بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن النظافة لها منزلةٌ ساميةٌ في الإسلام، من أجل ذلك أحببت أن أُذَكِرَ نفسي وإخواني الكرام بأهمية النظافة، ووسائلها.فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أركان الإسلام تدعو إلى النظافة:
الإسلامُ هو دينُ الله الخاتم ،وهو آخر رسالات الله تعالى إلى أهل الأرض.والإسلامُ يسايرُ الفطرةَ السليمةَ، التي خَلَقَ اللهُ الناسُ عليها، وأركان الإسلام الخمس تدعوا المسلمَ إلى الاهتمام بنظافة ظاهره وباطنه،وسوف نتحدث عن ذلك بإيجاز، فنقول وبالله تعالى التوفيق:
الركن الأول: شهادة :ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله:
شهادة التوحيد، تعني طهارةُ قلبِ المسلمِ من جميع مَظاهر الشرك، وإفراد الله تعالى بالعبادة وقد أطلق القرآن الكريم وصف النجاسة على من فقدَ عقيدة التوحيد.قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة :28)
وإذا كانت النجاسة المعنوية سبباً لمنع المشركين من دخول المسجد الحرام بمكة، فقد أمرَ الله تعالى نبيه إبراهيم بتطهير المسجد الحرام من النجاسات الحسية والمعنوية.قال سبحانه: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (الحج:26) ومن هنا كانت مشروعية اغتسال الكافر إذا أراد الدخول في الإسلام.
قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لأَسْعَد بْنِ زُرَارَةَ ومُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ:كَيْفَ تَصْنَعُونَ إذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟ قَالَا لَهُ: تَغْتَسِلُ فَتَطَّهَّرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تُصَلِّي. فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَطَهَّرَ ثَوْبَيْهِ، وَتَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ.
(سيرة ابن هشام جـ1صـ436)
الركن الثاني إقامة الصلاة:
الصلاةُ تجمعُ بين النظافة الباطنة والظاهرة بوضوح.فالصلاة نفسها نظافة باطنة.يقول سبحانه: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)(العنكبوت)45
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ ؟ قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ(وَسَخِه) شَيْئًا، قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا»
(البخاري حديث 528مسلم حديث 667)
وتبدو النظافةُ الباطنةُ متكاملة مع النظافة الظاهرة حيث يَشترطُ الإسلامُ للدخول في الصلاة الطهارة، بالوضوء،أو بالاغتسال.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) (المائدة 6 )
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلىهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ . ( مسلم حديث 244 )
في هذا الحديث الشريف نجد ترابطاً بين النظافة الظاهرة والنظافة الباطنة،حيث جعل النبي ﷺ مع كل خطوة من خطوات النظافة الظاهرة،نظافة باطنة من الذنوب.
أخي الكريم:كيف تكون نظافة،ونضارة وجهِ المسلم الذي يتوضأ خمس مرات ،على الأقل ، في كل يوم ؟!
الركن الثالث: إيتاء الزكاة
تعتبر الزكاة نظافة ظاهرية وباطنية، فهي تغسل المال وتطهره،وفي نفس الوقت تغسل نفس صاحب المال من صفة البخل،كما أن الزكاة تغسلُ نَفْسَ الفقير من الحقد والحسد.
قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة:103)
الركن الرابع: الحج لبيت الله الحرام
تبدأ مناسك الحج بالنظافة الظاهرة ،فقبل الإحرام بالحج، تُشرع النظافة الكاملة،والتي تشتمل على تقليم الأظافر ونتف الإبط وحلْق العانة، ثم يغتسل المسلم بعد ذلك،أو يتوضأ على الأقل،وهذا أمرٌ مُشاهدٌ،ومعلومٌ للجميع. ويسنُ للرجل أن يرتدي ثوبين أبيضين نظفين.
روى الترمذيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ(أي بالحج) وَاغْتَسَلَ .
( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 664 )
روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ(أي للتحلل من الإحرام) قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ) ( البخاري حديث 1539 مسلم حديث 1189 )
والنظافةُ الباطنة للحج تظهر في نظافة قلب المسلم ولسانه عن كل ما حرَّمه الله تعالى،مع تجردِ المسلم من تعلقه بأمور الدنيا، ثم تكون بعد ذلك ثمرة الحج المبرور،وهي التخلص من الذنوب والمعاصي التي عملها المسلم قبل أداء مناسك الحج.
قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة :197)
وقال سبحانه: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: 37)
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ .
( البخاري حديث 1521 مسلم حديث 1350)
روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ،كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ .
)حديث حسن صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث :650 )
الركن الخامس:صوم شهر رمضان
الصومُ يجمعُ بين النظافة الباطنة والظاهرة،فالصومُ يجعلُ المسلمَ نظيف القلب واللسان،عن كل ما يُغْضِبُ الله تعالى،كما أن الصومَ يغسلَ ذُنُوبَ المسلمِ.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة183)
ويكفي أن تكونَ خشية الله سبحانه،في السِّرِ والعَلانية،ثمرة مباركة، من ثمرات الصوم المقبول.
روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ (أي وقاية) وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ .
(البخاري حديث 1904 مسلم – كتاب الصيام حديث 163 )
إذا كان الصوم ينظف قلب الصائم ولسانه،فهو في نفس الوقت أيضاً يقوم بعملية تنظيف مادية داخل جسم الصائم،حيث أن الصيام يقوم بعملية إخلاء الجسم من الطعام وفضلاته،مما يترتب على ذلك راحة، ونظافة المعِدَة والأمْعَاء، فيجعلُ اللهُ تعالى الصومَ سبباً في تحسنِ صحة الصائم، وهذا أمرٌ معلومٌ ،وينصح به الأطباء.
النظافة وسيلة إلى الدعوة إلى الله تعالى:
الإسلام دين النظافة، والجمال، ويحرص على أن يكون أتباعه شامة بين الناس، ينظفون أبدانهم، ويسرحون شعورهم، ويلبسون أفضل الثياب، وتفوح منهم رائحة العطر، ومثل هؤلاء لا شك أنهم سينالون إعجاب الناس بهم، وهو ما يُؤدي إلى نجاح دعوتهم لهذا الدين العظيم، وكما أن الناس تميل قلوبهم إلى النظيف الطاهر في بدنه وثيابه، فإنها تنفر من الوسخ القذر في ثيابه وبدنه، وليس هذا من الإسلام في شيء. لقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يتجمل للوفود التي تأتي إليه، فيدعوهم للدخول في دين الإسلام. الاهتمام بنظافة البدن و الثياب
الإسلامُ دينُ النظافةِ والجمالِ ،فقد اهتم اهتماماً كبيراً بنظافة الجسم والثوب والمكان ، وكذلك نظافة الآنية التي يأكل فيها المسلمُ ويشرب، ويظهرُ ذلك بوضوح في كثير من آيات القرآن الكريم وأحاديث نبينا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أولاً: القرآن الكريم:
(1) يقول اللهُ تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ( (الأعراف32:31)
(2) ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر( 4 : 1))
ثانياً: السُّنة :
(1) روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ). مسلم حديث (91)
(2) روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا،يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ ) البخاري حديث (897)
(3) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ) (مسلم حديث223)
النظافة وسيلة لاكتساب احترام الناس
حثَّ الإسلامُ على نظافة البدن والثياب عند حضور مجامع المسلمين، كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين ،والاجتماعات العامة، وأماكن العمل،وغيرها،حتى لا يُؤذي بعضهم بعضاً بروائحهم الكريهة،وهذه النظافة تنشرُ الحُبَ، والمودةَ، والاحترام بين جميع المسلمين.
روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ،زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ(أي يأتونها) مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ ( القرى التي حولَ المدينة) فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا.» (البخاري حديث : 902مسلم حديث (847)
روى البخاريُّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺلَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى (البخاري حديث (883)
هذه المغفرةُ الرَّبَانِيَّةُ ،ثمرةٌ، من ثمرات النظافة، والحرص على طاعةِ الله سبحانه ورسولهﷺ
نظافة الشعر والرائحة الطيبة:
روى أبو داودَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ ، فَقَالَ: (أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ، وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ).
)حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث (3427
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ»
(حديث حسن صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث (3509)
روى أبو داودَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكَّةٌ(وعاء به عِطر) يَتَطَيَّبُ مِنْهَا.»
(حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث (3508)
ما أجملَ أن يقتديَ المسلمُ بسُّنة نبيه ﷺ فيحرصُ على نظافة شعره وتهذيبه، لأن اتباع هذه السُّنة، يُعطي انطباعاً حسناً،وصورةً طيبةً عن نظافة المسلم في كل مكان.
الاهتمامُ بنظافة الأسنان
اهتم الإسلام بنظافة الفم والأسنان،لأن عدم الاهتمام بنظافة الأسنان يترتب عليه،كثيرٌ من الأمراض،ومن وسائل تنظيف الأسنان السِّوَاكُ، وهو عودٌ من شجر الأراك لتخليل الأسنان؛ لإزالة ما قد يعلق بينهما من فضلات الطعام.
فوائد السِّوَاكِ
السِّوَاكُ فيه كثيرٌ من الفوائد الروحية والطبية،نوجزها في الآتي :
(1) استخدام السِّوَاكِ فيه طاعةٌ لله تعالى ولرسوله. ﷺ
(2) السِّوَاكُ يقوي اللثة, ويحفظ الأسنان من التسوس.
(3) السِّوَاكُ يزيلُ رائحة الفم الكريهة بعدَ النوم, أو بعدَ الصمتِ الطويلِ.
(4) السِّوَاكُ يُقوي الذاكرة, ويقوي البصر.
حثنا نبينا ﷺ على استخدام السِّوَاكِ في عِدة أحاديث، وما ذاك إلا لفضل وأهمية السِّوَاكِ.
(1) روى النسائيُّ عن عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ .
(حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ1 حديث 14 )
(2) روى البيهقيُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ.
(حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث5317 )
(3) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ.( البخاري حديث 887 مسلم حديث 252)
(4) روى أحمدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَنَامُ إِلَّا وَالسِّوَاكُ عِنْدَهُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ
(حديث حسن ) (صحيح الجامع للألباني حديث4872)
أوقات استخدام السِّوَاكِ
يُستحبُ استخدام السِّوَاكِ في جميع الأوقات ،و يتأكد استخدامه في الأوقات التالية :
(1) عند الوضوء . (2) عند الصلاة . (3) عند قراءة القرآن . (4) عند دخول البيت .
(5) عند إلقاء دروس العلم . (6) عند خطبة الجمعة . (7) عند تغير رائحة الفم (8) عند النوم وعند الاستيقاظ.
فائدة:إذا لم يتمكن المسلمُ من استخدام السِّوَاكِ، اقتداءً بسُنَّة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يمكنه استخدام فرشاة الأسنان،لتنظيف أسنانه،عِدة مرات كل يوم.
نظافة الأظافر وعدم إطالتها
حثنا الإسلام على الاهتمام بنظافة الأظافر وعدم إطالتها،لأن عدم نظافتها يترتب عليه، دخول الميكروبات إلى جسم المسلم، مع الأتربة،التي تتجمع تحت الأظافر،أثناء تناوله للطعام. وإطالة الأظافر فيها ضررٌ آخر،يظهرُ عند استخدام الإنسان لأظافره أثناء المشاجرات،وهذا يظهر بصورة واضحة بين الأطفال في المدارس الابتدائية.
روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ:الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ (إزالة شَعرِ العَانَة)، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ.(البخاري حديث 5889 )
روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. (مسلم حديث 257)
ما أجملَ أن يتبعَ المسلمُ هذه السُّنن النبوية المباركة،التي تجعله نظيفاً دائماً.
العمل له ملابس خاصة
حثنا نبينا ﷺعلى ارتداء ملابس نظيفة عند لقاء الناس، غير الملابس التي نستخدمها للعمل خلال أيام الأسبوع.
روى ابنُ ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ(أي التي يستخدمها أثناء العمل) (حديث صحيح)(صحيح ابن ماجه للألباني حديث898)
الاهتمام بنظافة البيوت
مِن متطلبات الطهارة في الإسلام أن يكون المكان الذي يعيش فيه المسلمُ نظيفاً طاهراً ، حتى لا تُصاب ثيابه بشيء من النجاسات. فطهارة البيوت واجبة من الناحية الشرعية، فضلاً عن كونها واجباً من الناحية الطبية.ومن أكثر الأسباب في نشر الأمراض أن يمشي المسلمُ في الطريق على ما يُلقى فيه من القاذورات، ثم يعود إلى بيته، ولا يخلع نعليه، فإن ذلك مما ينشر في البيوت الأمراض المعدية . فالواجب أن تكون أرض البيت، الذي يسكنُ فيه المسلمُ، وجميع محتوياته،ومرافقه نظيفة بحيث لا تتلوث بشيء من النجاسات. نهى الإسلامُ عن تراكم القاذورات, في بيوت المسلمين حتى لا تُؤذيهم, ومعروف أن في تجمع الفضلات في البيت خطرٌ جسيمٌ يُسببُ انتشار الأمراضِ والأوبئةِ.
الإسلام يدعو إلى نظافة البيئة
أمرَ الإسلامُ الناسَ بالطهارة والنظافة منذ أربعة عشر قرناً من الزمان, , فأول آيات الوحي نزولاً تنادي بالعلم, وثاني آيات الوحي نزولاً تنادي بالطهارة الباطنة, والنظافة الحسية, نظافة البدن, نظافة المسكن, نظافة المجتمع, نظافة البيئة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)(المدثر:4:1) والأمر بالطهارة والنظافة في الإسلام ليس قاصرًا على الوضوء والغسل فقط, بل يشمل نظافة البيئة المحيطة بالإنسان؛ لأنه ما فائدة أن يعيش المسلم في مجتمع تحيط به القاذورات من كل جانب.
الإسلامُ نظامٌ طبيٌ يحارب تلوث البيئة على جميع مستوياتها.فقد جاءت تعاليمُ نبينا ﷺ تحث المسلم على نظافة البيئة, ومحاربة التلوث, وانتشار العدوى والأمراض بين الأفراد.
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ .( مسلم حديث 68 )
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ (رحمه الله): (الْمُرَادُ بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاسَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ، يَعْنِي عَادَةُ النَّاسِ لَعْنُهُ فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ اللَّعْنُ إِلَيْهِمَا )(مسلم بشرح النووي جـ3صـ161)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ رحمهم الله: (الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا مُسْتَظَلُّ النَّاسِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا يَنْزِلُونَهُ وَيَقْعُدُونَ فِيهِ.وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ فَمَعْنَاهُ يَتَغَوَّطُ فِي مَوْضِعٍ يَمُرُّ بِهِ النَّاسُ وَمَا نَهَى عَنْهُ فِي الظِّلِّ وَالطَّرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِتَنْجِيسِ مَنْ يَمُرَّ به ونتنه واستقذاره. (مسلم بشرح النووي جـ3صـ162)
الاهتمام بنظافة الماء
اهتمَّ الإسلامُ اهتماماً كبيراً بنظافة الماء،سواء كان هذا الماء جارياً، أم ساكناً،لا يجري،فإن الماء الجاري إذا لم نحافظ عليه،وألقينا فيه القاذورات، فإنه سوف يحملُ إلى الذين يستعملونه الأذى،وأما إذا كان الماء ساكناً،فإنه سيكون مزرعة للأمراض والجراثيم.
ولذا حذرنا نبينا ﷺمن إحداث أي نوع من أنواع التلوث للماء،سواء كان هذا الماء جاريا،أم ساكناً.
روى أبو داودَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ (أي التي تجلب لعن الناس لفاعلها): الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ (أي مجاري الماء العذب )، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ) (حديث حسن)(صحيح أبي داود للألباني حديث (21)
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ،الَّذِي لاَ يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ.»
(البخاري حديث: 239 مسلم حديث282)
هذا الفعل القبيح لا يليق بإنسانٍ عاقلٍ, وإنما يفعله أناسٌ تجردوا من الحياء, وتخلفوا عن رَكْبِ الإنسانية, وتشبهوا بالحيوانات التي لا تعقل.
معاقبة كل من يلوث مياه نهر النيل
الماء نعمةٌ عظيمةٌ من نِعَمِ الله تعالى على عباده،التي لا تُعدُ ولا تُحصى.قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)(الأنبياء:30)
يجب علينا أن نحافظَ على نعمةِ الماء من التلوث،ويجب على الحكومة أن تُصدرَ قوانينَ رادعةٌ وصارمةٌ ضد كل من تثبت إدانته بإلقاء القاذورات ، أو مُخَلَّفات المصانع في نهر النيل، أو غيره من المياه.
تغطية أوعية الطعام والشراب
أمرنا نبينا ﷺ بتغطية أواني الطعام والشراب, وعدم تعرضها للأتربة, والذباب, والميكروبات, والحشرات والهوام ونحوها حتى لا تنتشر الأمراض.
روى البخاريُّ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ(أي غطوا فم الإناء)، وَخَمِّرُوا(أي غطوا) الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ،وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ.»(البخاري حديث5624)
إزالة الأذى عن الطريق من علامات الإيمان:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».(مسلم حديث (35
سؤال هام
هل إلقاء الأذى ، بوضع القاذورات في طريق الناس من الإيمان؟!
التحذير من إيذاء الناس
حذرنا نبينا ﷺمن إيذاء الناس، فالذي يلقي القاذورات في الطريق يؤذي المسلمين,ويُعرضُ نفسه لغضب الله تعالى وعقابه.
روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺقَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ. » (البخاري حديث:10مسلم حديث40)
أخي المسلم الكريم:إذا كنتَ لا تحب أن يُؤذيكَ الناسُ بإلقاء القاذورات أما بيتك أو مكان عملك،فكذلك الناس لا يحبون منك أن تؤذيهم بأي صورة من صور الإيذاء،ومن كمال الإيمانِ أن يُحبَ المسلمُ لأخيه المسلم ما يُحبُ لنفسه.
روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»
(البخاري حديث:13مسلم حديث45)
دعوة لنظافة المدرسة ومكان العمل
المدرسةُ هي بيتُ المسلمِ الثاني ،حيث يجلسُ الطالبُ فيها ساعات طويلة،فما أجملَ أن يعتادَ الطالبُ على الاهتمام بنظافة مدرسته، والفصل الذي يجلس فيه ليتلقى دروس العلم،ونظافة المكان لها تأثيرٌ نفسيٌ كبيرٌ في سرعة استيعاب الطالب لدروس العلم.ولا شك أن هناك فرق ٌ كبيرٌ بين أن يجلسَ المسلمُ في مكان نظيف ليتلقى فيه العلم،ومكان آخر غير نظيف.
وينبغي على كل مسلمٍ أن يحرصَ على نظافة المكان الذي يعمل فيه،سواء كان ذلك في الحكومة أو في القطاع الخاص.
دور وزارة التعليم في توعية الطلاب بأهمية النظافة
يمكن أن نوجز وسائل وزارة التعليم في توعية الطلاب بأهمية النظافة في المدارس فيما يلي:
(1) وضْعُ كتابٍ،مُدعمٍ بالصور ،التي تجذب انتباه الطلاب،وخاصة في المدارس الابتدائية،تُوضحُ فيه أهمية النظافة ووسائلها،داخل المدرسة وخارجها.مع بيان الدور المهم الذي يقوم به عمال النظافة في كل مكان،مع توضيح كيفية تعاون الطلاب معهم على أداء مهمتهم السامية في كل مكان على أرض مصر.ويقوم بشرح هذا الكُتَيِّب ،أحدُ المسئولين عن النظافة بالمدرسة.ولا شك أن هذا سوف يكون له أثرٌ كبيرٌ في سلوك الطلاب داخل المدرسة وخارجها.
(2) طبعُ لوحاتٍ كبيرةٍ بألوانٍ جذابةٍ،عن أهمية النظافة،وتقوم بإرسالها إلى المدارس لتوعية الطلاب بأهمية المحافظة على نظافة المدرسة والبيئة الخارجية.
(3) إعداد مسابقة: المدرسة النظيفة:
ما أجملَ أن تعلنَ وزارةُ التربية والتعليم عن إجراء مسابقة عامة بعنوان: (مدرسة نظيفة) وتشمل هذه المسابقة نظافة جميع مرافق المدرسة،مع إعداد لجنة من أهل الخبرة،في كل إدارة تعليمية، للإشراف على هذه المسابقة، وتقييم المدارس المشتركة مع إعداد جوائز قيمة لجميع العاملين بالمدرسة، من عمال وإداريين ومدرسين،مع إعلان أسماء المدارس الفائزة على مواقع وزارة التربية والتعليم.
وسائل توعية الطلاب بأهمية النظافة
يمكن أن نوجز وسائل توعية الطلاب بأهمية النظافة في المدارس فيما يلي:
(1) يقوم المعلمون الكرام بربط المناهج الدراسية بأهمية نظافة الطالب والمدرسة والمنزل والمجتمع،وذلك من خلال تكرار الحديث عن النظافة أثناء شرح المناهج الدراسية،وهذا التكرار سوف يكون له،بإذن الله تعالى ،أثرٌ كبيرٌ، ونتيجةٌ سريعةٌ على سلوك الطلاب، داخل المدرسة وخارجها،وخاصة في المدارس الابتدائية.
(2) تشجيع الطلاب على عمل أبحاث ولوحات حائط،عن أهمية النظافة وأثرها في المجتمع،وتوضع في مكان بارز بالمدرسة،مع إعداد جوائز لأفضل هذه الأبحاث واللوحات.
(3) إعداد مسابقة الفصل النظيف:
ما أجملَ أن تقومَ إدارةُ كل مدرسة بإعداد مسابقة بعنوان ( الفصل النظيف ) مع إعداد جوائز مناسبة لجميع طلاب الفصل الفائر،مع تكريم المدرس المسئول عن توجيه هؤلاء الطلاب وإرشادهم.
دعوة لنظافة المجتمع
ما أجملَ أن يقومَ الشبابُ بحملةٍ إسلاميةٍ لتنظيف المنطقة التي يسكنونَ فيها،ابتغاء وجه الله تعالى،وتطبيقاً لتعاليم الإسلام المباركة.
فيكونون بذلك قد ضربوا أروع الأمثلة في الاقتداء بنبينا محمدٍ ﷺ
المسلمُ النظيفُ،لا يلقي القمامةَ في الشارع، ولكنه يحرص على وضعها في صندوق القمامة الخاص بها، فإلقاء القمامة في الشوارع يُؤدي إلى كثرة الحشرات، مما يُؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض،والتي تكلف الدولة ملايين الجنيهات لعلاجها.
تحية احترام وتقدير لعمال النظافة
يقوم إخواننا عمال النظافة الكرام بدورٍ مهمٍ وفعَّالٍ في نظافة الشوارع والميادين العامة،وحماية البلاد من انتشار الأوبئة والأمراض،ولذا يجب علينا أن نتعاونَ معهم في هذا العمل الشاق،الذي يقومون به يومياً.ويجب أن ننظر إليهم نظرة احترام وتقدير، لما يبذلونه من مجهود كبير من أجل نظافة البلاد.
واجب الدولة نحو عمال النظافة
يجب على الدولة أن تهتم بعمال النظافة اهتماماً كبيراً، وذلك بإعطائهم مرتبات تتناسب مع طبيعة عملهم الشاق ،وما يتعرضون له من مخاطر يومية،من أجل نظافة البلاد،ولتساعدهم على مواجهة ظروف الحياة.
ويجب على الدولة أيضاً أن توفرَ الرعايةَ الصحيةَ المجانية لجميع عائلات عمال النظافة،ليكون ذلك دافعاً لهم على أن يقوموا بواجبهم على الوجه الأمثل،مع مراعاة تكريم المجتهدين من هؤلاء العمال.
نصيحة لعمال النظافة
اعلم ،أخي العامل الكريم ،أنك تقوم بعمل جليل،في ميزان الإسلام،من أجل ذلك،فإني أنصحك أن تخلص النية لله تعالى عندما تقوم بأعمال النظافة في أي مكان،ليكون ذلك في ميزان حسناتك يوم القيامة.
روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . (البخاري حديث 1)
دور المساجد في توعية الناس بأهمية النظافة
المساجد بيوت الله تعالى في الأرض،والقرآن الكريم وسُنة نبينا محمدﷺ لهما تأثيرٌ كبيرٌ وفعَّالٌ في نفوس المسلمين، ولذا فإن لأئمةِ المساجد دوراً كبيراً ومُؤثراً،بفضل الله تعالى، ثم بفضل إخلاصهم، في توعية الناس بأهمية النظافة، وذلك من خلال خطب الجمعة والدروس اليومية في المساجد،وهذا أمرٌ مُشَاهَدٌ أمام أعيننا.
دور وسائل الإعلام في توعية الناس بأهمية النظافة
هناك وسائل إعلام عديدةٌ تستطيع أن تقوم بدورٍ فعَّالٍ في توعية الناس بأهمية النظافة ، مثل: الصحف، والمجلات، والإذاعة, والتليفزيون، والقنوات الفضائية. كل هذه الوسائل الإعلامية لها تأثيرٌ فَعَّالٌ في إرشاد الناس وتوعيتهم بأهمية النظافة،ومساعدة القائمين عليها، وذلك من خلال عمل برامج ثقافية لنشر الوعي لدى المواطنين، مستعينين بالله تعالىُ ثم بأهل الخبرة من الأطباء ،وغيرهم في المجالات المختلفة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد