لا يضرهم من خذلهم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان الله عليك فمن معك!!

الله تعالى أعز من كل عزيز، وأقرب من كل قريب، وأغني من كل غني، واقوى من كل قوي!! }ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.{

ٱن ما يحدث في غزة يكشف خذلان المتخاذلين، ونفاق المنافقين، ودهان المداهنين!!

للاسف الشديد تشرذم العرب، وتفرق المسلمون، وخذلوا فلسطين!!

ألم يعلموا أن القوة لله جميعا  }ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب{البقرة، فلماذا الخذلان؟!

ألم يعلموا أن قوتهم أعلى وعقيدتهم اسمي ودينهم أوفي؟! }ولاتهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين{آل عمران، فلماذا الخذلان؟!

تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرا آحادا

إن فرعون موسى قال: }أنا ربكم الأعلى{وقال: }ما علمت لكم من اله غيري وهذه الأنهار تجري من تحتي.{

ماذا كانت النتيجة؟!: اجري الله تعالى الأنهار من فوقه كيف؟! }وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون{البقرة.

وغيبه الله عن النجاة والحياة!! فلماذا الخذلان؟!

إن فرعون قريش (أبو جهل) تجبر وتكبر واغتر قال يوم بدر: لا بد ان نرد بدر ننحر الجزور ونشرب الخمور ونسمع القيان وتسمع بنا العرب فتهابنا، فكانت بدر نهايته ومقبرته، أخفاه الله من فوق الأرض فلا نجاة لا حياة!! فلماذا الخذلان؟!

قارون الملعون كان من قوم موسى فبغي عليهم، أوتي من القوة ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، لكنه طغى وبغى وتجبر وتكبر،

ماذا كانت النتيجة: }فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين{القصص. دفنه الله تحت الأرض مع مفاتيحه وكنوزه فلا نجاة ولا حياة، فلماذا الخذلان؟!

قوم عاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، صب عليهم ربك صوت عذاب، حسبوا أنهم أشد قوة، و نسوا قوة خالقهم كيف؟!  }فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون {فصلت، ماذا كانت النتيجة؟! }فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة اخزى وهم لا ينصرون{فصلت. ذهبوا غير مأسوف عليهم، فلا نجاة ولا حياة، فلماذا الخذلان؟!

وها هم أبطال القسام، وفرسان فلسطين، رغم الحصار، ورغم التشويه، ورغم تكتل الأحزاب، ورغم تداعى الأكلة على القصعة، يواجهون اعتى قوى الأرض، بأسلحة بدائية من صنع أيديهم، قرابة الشهر، يذلون الأعداء، ويقهرون الأحزاب، ويكشفون المتخاذلين، ويفضحون المتآمرين، ثابتون في الميدان، يحجزوا لأنفسهم عند ربهم أعلى الجنان، يمشون بنور الله، ويسيرون بمعية الله، ويضربون بقوة الله، }وما قتلتموهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى{الأنفال.

إن الخذلان يصنع عالما من الضياع، لذلك اصبحنا في عالم مليء بالظلم والخداع، مفعم بالكذب والنفاق، عالم كغابة من الوحوش الضارية، يأكل القوي الضعيف، القاتل أصبح هو الشريف، والمجرم امسي هو العفيف، الضحية هو الجلاد، والجلاد هو الضحية، اختلط الحابل بالنابل، وامتزج العاجل بالآجل!!

عالم تخدرت فيه الضمائر وسقطت فيه القيم، وانهارت فيه المبادئ، وتلاشت فيه الأخلاق إلا ما رحم ربي وعصم.!!

لماذا؟! أعراض تنتهك، وأموال تغتصب، وقامات تُغيب، وأطفال تقتل، حقوق تصادر، دماء وأشلاء، كل يوم بل كل ساعة، نيران تبرق ونفوس تزهق و أرواح تحلق، لا دواء ولا غذاء، لا كساء ولا إيواء، حتى المياه غابت عنهم، الجزار- النتن ياهو - وأعوانه يعمل بآلته العسكرية، فيضرب الكبار والصغار، الرجال والنساء، المرضى والأصحاء، بحرا وجوا وبرا، حتى أنه يضرب المستشفيات، والمساجد، والمدارس، ورغم ذلك يغط العرب والمسلمين في نوم عميق، سواء قريب اوحبيب، جار او صديق...!! إلا ما رحم الله....!!

الغرب يساعد المجرم في الباطن والظاهر، عيانا بيانا، ومعهم المتخاذلين من المتصهينين الجدد ، فضلا عن أمريكا وانجلترا وفرنسا، والمتعاونين معهم على ذبح المسلمين في قطاع غزة ..!!

البيوت تُهدم، الدماء تسيل والجثث تتساقط والأرواح تتصاعد، رغم أن حرمة الدم المسلم في الإسلام عظيمة بل أعظم من البيت: "وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا". رواه ابن ماجة وصححه الألباني،

للأسف المصلحجية يريدون أن يصرفوا المسلمين عن دماء إخوانهم الزكية التي تسيل في فلسطين الأبية وغزة الوفية ..!!

هل تجدي الصرخات؟ هل ينفع النحيب؟!، هل يفلح الشجب فحسب؟! ربما لا يرضي هذ رسول الإسلام، إنما يرضيه اتباع سنته ونصرة دعوته وفهم شريعته وما فيها من جهاد بالنفس والنفيس..

نحن نشاهد كل يوم الجثث فوق الأرض وتحت الأرض، بيد أنه لم يمت أحد منهم في غزة، أوفي كل ميادين الجهاد، بل ماتت الانسانية في كل دول العالم، أما هم فقد ارتقوا في السماء في أعلي الجنان مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء...!! كيف؟!!

أعلن النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة من أصحابه يقودون الجيش على التوالي زيد بن حارثة القائد الأول وجعفر بن أبي طالب القائد الثاني وعبد الله بن رواحة القائد الثالث، القائد الأول حمل الراية فقاتل حتى قتل والثاني قاتل حتى قتل، والثالث تردد ما يساوي ثلاثين ثانية، خمسة عشرة ثانية تردد في بذل روحه، وأخذ الراية وقاتل حتى قتل، ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال: "أخذ الراية أخوكم زيد فقاتل بها حتى قتل وإني لأرى مقامه في الجنة ثم أخذ الراية أخوكم جعفر فقاتل بها حتى قتل وإني لأراه يطير بجناحين في الجنة"!!

وسكت النبي عليه الصلاة والسلام فلما سكت قلق أصحاب النبي على أخوهم عبد الله فقالوا يا رسول الله ما فعل عبد الله؟ قال: ثم أخذها عبد الله وقاتل بها حتى قتل وإني لأرى في مقامه إزورارًا عن صاحبيه، فيهبط مقامه لأنه تردد في بذل روحه في سبيل الله...!!

يا نفس إلا تقتلي تموتي

هذا حمام الموت قد صليت

إن تفعلي فعلهما رضيت

وإن توليتتي فقد هديت

رسالة هامة في وقت عصيب لكل الأطراف، المجاهدين والمترددين والمشككين والمخذلين...!!

فهل لغزة من مناصرين يضمدون جراحهم و يمسحون دموعهم

و يسدون جوعهم؟!!

إن الإسلام في حاجةٍ إلي رهبان الليل فرسان النهار، يذبحون العجز ويقهرون الأعذار، يقاومون الشر ويواجهون الأشرار، ويحجزون لأنفسهم }جَنَّاتٍ وَنَهَرٍفي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ{(القمر).

هاهم فرسان غزة وأبطال فلسطين، يعلمون الأمة كيف يجاهدون، وكيف يصمدون، وكيف ينتصرون!!

يُسطِّرون في الميدان ملحمة بعد ملحمة ويستقبلون من الله خالقهم ورازقهم وناصرهم مرحمة بعد مرحمة!

إذا كان فرسان الصحابة قد تعرَّضوا للأحزاب وعاشوا خيانة أعدائهم، حوصروا حتى أكلوا أوراق الشجر، فرسان اليوم في فلسطين، وخاصةً في غزة تعرضوا لدول العالم أصدقاء قبل الأعداء القريب قبل البعيد.

واجهوا المكر تلو المكر والخيانة بعد الأخرى، وتغلبوا على حصار غاشم دام سنوات طوال وانتصروا- بفضل الله- على كل ذلك وها هم في الميدان يفجرون للعدو الصهيوني المتغطرس الدبابات ويقنصون المركبات ويسقطون الطائرات ويقتلون اللواءات ويأسرون الجنود..!!

لماذا؟! لأنهم يعلمون ان القوة لله جميعا،

يعلمون *أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.*

إنها غزة الكرامة والعزة، غزة الحرة الأبية، فهل يفيق المغفلون وهل ينتبه الغافلون؟ قال العلماء: الصيام لا يُقبل من صائم حتى يصدق، والقرآن لا يقبل من قارئ حتى يعمل، لا يؤجر قارئه حتى يُطبِّق حروفه ويعيش آياته ويحفظ حدوده، ما أكثر المواجهات مع الإسلام علميًَّا واقتصاديًّا، ثقافيًّا وساسيًّا، فكريًّا وعقديًّا، لكن أين الذين يفهمون؟ وأين الذين يتصدون؟!! أين العرب؟!! أين المسلمون؟!!

غزة تناديكم ايها الشرفاء، تناديكم أطفالا ونساء، فلسطين تناديكم شيوخا وكهولا، تناديكم جوارا ورحما وتاريخا، تناديكم بأخوتكم تناديكم بأخوة الدين والعقيدة ... !!

الخير في وفي أمتي إلي يوم القيامة قالها محمد بن عبد الله وقال: "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى مَنْصُورِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" صححه الألباني.، قال لايضرهم من خذلهم لا من عاداهم!! انتبه!! والخذلان عندما يأتي من اخوة الدم اخوة النسب، وأخوة العقيدة، وأخوة الدين فهنا الطامة الكبرى!!

كل يوم ترتقي عصافير غزة إلى أعلي الجنان...!! كل يوم يحتضر طفل من أطفال فلسطين الحبيبة.. أطفال غزة أصبحت دماءهم رخيصة في عالم لا عدل فيه ولا قيمة له...!!

تنهمر الدموع بغزاره، كيف لا وهم في عمر الزهور، أحدهم يقضي مدفونا، والآخر يقضي محروقا،والثالث يقضي مذبوحا!!

لذلك يرتجف القلم وينتحب القلب وتنزف الحروف لتعبر عن بركان يغلي في صدر كل حر وكل حرة..

لكن البشري عظيمة والرائحة كريمة والنهاية - بإذن الله - لأهل فلسطين وأبطال غزة رحيمة كيف؟!

البشري عظيمة: عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.

والرائحة كريمة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي، اللون لون دم والريح ريح مسك". صحيح البخاري..

والنهاية -بإذن الله - بهم رحيمة، كيف؟!!

}ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون *يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين{آل عمران.

في بعض الأحاديث وأن رائحة دمه رائحة المسك وأن الله يكرمه فيرى مقامه في الجنة ويفرح أشد الفرح...

رَوى أنسُ ابنُ مالكَ رضِيَ الله عنهُ أنَّ أم الرُّبَيِّعِ بنتَ البراءِ، وهي أم حارثَةَ بنِ سُراقَةَ، أتتِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالتْ يا نَبيَّ اللَّهِ، ألا تُحدِّثُني عن حارثَةَ، وكان قُتِلَ يومَ بَدرٍ، أصابَهُ سهمٌ غَرْبٌ فإن كان في الجنةِ صَبَرتُ، وإنْ كان غيرَ ذلك، اجتهدت ُعليهِ في البُكاءِ؟ قال: "يا أم حارثَةَ إنها جِنانٌ في الجنَّةِ، وإنَّ ابنَكِ أصابَ الفِردَوسَ الأعْلَى". صحيح البخاري.

وهكذا طوفان الأقصى بين فرسان غزة الأشاوس الشجعان، وخذلان المنافقين البائدين، ولكن النصر حليف الفرسان، وقد بددت روائحه تنتشر في الآفاق، معهم الحق الأبلج، وعدوهم معهم الباطل اللجج، والحق دائمًا في انتصار وانتشار، والباطل في انكسار وانحسار،

إن الأعداء ظنوا اسبوعا واحدا و يمررون مخططهم، والآن بعد قرابة شهر من الحرب الضارية فشلوا فشلا ذريعا، أرادوا أن يهجروا أهل غزة، فاذا هم بأنفسهم يهجرون المستوطنين لامن غزة وحدها وانما من جنوب لبنان، }يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار{الحشر.

 تنتصر غزة بقوة الله، وتنتصر فلسطين بأمر الله }وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم{الأنفال.

وهكذا رغم التشويه والتنكيل، رغم المكر والخداع ستبقى غزة خاصة وفلسطين عامة عاصمة العزة والكرامة، عاصمة البطولة والشجاعة، وستبقى كذلك دار الشهداء، ستبقى عاصمة العطور الزكية في العالم، رائحة دماء شهدائها أزكى من عطور كل الأرض، لك الله يا فلسطين، لك الله يا غزة، اللهم انصر المجاهدين في كل الميادين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply