فضائل وثمرات الاستغفار


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

1-  أهمية وفضائل الاستغفار (في خمسة عناصر فقط).

2-  أوقات وصيغ الاستغفار.

الهدف من الخطبة:

التذكير بفضائل وثمرات هذه العبادة الجليلة لاسيما في هذا الوقت ونحن ننتظر الأمطار.

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، لقاؤنا اليوم بإذن الله تعالى مع عبادة جليلة، وسهلة ويسيرة؛ بها تفرج الكربات وتحل الأزمات، وبها تستمطر الرحمات وتتنزل الخيرات والبركات، وبها تغفر الذنوب والزلات.

إنها عبادة الاستغفار؛ ومعناه: طلب المغفرة من الله تعالى على الذنوب والتقصير ؛ فالعبد لا يخلوا من إحدى ثلاث حالات:

-         إما وقوع في معصية.

-         وإما ترك أو تقصير فى واجب من الواجبات.

-         أو أداء واجب لا يخلوا من نقص وخلل وتقصير.

وكلها تحتاج إلى الاستغفار، فكم من محن وأزمات زالت بالاستغفار، وكم من رحمات تنزلت بالاستغفار.

الوقفة الأولى: مع أهمية وفضائل الاستغفار:

1-  مما يدل على أهمية ومنزلة الاستغفار هو كثرة ذكره في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتارة يأمر الله تعالى به عباده المؤمنين. كما قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ}.

وتارة يمدح ويثنى على المستغفرين، كما قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}، {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

2-  ومما يدل على أهمية ومنزلة الاستغفار أنه وظيفة جميع الأنبياء والمرسلين. فما من نبي ولا رسول إلا وكان يتعبد لله تعالى بالاستغفار وطلب المغفرة، فهذا نبي الله آدم عليه السلام كان مما قال هو وزوجه: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وهذا نبي الله نوح عليه السلام كان من دعاءه: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}.
وهذا نبي الله موسى عليه السلام لما قتل الرجل القبطي: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وهذا نبي الله شعيب عليه السلام يأمر قومه بالاستغفار: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.
وتوجه الخطاب والأمر إلى خيرة البشر محمد صلى الله عليه وسلم
، فقال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وقال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}، وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}، فكان صلى الله عليه وسلم هو سيد المستغفرين مع ما حظي به من مغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ((واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً))، ((إنَّه لَيُغانُ على قَلبي، وإنِّي لَأستَغفِرُ اللهَ في كُلِّ يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ))، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن كُنَّا لنَعُدَّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في المجلسِ الواحد مائة مرة يقولُ: ((ربِّ اغفر لي وتُبْ عليَّ إنك أنتَ التوابُ الرحيم))، وختم دعوته؛ بل حياته كلها بالاستغفار صلى الله عليه وسلم، فكان من آخر ما نزل عليه من القرآن سورة النصر؛ حيث أمره ربه سبحانه وتعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا}.

3-  ومما يدل على أهمية ومنزلة الاستغفار أنه من أعظم أسباب مغفرة الذنوب والخطايا والسيئات، فيه تكفر السيئات وتحط الخطيئات وتغفر الزلات، كما قال الله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وفى الحديث القدسي: ((يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم)).
فمهما بلغ العبد من الآثام فلا يعظم ذلك مع الاستغفار، ففي الحديث القدسي الصحيح: ((يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي))، وفى الحديث: ((مَنْ قال أَسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ وأتوبُ إليهِ غُفِرَ لهُ وإنْ كان قد فَرَّ من الزحف)).
ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم النساء إلى الاستغفار لما رأى أنهن أكثر أهل النار، كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ وأَكْثِرنَ منَ الاستغفارِ فإنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ ..)).
ولو أن المنافقين استعملوا الاستغفار لانتفعوا بذلك، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}، بل حتى الكفار الذين طعنوا في ذات الله؛ فنسبوا له الصاحبة والولد.
فقال الله تعالى عنهم: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}، وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}، ومع ذلك يفتح لهم هذا الباب العظيم من أبواب المغفرة؛ فيقول جل في علاه: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ولو لم يذنب العباد لجاء بغيرهم حتى يستغفروه سبحانه وتعالى.كما في صحيح مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ)).
وليس معناها: الترخيص في الذنوب والمعاصي؛ ولكن المعنى: أن الله تعالى قضى في سابق علمه أنه لابد من وقوع الذنوب حتى تظهر آثار مغفرته ورحمته.
وتحدى به المولى جل فى علاه الشيطان الذى أقسم على إغواء العباد وإضلالهم، فعن أَبِي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الشيطانَ قال: وعزِّتِكَ يا ربِّ لا أَبرَحُ أُغوي عِبادَكَ ما دامتْ أَرْواحُهم في أَجْسادِهم، فقال الرَّبُّ: وعزَّتي وجَلالي لا أَزالُ أَغفِرُ لهم ما استغفروني)).
ولذلك جاء في الأثر: (أن الشيطان يقول: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا).
ولذلك فقد أثنى الله تعالى على عباده المتقين الذين إذا وقعوا فى الذنب أتبعوه بالاستغفار، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

4-  ومما يدل على أهمية ومنزلة الاستغفار أنه من أعظم أسباب نزول الخيرات والبركات والرحمات وفيه حلا لكثير من الأزمات والمشكلات.
فبالاستغفار تكون الحياة الطيبة والمتاع الحسن، كما قال الله تعالى: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى}، وبالاستغفار تفرج الهموم والكربات، ففي الحديث: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب)).
بل لا أبالغ إذا قلت أن الاستغفار علاج أكيد لكثير من المشكلات الاقتصادية وغلاء الأسعار.
وتأمل إلى التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في عام الرمادة في السنة الثامنة عشر من الهجرة؛ حيث حصل قحط شديد، وقل الطعام واستمر ذلك تسعة أشهر وسمى عام الرمادة لأن الريح كانت تسفى ترابا كالرماد (نهارات قبلى وعجاج كالرماد)؛ فما هي التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي قام بها عمر رضي الله عنه؟
أولًا: حث الناس على كثرة الصلاة والدعاء واللجوء إلى الله تعالى والتوبة والاستغفار.
ثانيًا: ثم خرج يصلى بالناس صلاة الاستسقاء وصعد المنبر فما زاد على الاستغفار وتلاوة الآيات في الاستغفار ثم قال: طلبت الغيث بمخارج السماء التى يستنزل بها المطر.
وهذا نبي الله نوح عليه السلام يبين لنا ثمرات وكنوز الاستغفار، كما قال الله تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا..}.
وهذا نبي الله هود عليه السلام يكتشف لنا سرًا من أسرار الاستغفار في نزول الغيث وزيادة القوة، فقال مخاطبا قومه: {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم..}.
ذكر الإمام القرطبي: أن رجلًا شكا إلى الحسن البصرى الجدب، فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدًا فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له: استغفر الله؛ فلما سئل عن ذلك؟ قال: إن الله عز وجل يقول في سورة نوح: {فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ..... الآيات}.

5-  ومما يدل على أهمية ومنزلة الاستغفار أنه من أعظم أسباب الأمن والنجاة في الدنيا والآخرة. ففي الدنيا أمن وأمان من عذاب الله تعالى، كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، وروى الترمذي عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل الله على أمانين لأمتي: «وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ... الآية، فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة)).
قال ابن عيينة رحمه الله: غضب الله لا دواء له؛ فتعقبه الذهبي رحمه الله بقوله: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار والتوبة النصوح.
قال على بن أبى طالب رضي الله عنه: ما ألهم الله سبحانه عبدا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه، وأما عند الموت وحينما يوضع في قبره؛ فإنه ينتفع باستغفار إخوانه له.
كما في الحديث: ((استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل))، فإذا كان العبد في قبره فأنعم به وأكرم من جار.
قال أحد السلف: ما جاور عبد من جار خير من استغفار كثير. وأما يوم القيامة بينما الناس في عرصاتها وعند تطاير الصحف؛ إذ بالمستغفرين في سعادة وحبور، وفرح وسرور ؛ لما وجدوا من كثرة الاستغفار في صحائفهم.
ففي سنن ابن ماجه عن عبدالله بن بسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((طوبى لمن وجد صحيفته استغفارا كثيرا))، وفى رواية: ((من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار))، والاستغفار من أسباب دخول الجنة.
كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.
بل ويصل الثواب والتكريم حتى فى الجنة، ففي الحديث الصحيح: ((إن الرجل لترفع درجته فى الجنة فيقول: أنى هذا؟! من أين لى هذا؟ لا يراه فى عمله فيقال له: باستغفار ولدك لك)).

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المستغفرين

الخطبة الثانية: مع أوقات وصيغ الاستغفار:
فإن الاستغفار مشروع فى كل وقت؛ لكنه يجب عند الوقوع في المعصية، فقد روى الترمذي وصحَّحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتةٌ سوداء في قلبه فإن تاب ونَزَع واستغفر صُقِل منها وإن زاد زادت حتى يغلَّف بها قلبه))؛ فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: {كلا بل ران على قلوبهم}.

استأجر الحسن البصري رحمه الله يومًا حمَّالًا ليحمل متاعه من السوق إلى البيت، فكان يسمعه طوال الطريق يردد كلمتين لا يزيد عليهما: (الحمد لله وأستغفر الله) ؛ فلمَّا وصل إلى بيته وأعطاه أجره سأله عن ذلك؟ فأجاب: أنا في حياتي كلها مع الله بين أمرين: نعمة لله عليَّ تستحق مني (الحمد) وتقصير في حق الرب يستحق (الاستغفار)؛ فضرب الحسن كفًا بكف وقال: حمّال أفقه منك يا حسن!

ويستحب بعد الأعمال الصالحة والعبادات.

-         دبر الصلوات؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثًا.

-         بعد الإفاضة من عرفات؛ كما قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

-         بعد الوضوء؛ كما في الحديث: ((سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك)).

-         ختام المجالس كما في دعاء كفارة المجلس: ((سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)).

-         عند دفن الأموات؛ كما في الحديث: ((استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)).

-         وأفضل أوقات الاستغفار هو وقت السحر ؛ فقد أثنى الله تعالى على عباده الذين يستغفرونه في هذا الوقت المبارك بقوله: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار}.
وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

-         بل ينزل ربنا نزولا يليق بجلاله، كما في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له؟ يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)).

صيغ الاستغفار: أسهلها وأيسرها أن تقول:

استغفر الله.

استغفر الله العظيم.

استغفر الله وأتوب إليه.

رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.

استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.

سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليك.

وأما أفضل صيغ الاستغفار؛ فهو سيد الاستغفار:

كما في صحيح البخاري عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللهمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إلا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ مَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)).

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهل الجنة وأن يجعلنا من عباده المستغفرين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply