حياة المؤسسات.. وكيمياء النفوس


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

زرت مؤسسة دعوية رائدة في العمل الإسلامي الأوروبي، عمرها يزيد عن 30 سنة من العطاء، خرّجت العلماء والدعاة وطبعت مئات الآلاف من الكتب وأنشئت المساجد والمراكز والمعاهد والمدارس، وخاضت في الإعلام والثقافة والحوار ونظمت عشرات المهرجانات والملتقيات...ورسمت لعقود خططا وبرامجا للنهوض بمسلمي أوروبا.... كان يقول أحد قياداتها الأفاضل : إنها ملئ السمع والبصر!!!

زرت من أيام مقرّها الرئيس.... فوجدت الصمت يخيّم في اركانه، ولمست همودا وجمودا أقرب للموت السريري في انشطتها وأقسامها وفروعها، بعدما كانت خلية نحل يفيض شهد عسلها المختلف ألوانه، على مختلف المؤسسات في ربوع أوروبا...

بقيت أتفكر في هذا الركود والتراجع السريع، كيف تحيى المؤسسات وتكبر وتزهر؟؟ ؟

ويشتدّ ساقها في مدارج التطوير؟؟؟

وكيف تشيخ المؤسسات وينحني عودها

ويجني تقصير الأفراد والظروف على صرح البناء العتيق؟؟

هل هو عجز التخطيط؟؟؟ أم قلة اللوائح؟؟؟ أم شحّ الموارد بعد حصار عربائيلي قاتل؟؟ ؟

ام هو تضخم اللوائح والإداريات على قيمة التحرّك الميداني الدؤوب، والسمت الإيماني ورطوبة القلوب؟؟؟

إنه الفرد أحبتي... بل النفس وما أدراك ما النفوس ومعاركها الخفية... إنها مربط الفرس...

الإتكاء... والتراخي...و حديث النفس

ووساوس الشيطان... وصراع الأقران وكلام بعض المرجفين... أولا، ثم شراسة العداء للإسلام وأبناءه في أوروبا التي ضاقت بنا ذرعا.

هذه النفس..... تجعل الواحد منّا ينسى أن ما يقدمه في هذه الحياة، من خير وبذل وعطاء وتضحية، هو إلتزام شخصي... هو رصيد فردي إملأ فيه ما تشاء، من إقدام أو تخاذل... وإحذر أن تتدخل يدّ الأقدار "بسنّة الإستبدال" فتجد نفسك محروما من الأجر بعد طول تراخي...

و تذكر أمرا مهمّا :

وتأمل معي الآيات الكريمة :

(فمن أبصر فلنفسه)

(من عمل صالحًا فلنفسه)

(ومن شكر فإنما يشكر لنفسه)

(ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه)

(ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه)

(فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)

(ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه)

(فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)

(ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه)

 

من الآيات السابقة نتعرف على المسؤولية الفردية وتحمل نتائجها في أوضح صورة وأقوى عبارة في تأكيدها....

نجاتك يوم القيامة مشروع شخصي وبذّلك لهذا الدين مشروع فردي ضمن مؤسسات....

لن تُعذر بتقصير الناس... وانحراف المشاهير أو المغمورين.. وخذلان الأقربين والأبعدين...

وسقوط قيادات وتواطئ علماء وبزنزة رموز VIP... لن تعذر إن وضعت الراية وانسحبت ولزمت بيتك....

دنياك اختبار لك وحدك....

فاعمل لنفسك واجتهد لنجاتها ولواستطاب كل الناس التقصير والعقود...

رابط في مرماك.... وكن خير حارس ولا تتكل على أجنحة الدفاع، حتى ولو كثر الضباب.... حتى ولو انسحب كل الأصحاب...

فلا راحة ولا ركون.... إلى يوم الحساب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply