عبادة الأنثى


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

من أعوامٍ ثار الناسُ حول روايةِ* شفرة دافينشي* للكاتب الأمريكي الأشهر *دان براون*، يقولون: كشفت من زيف النصرانية؛ ذلك أن الرواية تحدثتْ عن *وثائقٍ سرية* فيها أنَّ المسيحَ عيسى بن مريم، عليه السلام، كان إنسانًا عاديًا. تزوج امرأة ممن آمنوا به واتبعوه (مريم المجدلية)، وأنجب منها نسلًا يتكاثر إلى اليوم.

ولكنَّ هدفًا آخر غيرَ *شفرة دافنشي* هذه ظهر بوضوح في جُل مشاهد الرواية، وهو *عبادةُ الأنثى*، أو *عبادةُ الطبيعة* بتجلياتها الكثيرة، حتى كأنّه موضوعُ الروايةِ الرئيسي!
أكثرتْ الروايةُ من الحديث بالتفصيل عن
*عبادةِ الطبيعة*، أو *عبادةِ الأنثى* وأنها ديانةٌ *معتبرة* لها روادها.

وتتعدى الروايةُ في كل مشاهدها تقريبًا على النصرانية وتحاولُ أن تنزعَ عنها ما تدعيه من الوقارِ والتعبدِ.. تقول للذين كفروا من أهل الكتاب: دينكم الأصلي هو ذا: *عبادة أنثى*... تقول لهم: أن *ربكم* كان *يستريح* بين يدي أنثى.. أن *ربكم* وضع سره عند أنثى (مريم المجدلية) وهي التي حملت الدين (وهذا واضحٌ حال تفسير علماء الشفرة في الرواية لمكان كل واحدٍ من الحواريين من المسيح، عليه السلام، في لوحة العشاء الأخير لدافنشي،..)؛ تقول لهم: أن للأنثى وما اتصلَ بها شأنٌ آخر، وضمنًا يستأنس كاتب الرواية (دان براون) بانحرافات المتبتلين للعبادة (الرهبان) نحو الأنوثة.

وقبل نشر هذه الروايةِ بعقدين كتب أحد الشواذ جنسيًا.. ممن قتلهم *الإيدز* لاعتيادة جريمة الشذوذ مع الأطفال وغير الأطفال، كتب كتابًا يؤرخ للجنسانية، يقول: العالم يتحول من العفة والطهارة للجنس والدعارة، يقول: العالم يدير ظهره للأديان ويعبد الجسد والماديات؛ ويرصد الأسباب التي أحدثت هذه التحولات من الفضيلة للرذيلة.
وقبل عقدين من الزمن اجتمع علماءُ السعودية وعامةُ مثقفيهم عن بكرة أبيهم في مؤتمرٍ شهير يعلنون استعدادهم لوثبة عالمية على النصرانية. عزموا على منازلة النصرانية في ديارها.. اشتدوا لدعوة الذين كفروا من أهل الكتاب إلى الإيمان بالله وما أنزل على رسوله محمدٍ،
صلى الله عليه وسلم. وكانت البدايةُ من ترجمةِ كتابِ شيخِ الإسلام ابن تيمية *الجواب الصحيح على من بدل دين المسيح*. وبعد أقل من ثلاثة عقود فقط تجمع ثلةٌ من لهازمها في صالة أفراح يشتكون تفشي الإلحاد في ذات المجتمع!!..
ما الفرق بين المشهدين؟
 تحرك المجتمعُ السعوديُ من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. من الاستعداد لوثبةٍ عالمية على النصرانية، إلى الحديث عن أن الإلحادَ والملحدينَ قد جاسوا خلال الديار.
 شاهدوا، بعد عقود، الحقيقة التي تحدث عنها المفكر الشاذ، وهو يحفر حول
*الجنسانية* والتي تحدثت عنها رواية *شفرة دافنشي* في جل صفحاتها. وهي أن المجتمعات تتحول من الفضيلة للرذيلة... من الإيمان لنوعٍ جديد من الكفر، وهو *عبادة الذات*، أو *عبادة الأنثى*. ومن الشواهد الجلية على أن هذا الفكر قد استوطن في حس كثير من أبناء المسلمين خياراتُ الشباب حال الزواج. هي تبحثُ عمن يعاملها كأميرة.. تبحثُ عمن ينقطعُ لإرضائها. وهو يبحثُ عن أنوثة طاغية وحسناءَ تسارعُ في هواه قبل أن يتكلم، وتراجعت القيم.. قلَّ من يتحدث عن بناء أسرة تكون لبنة في أمة، عن أثرٍ صالحٍ يرجوه بالزواج والإنجاب.

 وبين المتزوجين شاهدٌ آخر يصرخ بأعلى صوته بأن*عبادة الأنثى* دبت واشتدت بين المتزوجين: هي تشتكي من أنه لا يتقطع شوقًا لرؤيتها ولا يغازلها حين يراها، وهو يشتكي من أنها لا تبالي بغيابه ولا تهيم به حين تراه؛ وكأن البيوت لا تبنى إلا على الحب، وكأن الحب هو فقط حالة المراهقة التي تنتهي عند البار والفاجر بعد أن يلتقيا ويرتويا، وكأن البيوت لا تثقل بعد الزواج بهموم المعيشة وتتوزع العواطف بين الزوج والأبناء.
 تفشت بيننا بفعل رسلِ الديانةِ الجديدة وأدواتِهم الإعلاميةِ والسلطويةِ
*عبادة الأنثى*..البحث عن أنثى.. عن اللذة المحرمة (من التحدث إلى أقصى ما يطلب).. أصبح كثير من أوقاتنا وجهدنا ُيفرغ حول أنثى. هي تبحث عمن يعاملها كملكة، وهو يبحث عن جسد يفرغ حوله وفيه نزواته. ومقِلٌ ومكثر، والله يسمع ويرى، ويتوب على من تاب.

والإطار الأوسع الذي يحتوي *عبادة الأنثى* كأحد المفردات هو أن الحضارةَ السائدةَ اليوم تفرضُ دينها (الإلحاد) علينا بأدواتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية.. يُخربون بيوتنا بجنودهم وحلفائِهم وأوليائِهم من بني جلدتنا. المشهدُ الآن: حزبُ الشيطانِ يستبيح أهل الإيمان. والمادة الأولى في شريعة إبليس هي*التعري*..*عبادة الجسد*.. *عبادة الأنثى*قال الله تعالى:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا} [الأعراف:20].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply