الكريسماس عيد الوثنية والآثام


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

ما إن يقترب العامُ الميلاديّ مِن شاطِئ الخِتام حتَّى يُزلزل النَّصارى الأرضَ بِاحتفالِهم الصاخب بِعيد الميلاد.

ويا لأمرهم العجِيب! فقد تمرُّ أيّامُ السَّنةِ وهم يلهثون وراء الحياةِ الدُّنيَا، يمرُقون من الدِّينِ كما يمرُق السَّهمُ من الرِّميَّة، حتى إذا دَنَت -السَّنةُ- من الاِنتهاء انتبهوا؛ وكأنَّ يَد الشيطان تقرع جماجِمهم؛ لِيتذكَّروا أنهم ما زالوا نصارىً ولو بعُدت بِهم الشقَّة عن دينهم! فيُهرعوا إليه لِإحيائِه، ويحرصوا ألَّا يخلو احتفالهم الدِّينِي مِمَّا ألفَوا عليه آباءهم من مظاهرِ المجونِ والفسقِ!

وأنا لستُ بِصدد الحديث عن ثقافتهم في مقالي هذا؛ فحسبُها من الحالِ أنَّها كالجيفة؛ يتسرَّب نتنُها إليك حتى وإن لم تعايِنها!

إنَّني أتحسَّر على حالِ بعض المسلمين مِمَّن يغمِس نفسه في وحل الجَهل والآثام، ويأبى إلَّا أن يقيِّد روحه بِأصفاد العبودِيَّةِ المُقيتة!

فَلا رَيبَ أنَّ الاحتفال بالكريسماس مُنكَرٌ عظيمٌ لِما فِيهِ من المعاصي والمُجاهرةِ بها، والخُرافات المُفضية إلى عالَمٍ مدلهمّ، ولما فيه من مُوالاة الكُفَّار التي تبعد المرأ عن زُمرةِ الإسلام؛ يَقول الحَقُّ تَبارَك وتعَالى:{وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم}، وفيه من التَّشبهِ بِمُعتقداتِ الكفَّار، يَقول رسولُ اللّٰـهِ:"مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنهُم"، وبِئسَ الكافِرُ من مُتَشبَّهٍ به!

وأرى من الأهمِّية بِمكانٍ أن أذَّكِرَ بِأصلِ عيد الميلاد، - ألَيسَ في الذِّكرى بعضُ النَّفعِ؟ بلى-؛ واللّٰـه سُبحَانَهُ وتعَالى يَقول:{وَذَكِّر فَإِنَّ الذِّكرَى تَنفَعُ المُؤمِنِين}.

فإن عيد الميلاد طقسٌ مُنبثقٌ من أساسٍ وثَنيٍّ رومانيّ، إذ اعتاد الرومان على الاحتفال بِالخامِس والعشرين مِن دِيسمبِر؛ ابتهاجًا بِميلاد الشَّمس (الإله)! حتى تُوّجَ قسطنطين -الذي اعتنق النَصرانِيَّة- امبراطورًا في القرن الرابع، فدخلَ الشَّعبُ الرُّومانيّ في النَّصرانِيَّة ومعهم عقائِدهم الوثنيَّة، وأبرزها هذا الاحتفال الذي يفرحون فيه بِمولدِ (الشَّمس)، فظلوا يحيُونه حتى تدثَّر بِثَوبِ النَّصرانِيَّة.

ولا أدري إن كانت يَد الشيطان تمتَد إلى بعض المسلمين لِيحَذَوا حَذوَ الكفَّار، أم يَد النَّفسِ الأمَّارةِ بِالسوء!

فقد كثُرت -هذه الأيّام- مظاهر مشاركة المسلمين في هذا الاحتفال، فَمِنهم مَن يتَّخِذ شَجرةً {كَشَجرَةٍ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأرضِ مَا لَهَا مِن قَرَار}، وعليها القناديلَ {كَأنَّهَا رُؤوسُ الشَّيَاطِين}، ويتبادل الهدايا وهو يتقافز على الأنغام المُحرَّمة لا يلوي على دينِه ولا تأخذه الغيرة عليه، وهو يظن - ظَنَّ الجَاهِلِيَّة- أن هذا الاحتفال سيرقى بِه إلى المجدِ والتحضُّر، غافِلًا عن إثم ما يقوم به، ومِنهُم مَن يُهنِّئ النَّصارى بِعيد الميلاد فحسب؛ وإن سُئِلَ أجابَ بِحُجةٍ واهِية؛ أن التهنِئة ترمزُ إلى سموِّ أخلاقه وأن الكفَّار يُهنِّؤونه بِأعيادِ الإسلام! وكِلاهما يبتغي الوَسيلة والتَّقَرب - زُلفى - إلى أهلِ الكُفر!

بِربِّكم! هل يبتاع الكفَّار كبشًا ينحَرونه لِيتقرَّبوا إلى أخِلَّائِهم المسلمين يومَ عِيدِنا الأضحى؟!!

لا واللّٰـهِ، {وَمَا شَهِدنَا إلَّا بِمَا عَلِمنَا}، فشتَّان ما بين التهنِئة بِعِيد الفِطر والتهنِئة بِعبادةِ الصَّلِيب!

وشتَّان ما بين التسامح الدِّيني، وبين الاحتفال بِميلاد مَن يُدَّعى (ابن اللّٰـه)!

ومِن المعلومِ أن الكُفار لَن يرضوا مهما تعلَّق المُسلمون بِأذيالهم، واتبعوا خطواتِهم شِبرًا بِشِبرٍ، حتَّى ينسلِخَ المسلمُ من هُوِيَّته الإسلامِيَّة ويخلع عنه رِداء الإيمان بِاللّٰـهِ ورسولهِ العَربيّ ؛ لِيكتسي بِأسمالِ الكُفرِ البيِّن فيصبح كافِرَا  لا شِيَةَ فِيه!

يَقول الوَاحِد سُبحانهُ وتعَالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}

وأمَّا إن رغِبوا في الظُّهور بِمظهَر التحضُّر والتثقُّف، فَهُم خلاف ذلك؛ ثُلَّة مُنقادة علِيلة النَّفس!

فعلى المسلم معاملة الكفَّار بِالتي هي أحسن لا بِما يوجب سخَط الرَّبِّ عزَّ وجلَّ، ذلك لأنَّ أعيادنا لَيست باطِلة كما هِي الحال مع أعيادِهم ومعتقداتِهم التي لو شاركناهم فيها، أو هنّأ أحدُنا أحدَهم بها؛ كان له من الإثم ما لا يعلم به إلا اللّٰـه سُبحانهُ وتعَالى!

فَكَما حملَ الإنسانُ الأمانةَ وقد أشفَقت السَّمواتُ والأرضُ والجِبالُ مِنها؛ رضِي بعض المسلمين بهذه الشَّعائِر التي يشرك فيها الكفَّارُ مع اللّٰـهِ آلِهةً أخرى!

والأدهى في عيد الميلاد أنهم يحتفلون بِميلاد من يُدَّعى ولد اللّٰـه! أَلِلرَّحمنِ وَلدٌ؟! {تَكَادُ السَّمواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأرضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا}.

يهَب اللّٰـهُ الإنسانَ عقلًا لِيميز به الحقّ من الباطِل، ويعرف به الخَير من الشِّرِ، فَلِمَ يظلِم نفسَه ويغدو أخرق بِلا لُبّ كالبهائِم!

بل إن الدَّواب - واللّٰـهِ - لأعقل من امرئٍ خَلا رأسه مِن الجَوهرِ فآمنَ بِتَثليثِ الإلهِ وانحراف العقِيدة!

ومِمَّا يزيد العجَب ويثير الغضَب؛ أن يُنزِّه النَّصارى رجالَ دينهم عن اتخاذ الولدِ والزَّوجةِ، ويدَّعُوا إفكًا وزورًا أن لِربِّ العالمِينَ ولَد! {وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحمنِ أن يَتَّخِذَ وَلَدًا}.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply