كم تعدل العبادة في ليلة القدر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

السؤال: كم تعدل العبادة في ليلة القدر؟

الجواب: قد درج على كثير من ألسنة الناس قولهم أن العبادة في ليلة القدر تعادل العبادة في ثلاثةٍ وثمانين سنة، ليس فيها ليلة القدر، وهذا غير صحيح.

أولًا: فالله تبارك وتعالى لم يقل ليلة القدر كألف شهر، بل قال تعالى: }ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر{، والخيرية لا سقف لها، فالخيرية تزيد عن الألف إلى أضعاف مضاعفة لا يعلمها الا الله.

ثانيًا: أن قوله تعالى: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، الألف هنا ليس مقصودة لذاتها، بل هي لقب من ألقاب الأعداد، وإنما نصت عليها الآية؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يعرفون أعلى من هذا العدد.

يدل على ذلك ما كانوا يقولونه في عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه يملك ألف ألف من الإبل، وألفي ألف من الغنم، فكانت الألف هي اللغة التي يستخدمونها.

وكذلك ورد في الحديث أن الصحابي الجليل خريم بن أوس لما بشره النبي لما بشر النبي أصحابه بفتح الحيرة وهي العراق، وأن ابنة ملك الحيرة وهي الشيماء سوف تُسبى بمروطها السوداء على بغلتها البيضاء، قال ابن اوس: اجعلها لي يا رسول الله، فقال لابن أوس هي لك، وتمت بشارة النبي وفتحت الحيرة، ووقعت الشيماء في السبي، فكانت من نصيب ابن أوس، كما بشّره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أخو الشيماء يطلب فكاك أسرها، وعرض على ابن أوس مالًا، فقال له ابن اوس: أريد ألف درهم.

فتعجب الصحابة، وقالوا: الرجل يعرض عليك مالًا كما شئت وتطلب ألفًا؟! فقال ابن أوس: وهل هناك أكثر من الألف؟!

الشاهد من ذلك:

أن الصحابة كانوا لا يعرفون أكثر من الألف، فخاطبهم القرآن بلغتهم، وعليه فالألف ليس مقصودة لذاتها.

ونظير ذلك قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}، فذكرت السبعين على سبيل التكثير، وليس التحديد.

وعليه فيقال أن العبادة في هذه الليلة المباركة أجرها عظيم مضاعف لا يعلم قدره إلا الله تعالى، فلا يُعدل بعددٍ معين من السنوات.

وقد قال تبارك وتعالى في بيان فضل هذه الليلة: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}، قوله: {تَنَزَّلُ}: هذا من التنجيم، فالملائكة تتنزل من غروب شمس ليلة القدر إلى طلوع الفجر، وقوله: تنزّل هذا كما ورد في قول تعالى: {وَقُرَآنًا فَرَقْنَاهُ}، فرقناه قد قرأت بالتشديد: أي نزلناه منجمًا.

وكذلك هنا في قوله: {تَنَزَّلُ} أي تتنزل تترًا، جماعات جماعات.

{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}: والروح هو جبريل عليه السلام، فجبريل الذي لم ينزل الأرض من وفاة النبي ينزل في ليلة القدر بإذن ربه {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بإذن رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)}.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply