بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسنُ الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} .. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} ..
معاشر المؤمنين الكرام: مع زحمةِ الأعمال، وكثرة الاشغال قد يغفَلُ الإنسانُ أو يضعفُ عما خُلق من أجله، ألا وهي عبادةُ الله جلَّ وعلا وطاعته، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} .. فما أرسلَ الله الرسلَ، ولا أنزل الكتبَ، ولا سخَّر للإنسانِ ما في السّموات والأرض، إلا لأجلِ عبادة الله تعالى، ولأجل ذلك أيضاً وعَدَ من أطاعه بالجنّة، وتوعَّد من عصاه بالنار، وأخبرَ جلّ جلاله عباده أنه سيبعثهم جميعاً بعد موتهم في يومٍ لا ريب فيه، وسيجمعُهم في مكانٍ واحد، لا يغادر منهم أحداً .. فتُنشَرُ الصحف، وتعرض السجلات، وتوزَنُ الأعمال، وتكشف السرائر، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}، فينظرُ كلٌّ لميزانه بإشفاقٍ ووجَل، {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، يتمنَّى أنه أحسنَ فيما قدَّم .. نعم أيها الكرام: سيأتي ذلك اليوم الرهيب العصيب، يومٌ مهولٌ طويل .. {مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} .. يومٌ عسير، {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}، يومُ الفصل: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ}، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، يومُ الدِّين: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، يومُ الحسرةِ والندامة: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}، يومُ الصَّاخَّةِ والحاقَّةِ والقارعةِ والزَّلزلة، {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} .. {يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} .. {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}، {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} .. {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}، {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}، {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} .. {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .. فما مِن أحدٍ إلاَّ وسَيعضُ أصابع الندم، المقصِّرُ يتحسَّرُ على تقصِيره، {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} .. ويتمنى الرجوع لعله يعملُ صالحاً، فيقال له كلَّا .. والمحسن يندَمُ أن لو كان قد ازدادَ إحساناً ..
ولأن الرسول الكريم صلوات الله وسلامهُ عليه كان حريصاً كلَّ الحرصِ على مصلحة أُمَّتهِ، فقد أكثرَ من وصاياهُ العظيمةِ لهم، ومن أعظم تلك الوصايا وأجلِّها، ما جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ ﷺ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: "يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" .. صححه الألباني .. وهذا الدعاء العظيم هو طلبٌ لتحقيق مُرادِ اللهِ جلَّ وعلا في قوله: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} .. فحُسنُ العبادةِ مرتَبَةٌ زائدةٌ على مجرَّد الأداء، وهي التي تبلُغُ بالعبدِ منازلاً عظيمةً من القَبولِ والمغفرةِ والجزاءِ الحسنِ ..
وايمُ الله يا عباد الله: إنّ الرجلين لينصرِفان من صلاتهِما خلفَ إمامٍ واحدٍ وبَينهما كما بين السماءِ والأرض .. نعم يا عباد الله: قد يتساوَى العابدان في العمل الظاهر، لكنهما يختلِفان كثيراً في الثوابِ والقبول، وهذا الاختلافُ الكبير مردُّهُ إلى حِرصِ أحدِهما على تحسِين عبادتهِ وإتمامها، وتقصيرِ الآخرِ فيها وعدمِ الاهتمام بها .. واسمَعوا لحديثَ عمّار بنِ ياسر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: "إنَّ الرّجلَ لينصرِفُ وما كُتِب له إلاَّ عُشرِ صلاتِه، تُسعها، ثُمنها، سُبعُها، سُدسُها، خُمسها، ربعُها، ثُلثُها، نِصفُها" والحديث إسناده حسن .. وفي صحيح مسلِم أنّ عثمانَ بن عفان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "ما مِن امرئٍ مسلم تحضرُه صلاةٌ مكتوبة فيُحسِن وضوءَها وخشوعَها وركوعَها إلاَّ كانت كفّارةً لما قبلَها من الذنوبِ ما لم تُؤتَ كبيرةٌ، وذلك الدهرَ كلَّه" .. وقد أوصى ﷺ رجلاً أن يُصلِّيَ صلاة مودع؛ يَعني: أن يستشعرَ أنه يُصلي آخرَ صلاةٍ له، وأنهُ لن يُصلي بعدها صلاةً أخرى، مما يَحملهُ على إتقانها، وتكميلها، وتحسينها ..
والمؤسفُ المؤلم يا عباد الله: أن هناك كثيرٌ ممن إذا أدى العبادةَ أخلَّ ببعض سُننِها ومستحباتها، وربما خلطها ببعض المكروهات أو المحرَّمات .. فهذه العبادةُ وإن أجزأت, إلاّ أنّه ينقُصُ من ثوابها بمقدارِ ما نقَصَ من حُسنِها وتمامها، ووالله إنه لغبنُ كبيرٌ أن يؤدي المسلم عبادةً ما .. كما يؤديها غيرُه تقريباً، لكنه يأخذُ عليها أجرَاً أقل منهم بكثير، بل ربما كان جزاءهُ الردُّ وعدم القبول، كما قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ..
ولذلك شُرع للمسلم أن يُحسِّنَ ويكمَّل عباداته المفروضة والواجبة، بالنوافلِ التي هي من جِنسِها، كالسنن الرواتب ونحوها بالنسبة للصلاة المفروضة، وكصيام الاثنينِ والخميسِ والأيام البيض وست من شوال بالنسبة لصوم رمضان، والصدقة بالنسبة للزكاة المفروضة، ونافلة العُمرة بالنسبة لفريضة الحج .. فكلُّ ذلك جبرٌ وتحسينٌ وإتمامٌ لما نقَصَ من الفرائض والواجباتِ، كما جاء في الحديث القدسيّ الصحيح: "أنّ الله عزّ وجلّ يقول يومَ القيامة: انظروا هل لعبدي من تطوّع، فيُكمَّل بها ما انتقَصَ من الفريضة" ..
كما أن مَن إحسان العمل المحافظةِ عليه بعد أداءه، وذلك بتجنُّب ما قد يُبطِلُ ثوابَه، أو يُنقصُ جزاءه، تأمل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، والمعنى أنّ المعصيّةَ قد تُبطلُ العمل، وفي صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ ﷺ قال: أَتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: المُفْلِسَ مِن أُمَّتي من يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ .. وفي الصحيحين أنّ النبيَّ ﷺ قال: "إنَّ الرجلَ ليتلَّكم بالكلِمةِ ما يتبيَّن فيها يزلّ بها في النّارِ أبعدَ مما بينَ المشرقِ والمغرِب" ..
فهل يتنبَّهُ لهذا من أطلقَ لسانه يفري في أعراض المسلمين، وينقلُ الاشاعات بينهم، ويتقوَّلُ في دينِ الله بلا عِلمٍ ولا بصيرة .. وهل يتنبَّهُ لذلك من أطلقَ بصرهُ في مشاهدة الحرام وسماع الحرام .. وهل يعي ذلك من استمرأ الاختلاس والرِّشوة والمالَ الحرام .. وهل يحذرُ من ذلك من يستخدمُ برامج التواصل في الترويج للخنا والمجون, ونشر المقاطع الفاحشة .. وهل يعي ذلك من يتعدى على المسلمين بالظلم والأذى بغير حق ..
ألا فاتَّقوا الله عبادَ الله، وأحسِنوا عباداتكم، وأيقنوا أن الله تعالى مطَّلعٌ عليكم، يعلم سرَّكم ونجواكم، فأدوا عباداتكم على الوجه الأفضل، والطريقة الأكمل، والشكل الأجمل ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ..
بارَك الله لي ولكُم ...
الحمد لله كما ينبغي ....
أمّا بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين .. وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ....
معاشر المؤمنين الكرام: إذا استشعَر المسلم أن عبادته إنما هي استجابةٌ لأمر الله تعالى، وطلباً لرِضاهُ جلَّ وعلا، وأن الله بفضله قد أذنَ أن يتقربَ الإنسان بها إليه، وأنه سبحانه هو الذي يتكرَّم بالقبول والثواب، فيرفع بها من درجاتِه، ويمحو بها من سيئاتِه، إذا استشعر المسلم ذلك كله، كان أدعَى لأن يهتمَّ بعبادتِه، ويعظِّمها ويحسّنَها، وأن يحذرَ من إهمالها وعدم الاهتمام بها؛ قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ..
ولذا كان الإحسانُ هو أعلى مراتبِ الدين، وهو أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك .. قال الامام النوويّ رحمه الله تعالى: "هذا من جوامع كلِمه ﷺ؛ لأنّا لو قدّرنا أنّ أحدَنا قام في عبادةٍ وهو يعايِن ربَّه سبحانه وتعالى لم يترُك شيئًا ممّا يقدِر عليه من الخضوعِ والخشوع وحسنِ السَّمت واجتماعِه بظاهره وباطنه على الاعتناءِ بتتميمها على أحسنِ وجوهها إلاَّ أتى به" ..
وما أمرنا نبينا ﷺ أن ندعو الله بهذا الدعاء، عقِب كلِّ صلاة، إلا لأنهُ أمرٌ هامٌ وعظيم، يحبهُ اللهُ ويريدهُ من عباده .. وإذا كان الناسُ في أمسِّ الحاجة إلى عون الله وتوفيقه في كل أمورهم، فكيف بما يقربهم لمولاهم ويُكسبهم رضاه ومحبته، ويكفِّرُ سيئاتهم ويرفع درجاتهم .. فحقٌّ على كلِّ مسلِمٍ يرجو لقاءَ الله ويطمَعُ في جنّتِه، ويخشى عذابه، أن يسعَى في تحسينِ عبادته تحسيناً يُرضي الله تعالى عنه، ويبيضُ وجههُ، ويرفعُ منزلته، ويُنجِيه من سخط اللهِ وعذابه، ولذلك أسبابٌ ووسائل تساهم في تحقيق ذلك ..
أوَّلُها وأهمها الإخلاصُ .. بل هو رأسُ الأمر وشرطٌ من شروط القبول، وهو أن يبتغي بعبادته وجه الله تعالى وحده .. قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} .. وفي الحديث القدسيّ: قال الله تبارك وتعالى: "أنا أغنى الشّركاء عن الشركِ، من عمِل عملاً أشرك فيه معِيَ غيري تركتُه وشركه" رواه مسلم ..
وأمّا الشرط الثاني من شروطِ صحّة العبادةِ فهو دقة المتابعةُ للرسول ﷺ، "صلوا كما رأيتموني أصلي" ، "خذوا عني مناسككم" ، "من عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رد"، والأحاديث كلها صحيحة
ومن الأمور المعينة كذلك: الاستعانة بالله جل وعلا وكثرة دعاءه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تأمَّلت أنفع الدعاء: فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته" .. وجاء في حديث صحيح: "أتُحبُّون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهمَّ أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك" .. ومن الأمور المعينة كذلك قراءة سِيَرِ وتراجم السلف، لا سيما المجتهدون في العبادة منهم .. ومن الأمور المعينة كذلك: حثُّ النفس وترغيبها على تحسين العمل، وأن يسأل الانسان نفسهُ برغبةٍ وصدق: كيف أجعل هذه العبادة أفضلَ وأحسنَ ما يمكن ..
جعلني الله وإياكم من المحسنين الذين قال عنهم: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، وقال أيضاً: {فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}، وقال أيضاً: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ..
فيا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد