أعظم الكرامة لزوم الاستقامة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مقترح خطبة الجمعة الثانية من شهر شوال ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء:

الهدف من الخطبة: التذكير بهذه المنزلة العظيمة من منازل السائرين إلى رب العالمين؛ وهي الاستقامة على الدين مع بيان أهميتها وثمراتها وكيفية تحقيقها وبيان الوسائل المعينة على الثبات عليها حتى الممات.

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، [أعظم الكرامة لزوم الاستقامة] ؛ هذا هو عنوان موعظتنا بإذن الله تعالى، ونسأله في عليائه أن يجعلنا من عباده المستقيمين، ونعوذ بالله أن نكون من المنحرفين النادمين.

وحديثنا في هذا الموضوع سيندرج تحت العناصر التالية:

1- الاستقامة قبل الندامة.

2- منزلة وأهمية الاستقامة.

3- حقيقة الاستقامة.

4- ثمرات الاستقامة.

5- كيف تتحقق الاستقامة.؟

أيها المسلمون عباد الله: الاستقامة قبل الندامة؛ هذا هو عنصرنا الأول.

ومعناه: أننا لابد أن نكون من عباد الله المستقيمين حتى لا نكون من النادمين؛ فإن الله تبارك وتعالى قص علينا في كتابه العزيز طرفًا من أحوال الذين لم يستقيموا على شرع الله تعالى في هذه الحياة الدنيا، وكيف أنهم ندموا شديد الندم على هذا الانحراف والاعوجاج.

فقال الله تعالى:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}.

لاشك أنه مظهر عظيم من مظاهر الندم بلغ بصاحبه أنه لا يعض على اصبع واحد وإنما يعض أصابع كلتا يديه؛ ندما على أنه لم يكن من المستقيمين، المتبعين لصراط سيد الأولين، وسنة وطريق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وحينها لا ينفع الندم.

وقال الله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا القرآن وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ* قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ* وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

صور ومظاهر وأحوال أخرى قصها الله تعالى في كتابه العزيز لهؤلاء الذين ندموا في الآخرة؛ لكي نأخذ العبرة والعظة حتى لا نكون منهم يوم القيامة.

وقال الله تعالى:{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}.

فهذه هي الندامة، وهذه هي مظاهرها، ولكن هل ينفع الندم في تلكم اللحظات الفاصلات التي ينقسم فيها العباد إلى فريقين، فريق في الجنة وفريق في السعير؛ ولذا نقول: ونذكر بعضنا بعضا [الاستقامة قبل الندامة].

الوقفة الثانية:- منزلة وأهمية الاستقامة.

1- فإن العبودية التي أمر الله تعالى بها عباده في قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}؛ لا تتحقق ولا تكتمل أركانها إلا بالثبات والاستقامة عليها حتى الممات.

كما قال تعالى مبينا مدة ونهاية هذه العبادة:{وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتى يَأتِيَكَ اليَقِينُ}.

وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

2- ومما يبين عظيم منزلتها أن الله تعالى أمر بها جميع الأنبياء والمرسلين الذين عصمهم الله تعالى من الانحراف أو الخطأ، وأمر بها جميع أهل الإيمان.

فقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام:{قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

وتوجه الخطاب إلى سيد المرسلين المستقيمين صلى الله عليه وسلم:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

وقال تعالى:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت.{ 

وقال تعالى:{وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ}.

وهذا معناه: أن طريق الاستقامة ليس موصوفًا من البشر أو بحسب الأهواء والآراء والأمزجة، أو بحسب ما يوافق العرف أو الوظيفة أو الزمان أو المكان؛ بل هو طريق رب العالمين، وأمر به سيد المرسلين؛ وهذا مما يدل على عظيم مكانة الاستقامة وأهميتها في دين الله تعالى.

3- وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالاستقامة.

فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".

وقد أرشده الله تعالى لذلك: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

4- ويكفي أن الاستقامة هي كلمة جامعة لجميع مقامات الدين.

ولذا لما جاء الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قولًا واحدًا في دين الله تعالى أمره بالاستقامة.

فقد رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سُفْيَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَولًا لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيرَكَ، قالَ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِم".

أي: استقم على الإيمان والتوحيد، والصلاة، والقرآن، والصيام، وغيرها من أبواب الخير والطاعات.

5- ومما يبين عظم منزلتها؛ أنها دليل عملي وبرهان على صدق التمسك بالدين.

فقد قال الله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.

ثم يقسم الله جل في علاه فيقول:{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.

وقال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.

وقال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}.

فقد يستقيم العبد على شرع الله تعالى ومع أول ابتلاء يتقاعس وينحرف، وقد يكون شهر رمضان هو بداية التزامه واستقامته ومع السخرية والاستهزاء والشهوات ينحرف عياذًا بالله من الخذلان.

6- ومما يبين أهميتها ومنزلتها أن الله تعالى لم يسوي بين أهل الاستقامة وبين المنحرفين عنها من أهل الاعوجاج والزيغ والانحراف.

فقال تعالى:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وقال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقال تعالى:{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم}.

وقال تعالى:{فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}.

الوقفة الثالثة: حقيقة الاستقامة.

حديث عظيم يشرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاستقامة شرحًا عمليًا مفصلًا.

فقد روى الترمذي والنسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ضربَ اللهُ تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جنْبَتَيِ الصراطِ سورانِ، فيهما أبوابٌ مُفَتَّحَةُ، وعلَى الأبوابِ ستورٌ مُرْخَاةٌ، وعلى بابِ الصراطِ داعِ يقولُ: يا أيُّها الناسُ! ادخلوا الصراطَ جميعًا ولا تَعْوَجُّوا، وداعٍ يدعُو مِنْ فَوْقِ الصراطِ، فإذا أرادَ الإِنسانُ أنْ يفتحَ شيئًا مِنْ تِلْكَ الأبْوابِ قال: وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ، فإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فالصراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حدودُ اللهِ، والأبوابُ الْمُفَتَّحَةُ محارِمُ اللهِ تعالى، وذلِكَ الدَّاعِي على رأسِ الصراطِ كتابُ اللهِ، والداعي مِنْ فوقٍ واعظُ اللهِ في قلْبِ كُلِّ مسلِمٍ".

فهذا هو طريق الإسلام، وهذا هو معنى أن تستقيم على هذا الطريق، ونستخلص منه أمرين اثنين:

1- السير على الطريق المستقيم.

2- مواصلة السير حتى تلقى الله تعالى.

فالاستقامة حقيقتها: السير باستقامة على طريق الجادة وعدم التوقف أو الرجوع إلى الوراء.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن الاستقامة:*الاسْتِقَامَةُ أَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى الأَمْرِ والنَّهْي، وَلاَ تَرُوغَ رَوَغَانَ الثَّعَالِبِ*.

ويقول الحسن رحمه الله:*اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ وَاجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَه*.

وقال الفضيل رحمه الله:*زَهِدُوا فِي الْفَانِيَةِ وَرَغِبُوا فِي الْبَاقِيَةِ*.

ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:*أَعْظَمُ الكَرَامَةِ لُزُومُ الاسْتِقَامَةِ*.

ويعرفها النووي رحمه الله:*لزوم طاعة الله تعالى وهى من جوامع الكلم وهى نظام الأمور*.

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المستقيمين على شرعه إلى يوم الدين.

 

الخطبة الثانية: ثمرات الاستقامة:

1- من أهم ثمراتها أنها تضمن للعبد حسن الخاتمة؛ فالعبرة إنما هي بالخواتيم، فقد يستقيم العبد ثم ينقلب على عقبيه فيختم له بهذه الانتكاسة؛ فلا عبرة بالاستقامة إلا بالثبات عليها حتى الممات.

قال الله تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.

وفي الحديث السابق الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاستقامة وقال:"فيهما أبواب مفتحة وعليها ستور مرخاة" ؛ فتخيل أن العبد يترك طريق الهداية والاستقامة ثم يلج هذه الأبواب والتي هي محارم الله تعالى، ثم يأتيه ملك الموت لقبض روحه وهو على هذه الحال.!

وترجع خطورة ذلك؛ أن من مات على شيء يُبعث عليه يوم القيامة.

2- ومن ثمراتها العظيمة أن أهل الاستقامة هم أهل الفوز والفلاح والنجاح في الدنيا، وعند الموت، وفي الآخرة.

قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}.

وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

الوقفة الأخيرة: كيف تتحقق الاستقامة؟ وماهي الوسائل المعينة على الثبات والاستقامة حتى الممات؟

1-عليك بدوام اللجوء إلى الله تعالى والافتقار إليه ودوام الدعاء.

2-قال الله تعالى:{وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إلى صِراطٍ مّسْتَقِيمٍ}.

فهو سبحانه وتعالى الذى أمتن علينا بالهدية؛ وبين أن القلوب بين اصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.

وقد علمنا الله تعالى أن نسأله الهداية والاستقامة على الصراط المستقيم كل يوم مرات عديدة ونحن نصلي وواقفون بين يديه:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}.

ولذا كان من دعاء الراسخون في العلم:{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.

وجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ".

وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:"يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ".

2- عليك بالاشتغال بكثرة الطاعات والعبادات؛ فهي غذاء القلوب؛ بل هي حياة القلوب ومصدر قوتها وأكبر معين على الثبات على طريق الهداية والاستقامة.

قال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا‏}.

3- عليك بالصحبة الصالحة التي تعينك على الاستقامة والثبات عليها.

كما قال الله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

يقول سفيان الثوري رحمه الله:"لربما لقيت الأخ من إخواني فأقيم شهرًا عاقلًا بلقاءه*.

ويقول الفضيل رحمه الله:*نظر المؤمن إلى المؤمن يجلى القلب*.

وقال أحد الصالحين:*كانت إذا أصابتني فترة (يعنى كسل وفتور) نظرت في وجه محمد بن واسع فعملت بذلك شهرًا*.

نسأل الله العظيم أن يرزقنا الثبات والاستقامة حتى الممات.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

ملحوظة:

١- الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.

٢- إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:

- إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).

- وإما بنشرها، وما يدريك لعل الخير يكون على يديك. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply