيُّها الإنسانُ كم مَغداكَ ناء=
بثقيلِ الهمِّ أو طولِ العناءْ
وكم استسلمتَ للبلوى ، وكم=
وجهُك : التقتيرُ في خدَّيه ساءْ
وَلَكَم أصغيتَ للتضليلِ من=
مفلسٍ آخى فِعالَ الأشقياءْ
وتلكأتَ ، وقد نُوديتَ في
فَلَقِ الصُّبحِ إلى أحلى نداءْ
وتثاقلْتَ ، ولم تجدِ الحِجى=
إذ تناومتَ إلى وقتِ الضَّحاءْ
فرآكَ الحقُّ تجفوهُ ، وفي
بهرجِ الغفلةِ كنتَ الببَّغاءْ
لم تنلْ ــ ويحك ــ من دنياكِ ما=
يسعفُ الماشي إلى يومِ الجزاءْ
لم يفدْك السَّعيُ ما تسمو به=
ورؤى النجدين أعيتْ هؤلاءْ
إنما الراغب في الحسنى وعى=
كيف يأتيها ، ولا يكفي اجتزاءْ
قوةُ النفسِ التي تسعفُه=
وتراخيها ــ هنا ــ ليسا سواءْ
والإشاراتُ التي مابرحتْ
توقظُ الإنسانَ في ومضِ السَّناءْ
والنداءاتُ من المجهولِ قد=
غلبتْ عصفَ عُتُوٍّ وافتراءْ
ونُكوصٍ وضلالٍ وهوىً
عاثَ بالنفسِ عناءً وأداءْ
من صميمِ الفطرةِ الأولى أتتْ
تُنجدُ العقلَ بتمييزِ الدواءْ
قد يُغرُّ المرءُ ، قد يهوي ، وقد=
يركبُ الوهمَ ، ويستجدي العماءْ
إنَّما العدلُ الذي يطلُبُه=
هو في الأصلِ له أغلى رجاءْ
موجباتُ العدلِ ألاَّ ينثني=
في قيادِ النَّفسِ بالأجدى مَضاءْ
أكرمَ اللهُ بني الإنسانِِ لم
يدعِ الإنسانَ من عقلٍ براءْ
فبقلبٍ وشعورٍ وحِجىً
وبنورٍ هلَّ معْ وحيِ السماءْ
ولسانٍ وبعينٍ قد رأتْ
مابهذا الكونِ من أرضٍ و ماءْ
أيُّها الإنسانُ أنت المصطفى=
مذ براكَ اللهُ في الدنيا وشاءْ
لأمورٍ غالياتٍ جُمعتْ
في عبوديَّةِ نفسٍ لاتُساءْ
وهو المُلكُ لربٍّ بارئٍ
سيُعيدُ الخَلقَ من بعدِ الفناءْ
ويُجازي كلَّ مخلوقٍ بما=
أحسنَ المخلوقُ فيها أو أساءْ
يومَها الفصلُ الذي يُتحفُنا=
بالرضا في الخلدِ في دارِ النَّجاءْ
لو درى الإنسانُ عن أوبتِه=
وتحرَّى في صِحاحِ الأنبياءْ
لرأى الدنيا سرابًا زائلا
وبقايا رَحْلِ مَن عافوا الخِباءْ
ترتقي الذَّاتُ على معراجِها=
إن نأى الإنسانُ عن تيهِ الشقاءْ
لم يُقَيِّدْها انتكاسٌ أو لوى=
سعيَها المحمودَ للأوجِ انحناءْ
عـزَّ بالطُّهرِ فؤادٌ مخبتٌ=
لا إلى أهواْءِ دنيانا أفاءْ
أيُّها الإنسانُ هوِّنْ ، واتَّئِدْ=
لايغُرَّنَّكَ زهوُ السُّفهاءْ
أو يقودَنَّكَ وهمٌ صاغه=
مكرُ إبليس بزورٍ وافتراءْ
كلُّ ما في هذه الدنيا وإن=
عربدَ الباطلُ فيها بازدراءْ
كلُّها في قبضةِ الدَّيَّانِ لم
يُفلتِ ( الشَّاطرُ ) حتى في الخفاءْ
كلُّ داءٍ وله بين الورى=
من طبيبٍ ودواءٍ وشِفاءْ
غير داءٍ واحدٍ أعجزهم=
إنَّه ــ والله ــ داءُ الكبرياءْ
أيُّها الإنسانُ هذا الكَلْمُ من=
شفتيْكَ انسابَ مدحًا أو هجاءْ
أو بنجوى غيبةٍ ممقوتة=
أو سمعتَ السوءَ قصدًا وانتقاءْ
غزلا يَسبي فؤادًا والهًا=
أو تهافتْتَ لهُزءٍ أو غِناءْ
فرقيبٌ وعتيدٌ كتبا=
لكَ ما قد تصطفي مما تشاءْ
لو تجلَّى اللهُ ياهذا على=
قلبِك الشاردِ في رحبِ الفضاءْ
راكضًا خلفَ مُنادي لذَّة=ٍ
حرَّمَ اللهُ مآتيها وِقاءْ
ناسيًا مولاكَ لكنْ لم تزلْ=
تطلبُ اللذَّةَ في أيِّ وِعاءْ
فإذا أنت بقبرٍ مظلم =
ليس فيه من حميمٍ أو رجاءْ
وأراكَ اللهُ لو كنتَ الذي=
هَجَرَ السوءَ ، وفعلَ الجهلاءْ

قصرَكَ المعمورَ في جنَّاتِه=
وأراكَ الحورَ فيه والهناءْ
وأراكَ الخيرَ لايُحصَى ولا=
كان هذا الخيرُ في دارِ الفناءْ
ثُـمَّ ناداكَ : أيا عبدي لِمَنْ =
أنتَ أفنيتَ لياليك الوِضاءْ ؟
لم تُجبْ فيها منادي رحمتي=
واتَّبعْتَ اللهوَ مركوبَ الشقاءْ
فَلْتَلُمْ نفسَك ما طهَّرتَها=
من هواها ألِكِبرٍ أم هذا الغباءْ؟
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق