الدعاء بعد المكتوبة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

السؤال: ‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ، الدعاء بعد الصلاة مباشرة من غير مداومة على ذلك هل يعد بدعة؟

وجدت من أهل العلم من يتشدد في المنع وأن الذكر بعد الصلاة، والبعض يتوسط ومنهم من لا يرى بأس... خلاف أرجو أن أجد لدى فضيلتك ما يشفي ويكفي.

الجواب: ‏وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته... حياكم الله... الدعاء بعد الصلاة مشروع بأحاديث كثيرة. ومن منع ذلك منعه لأحد أمرين:

- إما أن يكون دعاء جماعيًا بين الإمام والمأموم.

- أو يكون قبل الأذكار من التهليل والتسبيح والتحميد والتكبير؛ فبعض الناس بمجرد أنه يسلم يرفع يديه ويدعو.

 ففي هاتين الحالتين لا يشرع الدعاء.

لكن بعد الإنيان بالأذكار المشروعة لا يوجد أحد ينكر الدعاء.

فالدعاء بعد الصلاة المفروضة مشروع لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة وقد بوب البخاري بذلك قال: *باب الدعاء بعد الصلاة*. قال الحافظ في الفتح أي المكتوبة، وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع.

قال ابن القيم: *إلا أن هنا نكتةً لطيفةً وهو أن المصلي إذا فرغ من صلاته وذكر الله وهلله وسبحه وحمده وكبره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة استحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ويدعو بما شاء*.

ومن الأحاديث الواردة بعد الدعاء: حديث معاذ بن جبل حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ إني والله لأحبك، فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.

وحديث زيد بن أرقم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في دبر كل صلاة: "اللهم ربنا ورب كل شيء...". الحديث أخرجه أبو داود والنسائي.

وحديث صهيب رفعه: كان يقول إذا انصرف من الصلاة: "اللهم أصلح لي ديني…". الحديث أخرجه النسائي وصححه ابن حبان.

وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة، قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة".

وعن أبي أيوب أنه قال: ما صليت وراء نبيكم صلى الله عليه وسلم إلا سمعته حين ينصرف من صلاته يقول: "اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها، اللهم أنعمني وأحيني، وارزقني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق إنه لا يهدي لصالحها إلا أنت، ولا يصرف عن سيئها إلا أنت". وعن الحارث بن مسلم التميمي قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك كتب الله لك جوارًا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرني من النار سبع مرات فإنك إن مت من ليلتك كتب الله لك جوارًا من النار".

وشيخ الإسلام يرجح أن دبر الصلاة يراد به آخر جزء منها، كدبر الدابة جزء منها.

لكن هذا يرده ما جاء من الحديث من تفسير لدبر الصلاة بما بعد السلام مما ورد من الحديث بقراءة المعوذات دبر الصلاة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته بذلك، ومعلوم أن جلوس التشهد ليس محلًا للقراءة، وإنما هو للدعاء والصلاة والسلام على رسول الله بالمأثور من ذلك.

واحتج الحافظ ابن حجر أيضًا بحديث: *ذهب أهل الدثور*، وأن فيه: (تسبحون دبر كل صلاة) وهو بعد السلام جزمًا، فكذلك ما شابهه.

على أنه قد جاءت أحاديث صريحة في دعائه عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة بلفظ: كان إذا سلم من الصلاة، أو إذا فرغ من صلاته أو نحو ذلك، كما تقدم؛ فتكون هذه الأحاديث مفسرة للفظ المجمل المختلف حوله.

وربما أنه لا يوجد غير ابن تيمية رحمه الله أنكر الدعاء بعد الصلاة.

وجماهير العلماء على جوازه، بل ربما نقل الاتفاق عليه، قال النووي في المجموع شرح المهذب: *فرع: قد ذكرنا استحباب الذكر والدعاء للإمام والمأموم والمنفرد، وهو مستحب عقب كل الصلوات بلا خلاف*، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply