بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
=تُقَدَّم الفلسفة اليونانية في الغرب من بعض المفكرين الغريبين على أنها أرقى ما وصل إليه الفكر الإنسان. ولأن الكتابة هي الأداة الحضاريَّة لتدون العلم والأفكار، فإنها ليس فقط تكشف ببساطة مثل تلك المزاعم، بل أيضًا تبين الحالة الثقافية التي وصل لها المجتمع اليوناني في أرقى حالاته.
وقد مر المجتمع اليوناني بثلاث مراحل فيما يتعلق بتدوين معارفه:
الأولى: كان الأسلوب هو الأبيات الشعريَّة في القصائد، حيث كان المجتمع اليوناني مجتمعًا بدائيًا، ومثل أوج تلك المرحلة قصائد هوميروس وهزيود، واستمرت حتى بعد عصر طاليس (أبو الفلسفة اليونانية)، إلى عصر أفلاطون، حيث دون كثير من الفلاسفة فلسفتهم في القصائد.
الثانية: القصص والمحاورات، وهو بدائي في الكتابة الفلسفية أو العلمية، وقد ظهر هذا الأسلوب قبيل أفلاطون، وبرز على يد أفلاطون، حيث كانت معظم كتبه عبارة عن قصص ومحاورات يختلف فيها الخيالي بالحقيقي. واستمر هذا الأسلوب بعده، حيث كانت كل مؤلفات أرسطو في مرحلة الشباب من هذا النوع، وقد فقدت هذه الكتب.
الثالثة: أسلوب المفكرات أو المذكرات، أي أنها كتابات لم تكن مُعدَّة للقراءة العامة ولا الصدور ككتاب، وإنما عبارة عن نقاط وملخصات مُعدَّة للتذكر. وكان أبرز تتويج لهذا الأسلوب هي مؤلفات الكهولة لأرسطو، وهي الكتب التي بقيت بعده!
وقد أكدَّ غيلبرت موراي، المتخصص في الآداب اليونانيَّة، وأرنولد تونبي، المؤرخ المعروف، أنَّ المجتمع اليوناني قاطبة لم يعرف التأليف على هيئة كتاب يعد للقراءة و"الطباعة"، وإنما أرقى ما وصلت له الحالة الثقافية اليونانية هي كتابات لا ترقى إلا لمستوى المذكرات والملخصات للتذكر والمراجعة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد