حكم تغيير الشيب بالسواد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

1-  فيه خلاف:

وأقرب الأقوال أنه يجوز تغيير الشيب بالسواد.

وهو مذهب جماهير العلماء (كالحنفية والمالكية والحنابلة وأحد القولين للشافعية -لكن بعضهم مع الكراهة-، وهو مذهب جماعة من الصحابة، وجماعة كبيرة من التابعين).

- وجاء عن عبد الأعلى، قال: سألت ابن الحنفية عن الخضاب بالوسمة؟ فقال: «هي خضابنا أهل البيت» أخرجه ابن أبي شيبة وإسناده صحيح.

- وقال ابن القيم: «صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد، ذكر ذلك ابن جرير عنهما في كتاب *تهذيب الآثار* وذكره عن عثمان بن عفان، وعبد الله بن جعفر، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وجرير بن عبد الله، وعمرو بن العاص، وحكاه عن جماعة من التابعين» ثم عدَّهم وهم كثر جدًا. زاد المعاد (4/ 337)

2-  ولندرة القائلين بالتحريم، وقلة مَن قال به من العلماء، حكى بعضُ العلماء الإجماع على الجواز.

قال القرطبي في «المُفْهِم»: «‌لم ‌يُسمع ‌أن ‌أحدًا ‌من ‌العلماء قال بتحريم ذلك، بل قد روي عن جماعة كثيرة من السلف: أنهم كانوا يصبغون بالسواد، منهم: عمر، وعثمان، والحسن، والحسين، وعقبة بن عامر، ومحمد بن علي، وعلي بن عبد الله بن عباس، وعروة بن الزبير، وابن سيرين، وأبو بُردة في آخرين». المفهم .(5/ 419)

وقال ابن الجوزي: «فأما أن ‌يُرتقى إلى ‌درجة ‌التحريم إذ لم يدلس فيجب فيه هذا الوعيد، فلم يقل بذلك أحدٌ». الموضوعات لابن الجوزي (3/ 55).

3-  حديث: «وجنبوه السواد» لا يثبت.

4-  أما حديث: « يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد، لا يريحون رائحة الجنة» ففيه ضعف أيضًا، وعلى فرض ثبوته فيجاب عنه بما قاله ابن الجوزي:

»ثم نقول على تقدير الصحة: يحتمل أن يكون المعنى لا يريحون رائحة الجنة لفعل يصدر منهم أو اعتقاد، لا لعلة الخضاب، ويكون الخضاب سيماهم، فعرفهم بالسيما كما قال في الخوارج: سيماهم التحليق، وإن كان تحليق الشعر ليس بحرام» .الموضوعات لابن الجوزي (3/ 55).

وقال المباركفورى: «الوعيد الشديد المذكور في هذا الحديث ليس على الخضب بالسواد بل على معصية أخرى لم تذكر كما قال الحافظ بن أبي عاصم ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد وقد عرفت وجود طائفة قد خضبوا بالسواد في أول الزمان وبعده من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم فظهر أن الوعيد المذكور ليس على الخضب بالسواد إذا لو كان الوعيد على الخضب بالسواد لم يكن لذكر قوله في آخر الزمان فائدة فالاستدلال بهذا الحديث على كراهة الخضب بالسواد ليس بصحيح» .تحفة الأحوذي .(5/ 360)وكلام المباركفوري ظاهر القوة.

والحاصل :أنه يجوز تغيير الشيب بالسواد، ولم يصح دليلٌ على المنع، والجواز مذهب الجماهير والجمع الغفير من السلف والخلف.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply