أعمال يسيرة وأجور كبيرة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

أوصيكم أحبابي في الله ونفسي بتقوى اللهِ تعالى، فاتقوا اللهَ ربَكُم، واعتبروا بما ضاعَ من أوقاتِكم، واغتنِموا ما بقيَ من أعمارِكم، واتعِظوا بمن مضوا من أقرانِكم، وطوبى لمن كان كل عملِه صالِحًا، وجعلهُ كله لوجه اللهِ خالِصًا، {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ}..

تأملوا يا عباد الله هذا المشهد الجميل ، يَرحل عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قبيل فتح مكة ، لِيَدخلَ في دين الله تعالى ويعلن إِسْلَامَهُ ، فلما رآه الرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَشَّ لَهُ وَبَشّ، وفرح بقدومه ، وَبَسَطُ يَمِينَهُ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ عَمْرًا رضي الله عنه قَبَضَ يَدَهُ بعد أن مدَّها ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَالَكَ يا عَمْرُو؟) فقَالَ رضي الله عنه: (أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ) ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (تَشْتَرِطُ مَاذَا؟) قَالَ: (أَشْتَرِطُ أَنْ يُغْفَرَ لِي)، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَمْرُو، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ)..

فَهَنِيئًا لمنْ عَادَ مِنْ رحلة الحجِّ المباركة، وَقَدْ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه... ولئن كانَت مَغْفرةُ الذُّنوبِ والخطايا مكافأةٌ من اللهِ تعالى للحج المبرور، فإنَّ فَضْلَ الله على عبادِهِ دائمٌ لا يَنْقَضِي ، وجمِيْلَهُ عليهم في كُلِّ الأيامِ مستمرٌ لَا يَنْتهي... نعم يا عباد الله: لقدْ عَمَّ خَيْرُ اللهِ على عبادِه، وكثر وطابَ وفاض، فكم لله من أعمالٍ صالحةٍ سهلةٍ ، وَطَاعاتٍ يَسِيْره خفيفة ، مَنْ عَمِلَهَا بإخلاصٍ غُفِرَ له ذنبه كله ، وحطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر وأكثر..

إنه الله الرحيمُ الحليمُ الكريم.. هو الذي خَلَقَنا ضُعفَاءُ خطاؤون ، وهو الذي فَتَحَ لكَ أَبْوابًا كثيرةً مِنْ المغفرة وتَكْفِيرِ الخطايا ورفعة الدرجات.

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.. {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}..

 فتعالوا معي أحبتي في الله نستعرضُ شيئًا من تلك الأعمال اليسيرة الجهد ، العظيمة الأجر.. علَّنا ننتَظمُ مع أهلِها، ونفوز بموعودها..

رأسُ تلك الأعمال وأجلّها وأعظمها، بل وأحبّها إلى الله تعالى: التوبة النصوح يا عباد الله ، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ).. وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((لَلهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلَته بأرضٍ فَلَاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجَعَ في ظلِّها قد أيس من راحِلَته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخِطامها، ثمَّ قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شِدَّة الفَرح)).. والتوبة من أيسر الأمور على من وفقه الله: الندم على الذنب والعزيمة على عدم العودة.. وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ)..

ومن أجلِّ وأسهلِ وأفضلِ الأعمال المكفرة للذنوب والخطايا: الوضوء، فهو يغسل الذنوب غسلًا ، ويطهر تطهيرًا حسيًا ومعنويًا..

ففي الحديث الصحيح عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (من توضَّأ فأحسنَ الوُضُوءَ، خرجتْ خطاياهُ من جَسَدِه حتى تَخْرُجُ من تحتِ أظفاره).. وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).. تأملوا يا عباد الله ، كم هو عملٌ سهلٌ وميسورٌ على من وفقه الله ، لا يستغرق أكثر من عشر دقائق.. يُغفر لك به كلَّ ما تقدم من ذنبك.. ألا ما أوسع رحمة الله وما أعظم فضله..

وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ”.. وجاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَفَقُولُوا: آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه ,, وجاء في الصحيحين أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، أي في الصلاة، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه.

ومن الأعمال السهلة اليسيرة أيضًا ما جاء في صحيح مسلم ، قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ”.. ومن أسهل وأفضل وأجلِّ الأعمال ما ثبت في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)..

وجاء في حديثٍ حسنه الإمام الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال: (مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ).. ومثله أيضًا قال صلى الله اليه وسلم) :إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا(..

ومِنْ الأَعْمَالِ اليسيرة، التي تُمحى بها الذنوبُ وتكفر الخطايا ، قوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).. (وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}..

بارك الله..

 

الحمد لله

اتقوا الله عباد الله ، واعلموا أنَّ مِمَّا يَحسُنُ الوُقُوفُ عِندَهُ بَعدَ ما منَّ الله به من التوفيق للأَعمَالٍ الصَالِحَةٍ في مواسم الطاعة الماضية، أَمرٌ عَظِيمٌ وَوَصف جَلِيلٌ تَكَرَّرَ التَّنبِيهُ إِلَيهِ في معظم الآيَاتِ الَّتي ذُكِرَ فِيهَا الأمرُ بطاعة الله وأداءِ فرائضه.. كقوله تعالى في الصلاة: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.. وفي الصيام يقول الحق تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، وفي الحج يقول الله تعالى: {الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ وَمَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ يَعلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولي الأَلبَابِ}.. بل في العبادات كلها.. يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. فَالمَلحُوظُ في كُلِّ هَذِهِ الآيَاتِ أَيُّهَا الأحبة تَكرَارُ ذِكرِ التَّقوَى ، والتقوى محلها القلب ، فَلَيسَتِ العِبرَةُ بِمُجَرَّدِ العَمَلِ الظَّاهِرِ وإن كثُر ، وَلَكِنَّ العِبرَةَ بِمَا يُورِثُهُ ذَلِكَ العَمَلُ في القلب من التقوى.. بل إن هذا هو مدار القبول ، لقوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} ، فَمَا أَعظَمَهَا مِن خَسَارَةٍ وَمَا أَكبَرَهَا مِن مُصِيبَةٍ أَن يَعمَلَ العَبدُ وَيَبذُلَ وَيَتعب ، ثم لا يُقبَلَ عَمَلُهُ ، وَلا تَزكُوَ بِهِ نَفسُهُ ، وَلا يَطهُرَ قَلبُهُ ، وَلا يَزدَادَ بِهِ قُربًا إِلى مَولاهُ وَلا خَوفًا مِنهُ.. ومن علامة ذلكَ أنه لا يُرَى لتلك الأعمال الصالحةِ أثرٌ فِي سَمْتِهِ، وَلا في قَوْلِهِ، وَلا في مُعَامَلَتِهِ، أَجَل أَيُّهَا الكرام: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يَعمَلُ أعمالًا صالحةً جليلةً، خصوصًا في مَوَاسِمِ الخَيرِ، فتراه يَأخُذُ بِحَظِّهِ مِنَ تلك العبادات المتنوعةِ موسمًا بعد موسم ، وعَامًا في إثر عَامٍ ، وَمَعَ هَذَا تَظهُرُ في تَصَرُّفَاتِهِ وَتَعَامُلاتِهِ وَأَخلاقِهِ، ظَوَاهِرُ لا تَتَنَاسَبُ مَعَ مَا ينبغي أن يَكُونُ عَلَيهِ المُؤمِن.. حتى إنهُ ليُرى عند البعض إنفصامٌ عجيبٌ ، وعدم تَنَاسُبٍ غريبٍ ، بَينَ حَالِ ذَاكَ المُصَلِّي الصَّائِمِ الحَاجِّ المُضَحِّي، الذَّاكِرِ الشَّاكِرِ المُكَبِّرِ المُستَغفِرِ ، وبَينَ كَاذِبٍ في حَدِيثِهِ ، مُتَسَاهِلٍ في أَكلِ الحَرَامِ، مُخلِفٍ للوَعدِ ، بذيءٍ في قوله ، سيءٍ في تعامله..

مِمَّا يُوحِي أَنَّ تِلكَ الأَعمَالَ الصَّالِحَةَ في ظَاهِرِهَا ، لم تُؤتِ ثَمَرَتَهَا في تَزكِيَةِ النَّفسِ، ولا في تطهير القلبِ، وَعِمَارَته بِتَقوَى اللهِ تبارك وتعالى..

فَمَا قِيمَةُ الصَّلَاةِ يَا عِبَادَ اللهِ إِذَا لَمْ تَنْهَ صَاحِبَهَا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ !.. ومَا قِيمَةُ الصَّوْمِ إِذَا لَمْ يَكُفَّ صَاحِبُهُ عَنِ الزُّورِ وَفاحْشِ الْقَوْلِ!.. وَمَا قِيمَةُ الصَّدَقَةِ إِذَا اتَّبَعَهَا صَاحِبُهَا بِمَنٍّ أَوْ أَذًى، وَمَا قِيمَةُ الْحَجِّ أَيْضًا إِذَا لَمْ تُوَقَّرِ الشَّعَائِرُ وَتُعَظَّمُ الْحُرُمَاتُ..

إن من أجل ثمرات الأعمال الصالحة أَنْ تُتَرْجِمَ إلى سلوكيات واقعية، وتعاملات إنسانية، إِلَى كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، وابتسامة مشرقة، ومُعَاملةٍ حسَنَةٍ، وَصِلَةٍ وَبِرٍّ وَإِحْسَانٍ، ومُجافاةٍ لكل سوءٍ وكذبٍ وغيبةٍ وغشٍ وبهتان، بِذَلِكُمْ يا عباد الله يُرى أثَرُ الطَّاعاتِ وَبَرَكَتُها، وَنَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الْمُتَّقِينَ الصَّادِقِينَ ، المقبولين بإذن الله تعالى..

فاتقوا الله عباد الله وَدَاوِمُوا عَلَى الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ ؛ فَإِنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ، تَحتَاجِ إِلى سَقيٍ وَرِعَايَةٍ وَعِنَايَةٍ، لِتَنمُوَ وَتَثبُتَ وَتُؤتِيَ ثِمَارَهَا، وَإِنَّ مِن عَلامَاتِ قَبُولِ الحَسَنَةِ فِعلَ الحَسَنَةِ بَعدَهَ ، وَهَذَا مِن رَحمَةِ اللهِ وَفَضلِهِ على عِبَادِهِ ؛ فَإِنَّهُم كُلَّمَا أَخلَصُوا لَهُ في حَسَنَةٍ فَتَحَ لَهُم بَابًا إِلى حَسَنَاتٍ أُخرَى؛ لِيزَدَادوا مِنهُ قُربًا.. فَدَاوِمُوا وَاستَقِيمُوا، فَإِنَّ فَرَائِضَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا فُرِضَت عَلَى الدَّوَامِ ، وَأَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِن قَلَّ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثبَتَهُ، وَالنَّفسُ إِن لم تُشغَلْ بِالطَّاعَةِ اشتَغَلَت بِالمَعصِيَةِ ، وَمَا يَزَالُ العَبدُ يَتَقَرَّبُ إِلى اللهِ بِالنَّوَافِلِ حَتى يُحِبَّهُ، وَمَن تَعَرَّفَ على الله في الرَّخَاءِ وَتَقَرَّبَ إِلَيهِ بِطَاعَتِهِ ، عَرَفَهُ رَبُّهُ في الشِّدَّةِ ، وَجَعَلَ لَهُ مِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِن كُلِّ ضِيقٍ مَخرَجًا..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply