بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
القيم والمبادئ الأخلاقيَّة لا يمكن أن تبني قواعدها الراسخة على مرجعية فكرية أو فلسفية أو اجتماعية ترى أنَّ الأخلاق لا مرجعية لها ثابتة متعالية، فالقيم والمبادئ الأخلاقيَّة إنما تُبنى بشكل راسخ وعميق على الإيمان الديني الذي يمنحها:
(١) المعنى، (٢)الثبات، (٣) الديمومة، (٤) التعالي.
القوانين لا تصنع الأخلاق، ووظيفتها مواجهة الأمراض التي تفرزها المجتمعات المفككة أو تفرزها السلوكيات المُسْتَغِلة، وقد تصبح القوانين بنفسها -في حالات كثيرة- جزءًا من تلك الأمراض. أما الأخلاق الدينية فوظيفتها بناء المجتمع بناء صحيحًا قويًا، كمثابة الخط الدفاعي الأول ضد تلك الأمراض.
فالأخلاق الحسنة ليست معظمها واجبة وفقًا للقوانين، وعدمها لا يجرمه القانون، فكثير من الأخلاق الحسنة هي أمر طوعي زائد على معنى الحقوق. والاكتفاء بالحقوق والواجبات يخلق علاقات فردية واجتماعية جامدة وميتة، تنتهي بطبيعتها إلى الفشل والنزاع. والتفكك، وسرعة التحول والتغير في السلوكيات.
وهنا في هذا السياق يأتي الفرق الجوهري بين القوانين والأخلاق الدينية، فالقوانين تكون تابعة للسلوكيات الاجتماعية للأفراد في ذلك الوسط وما تمليه عليهم رغباتهم، فيتغير القانون تبعًا لتغيرهم، والذي كثيرًا ما يكون تغيرًا للأسوأ أخلاقيًا، وهكذا تكون القوانين في تبعية لسلوكيات الإنسان.
أما القيم ذات المعنى والثبات والتعالي، فليست فقط لا تخضع وتجامل رغبات الإنسان وسقوطه وفشله في قيادته لنفسه، بل تكون مصدرًا معيارياً حين يضل الإنسان طريقه لتقوده وترجعه لموقعه الصحيح الذي يجب عليه في كل لحظة أن يعود إليه، ويعرف الإنسان موقعه في الحياة من خلال بعده وقربه من الأخلاق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد